الموسوعة الحديثية

نتائج البحث
 

1 - عن أبي سلمةَ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ قال كانت أولُ خُطبةٍ خطبها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمدينةِ أن قام فيها فحمد اللهَ وأثنى عليه بما هو أهلُه ثم قال أما بعد أيها الناسُ فقدِّموا لأنفُسِكم تعلمُنَّ واللهِ ليُصعَقَنَّ أحدُكم ثم لَيدعَنَّ غنمَه ليس لها راعٍ ثم ليقولنَّ له ربُّه ليس له تَرجُمانٌ ولا حاجبٌ يحجبُه دونَه ألم يأتِك رسولي فبلَّغَك وآتيتُك مالًا وأفضلتُ عليك فما قدَّمتَ لنفسِك فينظرُ يمينًا وشمالًا فلا يرى شيئًا ثم ينظرُ قُدَّامَه فلا يرى غيرَ جهنمَ فمن استطاع أن يقِيَ وجهَه من النارِ ولو بشِقِّ تمرةٍ فلْيفعلْ ومن لم يجدْ فبكلمةٍ طيبةٍ فإنَّ بها تجزى الحسنةُ عشر أمثالِها إلى سبعمائةِ ضِعفٍ والسلامُ على رسولِ اللهِ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه ثم خطب رسولُ اللهِ مرةً أخرى فقال إنَّ الحمدَ لله أحمدُه وأستعينُه نعوذ باللهِ من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهدِه اللهُ فلا مُضلَّ له ومن يُضلِلْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له إنَّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله ِقد أفلح من زَيَّنه اللهُ في قلبِه وأدخلَه في الإسلامِ بعد الكفرِ واختاره على ما سواه من أحاديثِ الناسِ إنه أحسنُ الحديثِ وأبلغُه أحِبُّوا من أحبَّ اللهَ أحِبُّوا اللهَ من كلِّ قلوبِكم ولا تَمَلُّوا كلامَ اللهِ وذكرَه ولا تقسى عنه قلوبُكم فإنه من يختار اللهُ ويصطفي فقد سماه خِيرتَه من الأعمال وخِيرتُه من العبادِ والصالحُ من الحديثِ ومن كلِّ ما أوتي الناسُ من الحلالِ والحرامِ فاعبدُوا اللهَ ولا تشركوا به شيئًا واتقوه حقَّ تقاتِه واصدُقوا اللهَ صالحَ ما تقولون بأفواهِكم وتحابُّوا برُوحِ اللهِ بينكم إنَّ اللهَ يغضبُ أن يُنكَثَ عهدُه والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه
خلاصة حكم المحدث : مرسل
الراوي : أبو سلمة بن عبدالرحمن بن عوف | المحدث : ابن كثير | المصدر : البداية والنهاية
الصفحة أو الرقم : 3/212 التخريج : أخرجه البيهقي في ((دلائل النبوة)) (2/524) واللفظ له، وأخرجه هناد في ((الزهد)) (492) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: آداب الكلام - استحباب طيب الكلام جمعة - كيفية الخطبة رقائق وزهد - مضاعفة الحسنات صدقة - فضل الصدقة والحث عليها قيامة - العرض
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

2 - عن خطبةِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في أوَّلِ جمعةٍ صلَّاها بالمدينةِ في بني سالمِ بنِ عمرِو بنِ عوفٍ رضيَ اللَّهُ عنهم الحمدُ للَّه أحمدُهُ وأستعينُهُ وأستغفِرُهُ وأستهديهِ وأومنُ بهِ ولا أكفُرُهُ وأعادي من يكفرُهُ وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللَّهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ وأنَّ محمَّدًا عبدهُ ورسولُهُ أرسلهُ بالهدى ودينِ الحقِّ والنُّورِ والموعظةِ على فترةٍ منَ الرُّسلِ وقلَّةٍ منَ العلمِ وضلالةٍ منَ النَّاسِ وانقطاعٍ منَ الزَّمانِ ودنوٍّ منَ السَّاعةِ وقربٍ منَ الأجلِ من يطعِ اللَّهَ ورسولهُ فقد رشَدَ ومن يعصِهمَا فقد غَوَى وفرَّطَ وضلَّ ضلالًا بعيدًا وأوصيكم بتقوى اللَّهِ فإنَّهُ خيرُ ما أَوْصَى بهِ المسلمُ المسلمَ أن يحضَّهُ على الآخرةِ وأن يأمرَهُ بتقوى اللَّهِ فاحذروا ما حذَّركمُ اللَّهُ من نفسهِ ولا أفضلَ من ذلكَ نصيحةً ولا أفضلَ من ذلكَ ذِكرَى وإنَّهُ تقوَى لمن عمِلَ بهِ على وجَلٍ ومخافةٍ وعونُ صدْقٍ على ما تبتغونَ من أمرِ الآخرةِ ومن يصلِحِ الَّذي بينهُ وبينَ اللَّهِ من أمرِ السِّرِّ والعلانيةِ لا ينوِي بذلكَ إلَّا وجهَ اللَّهِ يكُن لهُ ذكرًا في عاجلِ أمرهِ وذُخرًا فيما بعدَ الموتِ حينَ يفتقرُ المرءُ إلى ما قدَّمَ وما كانَ من سِوَى ذلكَ يودُّ لو أنَّ بينهُ وبينهُ أمدًا بعيدًا ويُحَذِّرُكُمُ الله نفسَهُ والله رَءُوفٌ بالعبادِ والَّذي صدقَ قولَهُ وأنجزَ وعدَهُ لا خُلْفَ لذلكَ فإنَّهُ يقولُ تعالى { مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } واتَّقوا اللَّهَ في عاجِلِ أمرِكم وآجلِهِ في السِّرِّ والعلانيةِ{ فإنَّهُ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ، وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} وإنَّ تقوَى اللَّهِ تُوَقِّي مقتَهُ وتُوَقِّي عقوبتَهُ وتُوَقِّي سَخَطَهُ وإنَّ تقوى اللَّهِ تبيِّضُ الوجهَ وتُرضِي الرَّبَّ وترفَعُ الدَّرجةَ خُذُوا بحظِّكم ولا تفرِّطوا في جنبِ اللَّهِ قد علَّمكمُ اللَّهُ كتابهُ ونهجَ لكم سبيلهُ ليعلمَ الَّذينَ صدَقوا وليعلمَ الكاذِبينَ فأحسنوا كما أحسنَ اللَّهُ إليكم وعادُوا أعداءَهُ وجاهِدوا في اللَّهِ حقَّ جهادهِ هُوَ اجتَبَاكُم وسمَّاكمُ المسلمينَ ليهلِكَ مَنْ هلكَ عن بيِّنةٍ ويحيَى من حيَّ عن بيِّنةٍ ولا قوَّةَ إلَّا باللَّهِ فأكثِرُوا ذِكرَ اللَّهِ واعمَلُوا لما بعدَ الموتِ فإنَّهُ مَنْ أصلحَ ما بينهُ وبينَ اللَّهِ يكفِهِ ما بينهُ وبينَ النَّاسِ ذلكَ بأنَّ اللَّهَ يقْضِي على النَّاسِ ولا يقضونَ عليهِ ويملِكُ منَ النَّاسِ ولا يملِكونَ منهُ اللَّهُ أكبرُ ولا قوَّةَ إلَّا باللَّه العليِّ العظيمِ
خلاصة حكم المحدث : مرسل [ له ما يقويه ]
الراوي : سعيد بن عبدالرحمن الجمحي | المحدث : ابن كثير | المصدر : البداية والنهاية
الصفحة أو الرقم : 3/211 التخريج : أخرجه الطبري في ((تاريخه)) (2/ 7) واللفظ له.
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة الطلاق تفسير آيات - سورة ق جمعة - كيفية الخطبة رقائق وزهد - الإخلاص رقائق وزهد - تقوى الله
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

3 - عن سَلْمانَ يحدِّثُ كيفَ كانَ أوَّلُ إسلامهِ أنَّهُ كانَ من رامَهُرْمُزَ وكانَ لهُ أخٌ أكبرُ منهُ غنيٌّ وكانَ سَلْمانُ فقيرًا في كَنَفِ أَخيهِ وأنَّ ابنَ دِهْقَانِهَا كانَ صاحبًا لهُ وكان يختلِفُ معهُ إلى مُعلِّمٍ لهم وأنَّهُ كانَ يختلِفُ ذلكَ الغلامُ إلى عُبَّادٍ منَ النَّصارى في كهفٍ لهم فسألهُ سَلْمانُ أن يذهبَ بهِ معهُ إليهم فقالَ لهُ إنَّكَ غلامٌ وأخشى أن تنُمَّ عليهم فيقتلَهمْ أبي فالتزمَ لهُ أن لا يكونَ منهُ شيءٌ يكرههُ فذهبَ معهُ فإذا هم ستَّةٌ أو سبعةٌ كأنَّ الرُّوحَ قد خرجت منهم منَ العبادةِ يصومونَ النَّهارَ ويقومونَ اللَّيلَ يأكلونَ الشَّجرَ وما وجدوا فذكر عنهم أنَّهم يؤمِنونَ بالرُّسلِ المتقدِّمينَ وأنَّ عيسى عبدُ اللَّهِ ورسولهُ وابنُ أَمَتهِ أيَّدهُ بالمعجزاتِ وقالوا لهُ يا غلامُ إنَّ لكَ ربًّا وإنَّ لكَ معادًا وإنَّ بينَ يديكَ جنَّةً ونارًا وإنَّ هؤلاءِ القومَ الَّذينَ يعبدونَ النِّيرانَ أهلُ كفرٍ وضلالةٍ لا يرضى اللَّهُ بما يصنعونَ وليسوا على دينهِ ثمَّ جعلَ يتردَّدُ معَ ذلكَ الغلامِ إليهم ثمَّ لزِمهم سَلْمانُ بالكلِّيَّةِ ثمَّ أجلاهم ملكُ تلكَ البلادِ وهوَ أبو ذلكَ الغلامِ الَّذي صحِبهُ سلمانُ إليهم عن أرضِهِ واحتبسَ الملكُ ابنَهُ عندهُ وعرضَ سلمانُ دينَهم على أخيهِ الَّذي هوَ أكبرُ منهُ فقالَ إنِّي مشتغلٌ بنفسي في طلبِ المعيشةِ فارتحَلَ معهم سلمانُ حتَّى دخلوا كنيسةَ الموصِلِ فسلَّمَ عليهم أهلُها ثمَّ أرادوا أن يتركوني عندهم فأبَيْتُ إلَّا صحِبتهم فخرجوا حتَّى أتَوا واديًا بينَ جبالٍ فتحدَّرَ إليهم رهبانُ تلكَ النَّاحيةِ يسلِّمونَ عليهم واجتمعوا إليهم وجعلوا يسألونهم عن غيبتِهم عنهم ويسألونَهم عنِّي فيثنونَ عليَّ خيرًا وجاءَ رجلٌ معظَّمٌ فيهم فخطبهم فأثنى على اللَّهِ بما هوَ أهلهُ وذكر الرُّسلَ وما أُيِّدوا بهِ وذكر عيسى ابنَ مريمَ وأنَّهُ كانَ عبدَ اللَّهِ ورسولَهُ وأمرهم بالخيرِ ونهاهم عنِ الشَّرِّ ثمَّ لمَّا أرادوا الانصرافَ تبِعهُ سلْمانُ ولزمهُ قالَ فكانَ يصومُ النَّهارَ ويقومُ اللَّيلَ منَ الأحدِ إلى الأحدِ فيخرجُ إليهم ويعظهم ويأمرهم وينهاهم فمكثَ على ذلكَ مدَّةً طويلةً ثمَّ أرادَ أن يزورَ بيتَ المقدسِ فصحبهُ سَلْمانُ إليهِ قالَ فكانَ فيما يمشي يلتفتُ إليَّ ويقبلُ عليَّ فيعظني ويخبرني أنَّ لي ربًّا وأنَّ بينَ يدَيَّ جنَّةً ونارًا وحسابًا ويعلِّمُني ويذكِّرُني نحوَ ما كانَ يذكِّرُ القومَ يومَ الأحدِ قالَ فيما يقولُ لي يا سلمانُ إنَّ اللَّهَ سوفَ يبعثُ رسولًا اسمهُ أحمدُ يخرجُ من تِهامَةَ يأكلُ الهديَّةَ ولا يأكلُ الصَّدقةَ بينَ كتفيهِ خاتَمُ النُّبوَّةِ وهذا زمانُهُ الَّذي يخرجُ فيهِ قد تقارب فأمَّا أنا فإنِّي شيخٌ كبيرٌ ولا أحسبُنِي أدرِكُهُ فإن أدركتَهُ أنتَ فصدِّقهُ واتَّبعْهُ قلتُ لهُ وإن أمرني بتركِ دينِكَ وما أنتَ عليهِ قالَ وإن أمركَ فإنَّ الحقَّ فيما يجيءُ بهِ ورِضَى الرَّحمنِ فيما قالَ ثمَّ ذكرَ قدومَهُما إلى بيتِ المقدِسِ وأنَّ صاحبَهُ صلَّى فيهِ هاهُنا وهاهُنا ثمَّ نامَ وقد أوصاهُ أنَّهُ إذا بلغَ الظِّلُّ مكانَ كذا أن يوقِظَهُ فتركهُ سلمانُ حينًا آخرَ أزْيَدَ ممَّا قالَ ليستريحَ فلمَّا استيقظَ ذكرَ اللَّهَ ولامَ سلمانَ على تركِ ما أمرهُ مِن ذلكَ ثمَّ خرجا من بيتِ المقدسِ فسألهُ مقعدٌ فقالَ يا عبدَ اللَّهِ سألتُكَ حينَ وصلتَ فلم تعطِني شيئًا وها أنا أسألُكَ فنظرَ فلم يجدْ أحدًا فأخذَ بيدهِ وقالَ قم بسمِ اللَّهِ فقامَ وليسَ بهِ بأسٌ ولا قَلَبَةٌ كأنَّما نُشِطَ من عِقالٍ فقالَ لي يا عبدَ اللَّهِ احمِل عليَّ متاعي حتَّى أذهبَ إلى أهلي فأبشِّرَهم فاشتغلتُ بهِ ثمَّ أدركتُ الرَّجلَ فلم ألحقهُ ولم أدْرِ أينَ ذهبَ وكلَّما سألتُ عنهُ قومًا قالوا أمامَكَ حتَّى لقِيَني ركبٌ منَ العربِ من بني كلبٍ فسألتهم فلمَّا سمعوا لغتي أناخَ رجلٌ منهم بعيرَهُ فحملني خلفَهُ حتَّى أتوا بي بلادَهم فباعوني فاشترتْني امرأةٌ منَ الأنصارِ فجعلَتْني في حائطٍ لها وقدِمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ثمَّ ذكرَ ذَهابهُ إليهِ بالصَّدقةِ والهديَّةِ ليستعلمَ ما قال صاحبَهُ ثمَّ تطلَّبَ النَّظرَ إلى خاتمَِ النُّبوَّةِ فلمَّا رآهُ آمنَ مِن ساعتِهِ وأخبرَ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ خبرَهُ الَّذي جَرى لهُ قال فأمرَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ فاشتراهُ من سيِّدتهِ فأعتقهُ ثمَّ قال سألتُهُ يومًا عن دينِ النَّصارَى فقالَ لا خيرَ فيهم قالَ فوقعَ في نفسي من أولئكَ الَّذينَ صحِبتُهم ومن ذلكَ الرَّجلِ الصَّالحِ الَّذي كانَ معيَ ببيتِ المقدسِ فدخلني من ذلكَ أمرٌ عظيمٌ حتَّى أنزلَ اللَّهُ على رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} فدعانِي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فجئتُ وأنا خائِفٌ فجلستُ بينَ يديهِ فقرأَ بسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} الآياتِ ثمَّ قالَ يا سلمانُ أولئِكَ الَّذينَ كنتَ معهم وصاحبُكَ لم يكونوا نصارَى كانوا مسلمينَ فقلتُ يا رسولَ اللَّهِ والَّذي بعثكَ بالحقِّ لهوَ أمرني باتِّباعِكَ فقلتُ لهُ فإنْ أمرني بتركِ دينكَ وما أنتَ عليهِ قالَ نعَمْ فاترُكهُ فإنَّ الحقَّ وما يُرضِي اللَّهَ فيما يأمرُكَ
خلاصة حكم المحدث : فيه غرابة كثيرة وطريق محمد بن إسحاق أقوى إسنادا وأحسن اقتصاصا وأقرب إلى ما رواه البخاري
الراوي : سلمان الفارسي | المحدث : ابن كثير | المصدر : البداية والنهاية
الصفحة أو الرقم : 2/292 التخريج : أخرجه البخاري (3947) مختصرا والحاكم (6543) والبيهقي في ((دلائل النبوة)) (2/ 82) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: عقيدة - كرامات الأولياء فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - خاتم النبوة في ظهره فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - صفة النبي وأمته في كتب أهل الكتاب مناقب وفضائل - سلمان الفارسي فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - خصائصه صلى الله عليه وسلم
|أصول الحديث

4 - لما انصرف عليٌّ رضيَ اللهُ عنهُ من النهروانِ قام في الناسِ خطيبًا فقال بعدَ حمدِ اللهِ والثناءِ عليه والصلاةِ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أما بعدُ فإنَّ اللهَ قد أعزَّ نصركم فتوجَّهوا من فورْكِم هذا إلى عدوكم من أهلِ الشامِ فقاموا إليه فقالوا يا أميرَ المؤمنين نفذَتْ نِبَالُنا وكَلَّتْ سيوفُنا ونُصِلَتْ أَسَّنِتَنَا فانصرِفْ بنا إلى مِصْرِنا حتى نستعدَّ بأحسنِ عدَّتنا ولعل أميرَ المؤمنين يزيدُ في عدتنا عدةَ من فارقنا وهلك منا فإنه أقوى لنا على عدوِّنا وكان الذي تكلَّمَ بهذا الأشعثُ بنُ قيسٍ الكنديِّ فبايَعهم وأقبل بالناسِ حتى نزل بالنخيلةِ وأمرهم أن يَلزموا معسكرهم ويُوطِّنوا أنفسهم على جهادِ عدوِّهم ويُقِلُّوا زيارةَ نسائِهم وأبنائِهم فأقاموا معه أيامًا متمسِّكينَ برأيِه وقولِه ثم تسلَّلوا حتى لم يبقَ منهم أحدٌ إلا راسلَ أصحابَه فقام عليٌّ فيهم خطيبًا فقال الحمدُ للهِ فاطرِ الخلقِ وفالقِ الإصباحِ وناشرِ الموتى وباعثِ من في القبورِ وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه وأُوصيكم بتقوى اللهِ فإنَّ أفضلَ ما توسَّلَ بهِ العبدُ الإيمانُ والجهادُ في سبيلِه وكلمةُ الإخلاصِ فإنها الفطرةُ و إقامُ الصلاةِ فإنها المِلَّةُ وإيتاءُ الزكاةِ فإنها من فريضتِه وصومُ شهرِ رمضانَ فإنه جُنَّةٌ من عذابِه وحجُّ البيتِ فإنه منفاةٌ للفقرِ مدحضةٌ للذنبِ وصلةُ الرحمِ فإنها مثراةٌ في المالِ منسأَةٌ في الأجلِ مُحبةٌ في الأهلِ وصدقةُ السرِّ فإنها تُكفِّرُ الخطيئةَ وتُطفىءُ غضب الربِّ وصنعُ المعروفِ فإنه يدفعُ ميتةَ السوءِ ويَقي مصارعَ الهولِ أفيضوا في ذكرِ اللهِ فإنه أحسنُ الذكرِ وارغبوا فيما وُعِدَ المتقون فإنَّ وَعْدَ اللهِ أصدقُ الوعدِ واقتدوا بهدىِ نبيِّكم صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فإنه أفضلُ الهدىِ واستنُّوا بسنَّتِه فإنها أفضلُ السنَنِ وتعلَّموا كتابَ اللهِ فإنه أفضلُ الحديثِ وتفقَّهوا في الدِّينِ فإنه ربيعُ القلوبِ واستشفوا بنورِه فإنه شفاءٌ لما في الصدورِ وأحسِنُوا تلاوتَه فإنه أحسنُ القصصِ وإذا قُرِئَ عليكم فاستمِعُوا له وأنصِتُوا لعلكم تُرحمونَ وإذا هُدِيتم لعلمِه فاعملوا بما علمتم به لعلكم تهتدونَ فإنَّ العالِمَ العامِلَ بغيرِ علمِه كالجاهلِ الجائرِ الذي لا يستقيمُ عن جهلِه بل قد رأيتُ أنَّ الحُجَّةَ أعظمُ والحسرةُ أدومُ على هذا العالِمِ المنسلخِ من علمِه على هذا الجاهلِ المتحيِّرِ في جهلِه وكلاهما مُضَلِّلٌ مثبورٌ لا ترتابوا فتشكوا ولا تشكوا فتكْفُروا ولا ترخصوا لأنفسكم فتذهلوا ولا تذهلوا في الحقِّ فتخسروا ألا وإنَّ من الحزمِ أن تثِقُوا ومن الثقةِ أن لا تغترُّوا وإنَّ أنصحَكم لنفسِه أطوعُكم لربِّهِ وإن أغشَّكم لنفسِه أعصاكم لربِّهِ من يُطِعِ اللهَ يأمَنُ ويستبشرُ ومن يَعْصِ اللهَ يخفْ ويندمُ ثم سلوا اللهَ اليقينَ وارغبوا إليه في العافيةِ وخيرُ ما دام في القلبِ اليقينُ إنَّ عوازمَ الأمورِ أفضلُها وإنَّ محدثاتَها شرارُها وكلُّ محدثٍ بدعةٌ وكلُّ محدثٍ مبتدعٌ ومن ابتدعَ فقد ضيَّعَ وما أحدث مُحدثٌ بدعةً إلا ترك بها سنةً المغبونُ من غبنَ دِينَه والمغبونُ من خسر نفسَه وإنَّ الرياءَ من الشركِ وإنَّ الإخلاصَ من العملِ والإيمانِ ومجالسُ اللهوِ تُنْسِي القرآنَ ويحضرها الشيطانُ وتدعو إلى كلِّ غيٍّ ومجالسةُ النساءِ تُزيغُ القلوبَ وتطمحُ إليهِ الأبصارُ وهي مصائدُ الشيطانِ فأصدقوا اللهَ فإنَّ اللهَ مع من صدق وجانِبُوا الكذبَ فإنَّ الكذبَ مُجانبٌ للإيمانِ ألا إنَّ الصدقَ على شرفٍ منجاةٌ وكرامةٌ وإنَّ الكذبَ على شرفٍ ردئٌ وهلكةٌ ألا وقولوا الحقَّ تعرَّفوا به واعملوا به تكونوا من أهلِه وأدُّوا الأمانةَ إلى من ائتمنكم وصِلُوا أرحامَ من قطعكم وعودوا بالفضلِ على من حرمَكُم وإذ عاهدتم فأوْفُوا وإذا حكمتم فاعدِلُوا ولا تفاخروا بالآباءِ ولا تنابزوا بالألقابِ ولا تَمازَحُوا ولا يُغْضِبُ بعضُكم بعضًا وأعينوا الضعيفَ والمظلومَ والغارمين وفي سبيلِ اللهِ وابنِ السبيلِ والسائلينَ وفي الرقابِ وارحموا الأرملةَ واليتيمَ وأفشوا السلامَ وردُّوا التحيةَ على أهلها بمثلِها أو بأحسنَ منها وَتَعَاوَنُوْا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوْا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوْا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وأكرِمُوا الضيفَ وأحسِنُوا إلى الجارِ وعودوا المرضى وشيِّعوا الجنائزَ وكونوا عبادَ اللهِ إخوانًا أما بعدُ فإنَّ الدنيا قد أدبرتْ وآذنتْ بوداعٍ وإنَّ الآخرةَ قد أظلَّتْ وأشرفت باطلاعٍ وإنَّ المضمارَ اليومَ وغدًا السباقُ وإنَّ السبقةَ الجنةُ والغايةُ النارُ ألا وإنكم في أيامٍ مهلٍ من ورائِها أجلٌ يحثُّه عَجَلٌ فمن أخلص للهِ عملَه في أيامٍ مهَّلَه قبل حضورِ أجلِه فقد أحسنَ عملَه ونال أملَه ومن قصرَ عن ذلك فقد خسرَ عملَه وخاب أملَه وضرَّهُ أملُه فاعملوا في الرغبةِ والرهبةِ فإن نزلت بكم رغبةٌ فاشكروا اللهَ واجمعوا معها رهبةً وإن نزلت بكم رهبةٌ فاذكروا اللهَ واجمعوا معها رغبةً فإنَّ اللهَ قد تأذَّنَ المسلمين بالحُسْنى ولمن شكر بالزيادةِ وإني لم أرَ مثلَ الجنةِ نام طالبُها ولا كالنارِ نامَ هاربُها ولا أكثَرَ مكتسبًا من شيٍء كسبَه ليومٍ تُدَّخَرُ فيه الدخائرُ وتُبْلى فيه السرائرُ وتجتمعُ فيه الكبائرُ وإنه من لا ينفعُه الحقُّ يضرُّه الباطلُ ومن لا يستقيمُ به الهدىُ يجرُّ به الضلالُ ومن لا ينفعُه اليقينُ يضرُّه الشكُّ ومن لا ينفعُه حاضرُه فعازبُه عنه أعورُ وغائبُه عنه أعجزُ وإنكم قد أُمرتم بالظعنِ ودُلِّلتم على الزادِ ألا وإنَّ أخوفَ ما أخافُ عليكم اثنانِ طولُ الأملِ واتباعُ الهوى فأما طولُ الأملِ فيُنسي الآخرةَ وأما اتباعُ الهوى فيُبْعِدُ عن الحقِّ ألا وإنَّ الدنيا قد ترحَّلتْ مدبرةً وإنَّ الآخرةَ قد ترحَّلَتْ مقبلةً ولهما بنونٌ فكونوا من أبناءِ الآخرةِ إن استطعتم ولا تكونوا من بني الدنيا فإنَّ اليومَ عملٌ ولا حسابٌ وغدًا حسابٌ ولا عملٌ
خلاصة حكم المحدث : له شواهد من وجوه أخر متصلة
الراوي : عيسى بن دآب | المحدث : ابن كثير | المصدر : البداية والنهاية
الصفحة أو الرقم : 7/318 التخريج : أخرجه ابن جرير الطبري في ((تاريخ الرسل والملوك)) (5/ 89)، بلفظ مقارب.
التصنيف الموضوعي: جهاد - فضل الجهاد زكاة - فرض الزكاة صدقة - فضل الصدقة والحث عليها صلاة - فضل الصلوات والمحافظة عليها صيام - فضل الصيام
|أصول الحديث

5 - أتانا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ونحن بسُوقِ عُكاظٍ فقال ممَّن القَومُ؟ قُلْنا: مِن بني عامِرِ بنِ صَعصعةَ، قال: مِن أيِّ بني عامرِ بنِ صَعصَعةَ؟ قالوا: بنو كَعبِ بنِ ربيعةَ، قال: كيف المَنَعةُ؟ قُلْنا: لا يُرامُ ما قِبَلَنا ولا يُصْطَلى بنارِنا، قال: فقال لهم: إنِّي رسولُ اللهِ وآتيكم لتَمنعَوني حتى أبَلِّغَ رِسالةَ رَبِّي، ولا أُكرِهُ أحدًا منكم على شَيءٍ، قالوا: ومِن أيِّ قُرَيشٍ أنت؟ قال: مِن بني عبدِ المطَّلِبِ، قالوا: فأين أنت مِن عَبدِ مَنافٍ؟ قال: هم أوَّلُ مَن كَذَّبني وطَرَدني، قالوا: ولكِنَّا لا نَطرُدُك ولا نُؤمِنُ بك، وسنَمنَعُك حتى تبَلِّغَ رِسالةَ رَبِّك، قال: فنزل إليهم والقَومُ يتسَوَّقونَ إذ أتاهم بَحيرةُ بنُ فِراسٍ القُشَيريُّ، فقال: مَن هذا الرَّجُلُ أراه عندَكم أُنكِرُه؟ قالوا: محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ القُرَشيُّ، قال: فما لكم وله؟ قالوا: زَعَم لنا أنَّه رَسولُ اللهِ، فطَلَب إلينا أن نمنَعَه حتى يبَلِّغَ رِسالةَ رَبِّه، قال: ماذا ردَدْتُم عليه؟ قالوا: بالتَّرحيبِ والسَّعةِ، نُخرِجُك إلى بلادِنا ونمنَعُك ما نمنَعُ به أنفُسَنا، قال بَحِيرةُ: ما أعلَمُ أحَدًا مِن أهلِ هذه السُّوقِ يرجِعُ بشَيءٍ أشَدَّ مِن شَيءٍ تَرجِعونَ به بَدءًا، ثمَّ لِتُنابِذوا النَّاسَ وتَرمِيكم العَرَبُ عن قَوسٍ واحِدةٍ، قَومُه أعلَمُ به، لو آنَسُوا منه خَيرًا لكانوا أسعَدَ النَّاسِ به، أتعمَدونَ إلى رهيقٍ قد طَرَده قَومُه وكَذَّبوه فتُؤوونَه وتَنصُرونَه؟! فبِئسَ الرَّأيُ رأيتُم! ثمَّ أقبل على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: قُمْ فالحَقْ بقَومِك، فواللهِ لولا أنَّك عندَ قومي لضرَبْتُ عُنُقَك، قال: فقام رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى ناقَتِه فرَكِبَها، فغَمَز الخَبيثُ بَحيرةُ شاكِلَتَها، فقَمَصَت برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فألقَتْه، وعند بني عامرٍ يومَئذٍ ضُباعةُ ابنةُ عامرِ بنِ قُرطٍ -كانت مِنَ النِّسوةِ اللَّاتي أسلَمْنَ مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمكَّةَ- جاءت زائرةً إلى بني عَمِّها، فقالت: يا آل عامِرٍ، ولا عامِرَ لي، أيُصنَعُ هذا برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيْن أظهُرِكم لا يَمنَعُه أحَدٌ منكم؟! فقام ثلاثةٌ مِن بني عَمِّها إلى بَحيرةَ واثنينِ أعاناه، فأخَذَ كُلُّ رجُلٍ منهم رَجُلًا فجَلَد به الأرضَ، ثمَّ جلس على صَدْرِه، ثمَّ عَلَوا وُجوهَهم لَطْمًا، فقال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اللَّهُمَّ بارِكْ على هؤلاءِ، والعَنْ هؤلاءِ، قال: فأسلَمَ الثَّلاثةُ الذين نَصَروه، وقُتِلوا شُهَداءَ، وهم غَطِيفٌ وغَطَفانُ ابنا سَهلٍ، وعُروةُ -أو عَزرةُ- بنُ عبدِ اللهِ بنِ سَلَمةَ، رَضِيَ اللهُ عنهم، وهلك الآخَرونَ، وهم بَحيرةُ بنُ فِراسٍ، وحَزْنُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ سَلَمةَ بنِ قُشَيرٍ، ومُعاويةُ بنُ عُبادةَ أحَدُ بني عَقيلٍ، لعَنَهم اللهُ لعنًا كثيرًا
خلاصة حكم المحدث : غريب كتبناه لغرابته وله شاهد
الراوي : أشياخ من قوم عبدالرحمن العامري | المحدث : ابن كثير | المصدر : البداية والنهاية
الصفحة أو الرقم : 3/138 التخريج : أخرجه أبو نعيم في ((دلائل النبوة)) (215)
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - إجابة دعاء النبي فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - صبره فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - مبعث النبي فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - دعاء النبي لبعض الناس مناقب وفضائل - بنو عامر وبنو تميم
|أصول الحديث

6 - عن ابنِ عبَّاسٍ أنَّ عبدَ الرحمنِ بنَ عَوفٍ رجَعَ إلى رَحلِه، قال ابنُ عبَّاسٍ: وكنتُ أُقرِئُ عبدَ الرحمنِ بنَ عَوفٍ، فوجَدَني وأنا انتظِرُه، وذلكَ بمِنًى في آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّها عُمرُ بنُ الخطابِ، فقال عبدُ الرحمنِ بنُ عَوفٍ: إنَّ رجُلًا أتَى عُمرَ بنَ الخطابِ فقال: إنَّ فلانًا يقولُ: لو قد ماتَ عُمرُ بايَعتُ فلانًا. فقال عُمرُ: إنِّي قائمٌ العَشِيَّةَ إنْ شاءَ اللهُ في الناسِ فمُحذِّرُهم هؤلاءِ الرَّهْطَ الذينَ يُريدونَ أنْ يَغصِبوهم أمْرَهم. قال عبدُ الرحمنِ: فقلتُ: يا أميرَ المؤمنينَ، لا تفعَلْ؛ فإنَّ الموسِمَ يجمَعُ رَعاعَ الناسِ وغَوْغاءَهم، وإنَّهم الذينَ يَغلِبونَ على مجلِسِكَ إذا قُمتَ في الناسِ، فأَخْشى أنْ تقولَ مقالةً يَطيرُ بها أولئكَ، فلا يَعُوها، ولا يضَعوها مواضِعَها، ولكنْ حتى تقدَمَ المدينةَ؛ فإنَّها دارُ الهِجْرةِ والسُّنةِ، وتخلُصَ بعُلَماءِ الناسِ وأَشْرافِهم، فتقولَ ما قلتَ متمَكِّنًا، فيَعُونَ مقالتَكَ، ويَضَعوها مواضِعَها. قال عُمرُ: لئِنْ قدِمتُ المدينةَ صالحًا لأُكلِّمَنَّ بها الناسَ في أوَّلِ مقامٍ أقومُه. فلمَّا قدِمْنا المدينةَ في عقِبِ ذي الحَجَّةِ، وكان يَومَ الجُمُعةِ عجَّلتُ الرَّواحَ صَكَّةَ الأَعْمى -قلتُ لمالكٍ: وما صَكَّةُ الأَعْمى؟ قال: إنَّه لا يبالي أيَّ ساعةٍ خرَجَ، لا يَعرِفُ الحرَّ والبَرْدَ، أو نحوَ هذا- فوجَدتُ سعيدَ بنَ زَيدٍ عندَ رُكنِ المِنْبرِ الأيمَنِ قد سبَقَني، فجلَستُ حِذاءَه تحُكُّ رُكْبتي رُكْبتَه، فلم أنشَبْ أنْ طلَعَ عُمرُ، فلمَّا رأَيتُه قلتُ: ليقولَنَّ العَشِيَّةَ على هذا المِنْبرِ مقالةً ما قالها عليه أحَدٌ قبلَه. قال: فأنكَرَ سعيدُ بنُ زَيدٍ ذلكَ، وقال: ما عسَيتَ أنْ يقولَ ما لم يقُلْ أحَدٌ؟ فجلَسَ عُمرُ على المِنْبرِ، فلمَّا سكَتَ المؤذِّنُ قام فأَثْنى على اللهِ بما هو أَهْلُه، ثمَّ قال: أمَّا بعدُ، أيُّها الناسُ، فإنِّي قائلٌ مقالةً، وقد قُدِّرَ لي أنْ أقولَها، لا أَدْري لعلَّها بينَ يدَيْ أجلي، فمَن وعاها وعقَلَها فلْيُحدِّثْ بها حيثُ انتَهتْ به راحلتُه، ومَن لم يَعِها فلا أُحِلُّ له أنْ يكذِبَ عليَّ: إنَّ اللهَ بعَثَ محمَّدًا بالحقِّ، وأنزَلَ عليه الكتابَ، فكان فيما أُنزِلَ عليه آيةُ الرَّجْمِ، فقرَأْناها، ووعَيْناها، وعقَلْناها، ورجَمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ورجَمْنا بعدَه، فأَخْشى إنْ طال بالناسِ زمانٌ أنْ يقولَ قائلٌ لا نجِدُ آيةَ الرَّجْمِ في كتابِ اللهِ، فيَضِلُّوا بتَرْكِ فَريضةٍ قد أنزَلَها اللهُ عزَّ وجلَّ، فالرَّجْمُ في كتابِ اللهِ حقٌّ على مَن زنا إذا أُحصِنَ مِن الرِّجالِ والنِّساءِ؛ إذا قامَتِ البيِّنةُ، أو كان الحبَلُ، أو الاعترافُ، ألَا وإنَّا قد كنَّا نقرَأُ: لا تَرغَبوا عن آبائِكم فإنَّ كُفرًا بكم أنْ تَرغَبوا عن آبائِكم، ألَا وإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: لا تُطْرُوني كما أُطرِيَ عيسى ابنُ مَرْيمَ، فإنَّما أنا عبدٌ، فقولوا: عبدُ اللهِ ورسولُه، وقد بلَغَني أنَّ قائلًا مِنكم يقولُ: لو قد ماتَ عُمرُ بايَعتُ فلانًا، فلا يَغتَرَّنَّ امرؤٌ أنْ يقولَ: إنَّ بَيعةَ أبي بَكْرٍ كانَتْ فَلْتةً ، فتَمَّتْ، ألَا وإنَّها كانَتْ كذلكَ، إلَّا أنَّ اللهَ وقَى شَرَّها، وليسَ فيكم اليَومَ مَن تُقطَعُ إليه الأعناقُ مِثلُ أبي بَكْرٍ، وإنَّه كان مِن خبَرِنا حينَ تُوُفِّي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أنَّ عليًّا والزُّبَيرَ ومَن كان معَهما تخَلَّفوا في بَيتِ فاطمةَ بنتِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وتخلَّفَ عنها الأنصارُ بأَجْمعِها في سَقيفةِ بني ساعدةَ، واجتمَعَ المهاجرونَ إلى أبي بَكْرٍ، فقلتُ له: يا أبا بَكْرٍ، انطلِقْ بنا إلى إخوانِنا مِن الأنصارِ، فانطَلَقْنا نؤُمُّهم حتى لقِيَنا رجُلانِ صالحانِ، فذكَرَا لنا الذي صنَعَ القَومُ، فقالا: أينَ تُريدونَ يا مَعْشرَ المهاجرينَ؟ فقلتُ: نريدُ إخوانَنا مِن الأنصارِ. فقالا: لا عليكم ألَّا تَقْرَبوهم، واقْضُوا أمْرَكم يا مَعْشرَ المهاجرينَ. فقلتُ: واللهِ لنأتِينَّهم، فانطَلَقْنا حتى جِئناهم في سَقيفةِ بني ساعدةَ، فإذا هم مجتمعونَ، وإذا بينَ ظَهْرانَيْهم رجُلٌ مُزمَّلٌ، فقلتُ: مَن هذا؟ قالوا: سَعدُ بنُ عُبادةَ؟ فقلتُ: ما له؟ قالوا: وجِعٌ. فلمَّا جلَسْنا قام خَطيبُهم، فأَثْنى على اللهِ بما هو أَهْلُه، وقال: أمَّا بعدُ فنحنُ أنصارُ اللهِ، وكَتيبةُ الإسلامِ، وأنتم يا مَعْشرَ المهاجرينَ رَهْطُ نبيِّنا، وقد دفَّتْ دافَّةٌ مِنكم تُريدونَ أنْ تَخْتزِلونا مِن أَصْلِنا، وتُحصِنونا مِن الأَمْرِ. فلمَّا سكَتَ أرَدتُ أنْ أتكَلَّمَ، وكنتُ قد زوَّرتُ مقالةً أعجَبَتْني أرَدتُ أنْ أقولَها بينَ يدَيْ أبي بَكْرٍ، وكنتُ أُداري منه بعضَ الحدِّ، وهو كان أحكَمَ منِّي وأوقَرَ، واللهِ ما ترَكَ مِن كَلِمةٍ أَعجَبَتْني في تَزْويري إلَّا قالَها فَّي بلُغتِه، وقصر حتى سكَت، فقال: أمَّا بعدُ، فما ذكَرتُم مِن خبَرٍ فأنتم أَهْلُه، وما تَعرِفُ العرَبُ هذا الأَمْرَ إلَّا لهذا الحيِّ مِن قُرَيشٍ، هم أوسَطُ العرَبِ نسبًا ودارًا، وقد رضِيتُ لكم أحَدَ هذينِ الرجُلَينِ؛ أيَّهما شِئتُم، وأخَذَ بيدي ويدِ أبي عُبَيدةَ بنِ الجَرَّاحِ، فلم أكرَهْ ممَّا قال غيرَها، كان واللهِ أنْ أُقدَّمَ فتُضرَبَ عُنُقي لا يُقَرِّبُني ذلكَ إلى إثمٍ، أحَبُّ إليَّ مِن أنْ أتأمَّرَ على قَومٍ فيهم أبو بَكْرٍ، إلَّا أنْ تغيَّرَ نَفْسي عندَ المَوتِ، فقال قائلٌ مِن الأنصارِ: أنا جُذَيلُها المُحَكَّكُ ، وعُذَيقُها المُرجَّبُ ، منَّا أميرٌ، ومنكم أميرٌ يا مَعْشرَ قُرَيشٍ. فقلتُ لمالكٍ: ما يعني: أنا جُذَيلُها المُحَكَّكُ وعُذَيقُها المُرجَّبُ؟ قال: كأنَّه يقولُ: أنا داهيتُها. قال: فكثُرَ اللَّغَطُ ، وارتفَعتِ الأصواتُ حتى خَشِينا الاختلافَ، فقلتُ: ابسُطْ يدَكَ يا أبا بَكْرٍ، فبسَطَ يَدَه، فبايَعتُه، وبايَعَه المهاجرونَ، ثمَّ بايَعَه الأنصارُ، ونزَوْنا على سَعدِ بنِ عُبادةَ، فقال قائلٌ منهم: قتَلتُم سَعدًا. فقلتُ: قتَلَ اللهُ سَعدًا. قال عُمرُ: أمَا واللهِ ما وجَدْنا فيما حضَرْنا أَمْرًا هو أرفَقُ مِن مبايعةِ أبي بَكْرٍ، خَشِينا إنْ فارَقْنا القَومَ ولم تكُنْ بَيعةٌ أنْ يُحدِثوا بعدَنا بَيعةً، فإمَّا نُبايِعُهم على ما لا نَرْضى، وإمَّا أنْ نُخالِفَهم، فيكونُ فسادٌ، فمَن بايَعَ أميرًا عن غَيرِ مَشورةِ المسلمينَ، فلا بَيعةَ له، ولا بَيعةَ للذي بايَعَه؛ تَغِرَّةً أنْ يُقتَلا.
خلاصة حكم المحدث : [له] طرق
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : ابن كثير | المصدر : البداية والنهاية
الصفحة أو الرقم : 5/215 التخريج : أخرجه أحمد (391)، وعبد الرزاق (9758)، والبزار (194) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: حدود - حد الرجم حدود - من أقر بالحد قرآن - نسخ التلاوة مغازي - ذكر مبايعة أبي بكر وما كان في سقيفة بني ساعدة مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق
|أصول الحديث

7 - أتى رجلٌ ابنَ عَبَّاسٍ فقال: بلَغَنا أنَّك تذكُرُ سطِيحًا تزعُمُ أنَّ الله خَلَقه لم يخلُق مِن بنِي آدَمَ شيئًا يُشبِهه؟ قال: قال: نعم، إِنَّ اللهَ خَلَق سطِيحًا الغسَّانِيَّ لحمًا على وَضَمٍ، ولم يكُن فِيهِ عظمٌ ولا عَصَبٌ إِلَّا الجُمجُمةُ والكفَّانِ، وكان يُطوى مِن رِجليهِ إِلى تَرقُوَتِه كما يُطوى الثَّوبُ، ولم يكُن فِيهِ شيءٌ يتحرَّكُ إِلَّا لِسانُه، فلمَّا أراد الخُرُوجَ إِلى مكَّة حُمِل على وضمِه فأُتِي بِهِ مكَّة، فخرج إِليه أربعةٌ مِن قُريشٍ: عبدُ شمسٍ وهاشِمٌ ابنا عبدِ منافِ بنِ قُصيٍّ، والأحوصُ بنُ فِهرٍ، وعقِيلُ بنُ أبِي وقَّاصٍّ، فانتموا إِلى غيرِ نسبِهِم. وقالُوا: نحنُ أُناسٌ من جُمَحَ أتيناك، بلغنا قُدُومُك فرأينا أنَّ إِتيانَنا إِيَّاك حقٌّ لك واجِبٌ علينا، وأهدى إِليهِ قِيلٌ صفِيحةً هِندِيَّةً وصعدةً رُدينِيَّةً، فوُضعِت على بابِ البيتِ الحرامِ لينظُرُوا أَهَل يراها سَطِيحٌ أم لا. فقال: يا عَقِيلُ ناوِلنِي يَدَك فناوله يدَه، فقال: يا عَقِيلُ، والعالِمِ الخفِيَّة، والغافِرِ الخطِيَّة، والذِّمَّةِ الوفِيَّة، والكعبةِ المبنِيَّة، إِنَّك لجاءٍ بِالهدِيَّة؛ الصَّفِيحةِ الهِندِيَّة، والصَّعدةِ الرُّدينِيَّة. قالُوا: صَدَقْتَ يا سَطِيحُ، فقال: والآتِي بِالفَرَح، وقَوسِ قُزَح، وسائِرِ الفَرَح، واللَّطِيمِ المُنبطِح، والنَّخلِ والرُّطبِ والبَلَح، إِنَّ الغُراب حيثُ مرَّ سَنَح، فأخبر أنَّ القوم ليسُوا من جُمَح، وأنَّ نسَبَهم مِن قُريشٍ ذِي البِطَح، قالُوا: صدَقْتَ يا سطِيحُ، نحنُ أهلُ البيتِ الحرامِ أتيناك لِنزُورَك لِما بلَغَنا مِن عِلمِك، فأخبِرنا عمَّا يكُونُ فِي زمانِنا هذا وما يكُونُ بَعدَه، فلعلَّ أن يكُون عِندَك فِي ذلِك عِلمٌ. قال: الآن صدقتُم، خُذُوا مِنِّي ومِن إِلهامِ اللهِ إِيَّاي، أنتُم يا مَعشَرَ العَرَبِ فِي زمانِ الهَرَمِ، سواءٌ بصائِرُكُم وبصائِرُ العَجَمِ، لا عِلمَ عِندكُم ولا فَهْمَ، وينشأُ مِن عقِبِكُم ذوُو فَهمٍ يطلُبُون أنواعُ العِلمِ، فيكسِرُون الصَّنَم ويبلُغُون الرَّدمَ ويقتُلُون العَجَم، يطلُبُون الغُنْمَ. قالُوا: يا سطِيحُ فمَن يكُونُ أُولئِك؟ فقال لهم: والبيتِ ذِي الأركانِ، والأمنِ والسُّكَّانِ، لينشؤُنَّ مِن عقِبِكُم وِلدانٌ يكسِرُون الأوثان ، ويُنكِرُون عِبادةَ الشَّيطانِ، ويُوحِّدُون الرَّحمن، وينشُرُون دِين الدَّيَّانِ، يُشرِفُون البُنيان، ويستفتُون الفِتيان. قالُوا: يا سطِيحُ، مِن نسلِ من يكُونُ أُولئِك؟ قال: وأشرفِ الأشرافِ، والمُفضِي لِلإِسرافِ، والمُزعزِعِ الأحقافِ، والمُضعِفِ الأضعافِ، لينشؤُنَّ الآلافُ مِن عبدِ شمسٍ وعبدِ منافٍ نُشُوءًا يكُونُ فِيهِ اختِلافٌ، قالُوا: يا سَوْءتاه يا سطِيحُ ممَّا تُخبِرُنا مِن العِلمِ بِأمرِهِم، ومِن أيِّ بلدٍ يخرُجُ أُولئِك؟ فقال: والباقِي الأبد، والبالِغِ الأَمَد، ليخرُجَنَّ من ذا البلد، فتًى يهدِي إِلى الرَّشَد ، يرفُضُ يغُوثَ والفِند، يبرأُ مِن عِبادةِ الضِّدَد، يعبُدُ ربًّا انفَرَد، ثُمَّ يتوفَّاه الله محمُودًا، مِن الأرضِ مفقُودًا، وفِي السَّماءِ مشهودًا، ثُمَّ يلِي أمْرَه الصِّدِّيق، إِذا قضى صَدَق، وفِي ردِّ الحُقُوقِ لا خَرِقٌ ولا نَزِق، ثُمَّ يلِي أمْرَه الحنِيف، مُجرِّبٌ غِطرِيف، ويترُكُ قولَ العنِيف، قد ضاف المضِيف، وأحكَمَ التَّحنِيف، ثُمَّ يلِي أمْرَه داعِيًا لِأمرِهِ مُجرِّبًا، فيجتمِعُ له جُمُوعًا وعُصَبًا، فيقتُلُونه نِقمةً عليه وغَضَبًا، فيُؤخذُ الشَّيخُ فيُذبحُ إِربًا، فيقُومُ بِهِ رِجالٌ خُطباءُ، ثُمَّ يلِي أمره النَّاصِرُ، يخلِطُ الرَّأي بِرأي النَّاكِر، يُظهِرُ فِي الأرضِ العساكِر، ثُمَّ يلِي بعده ابنُه يأخُذُ جمعه، ويقِلُّ حمدُه، ويأخُذُ المال، ويأكُلُ وحده ويُكثِرُ المال لِعقِبِه مِن بعدِهِ، ثُمَّ يلِي مِن بعدِهِ عِدَّةُ مُلُوك، لا شكَّ الدَّمُ فِيهِم مسفُوك، ثُمَّ يلِي من بعدِهِمُ الصُّعلُوك، يطوِيهِم كطيِّ الدُّرنُوك، ثُمَّ يلِي مِن بعدِهِ عُظهورٌ يُقصِي الخَلْقَ ويُدنِي مُضَر، يفتتِحُ الأرض افتِتاحًا مُنكرًا، ثُمَّ يلِي قَصِيرُ القامة، بِظهرِه علامة، يمُوتُ موتًا وسلامة، ثُمَّ يلِي قلِيلًا باكِر، يترُكُ المُلْك بائِر، ثُمَّ يلِي أخُوه بِسُنَّتِهِ سابِر، يختصُّ بِالأموالِ والمنابِر، ثُمَّ يلِي مِن بعدِهِ أهوْجَ، صاحِبُ دُنيا ونعِيمٍ مُخلِج، يتشاورُه مُعاشِرُه وذوُوه، ينهضُون إِليهِ يخلعُونه بِأخذِ المُلكِ ويقتُلُونه، ثُمَّ يلِي أمره مِن بعدِهِ السَّابِع، يترُكُ المُلك محلًّا ضائِع، بنُوه فِي مُلكِهِ كالمُشوَّهِ جائِع، عِند ذلِك يطمعُ فِي المُلكِ كُلُّ عُريان، ويلِي أمْرَه اللَّهفانُ، يُرضِي نِزارًا جَمعُ قَحْطان، إِذا التقيا بِدِمشق جمعان، بين بُنيان ولُبنان، يُصنَّفُ اليمنُ يومئِذٍ صِنفان؛ صِنفُ المسرَّةِ، وصِنفُ المخذُولِ، لا ترى إِلَّا حِباءً محلُول، وأسِيرًا مغلُول، بين القِرابِ والخُيُول، عِند ذلِك تُخربُ المنازِل، وتُسلبُ الأرامِل ، وتُسقِطُ الحوامِل، وتظهرُ الزَّلازِل، وتطلُبُ الخِلافةُ وائِل، فتغضبُ نِزار، فتُدنِي العبِيدَ والأشرار، وتُقصِي الأمثالَ والأخيار، وتغلُو الأسعارُ، فِي صَفَرِ الأصفار، يغُلُّ كُلُّ جبَّارٍ مِنه، ثُمَّ يسِيرُون إِلى خَنادِق، وإِنَّها ذاتُ أشعارٍ وأشجار، تصُدُّ له الأنهار، ويهزِمُهم أوَّلَ النَّهار، تَظهَرُ الأخيار، فلا ينفعُهم نومٌ ولا قرار، حتَّى يدخُل مِصرًا مِن الأمصار، فيُدرِكه القضاءُ والأقدار. ثُمَّ يجِيءُ الرُّماة، تلُفُّ مُشاة، لِقتلِ الكُماة، وأسرِ الحُماة، ومَهلِكِ الغُواة، هنالِك يُدركُ فِي أعلى المِياه، ثُمَّ يبُورُ الدِّينُ وتُقلبُ الأُمُور، وتُكفرُ الزَّبُور، وتُقطعُ الجُسُور، فلا يُفلِتُ إِلَّا من كان فِي جزائِرِ البُحُور، ثُمَّ تبُورُ الحُبُوب، وتظهرُ الأعارِيب، ليس فِيهِم مُعِيب، على أهلِ الفُسُوقِ والرِّيب، فِي زمانٍ عصِيب، لو كان لِلقومِ حياءٌ، وما تُغنِي المُنى. قالُوا: ثُمَّ ماذا يا سطِيحُ؟ قال: ثُمَّ يظهرُ رجُلٌ من أهلِ اليمن، كالشَّطَنِ، يُذهِبُ اللهُ على رأسِهِ الفِتَن.

8 - كان الجارودُ بنُ المُعلَّى بنِ حنشِ بنِ مُعلَّى العبديُّ نصرانيًّا حسنَ المعرفةِ بتفسير الكتبِ وتأويلِها عالمًا بسِيَرِ الفرسِ وأقاويلِها بصيرًا بالفلسفةِ والطبِّ ظاهرَ الدّهاءِ والأدبِ كاملَ الجمالِ ذا ثروةٍ ومالٍ وأنه قدم على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وافدًا في رجالٍ من عبدِ القَيس ِذوي آراءَ وأسنانَ وفصاحةٍ وبيانٍ وحُجَجٍ وبرهانٍ فلما قدم على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقف بين يدَيه وأشار إليه وأنشأ يقول يا نبيَّ الهدى أتتك رجالٌ قطَعْتَ فَدْفدًا وآلًا فآلا وطوتْ نحوَك الصَّحاصحَ تَهوي لا تُعدُّ الكلالَ فيك كلالا كلُّ بهماءَ قصَّر الطرفُ عنها أرقلتْها قلاصُنا إرقالًا وطوتها العِتاقُ يجمح فيها بكماةٍ كأنجُمٍ تتلالا تبتغي دفعَ بأسِ يومٍ عظيمٍ هائلٍ أوجعَ القلوبَ وهالا ومزادًا لمحشرِ الخلقِ طُرًّا وفراقًا لمن تمادى ضلالًا نحو نورٍ من الإله وبرهانٍ وبرٍّ ونعمةٍ أن تنالا خصَّك اللهُ يا ابنَ آمنةَ الخيرَ بها إذا أتت سِجالا سِجالا فاجعلِ الحظَّ منك يا حُجَّةَ اللهِ جزيلًا لا حظَّ خلَّف أحالا قال فأدناه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقرَّب مجلسَه وقال له يا جارودُ لقد تأخَّر الموعودُ بك وبقومِك فقال الجارودُ فداك أبي وأمي أما من تأخر عنك فقد فاته حظُّه وتلك أعظمُ حُوبةً وأغلظُ عقوبةً وما كنتُ فيمن رآك أو سمِع بك فعدَاك واتَّبع سواك وإني الآنَ على دينٍ قد علمتَ به قد جئتُك وها أنا تارِكٌه لدِينك أفذلك مما يُمحِّصُ الذنوبَ والمآثمَ والحوبَ ويرضي الربَّ عن المربوب ِفقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنا ضامنٌ لك ذلك وأخلصِ الآن لله بالوحدانيةِ ودَعْ عنك دِينَ النصرانيةِ فقال الجارودُ فداك أبي وأمي مُدَّ يدَك فأنا أشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له وأشهدُ أنك محمدٌ عبدُه ورسولُه قال فأسلَم وأسلم معه أناسٌ من قومه فسُرَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بإسلامِهم وأظهر من إكرامِهم ما سُرُّوا به وابتهجوا به ثم أقبل عليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال أفيكم من يعرفُ قُسَّ بنَ ساعدةَ الإياديَّ فقال الجارودُ فداك أبي وأمي كلُّنا نعرفُه وإني من بينهم لعالِمٌ بخبرِه واقفٌ على أمره كان قُسُّ يا رسولَ اللهِ سبطًا من أسباطِ العربِ عُمِّر ستمائةِ سنةٍ تقفرُ منها خمسةُ أعمارٍ في البراري والقِفارِ يضجُّ بالتَّسبيحِ على مثالِ المَسيحِ لا يُقِرُّه قرارٌ ولا تُكنُّه دارٌ ولا يَستمتِع به جارٌ كان يلبسُ الأمساحَ ويفوق السُّياحَ ولا يفتُر من رهبانيتِه يتحسَّى في سياحتِه بيضَ النعامِ ويأنسُ بالهوامِّ ويستمتِع بالظلامِ يبصر فيعتبِرْ ويُفكِّرُ فيختبِرْ فصار لذلك واحدًا تُضرب بحكمتِه الأمثالُ وتكشفُ به الأهوالُ أدرك رأسَ الحواريِّين سمعانَ وهو أولُ رجلٍ تألَّه من العربِ ووحَّد وأقر وتعبّد وأيقنَ بالبعث والحسابِ وحذَّر سوءَ المآبِ وأمر بالعمل قبل الفوتِ ووعظ بالموتِ وسلَّم بالقضا على السُّخطِ والرِّضا وزار القبورَ وذكر النشورَ وندب بالأشعارِ وفكر في الأقدارِ وأنبأ عن السماءِ والنماءِ وذكر النجومَ وكشف الماءَ ووصف البحارَ وعرف الآثارَ وخطب راكبًا ووعظ دائبًا وحذَّر من الكربِ ومن شدة الغضبِ ورسَّل الرسائلَ وذكَّر كل هائلٍ وأرغَم في خُطَبِه وبين في كتبِه وخوَّف الدهرَ وحذِرَ الأزْرَ وعظَّم الأمرَ وجنَّب الكفرَ وشوَّقَ إلى الحنيفيةِ ودعا إلى اللاهوتيَّةِ وهو القائلُ في يومِ عكاظ ٍشرقٌ وغربٌ ويتمٌ وحزبٌ وسلمٌ وحربٌ ويابسٌ ورطبٌ وأجاجٌ وعذبٌ وشموسٌ وأقمارٌ ورياحٌ وأمطارٌ وليلٌ ونهارٌ وإناثٌ وذكورٌ وبرارٌ وبحورٌ وحبٌّ ونباتٌ وآباءٌ وأمهاتٌ وجمعٌ وأشتاتٌ وآياتٌ في إثرِها آياتٌ ونورٌ وظلامٌ ويسرٌ وإعدامٌ وربٌّ وأصنامٌ لقد ضلَّ الأنامَ نشوُ مولودٍ ووأدُ مفقودٍ وتربيةُ محصودٍ وفقيرٌ وغنيٌّ ومحسنٌ ومسيءٌ تبًّا لأربابِ الغفلةِ ليصلحنَّ العاملُ عملَه وليفقدَنَّ الآملُ أملَه كلا بل هو إلهٌ واحدٌ ليس بمولودٌ ولا والدٍ أعاد وأبدَى وأمات وأحيا وخلق الذكرَ والأنثى ربُّ الآخرةِ والأولى أما بعدُ فيا معشر إيادٍ أين ثمودُ وعادٌ وأين الآباءُ والأجدادُ وأين العليلُ والعُوَّادُ كلٌّ له معادٌ يُقسِم قُسٌّ بربِّ العبادِ وساطحِ المهادِ لتحشرنّ على الانفرادِ في يومِ التَّنادِ إذا نُفِخ في الصورِ ونُقِر في الناقورِ وأشرقت الأرضُ ووعظ الواعظُ فانتبذ القانطُ وأبصر اللاحظُ فويلٌ لمن صدف عن الحقِّ الأشهرِ والنورِ الأزهرِ والعرضِ الأكبرِ في يوم الفصلِ وميزانِ العدلِ إذا حكم القديرُ وشهد النذيرُ وبعد النصيرُ وظهرَ التقصيرُ ففريقٌ في الجنةِ وفريقٌ في السَّعيرِ وهو القائلُ ذكَّرَ القلبَ من جواه ادِّكارٌ, وليالٌ خلا لهن نهارٌ وسجالٌ هواطلٌ من غمامٍ ثُرْن ماءً وفي جُواهن نارٌ ضوءُها يطمس العيونَ وأرعادٌ شدادٌ في الخافقَين تطارُ, وقصورٌ مُشيَّدةٌ حوَت الخير َوأخرى خلَت بهن قِفارٌ,وجبالٌ شوامخٌ راسياتٌ وبحارٌ مياههن غزارٌ, ونجومٌ تلوح في ظُلَمِ الليلِ نراها في كلِّ يومٍ تُدارُ ثم شمسٌ يحثُّها قمرُ الليلِ وكلُّ متابعٍ مُوارٍ وصغيرٌ وأشمظُ وكبيرٌ كلُّهم في الصعيدِ يومًا مزارٌ,وكبيرٌ مما يقصر عنه حدسِه الخاطرُ الذي لا يحارُ فالذي قد ذكرتُ دلَّ على اللهِ نفوسًا لها هديٌ واعتبارٌ. قال فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مهما نسيتُ فلستُ أنساه بسوقِ عكاظٍ واقفًا على جملٍ أحمرَ يخطب الناسَ اجتمعوا فاسمَعوا وإذا سمعتُم فعُوا وإذا وعَيتُم فانتفِعوا وقولوا وإذا قلتُم فاصدُقوا من عاش مات ومن مات فات وكلُّ ما هو آتٍ آتٍ مطرٌ ونباتٌ وأحياءٌ وأمواتٌ ليلٌ داج ٍوسماءٌ ذا أبراجٍ ونجومٌ تزهرُ وبحار ٌتزخرُ وضوءٌ وظلامٌ وليلٌ وأيامٌ وبرٌّ وآثامٌ إنَّ في السماء خبرًا وإنَّ في الأرض عِبَرًا يحارُ فيهنَّ البصرَا مهادٌ موضوعٌ وسقفٌ مرفوعٌ ونجومٌ تغورُ وبحارٌ لا تفورُ ومَنايا دوانٍ ودهرٌ خوَّانٌ كحدِّ النِّسطاسِ ووزنِ القُسطاسِ أقسمَ قُسُّ قسمًا لا كاذبًا فيه ولا آثمًا لئن كان في هذا الأمرِ رِضى ليكونن سخطٌ ثم قال أيها الناسُ إنَّ لله دينًا هو أحبُّ إليه من دينِكم هذا الذي أنتم عليه وهذا زمانُه وأوانه ثم قال ما لي أرى الناسَ يذهبون فلا يرجِعون أرَضُوا بالمقام فأقاموا أم تُرِكوا فناموا والتفت رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى بعض أصحابِه فقال أيكم يروي شعرَه لنا فقال أبو بكرٍ الصديقُ فداك أبي وأمي أنا شاهدٌ له في ذلك اليومِ حيث يقول في الذَّاهِبِينَ الأوَّلِينَ... من القرون لنا بصائرْ لما رأيت مصارعا... للقوم ليس لها مصادرْ ورأيت قومي نحوها... يمضي الأكابر والأصاغرْ أَيْقَنْتُ أَنِّي لَا مَحَالَةَ... حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرْ قال فقام إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شيخٌ من عبدِ القَيسِ عظيمُ الهامة ِطويلُ القامةِ بعيدُ ما بين المنكبَينِ فقال فداك أبي وأمي وأنا رأيتُ من قُسٍّ عجبًا فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما الذي رأيتَ يا أخا بني عبدِ القَيسِ فقال خرجتُ في شبيبتي أربعُ بعيرًا لي ندَّ عني أقْفوا أثرَه في تنَائِفَ قَفَافٍ، ذاتِ ضَغابِيسَ، وعَرَصاتِ جَثْجاثٍ بينَ صُدورِ جُذعان، وغميرِ حَوذانٍ، ومَهَمهٍ ظَلمانِ، وَرصِيعِ أيْهُقانِ، فَبَينا أنا في تِلك الفَلوات أَجولُ بِسَبسَبِها، وأرنُقُ فَدْفَدها، إِذا أَنا بهضبة فِي نَشَزاتِها أَراكٌ كَباثٌ مُخْضَوْضِلَةٌ وَأَغصانُها مُتَهَدِّلَةٌ، كأنَّ بَرِيرَها حَبُّ الفُلْفُلِ وبواسِقُ أُقْحُوانٍ، وإذا بعينٍ خَرَّارَةٍ ورَوْضةٍ مُدْهامَّةٍ، وشجرةٍ عارِمةٍ، وإذا أنا بقُسِّ بنِ ساعِدَةَ في أصلِ تلك الشَّجَرةِ وبِيده قضِيبٌ، فدنوتُ منه وَقُلتُ لهُ: أَنعِمْ صَباحًا. فقال: وأَنت فنعِمَ صَبَاحُك. وقد وَردَتِ العَينَ سِباعٌ كثيرةٌ، فكان كلما ذهب سَبعٌ منها يشربُ من العينِ قبل صاحبِه ضربه قُسُّ بالقضيبِ الَّذي بيدِه. وقال: اصبِرْ حَتى يشربَ الَّذي قبلك. فَذُعِرْتُ من ذلك ذُعْرًا شديدًا، ونظر إليَّ فقال:لا تخَفْ. وإذا بقبرَينِ بينهما مَسجِدٌ، فقلتُ: مَا هذان القَبرانِ؟ قال: قبرَا أخَوينِ كانا يعبُدانِ اللَّهَ عزَّ وجلَّ بهذا المَوضِعِ. فأنا مُقيمٌ بين قبرَيهما أعبدُ اللهَ بين قبرَيهما أعبدُ اللَّهَ حتَّى ألحَقَ بهما. فقلتُ له: أفلا تَلحَقُ بِقَومِكَ فَتكونَ مَعهُم في خَيرِهم وَتُبايِنَهُم عَلَى شَرِّهِم؟ فَقَالَ لِي: ثكلتْك أمُّك! أَو ما عَلِمتَ أَنَّ وَلَدَ إِسماعِيلَ تَرَكوا دِينَ أبيهمْ وَاتَّبَعوا الأضدادَ وعظَّمُوا الْأَندادَ؟ ثم أقبل على القبرَينِ وأنشأَ يقول: خلِيلَيَّ هبَّا طالما قد رقدتُما * أجِدَّكما لا تقضِيانِ كراكما أرى النَّومَ بين الجلدِ والعظمِ منكما * كأنَّ الَّذي يَسقي العُقارَ سقاكما أَمِنْ طُولِ نَوْمٍ لَا تُجِيبَانِ دَاعِيًا * كَأَنَّ الَّذِي يَسْقِي الْعُقَارَ سَقَاكُمَا ألم تعلما أنى بِنَجْرَان مُفردا * ومالى فيه من حبيبٍ سِواكما مُقيمٌ على قبرَيكما لستُ بارِحًا * إِيابَ اللَّيالِي أو يجيبَ صدَاكما أبكيكما طُولَ الحياةِ وما الَّذي * يَرُدُّ على ذِي لَوعةٍ أَنْ بَكاكما فلو جُعِلَتْ نفسٌ لنفسِ امرئٍ فِدًى * لَجُدتُ بنفسي أن تكون فِداكما كأنَّكما والموتُ أقرَبُ غايَةٍ * بروحي في قبرَيكما قد أتاكما قال فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رحم اللهُ قُسًّا أما إنه سيُبعثُ يومَ القيامةِ أمَّةً وحده
خلاصة حكم المحدث : غريب جدا من هذا الوجه وهو مرسل إلا أن يكون الحسن سمعه من الجارود [وروي] من وجه آخر وله طرق على ضعفها تتعاضد لإثبات أصل القصة
الراوي : الحسن البصري | المحدث : ابن كثير | المصدر : البداية والنهاية
الصفحة أو الرقم : 2/215 التخريج : أخرجه الطبري في ((التاريخ)) (3/301)، والبيهقي في ((دلائل النبوة)) (5/328) مختصرا بنحوه، وابن كثير في ((البداية والنهاية)) (3/302) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: آداب الكلام - فصاحة اللسان رقائق وزهد - الزهد في الدنيا مناقب وفضائل - قس بن ساعدة الإيادي شعر - استماع النبي للشعر وإنشاده في المسجد علم - سعة العلم
|أصول الحديث