الموسوعة الحديثية

نتائج البحث

31 -  عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا: صَارَتِ الأوْثَانُ الَّتي كَانَتْ في قَوْمِ نُوحٍ في العَرَبِ بَعْدُ؛ أمَّا وَدٌّ كَانَتْ لِكَلْبٍ بدَوْمَةِ الجَنْدَلِ، وأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ، وأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ، ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بالجَوْفِ عِنْدَ سَبَأٍ، وأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ، وأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لِآلِ ذِي الكَلَاعِ، أسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِن قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أوْحَى الشَّيْطَانُ إلى قَوْمِهِمْ: أنِ انْصِبُوا إلى مَجَالِسِهِمُ الَّتي كَانُوا يَجْلِسُونَ أنْصَابًا ، وسَمُّوهَا بأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَلَمْ تُعْبَدْ، حتَّى إذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وتَنَسَّخَ العِلْمُ عُبِدَتْ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عطاء بن أبي رباح | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4920
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة نوح أنبياء - نوح إيمان - أوثان الجاهلية وما كانوا يعبدونه
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

32 - يَوْمُ الخَمِيسِ وما يَوْمُ الخَمِيسِ، ثُمَّ بَكَى حتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الحَصَى، قُلتُ يا أبَا عَبَّاسٍ: ما يَوْمُ الخَمِيسِ؟ قَالَ: اشْتَدَّ برَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجَعُهُ، فَقَالَ: ائْتُونِي بكَتِفٍ أكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أبَدًا، فَتَنَازَعُوا، ولَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ، فَقالوا: ما له أهَجَرَ اسْتَفْهِمُوهُ؟ فَقَالَ: ذَرُونِي، فَالَّذِي أنَا فيه خَيْرٌ ممَّا تَدْعُونَنِي إلَيْهِ، فأمَرَهُمْ بثَلَاثٍ، قَالَ: أخْرِجُوا المُشْرِكِينَ مِن جَزِيرَةِ العَرَبِ، وأَجِيزُوا الوَفْدَ بنَحْوِ ما كُنْتُ أُجِيزُهُمْ والثَّالِثَةُ خَيْرٌ، إمَّا أنْ سَكَتَ عَنْهَا، وإمَّا أنْ قَالَهَا فَنَسِيتُهَا، قَالَ سُفْيَانُ: هذا مِن قَوْلِ سُلَيْمَانَ.

33 -  مَن لِكَعْبِ بنِ الأشْرَفِ؛ فإنَّه قدْ آذَى اللَّهَ ورَسولَهُ؟ فَقامَ مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أتُحِبُّ أنْ أقْتُلَهُ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَأْذَنْ لي أنْ أقُولَ شيئًا، قالَ: قُلْ، فأتاهُ مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ فقالَ: إنَّ هذا الرَّجُلَ قدْ سَأَلَنا صَدَقَةً، وإنَّه قدْ عَنَّانا، وإنِّي قدْ أتَيْتُكَ أسْتَسْلِفُكَ، قالَ: وأَيْضًا واللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ، قالَ: إنَّا قَدِ اتَّبَعْناهُ، فلا نُحِبُّ أنْ نَدَعَهُ حتَّى نَنْظُرَ إلى أيِّ شَيءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وقدْ أرَدْنا أنْ تُسْلِفَنا وَسْقًا أوْ وَسْقَيْنِ -وحَدَّثَنا عَمْرٌو غيرَ مَرَّةٍ، فَلَمْ يَذْكُرْ «وَسْقًا أوْ وسْقَيْنِ»، فَقُلتُ له: فيه «وَسْقًا أوْ وسْقَيْنِ»؟ فقالَ: أُرَى فيه «وَسْقًا أوْ وسْقَيْنِ»- فقالَ: نَعَمِ، ارْهَنُونِي ، قالوا: أيَّ شَيءٍ تُرِيدُ؟ قالَ: ارْهَنُونِي نِساءَكُمْ، قالوا: كيفَ نَرْهَنُكَ نِساءَنا وأَنْتَ أجْمَلُ العَرَبِ؟! قالَ: فارْهَنُونِي أبْناءَكُمْ، قالوا: كيفَ نَرْهَنُكَ أبْناءَنا، فيُسَبُّ أحَدُهُمْ، فيُقالُ: رُهِنَ بوَسْقٍ أوْ وَسْقَيْنِ؟! هذا عارٌ عَلَيْنا، ولَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ -قالَ سُفْيانُ: يَعْنِي السِّلاحَ- فَواعَدَهُ أنْ يَأْتِيَهُ، فَجاءَهُ لَيْلًا ومعهُ أبو نائِلَةَ، وهو أخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضاعَةِ، فَدَعاهُمْ إلى الحِصْنِ، فَنَزَلَ إليهِم، فقالَتْ له امْرَأَتُهُ: أيْنَ تَخْرُجُ هذِه السَّاعَةَ؟ فقالَ: إنَّما هو مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ، وأَخِي أبو نائِلَةَ -وقالَ غَيْرُ عَمْرٍو: قالَتْ: أسْمَعُ صَوْتًا كَأنَّهُ يَقْطُرُ منه الدَّمُ، قالَ: إنَّما هو أخِي مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ، ورَضِيعِي أبو نائِلَةَ؛ إنَّ الكَرِيمَ لو دُعِيَ إلى طَعْنَةٍ بلَيْلٍ لَأَجابَ- قالَ: ويُدْخِلُ مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ معهُ رَجُلَيْنِ -قيلَ لِسُفْيانَ: سَمَّاهُمْ عَمْرٌو؟ قالَ: سَمَّى بَعْضَهُمْ؛ قالَ عَمْرٌو: جاءَ معهُ برَجُلَيْنِ، وقالَ غَيْرُ عَمْرٍو: أبو عَبْسِ بنُ جَبْرٍ، والحارِثُ بنُ أوْسٍ، وعَبَّادُ بنُ بشْرٍ- قالَ عَمْرٌو: جاءَ معهُ برَجُلَيْنِ، فقالَ: إذا ما جاءَ فإنِّي قائِلٌ بشَعَرِهِ فأشَمُّهُ، فإذا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِن رَأْسِهِ، فَدُونَكُمْ فاضْرِبُوهُ -وقالَ مَرَّةً: ثُمَّ أُشِمُّكُمْ- فَنَزَلَ إليهِم مُتَوَشِّحًا وهو يَنْفَحُ منه رِيحُ الطِّيبِ، فقالَ: ما رَأَيْتُ كاليَومِ رِيحًا، أيْ أطْيَبَ. وقالَ غَيْرُ عَمْرٍو: قالَ: عِندِي أعْطَرُ نِساءِ العَرَبِ وأَكْمَلُ العَرَبِ، قالَ عَمْرٌو: فقالَ أتَأْذَنُ لي أنْ أشَمَّ رَأْسَكَ؟ قالَ: نَعَمْ، فَشَمَّهُ، ثُمَّ أشَمَّ أصْحابَهُ، ثُمَّ قالَ: أتَأْذَنُ لِي؟ قالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ منه، قالَ: دُونَكُمْ، فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أتَوُا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخْبَرُوهُ.

34 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: أسْلَمَتِ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ لِبَعْضِ العَرَبِ وكانَ لَهَا حِفْشٌ في المَسْجِدِ، قَالَتْ: فَكَانَتْ تَأْتِينَا فَتَحَدَّثُ عِنْدَنَا، فَإِذَا فَرَغَتْ مِن حَديثِهَا قَالَتْ: وَيَوْمُ الوِشَاحِ مِن تَعَاجِيبِ رَبِّنَا،... ألَا إنَّه مِن بَلْدَةِ الكُفْرِ أنْجَانِي فَلَمَّا أكْثَرَتْ، قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: وما يَوْمُ الوِشَاحِ؟ قَالَتْ: خَرَجَتْ جُوَيْرِيَةٌ لِبَعْضِ أهْلِي، وعَلَيْهَا وِشَاحٌ مِن أدَمٍ، فَسَقَطَ منها، فَانْحَطَّتْ عليه الحُدَيَّا، وهي تَحْسِبُهُ لَحْمًا، فأخَذَتْهُ فَاتَّهَمُونِي به فَعَذَّبُونِي، حتَّى بَلَغَ مِن أمْرِي أنَّهُمْ طَلَبُوا في قُبُلِي، فَبيْنَا هُمْ حَوْلِي وأَنَا في كَرْبِي، إذْ أقْبَلَتِ الحُدَيَّا حتَّى وازَتْ برُؤُوسِنَا، ثُمَّ ألْقَتْهُ، فأخَذُوهُ، فَقُلتُ لهمْ: هذا الذي اتَّهَمْتُمُونِي به وأَنَا منه بَرِيئَةٌ

35 - لَمَّا تُوُفِّيَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ واسْتُخْلِفَ أبو بَكْرٍ، وكَفَرَ مَن كَفَرَ مِنَ العَرَبِ، قالَ عُمَرُ: يا أبا بَكْرٍ، كيفَ تُقاتِلُ النَّاسَ، وقدْ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أُمِرْتُ أنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فمَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فقَدْ عَصَمَ مِنِّي مالَهُ ونَفْسَهُ إلَّا بحَقِّهِ، وحِسابُهُ علَى اللَّهِ قالَ أبو بَكْرٍ: واللَّهِ لَأُقاتِلَنَّ مَن فَرَّقَ بيْنَ الصَّلاةِ والزَّكاةِ، فإنَّ الزَّكاةَ حَقُّ المالِ، واللَّهِ لو مَنَعُونِي عَناقًا كانُوا يُؤَدُّونَها إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَقاتَلْتُهُمْ علَى مَنْعِها قالَ عُمَرُ: فَواللَّهِ ما هو إلَّا أنْ رَأَيْتُ أنْ قدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أبِي بَكْرٍ لِلْقِتالِ، فَعَرَفْتُ أنَّه الحَقُّ.

36 - لَمَّا تُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وكانَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، وكَفَرَ مَن كَفَرَ مِنَ العَرَبِ، فَقالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: كيفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ؟ وقدْ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فمَن قالَهَا فقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ ونَفْسَهُ إلَّا بحَقِّهِ، وحِسَابُهُ علَى اللَّهِ فَقالَ: واللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَن فَرَّقَ بيْنَ الصَّلَاةِ والزَّكَاةِ، فإنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، واللَّهِ لو مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ علَى مَنْعِهَا قالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: فَوَاللَّهِ ما هو إلَّا أنْ قدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، فَعَرَفْتُ أنَّه الحَقُّ.

37 - لَمَّا تُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ واسْتُخْلِفَ أبو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وكَفَرَ مَن كَفَرَ مِنَ العَرَبِ، قالَ عُمَرُ لأبِي بَكْرٍ: كيفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ؟ وقدْ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فمَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ ونَفْسَهُ، إلَّا بحَقِّهِ وحِسَابُهُ علَى اللَّهِ، فَقالَ: واللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَن فَرَّقَ بيْنَ الصَّلَاةِ والزَّكَاةِ، فإنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، واللَّهِ لو مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ علَى مَنْعِهِ، فَقالَ عُمَرُ: فَوَاللَّهِ ما هو إلَّا أنْ رَأَيْتُ اللَّهَ قدْ شَرَحَ صَدْرَ أبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أنَّه الحَقُّ. قال ابن بكير وعبدالله عن الليث (عناقا) وهو أصح

38 -  ذُكِرَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم امْرَأَةٌ مِنَ العَرَبِ، فأمَرَ أبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ أنْ يُرْسِلَ إلَيْهَا، فأرْسَلَ إلَيْهَا فَقَدِمَتْ، فَنَزَلَتْ في أُجُمِ بَنِي سَاعِدَةَ ، فَخَرَجَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى جَاءَهَا، فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَإِذَا امْرَأَةٌ مُنَكِّسَةٌ رَأْسَهَا، فَلَمَّا كَلَّمَهَا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَالَتْ: أعُوذُ باللَّهِ مِنْكَ، فَقَالَ: قدْ أعَذْتُكِ مِنِّي. فَقالوا لَهَا: أتَدْرِينَ مَن هذا؟ قَالَتْ: لَا، قالوا: هذا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جَاءَ لِيَخْطُبَكِ، قَالَتْ: كُنْتُ أنَا أشْقَى مِن ذلكَ، فأقْبَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَومَئذٍ حتَّى جَلَسَ في سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ هو وأَصْحَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: اسْقِنَا يا سَهْلُ. فَخَرَجْتُ لهمْ بهذا القَدَحِ فأسْقَيْتُهُمْ فِيهِ، فأخْرَجَ لَنَا سَهْلٌ ذلكَ القَدَحَ فَشَرِبْنَا منه. قَالَ: ثُمَّ اسْتَوْهَبَهُ عُمَرُ بنُ عبدِ العَزِيزِ بَعْدَ ذلكَ فَوَهَبَهُ له.

39 -  لَمَّا كانَ ابنُ زِيَادٍ ومَرْوَانُ بالشَّأْمِ، ووَثَبَ ابنُ الزُّبَيْرِ بمَكَّةَ، ووَثَبَ القُرَّاءُ بالبَصْرَةِ، فَانْطَلَقْتُ مع أبِي إلى أبِي بَرْزَةَ الأسْلَمِيِّ، حتَّى دَخَلْنَا عليه في دَارِهِ وهو جَالِسٌ في ظِلِّ عُلِّيَّةٍ له مِن قَصَبٍ، فَجَلَسْنَا إلَيْهِ، فأنْشَأَ أبِي يَسْتَطْعِمُهُ الحَدِيثَ؛ فَقالَ: يا أبَا بَرْزَةَ، ألَا تَرَى ما وقَعَ فيه النَّاسُ؟ فأوَّلُ شَيءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بهِ: إنِّي احْتَسَبْتُ عِنْدَ اللَّهِ أنِّي أصْبَحْتُ سَاخِطًا علَى أحْيَاءِ قُرَيْشٍ، إنَّكُمْ -يا مَعْشَرَ العَرَبِ- كُنْتُمْ علَى الحَالِ الذي عَلِمْتُمْ مِنَ الذِّلَّةِ والقِلَّةِ والضَّلَالَةِ، وإنَّ اللَّهَ أنْقَذَكُمْ بالإِسْلَامِ وبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتَّى بَلَغَ بكُمْ ما تَرَوْنَ، وهذِه الدُّنْيَا الَّتي أفْسَدَتْ بيْنَكُمْ، إنَّ ذَاكَ الذي بالشَّأْمِ، واللَّهِ إنْ يُقَاتِلُ إلَّا علَى الدُّنْيَا، وإنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بيْنَ أظْهُرِكُمْ، واللَّهِ إنْ يُقَاتِلُونَ إلَّا علَى الدُّنْيَا، وإنْ ذَاكَ الذي بمَكَّةَ، واللَّهِ إنْ يُقَاتِلُ إلَّا علَى الدُّنْيَا.

40 - أنَّ ولِيدَةً كَانَتْ سَوْدَاءَ لِحَيٍّ مِنَ العَرَبِ، فأعْتَقُوهَا، فَكَانَتْ معهُمْ، قالَتْ: فَخَرَجَتْ صَبِيَّةٌ لهمْ عَلَيْهَا وِشَاحٌ أحْمَرُ مِن سُيُورٍ، قالَتْ: فَوَضَعَتْهُ - أوْ وقَعَ منها - فَمَرَّتْ به حُدَيَّاةٌ وهو مُلْقًى، فَحَسِبَتْهُ لَحْمًا فَخَطِفَتْهُ، قالَتْ: فَالْتَمَسُوهُ، فَلَمْ يَجِدُوهُ، قالَتْ: فَاتَّهَمُونِي به، قالَتْ: فَطَفِقُوا يُفَتِّشُونَ حتَّى فَتَّشُوا قُبُلَهَا، قالَتْ: واللَّهِ إنِّي لَقَائِمَةٌ معهُمْ، إذْ مَرَّتِ الحُدَيَّاةُ فألْقَتْهُ، قالَتْ: فَوَقَعَ بيْنَهُمْ، قالَتْ: فَقُلتُ هذا الذي اتَّهَمْتُمُونِي به، زَعَمْتُمْ وأَنَا منه بَرِيئَةٌ، وهو ذَا هُوَ، قالَتْ: فَجَاءَتْ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأسْلَمَتْ، قالَتْ عَائِشَةُ: فَكانَ لَهَا خِبَاءٌ في المَسْجِدِ - أوْ حِفْشٌ - قالَتْ: فَكَانَتْ تَأْتِينِي فَتَحَدَّثُ عِندِي، قالَتْ: فلا تَجْلِسُ عِندِي مَجْلِسًا، إلَّا قالَتْ: وَيَومَ الوِشَاحِ مِن أعَاجِيبِ رَبِّنَا... ألَا إنَّه مِن بَلْدَةِ الكُفْرِ أنْجَانِي قالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلتُ لَهَا ما شَأْنُكِ، لا تَقْعُدِينَ مَعِي مَقْعَدًا إلَّا قُلْتِ هذا؟ قالَتْ: فَحَدَّثَتْنِي بهذا الحَديثِ.

41 -  عَنْ جَرِيرٍ، قالَ: كُنْتُ باليَمَنِ، فَلَقِيتُ رَجُلَيْنِ مِن أهْلِ اليَمَنِ: ذَا كَلَاعٍ وذَا عَمْرٍو، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمْ عن رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ له ذُو عَمْرٍو: لَئِنْ كانَ الذي تَذْكُرُ مِن أمْرِ صَاحِبِكَ، لقَدْ مَرَّ علَى أجَلِهِ مُنْذُ ثَلَاثٍ، وأَقْبَلَا مَعِي، حتَّى إذَا كُنَّا في بَعْضِ الطَّرِيقِ، رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِن قِبَلِ المَدِينَةِ، فَسَأَلْنَاهُمْ، فَقالوا: قُبِضَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، واسْتُخْلِفَ أبو بَكْرٍ، والنَّاسُ صَالِحُونَ، فَقالَا: أخْبِرْ صَاحِبَكَ أنَّا قدْ جِئْنَا، ولَعَلَّنَا سَنَعُودُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، ورَجَعَا إلى اليَمَنِ، فأخْبَرْتُ أبَا بَكْرٍ بحَديثِهِمْ، قالَ: أفلا جِئْتَ بهِمْ، فَلَمَّا كانَ بَعْدُ قالَ لي ذُو عَمْرٍو: يا جَرِيرُ، إنَّ بكَ عَلَيَّ كَرَامَةً، وإنِّي مُخْبِرُكَ خَبَرًا: إنَّكُمْ مَعْشَرَ العَرَبِ، لَنْ تَزَالُوا بخَيْرٍ ما كُنْتُمْ إذَا هَلَكَ أمِيرٌ تَأَمَّرْتُمْ في آخَرَ ، فَإِذَا كَانَتْ بالسَّيْفِ كَانُوا مُلُوكًا؛ يَغْضَبُونَ غَضَبَ المُلُوكِ، ويَرْضَوْنَ رِضَا المُلُوكِ.

42 -  عَنْ أيُّوبَ، عن أبِي قِلابَةَ، عن عَمْرِو بنِ سَلِمَةَ، قالَ: قالَ لي أبو قِلابَةَ: ألَا تَلْقاهُ فَتَسْأَلَهُ؟ قالَ: فَلَقِيتُهُ فَسَأَلْتُهُ، فقالَ: كُنَّا بماءٍ مَمَرَّ النَّاسِ، وكانَ يَمُرُّ بنا الرُّكْبانُ فَنَسْأَلُهُمْ: ما لِلنَّاسِ؟ ما لِلنَّاسِ؟ ما هذا الرَّجُلُ؟ فيَقولونَ: يَزْعُمُ أنَّ اللَّهَ أرْسَلَهُ، أوْحَى إلَيْهِ -أوْ أوْحَى اللَّهُ بكَذا- فَكُنْتُ أحْفَظُ ذلكَ الكَلامَ، وكَأنَّما يُغْرَى في صَدْرِي، وكانَتِ العَرَبُ تَلَوَّمُ بإسْلامِهِمُ الفَتْحَ، فيَقولونَ: اتْرُكُوهُ وقَوْمَهُ؛ فإنَّه إنْ ظَهَرَ عليهم فَهو نَبِيٌّ صادِقٌ، فَلَمَّا كانَتْ وقْعَةُ أهْلِ الفَتْحِ، بادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بإسْلامِهِمْ، وبَدَرَ أبِي قَوْمِي بإسْلامِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قالَ: جِئْتُكُمْ واللَّهِ مِن عِندِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَقًّا، فقالَ: صَلُّوا صَلاةَ كَذا في حِينِ كَذا، وصَلُّوا صَلاةَ كَذا في حِينِ كَذا، فإذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أحَدُكُمْ، ولْيَؤُمَّكُمْ أكْثَرُكُمْ قُرْآنًا. فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أحَدٌ أكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي؛ لِما كُنْتُ أتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبانِ، فَقَدَّمُونِي بيْنَ أيْدِيهِمْ وأنا ابنُ سِتٍّ أوْ سَبْعِ سِنِينَ، وكانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ ، كُنْتُ إذا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي، فَقالتِ امْرَأَةٌ مِنَ الحَيِّ: ألَا تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قارِئِكُمْ؟ فاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لي قَمِيصًا، فَما فَرِحْتُ بشَيءٍ فَرَحِي بذلكَ القَمِيصِ.

43 - أنَّ رَهْطًا مِن أصْحَابِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ انْطَلَقُوا في سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حتَّى نَزَلُوا بحَيٍّ مِن أحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فأبَوْا أنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذلكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا له بكُلِّ شيءٍ لا يَنْفَعُهُ شيءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لو أتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ قدْ نَزَلُوا بكُمْ، لَعَلَّهُ أنْ يَكونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شيءٌ، فأتَوْهُمْ فَقالوا: يا أيُّها الرَّهْطُ، إنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، فَسَعَيْنَا له بكُلِّ شيءٍ لا يَنْفَعُهُ شيءٌ، فَهلْ عِنْدَ أحَدٍ مِنكُم شيءٌ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، واللَّهِ إنِّي لَرَاقٍ، ولَكِنْ واللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَما أنَا برَاقٍ لَكُمْ حتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا ، فَصَالَحُوهُمْ علَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ فَجَعَلَ يَتْفُلُ ويَقْرَأُ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ حتَّى لَكَأنَّما نُشِطَ مِن عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي ما به قَلَبَةٌ ، قَالَ: فأوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الذي صَالَحُوهُمْ عليه، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقَالَ الذي رَقَى: لا تَفْعَلُوا حتَّى نَأْتِيَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَنَذْكُرَ له الذي كَانَ، فَنَنْظُرَ ما يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرُوا له، فَقَالَ: وما يُدْرِيكَ أنَّهَا رُقْيَةٌ؟ أصَبْتُمْ، اقْسِمُوا واضْرِبُوا لي معكُمْ بسَهْمٍ.

44 - انْطَلَقَ نَفَرٌ مِن أَصْحَابِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حتَّى نَزَلُوا علَى حَيٍّ مِن أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فأبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذلكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا له بكُلِّ شَيءٍ، لا يَنْفَعُهُ شَيءٌ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: لو أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا؛ لَعَلَّهُ أَنْ يَكونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيءٌ، فأتَوْهُمْ، فَقالوا: يا أَيُّهَا الرَّهْطُ، إنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا له بكُلِّ شَيءٍ، لا يَنْفَعُهُ؛ فَهلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنكُم مِن شَيءٍ؟ فَقالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَما أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا ، فَصَالَحُوهُمْ علَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عليه، وَيَقْرَأُ: (الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ)، فَكَأنَّما نُشِطَ مِن عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَما به قَلَبَةٌ، قالَ: فأوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذي صَالَحُوهُمْ عليه، فَقالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقالَ الَّذي رَقَى: لا تَفْعَلُوا حتَّى نَأْتِيَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَنَذْكُرَ له الَّذي كَانَ، فَنَنْظُرَ ما يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرُوا له، فَقالَ: وَما يُدْرِيكَ أنَّهَا رُقْيَةٌ؟ ثُمَّ قالَ: قدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لي معكُمْ سَهْمًا. فَضَحِكَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

45 - بَعَثَ عُمَرُ النَّاسَ في أفْنَاءِ الأمْصَارِ يُقَاتِلُونَ المُشْرِكِينَ، فأسْلَمَ الهُرْمُزَانُ، فَقَالَ: إنِّي مُسْتَشِيرُكَ في مَغَازِيَّ هذِه، قَالَ: نَعَمْ، مَثَلُهَا ومَثَلُ مَن فِيهَا مِنَ النَّاسِ مِن عَدُوِّ المُسْلِمِينَ مَثَلُ طَائِرٍ له رَأْسٌ، وله جَنَاحَانِ، وله رِجْلَانِ، فإنْ كُسِرَ أحَدُ الجَنَاحَيْنِ نَهَضَتِ الرِّجْلَانِ بجَنَاحٍ والرَّأْسُ، فإنْ كُسِرَ الجَنَاحُ الآخَرُ نَهَضَتِ الرِّجْلَانِ والرَّأْسُ، وإنْ شُدِخَ الرَّأْسُ ذَهَبَتِ الرِّجْلَانِ والجَنَاحَانِ والرَّأْسُ؛ فَالرَّأْسُ كِسْرَى، والجَنَاحُ قَيْصَرُ ، والجَنَاحُ الآخَرُ فَارِسُ، فَمُرِ المُسْلِمِينَ، فَلْيَنْفِرُوا إلى كِسْرَى. قَالَ: فَنَدَبَنَا عُمَرُ، واسْتَعْمَلَ عَلَيْنَا النُّعْمَانَ بنَ مُقَرِّنٍ، حتَّى إذَا كُنَّا بأَرْضِ العَدُوِّ، وخَرَجَ عَلَيْنَا عَامِلُ كِسْرَى في أرْبَعِينَ ألْفًا، فَقَامَ تَرْجُمَانٌ ، فَقَالَ: لِيُكَلِّمْنِي رَجُلٌ مِنكُمْ. فَقَالَ المُغِيرَةُ: سَلْ عَمَّا شِئْتَ، قَالَ: ما أنتُمْ؟ قَالَ: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ العَرَبِ كُنَّا في شَقَاءٍ شَدِيدٍ وبَلَاءٍ شَدِيدٍ، نَمَصُّ الجِلْدَ والنَّوَى مِنَ الجُوعِ، ونَلْبَسُ الوَبَرَ والشَّعَرَ، ونَعْبُدُ الشَّجَرَ والحَجَرَ، فَبيْنَا نَحْنُ كَذلكَ إذْ بَعَثَ رَبُّ السَّمَوَاتِ ورَبُّ الأرَضِينَ -تَعَالَى ذِكْرُهُ وجَلَّتْ عَظَمَتُهُ- إلَيْنَا نَبِيًّا مِن أنْفُسِنَا نَعْرِفُ أبَاهُ وأُمَّهُ، فأمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسولُ رَبِّنَا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ نُقَاتِلَكُمْ حتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ، أوْ تُؤَدُّوا الجِزْيَةَ ، وأَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن رِسَالَةِ رَبِّنَا: أنَّه مَن قُتِلَ مِنَّا صَارَ إلى الجَنَّةِ في نَعِيمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا قَطُّ، ومَن بَقِيَ مِنَّا مَلَكَ رِقَابَكُمْ. فَقَالَ النُّعْمَانُ: رُبَّما أشْهَدَكَ اللَّهُ مِثْلَهَا مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمْ يُنَدِّمْكَ، ولَمْ يُخْزِكَ ، ولَكِنِّي شَهِدْتُ القِتَالَ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ كانَ إذَا لَمْ يُقَاتِلْ في أوَّلِ النَّهَارِ، انْتَظَرَ حتَّى تَهُبَّ الأرْوَاحُ، وتَحْضُرَ الصَّلَوَاتُ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : المغيرة بن شعبة والنعمان بن مقرن | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3159
التصنيف الموضوعي: إسلام - إظهار دين الإسلام على الأديان إسلام - فضل الإسلام إسلام - قتال الناس حتى يسلموا جزية - أخذ الجزية جهاد - فضل الشهيد
| أحاديث مشابهة | شرح الحديث

46 -  أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَقِيَ الزُّبَيْرَ في رَكْبٍ مِنَ المُسْلِمِينَ كانُوا تِجارًا قافِلِينَ مِنَ الشَّأْمِ، فَكَسا الزُّبَيْرُ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبا بَكْرٍ ثِيابَ بَياضٍ، وسَمِعَ المُسْلِمُونَ بالمَدِينَةِ مَخْرَجَ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن مَكَّةَ، فَكانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غَداةٍ إلى الحَرَّةِ، فَيَنْتَظِرُونَهُ حتَّى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الظَّهِيرَةِ، فانْقَلَبُوا يَوْمًا بَعْدَ ما أطالُوا انْتِظارَهُمْ، فَلَمَّا أوَوْا إلى بُيُوتِهِمْ، أوْفَى رَجُلٌ مِن يَهُودَ علَى أُطُمٍ مِن آطامِهِمْ لِأمْرٍ يَنْظُرُ إلَيْهِ، فَبَصُرَ برَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَصْحابِهِ مُبَيَّضِينَ يَزُولُ بهِمُ السَّرابُ، فَلَمْ يَمْلِكِ اليَهُودِيُّ أنْ قالَ بأَعْلَى صَوْتِهِ: يا مَعاشِرَ العَرَبِ، هذا جَدُّكُمُ الذي تَنْتَظِرُونَ، فَثارَ المُسْلِمُونَ إلى السِّلاحِ، فَتَلَقَّوْا رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بظَهْرِ الحَرَّةِ، فَعَدَلَ بهِمْ ذاتَ اليَمِينِ، حتَّى نَزَلَ بهِمْ في بَنِي عَمْرِو بنِ عَوْفٍ، وذلكَ يَومَ الِاثْنَيْنِ مِن شَهْرِ رَبِيعٍ الأوَّلِ، فَقامَ أبو بَكْرٍ لِلنَّاسِ، وجَلَسَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صامِتًا، فَطَفِقَ مَن جاءَ مِنَ الأنْصارِ -مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُحَيِّي أبا بَكْرٍ، حتَّى أصابَتِ الشَّمْسُ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأقْبَلَ أبو بَكْرٍ حتَّى ظَلَّلَ عليه برِدائِهِ، فَعَرَفَ النَّاسُ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عِنْدَ ذلكَ، فَلَبِثَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بَنِي عَمْرِو بنِ عَوْفٍ بضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وأُسِّسَ المَسْجِدُ الذي أُسِّسَ علَى التَّقْوَى، وصَلَّى فيه رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ رَكِبَ راحِلَتَهُ ، فَسارَ يَمْشِي معهُ النَّاسُ حتَّى بَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمَدِينَةِ، وهو يُصَلِّي فيه يَومَئذٍ رِجالٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، وكانَ مِرْبَدًا لِلتَّمْرِ لِسُهَيْلٍ وسَهْلٍ؛ غُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ في حَجْرِ أسْعَدَ بنِ زُرارَةَ، فقالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ بَرَكَتْ به راحِلَتُهُ: هذا -إنْ شاءَ اللَّهُ- المَنْزِلُ. ثُمَّ دَعا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الغُلامَيْنِ فَساوَمَهُما بالمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا، فَقالا: لا، بَلْ نَهَبُهُ لكَ يا رَسولَ اللَّهِ، فأبَى رَسولُ اللَّهِ أنْ يَقْبَلَهُ منهما هِبَةً حتَّى ابْتاعَهُ منهما، ثُمَّ بَناهُ مَسْجِدًا، وطَفِقَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَنْقُلُ معهُمُ اللَّبِنَ في بُنْيانِهِ، ويقولُ وهو يَنْقُلُ اللَّبِنَ: هذا الحِمالُ لا حِمالَ خَيْبَرْ *** هذا أبَرُّ رَبَّنا وأَطْهَرْ ويقولُ: اللَّهُمَّ إنَّ الأجْرَ أجْرُ الآخِرَهْ *** فارْحَمِ الأنْصارَ والمُهاجِرَهْ فَتَمَثَّلَ بشِعْرِ رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ.

47 -  أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَاتَ وأَبُو بَكْرٍ بالسُّنْحِ، -قَالَ إسْمَاعِيلُ: يَعْنِي بالعَالِيَةِ- فَقَامَ عُمَرُ يقولُ: واللَّهِ ما مَاتَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَتْ: وقَالَ عُمَرُ: واللَّهِ ما كانَ يَقَعُ في نَفْسِي إلَّا ذَاكَ، ولَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ، فَلَيَقْطَعَنَّ أيْدِيَ رِجَالٍ وأَرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أبو بَكْرٍ فَكَشَفَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَبَّلَهُ، قَالَ: بأَبِي أنْتَ وأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا ومَيِّتًا، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يُذِيقُكَ اللَّهُ المَوْتَتَيْنِ أبَدًا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أيُّها الحَالِفُ، علَى رِسْلِكَ ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أبو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ، فَحَمِدَ اللَّهَ أبو بَكْرٍ وأَثْنَى عليه، وقَالَ: ألا مَن كانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فإنَّ مُحَمَّدًا قدْ مَاتَ، ومَن كانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فإنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، وقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]، وقَالَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]، قَالَ: فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ، قَالَ: واجْتَمعتِ الأنْصَارُ إلى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ في سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَقالوا: مِنَّا أمِيرٌ ومِنكُم أمِيرٌ، فَذَهَبَ إليهِم أبو بَكْرٍ، وعُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، وأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فأسْكَتَهُ أبو بَكْرٍ، وكانَ عُمَرُ يقولُ: واللَّهِ ما أرَدْتُ بذلكَ إلَّا أنِّي قدْ هَيَّأْتُ كَلَامًا قدْ أعْجَبَنِي، خَشِيتُ ألَّا يَبْلُغَهُ أبو بَكْرٍ، ثُمَّ تَكَلَّمَ أبو بَكْرٍ، فَتَكَلَّمَ أبْلَغَ النَّاسِ، فَقَالَ في كَلَامِهِ: نَحْنُ الأُمَرَاءُ وأَنْتُمُ الوُزَرَاءُ، فَقَالَ حُبَابُ بنُ المُنْذِرِ: لا واللَّهِ لا نَفْعَلُ، مِنَّا أمِيرٌ، ومِنكُم أمِيرٌ، فَقَالَ أبو بَكْرٍ: لَا، ولَكِنَّا الأُمَرَاءُ، وأَنْتُمُ الوُزَرَاءُ، هُمْ أوْسَطُ العَرَبِ دَارًا، وأَعْرَبُهُمْ أحْسَابًا، فَبَايِعُوا عُمَرَ، أوْ أبَا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ، فَقَالَ عُمَرُ: بَلْ نُبَايِعُكَ أنْتَ؛ فأنْتَ سَيِّدُنَا، وخَيْرُنَا، وأَحَبُّنَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخَذَ عُمَرُ بيَدِهِ فَبَايَعَهُ، وبَايَعَهُ النَّاسُ، فَقَالَ قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ، فَقَالَ عُمَرُ: قَتَلَهُ اللَّهُ. وقَالَ عبدُ اللَّهِ بنُ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، قَالَ: عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ، أخْبَرَنِي القَاسِمُ، أنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: شَخَصَ بَصَرُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: في الرَّفِيقِ الأعْلَى ، ثَلَاثًا، وقَصَّ الحَدِيثَ. قَالَتْ: فَما كَانَتْ مِن خُطْبَتِهِما مِن خُطْبَةٍ إلَّا نَفَعَ اللَّهُ بهَا، لقَدْ خَوَّفَ عُمَرُ النَّاسَ، وإنَّ فيهم لَنِفَاقًا، فَرَدَّهُمُ اللَّهُ بذلكَ، ثُمَّ لقَدْ بَصَّرَ أبو بَكْرٍ النَّاسَ الهُدَى، وعَرَّفَهُمُ الحَقَّ الذي عليهم، وخَرَجُوا به يَتْلُونَ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إلى {الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144].

48 - لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إلَّا وَهُما يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إلَّا يَأْتِينَا فيه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَرَفَيِ النَّهَارِ: بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المُسْلِمُونَ، خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ الحَبَشَةِ، حتَّى إذَا بَلَغَ بَرْكَ الغِمَادِ لَقِيَهُ ابنُ الدَّغِنَةِ، وَهو سَيِّدُ القَارَةِ ، فَقالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي، فأنَا أُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ في الأرْضِ، فأعْبُدَ رَبِّي، قالَ ابنُ الدَّغِنَةِ: إنَّ مِثْلَكَ لا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ؛ فإنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ، وَأَنَا لكَ جَارٌ، فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ ببِلَادِكَ، فَارْتَحَلَ ابنُ الدَّغِنَةِ، فَرَجَعَ مع أَبِي بَكْرٍ، فَطَافَ في أَشْرَافِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَقالَ لهمْ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ لا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ المَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الكَلَّ ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ؟! فأنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَآمَنُوا أَبَا بَكْرٍ، وَقالوا لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ، فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ في دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ، وَلْيَقْرَأْ ما شَاءَ، وَلَا يُؤْذِينَا بذلكَ، وَلَا يَسْتَعْلِنْ به؛ فإنَّا قدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، قالَ ذلكَ ابنُ الدَّغِنَةِ لأبِي بَكْرٍ، فَطَفِقَ أَبُو بَكْرٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ في دَارِهِ، وَلَا يَسْتَعْلِنُ بالصَّلَاةِ، وَلَا القِرَاءَةِ في غيرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لأبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بفِنَاءِ دَارِهِ وَبَرَزَ، فَكانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَيَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَتَقَصَّفُ عليه نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ وَيَنْظُرُونَ إلَيْهِ، وَكانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً ، لا يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ القُرْآنَ، فأفْزَعَ ذلكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، فأرْسَلُوا إلى ابْنِ الدَّغِنَةِ، فَقَدِمَ عليهم فَقالوا له: إنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ علَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دَارِهِ، وإنَّه جَاوَزَ ذلكَ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بفِنَاءِ دَارِهِ، وَأَعْلَنَ الصَّلَاةَ وَالقِرَاءَةَ، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، فَأْتِهِ، فإنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ علَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دَارِهِ فَعَلَ، وإنْ أَبَى إلَّا أَنْ يُعْلِنَ ذلكَ، فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إلَيْكَ ذِمَّتَكَ ؛ فإنَّا كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لأبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ، قالَتْ عَائِشَةُ: فأتَى ابنُ الدَّغِنَةِ أَبَا بَكْرٍ، فَقالَ: قدْ عَلِمْتَ الَّذي عَقَدْتُ لكَ عليه، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ علَى ذلكَ، وإمَّا أَنْ تَرُدَّ إلَيَّ ذِمَّتِي؛ فإنِّي لا أُحِبُّ أَنْ تَسْمعَ العَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ في رَجُلٍ عَقَدْتُ له، قالَ أَبُو بَكْرٍ: إنِّي أَرُدُّ إلَيْكَ جِوَارَكَ، وَأَرْضَى بجِوَارِ اللَّهِ . وَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَئذٍ بمَكَّةَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ؛ رَأَيْتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بيْنَ لَابَتَيْنِ». وَهُما الحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَن هَاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذلكَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وَرَجَعَ إلى المَدِينَةِ بَعْضُ مَن كانَ هَاجَرَ إلى أَرْضِ الحَبَشَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، فَقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «عَلَى رِسْلِكَ ؛ فإنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي»، قالَ أَبُو بَكْرٍ: هلْ تَرْجُو ذلكَ بأَبِي أَنْتَ؟ قالَ: «نَعَمْ»، فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح] [قوله: وقال أبو صالح... معلق]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2297
التصنيف الموضوعي: بر وصلة - فضل صلة الرحم صلاة - البكاء في الصلاة مغازي - الهجرة إلى الحبشة مغازي - هجرة النبي إلى المدينة مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق
| أحاديث مشابهة | شرح الحديث

49 - أنَّ عُمَرَ بنَ عبدِ العَزِيزِ أبْرَزَ سَرِيرَهُ يَوْمًا لِلنَّاسِ، ثُمَّ أذِنَ لهمْ فَدَخَلُوا، فَقالَ: ما تَقُولونَ في القَسَامَةِ؟ قالَ: نَقُولُ: القَسَامَةُ القَوَدُ بهَا حَقٌّ، وقدْ أقَادَتْ بهَا الخُلَفَاءُ. قالَ لِي: ما تَقُولُ يا أبَا قِلَابَةَ؟ ونَصَبَنِي لِلنَّاسِ ، فَقُلتُ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، عِنْدَكَ رُؤُوسُ الأجْنَادِ وأَشْرَافُ العَرَبِ، أرَأَيْتَ لو أنَّ خَمْسِينَ منهمْ شَهِدُوا علَى رَجُلٍ مُحْصَنٍ بدِمَشْقَ أنَّه قدْ زَنَى، لَمْ يَرَوْهُ، أكُنْتَ تَرْجُمُهُ؟ قالَ: لَا. قُلتُ: أرَأَيْتَ لو أنَّ خَمْسِينَ منهمْ شَهِدُوا علَى رَجُلٍ بحِمْصَ أنَّه سَرَقَ، أكُنْتَ تَقْطَعُهُ ولَمْ يَرَوْهُ؟ قالَ: لَا، قُلتُ: فَوَاللَّهِ ما قَتَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحَدًا قَطُّ إلَّا في إحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: رَجُلٌ قَتَلَ بجَرِيرَةِ نَفْسِهِ فَقُتِلَ، أوْ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إحْصَانٍ ، أوْ رَجُلٌ حَارَبَ اللَّهَ ورَسولَهُ، وارْتَدَّ عَنِ الإسْلَامِ. فَقالَ القَوْمُ: أوَليسَ قدْ حَدَّثَ أنَسُ بنُ مَالِكٍ: أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَطَعَ في السَّرَقِ، وسَمَرَ الأعْيُنَ، ثُمَّ نَبَذَهُمْ في الشَّمْسِ؟ فَقُلتُ: أنَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثَ أنَسٍ: حدَّثَني أنَسٌ: أنَّ نَفَرًا مِن عُكْلٍ ثَمَانِيَةً، قَدِمُوا علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَبَايَعُوهُ علَى الإسْلَامِ، فَاسْتَوْخَمُوا الأرْضَ فَسَقِمَتْ أجْسَامُهُمْ، فَشَكَوْا ذلكَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: أفلا تَخْرُجُونَ مع رَاعِينَا في إبِلِهِ، فَتُصِيبُونَ مِن ألْبَانِهَا وأَبْوَالِهَا؟ قالوا: بَلَى، فَخَرَجُوا فَشَرِبُوا مِن ألْبَانِهَا وأَبْوَالِهَا، فَصَحُّوا، فَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَطْرَدُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ ذلكَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأرْسَلَ في آثَارِهِمْ ، فَأُدْرِكُوا فَجِيءَ بهِمْ، فأمَرَ بهِمْ فَقُطِّعَتْ أيْدِيهِمْ وأَرْجُلُهُمْ، وسَمَرَ أعْيُنَهُمْ، ثُمَّ نَبَذَهُمْ في الشَّمْسِ حتَّى مَاتُوا. قُلتُ: وأَيُّ شَيْءٍ أشَدُّ ممَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ؟! ارْتَدُّوا عَنِ الإسْلَامِ، وقَتَلُوا وسَرَقُوا. فَقالَ عَنْبَسَةُ بنُ سَعِيدٍ: واللَّهِ إنْ سَمِعْتُ كَاليَومِ قَطُّ. فَقُلتُ: أتَرُدُّ عَلَيَّ حَديثِي يا عَنْبَسَةُ؟! قالَ: لَا، ولَكِنْ جِئْتَ بالحَديثِ علَى وجْهِهِ، واللَّهِ لا يَزَالُ هذا الجُنْدُ بخَيْرٍ ما عَاشَ هذا الشَّيْخُ بيْنَ أظْهُرِهِمْ. قُلتُ: وقدْ كانَ في هذا سُنَّةٌ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ دَخَلَ عليه نَفَرٌ مِنَ الأنْصَارِ، فَتَحَدَّثُوا عِنْدَهُ، فَخَرَجَ رَجُلٌ منهمْ بيْنَ أيْدِيهِمْ فَقُتِلَ، فَخَرَجُوا بَعْدَهُ، فَإِذَا هُمْ بصَاحِبِهِمْ يَتَشَحَّطُ في الدَّمِ، فَرَجَعُوا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، صَاحِبُنَا كانَ تَحَدَّثَ معنَا، فَخَرَجَ بيْنَ أيْدِينَا، فَإِذَا نَحْنُ به يَتَشَحَّطُ في الدَّمِ، فَخَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: بمَن تَظُنُّونَ -أوْ مَن تَرَوْنَ- قَتَلَهُ؟ قالوا: نَرَى أنَّ اليَهُودَ قَتَلَتْهُ، فأرْسَلَ إلى اليَهُودِ فَدَعَاهُمْ، فَقالَ: آنْتُمْ قَتَلْتُمْ هذا؟ قالوا: لَا، قالَ: أتَرْضَوْنَ نَفَلَ خَمْسِينَ مِنَ اليَهُودِ ما قَتَلُوهُ؟ فَقالوا: ما يُبَالُونَ أنْ يَقْتُلُونَا أجْمَعِينَ، ثُمَّ يَنْتَفِلُونَ، قالَ: أفَتَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ بأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنكُم؟ قالوا: ما كُنَّا لِنَحْلِفَ، فَوَدَاهُ مِن عِندِهِ. قُلتُ: وقدْ كَانَتْ هُذَيْلٌ خَلَعُوا خَلِيعًا لهمْ في الجَاهِلِيَّةِ، فَطَرَقَ أهْلَ بَيْتٍ مِنَ اليَمَنِ بالبَطْحَاءِ، فَانْتَبَهَ له رَجُلٌ منهمْ، فَحَذَفَهُ بالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ، فَجَاءَتْ هُذَيْلٌ، فأخَذُوا اليَمَانِيَ فَرَفَعُوهُ إلى عُمَرَ بالمَوْسِمِ، وقالوا: قَتَلَ صَاحِبَنَا، فَقالَ: إنَّهُمْ قدْ خَلَعُوهُ، فَقالَ: يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِن هُذَيْلٍ ما خَلَعُوهُ، قالَ: فأقْسَمَ منهمْ تِسْعَةٌ وأَرْبَعُونَ رَجُلًا، وقَدِمَ رَجُلٌ منهمْ مِنَ الشَّأْمِ، فَسَأَلُوهُ أنْ يُقْسِمَ، فَافْتَدَى يَمِينَهُ منهمْ بأَلْفِ دِرْهَمٍ، فأدْخَلُوا مَكَانَهُ رَجُلًا آخَرَ، فَدَفَعَهُ إلى أخِي المَقْتُولِ، فَقُرِنَتْ يَدُهُ بيَدِهِ، قالوا: فَانْطَلَقَا والخَمْسُونَ الَّذِينَ أقْسَمُوا، حتَّى إذَا كَانُوا بنَخْلَةَ، أخَذَتْهُمُ السَّمَاءُ، فَدَخَلُوا في غَارٍ في الجَبَلِ، فَانْهَجَمَ الغَارُ علَى الخَمْسِينَ الَّذِينَ أقْسَمُوا فَمَاتُوا جَمِيعًا، وأَفْلَتَ القَرِينَانِ، واتَّبَعَهُما حَجَرٌ فَكَسَرَ رِجْلَ أخِي المَقْتُولِ، فَعَاشَ حَوْلًا ثُمَّ مَاتَ. قُلتُ: وقدْ كانَ عبدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ أقَادَ رَجُلًا بالقَسَامَةِ ، ثُمَّ نَدِمَ بَعْدَ ما صَنَعَ، فأمَرَ بالخَمْسِينَ الَّذِينَ أقْسَمُوا، فَمُحُوا مِنَ الدِّيوَانِ، وسَيَّرَهُمْ إلى الشَّأْمِ.

50 - لَمْ أعْقِلْ أبَوَيَّ قَطُّ، إلَّا وهُما يَدِينانِ الدِّينَ، ولَمْ يَمُرَّ عليْنا يَوْمٌ إلَّا يَأْتِينا فيه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَرَفَيِ النَّهارِ ، بُكْرَةً وعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المُسْلِمُونَ خَرَجَ أبو بَكْرٍ مُهاجِرًا نَحْوَ أرْضِ الحَبَشَةِ، حتَّى إذا بَلَغَ بَرْكَ الغِمادِ لَقِيَهُ ابنُ الدَّغِنَةِ وهو سَيِّدُ القارَةِ ، فقالَ: أيْنَ تُرِيدُ يا أبا بَكْرٍ؟ فقالَ أبو بَكْرٍ: أخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأُرِيدُ أنْ أسِيحَ في الأرْضِ وأَعْبُدَ رَبِّي، قالَ ابنُ الدَّغِنَةِ: فإنَّ مِثْلَكَ يا أبا بَكْرٍ لا يَخْرُجُ ولا يُخْرَجُ، إنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ وتَصِلُ الرَّحِمَ ، وتَحْمِلُ الكَلَّ وتَقْرِي الضَّيْفَ وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ، فأنا لكَ جارٌ ارْجِعْ واعْبُدْ رَبَّكَ ببَلَدِكَ، فَرَجَعَ وارْتَحَلَ معهُ ابنُ الدَّغِنَةِ، فَطافَ ابنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً في أشْرافِ قُرَيْشٍ، فقالَ لهمْ: إنَّ أبا بَكْرٍ لا يَخْرُجُ مِثْلُهُ ولا يُخْرَجُ، أتُخْرِجُونَ رَجُلًا يَكْسِبُ المَعْدُومَ ويَصِلُ الرَّحِمَ، ويَحْمِلُ الكَلَّ ويَقْرِي الضَّيْفَ، ويُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ، فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بجِوارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وقالوا: لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أبا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ في دارِهِ، فَلْيُصَلِّ فيها ولْيَقْرَأْ ما شاءَ، ولا يُؤْذِينا بذلكَ ولا يَسْتَعْلِنْ به، فإنَّا نَخْشَى أنْ يَفْتِنَ نِساءَنا وأَبْناءَنا، فقالَ ذلكَ ابنُ الدَّغِنَةِ لأبِي بَكْرٍ، فَلَبِثَ أبو بَكْرٍ بذلكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ في دارِهِ، ولا يَسْتَعْلِنُ بصَلاتِهِ ولا يَقْرَأُ في غيرِ دارِهِ، ثُمَّ بَدا لأبِي بَكْرٍ، فابْتَنَى مَسْجِدًا بفِناءِ دارِهِ، وكانَ يُصَلِّي فِيهِ، ويَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَنْقَذِفُ عليه نِساءُ المُشْرِكِينَ وأَبْناؤُهُمْ، وهُمْ يَعْجَبُونَ منه ويَنْظُرُونَ إلَيْهِ، وكانَ أبو بَكْرٍ رَجُلًا بَكّاءً ، لا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إذا قَرَأَ القُرْآنَ، وأَفْزَعَ ذلكَ أشْرافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، فأرْسَلُوا إلى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عليهم، فقالوا: إنَّا كُنَّا أجَرْنا أبا بَكْرٍ بجِوارِكَ، علَى أنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دارِهِ، فقَدْ جاوَزَ ذلكَ، فابْتَنَى مَسْجِدًا بفِناءِ دارِهِ، فأعْلَنَ بالصَّلاةِ والقِراءَةِ فِيهِ، وإنَّا قدْ خَشِينا أنْ يَفْتِنَ نِساءَنا وأَبْناءَنا، فانْهَهُ، فإنْ أحَبَّ أنْ يَقْتَصِرَ علَى أنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دارِهِ فَعَلَ، وإنْ أبَى إلَّا أنْ يُعْلِنَ بذلكَ، فَسَلْهُ أنْ يَرُدَّ إلَيْكَ ذِمَّتَكَ ، فإنَّا قدْ كَرِهْنا أنْ نُخْفِرَكَ ، ولَسْنا مُقِرِّينَ لأبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلانَ، قالَتْ عائِشَةُ: فأتَى ابنُ الدَّغِنَةِ إلى أبِي بَكْرٍ فقالَ: قدْ عَلِمْتَ الذي عاقَدْتُ لكَ عليه، فَإِمَّا أنْ تَقْتَصِرَ علَى ذلكَ، وإمَّا أنْ تَرْجِعَ إلَيَّ ذِمَّتِي، فإنِّي لا أُحِبُّ أنْ تَسْمع العَرَبُ أنِّي أُخْفِرْتُ في رَجُلٍ عَقَدْتُ له، فقالَ أبو بَكْرٍ: فإنِّي أرُدُّ إلَيْكَ جِوارَكَ، وأَرْضَى بجِوارِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَئذٍ بمَكَّةَ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِلْمُسْلِمِينَ: إنِّي أُرِيتُ دارَ هِجْرَتِكُمْ، ذاتَ نَخْلٍ بيْنَ لابَتَيْنِ وهُما الحَرَّتانِ، فَهاجَرَ مَن هاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ، ورَجَعَ عامَّةُ مَن كانَ هاجَرَ بأَرْضِ الحَبَشَةِ إلى المَدِينَةِ، وتَجَهَّزَ أبو بَكْرٍ قِبَلَ المَدِينَةِ، فقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: علَى رِسْلِكَ ، فإنِّي أرْجُو أنْ يُؤْذَنَ لي فقالَ أبو بَكْرٍ: وهلْ تَرْجُو ذلكَ بأَبِي أنْتَ؟ قالَ: نَعَمْ فَحَبَسَ أبو بَكْرٍ نَفْسَهُ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيَصْحَبَهُ، وعَلَفَ راحِلَتَيْنِ كانَتا عِنْدَهُ ورَقَ السَّمُرِ وهو الخَبَطُ، أرْبَعَةَ أشْهُرٍ. قالَ ابنُ شِهابٍ، قالَ: عُرْوَةُ، قالَتْ عائِشَةُ: فَبيْنَما نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ في بَيْتِ أبِي بَكْرٍ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، قالَ قائِلٌ لأبِي بَكْرٍ: هذا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُتَقَنِّعًا، في ساعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينا فيها، فقالَ أبو بَكْرٍ: فِداءٌ له أبِي وأُمِّي، واللَّهِ ما جاءَ به في هذِه السَّاعَةِ إلَّا أمْرٌ، قالَتْ: فَجاءَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ له فَدَخَلَ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأبِي بَكْرٍ: أخْرِجْ مَن عِنْدَكَ. فقالَ أبو بَكْرٍ: إنَّما هُمْ أهْلُكَ، بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: فإنِّي قدْ أُذِنَ لي في الخُرُوجِ فقالَ أبو بَكْرٍ: الصَّحابَةُ بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نَعَمْ قالَ أبو بَكْرٍ: فَخُذْ - بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ - إحْدَى راحِلَتَيَّ هاتَيْنِ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بالثَّمَنِ. قالَتْ عائِشَةُ: فَجَهَّزْناهُما أحَثَّ الجِهازِ، وصَنَعْنا لهما سُفْرَةً في جِرابٍ ، فَقَطَعَتْ أسْماءُ بنْتُ أبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِن نِطاقِها، فَرَبَطَتْ به علَى فَمِ الجِرابِ، فَبِذلكَ سُمِّيَتْ ذاتَ النِّطاقَيْنِ قالَتْ: ثُمَّ لَحِقَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبُو بَكْرٍ بغارٍ في جَبَلِ ثَوْرٍ ، فَكَمَنا فيه ثَلاثَ لَيالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُما عبدُ اللَّهِ بنُ أبِي بَكْرٍ، وهو غُلامٌ شابٌّ، ثَقِفٌ لَقِنٌ ، فيُدْلِجُ مِن عِندِهِما بسَحَرٍ، فيُصْبِحُ مع قُرَيْشٍ بمَكَّةَ كَبائِتٍ، فلا يَسْمَعُ أمْرًا، يُكْتادانِ به إلَّا وعاهُ ، حتَّى يَأْتِيَهُما بخَبَرِ ذلكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلامُ، ويَرْعَى عليهما عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ، مَوْلَى أبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِن غَنَمٍ، فيُرِيحُها عليهما حِينَ تَذْهَبُ ساعَةٌ مِنَ العِشاءِ، فَيَبِيتانِ في رِسْلٍ، وهو لَبَنُ مِنْحَتِهِما ورَضِيفِهِما، حتَّى يَنْعِقَ بها عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ بغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذلكَ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن تِلكَ اللَّيالِي الثَّلاثِ، واسْتَأْجَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِن بَنِي الدِّيلِ، وهو مِن بَنِي عبدِ بنِ عَدِيٍّ، هادِيا خِرِّيتًا، والخِرِّيتُ الماهِرُ بالهِدايَةِ، قدْ غَمَسَ حِلْفًا في آلِ العاصِ بنِ وائِلٍ السَّهْمِيِّ، وهو علَى دِينِ كُفّارِ قُرَيْشٍ، فأمِناهُ فَدَفَعا إلَيْهِ راحِلَتَيْهِما، وواعَداهُ غارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاثِ لَيالٍ، براحِلَتَيْهِما صُبْحَ ثَلاثٍ، وانْطَلَقَ معهُما عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ، والدَّلِيلُ، فأخَذَ بهِمْ طَرِيقَ السَّواحِلِ،

51 - خَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ، حتَّى إذَا كَانُوا ببَعْضِ الطَّرِيقِ قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ بالغَمِيمِ في خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ ، فَخُذُوا ذَاتَ اليَمِينِ. فَوَاللَّهِ ما شَعَرَ بهِمْ خَالِدٌ حتَّى إذَا هُمْ بقَتَرَةِ الجَيْشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وسَارَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى إذَا كانَ بالثَّنِيَّةِ الَّتي يُهْبَطُ عليهم منها بَرَكَتْ به رَاحِلَتُهُ ، فَقالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ ، فألَحَّتْ ، فَقالوا: خَلَأَتِ القَصْوَاءُ ، خَلَأَتِ القَصْوَاءُ ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما خَلَأَتِ القَصْوَاءُ ، وما ذَاكَ لَهَا بخُلُقٍ، ولَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الفِيلِ ، ثُمَّ قالَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إلَّا أعْطَيْتُهُمْ إيَّاهَا، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ، قالَ: فَعَدَلَ عنْهمْ حتَّى نَزَلَ بأَقْصَى الحُدَيْبِيَةِ علَى ثَمَدٍ قَلِيلِ المَاءِ، يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ حتَّى نَزَحُوهُ، وشُكِيَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ العَطَشُ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِن كِنَانَتِهِ ، ثُمَّ أمَرَهُمْ أنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ، فَوَاللَّهِ ما زَالَ يَجِيشُ لهمْ بالرِّيِّ حتَّى صَدَرُوا عنْه، فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ إذْ جَاءَ بُدَيْلُ بنُ ورْقَاءَ الخُزَاعِيُّ في نَفَرٍ مِن قَوْمِهِ مِن خُزَاعَةَ، وكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أهْلِ تِهَامَةَ ، فَقالَ: إنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بنَ لُؤَيٍّ وعَامِرَ بنَ لُؤَيٍّ نَزَلُوا أعْدَادَ مِيَاهِ الحُدَيْبِيَةِ، ومعهُمُ العُوذُ المَطَافِيلُ ، وهُمْ مُقَاتِلُوكَ وصَادُّوكَ عَنِ البَيْتِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أحَدٍ، ولَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وإنَّ قُرَيْشًا قدْ نَهِكَتْهُمُ الحَرْبُ وأَضَرَّتْ بهِمْ، فإنْ شَاؤُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، ويُخَلُّوا بَيْنِي وبيْنَ النَّاسِ، فإنْ أظْهَرْ: فإنْ شَاؤُوا أنْ يَدْخُلُوا فِيما دَخَلَ فيه النَّاسُ فَعَلُوا، وإلَّا فقَدْ جَمُّوا ، وإنْ هُمْ أبَوْا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ علَى أمْرِي هذا حتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، ولَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أمْرَهُ، فَقالَ بُدَيْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ ما تَقُولُ. قالَ: فَانْطَلَقَ حتَّى أتَى قُرَيْشًا، قالَ: إنَّا قدْ جِئْنَاكُمْ مِن هذا الرَّجُلِ وسَمِعْنَاهُ يقولُ قَوْلًا، فإنْ شِئْتُمْ أنْ نَعْرِضَهُ علَيْكُم فَعَلْنَا، فَقالَ سُفَهَاؤُهُمْ: لا حَاجَةَ لَنَا أنْ تُخْبِرَنَا عنْه بشَيءٍ، وقالَ ذَوُو الرَّأْيِ منهمْ: هَاتِ ما سَمِعْتَهُ يقولُ، قالَ: سَمِعْتُهُ يقولُ كَذَا وكَذَا، فَحَدَّثَهُمْ بما قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَامَ عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ فَقالَ: أيْ قَوْمِ، ألَسْتُمْ بالوَالِدِ؟ قالوا: بَلَى، قالَ: أوَلَسْتُ بالوَلَدِ؟ قالوا: بَلَى، قالَ: فَهلْ تَتَّهِمُونِي؟ قالوا: لَا، قالَ: ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنِّي اسْتَنْفَرْتُ أهْلَ عُكَاظٍ ، فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَيَّ جِئْتُكُمْ بأَهْلِي ووَلَدِي ومَن أطَاعَنِي؟ قالوا: بَلَى، قالَ: فإنَّ هذا قدْ عَرَضَ لَكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، اقْبَلُوهَا ودَعُونِي آتِيهِ، قالوا: ائْتِهِ، فأتَاهُ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَحْوًا مِن قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ، فَقالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذلكَ: أيْ مُحَمَّدُ، أرَأَيْتَ إنِ اسْتَأْصَلْتَ أمْرَ قَوْمِكَ، هلْ سَمِعْتَ بأَحَدٍ مِنَ العَرَبِ اجْتَاحَ أهْلَهُ قَبْلَكَ؟ وإنْ تَكُنِ الأُخْرَى، فإنِّي واللَّهِ لَأَرَى وُجُوهًا، وإنِّي لَأَرَى أوْشَابًا مِنَ النَّاسِ خَلِيقًا أنْ يَفِرُّوا ويَدَعُوكَ، فَقالَ له أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: امْصُصْ ببَظْرِ اللَّاتِ ، أنَحْنُ نَفِرُّ عنْه ونَدَعُهُ؟! فَقالَ: مَن ذَا؟ قالوا: أبو بَكْرٍ، قالَ: أمَا والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لَوْلَا يَدٌ كَانَتْ لكَ عِندِي لَمْ أجْزِكَ بهَا لَأَجَبْتُكَ، قالَ: وجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَكُلَّما تَكَلَّمَ أخَذَ بلِحْيَتِهِ، والمُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ علَى رَأْسِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومعهُ السَّيْفُ وعليه المِغْفَرُ ، فَكُلَّما أهْوَى عُرْوَةُ بيَدِهِ إلى لِحْيَةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضَرَبَ يَدَهُ بنَعْلِ السَّيْفِ، وقالَ له: أخِّرْ يَدَكَ عن لِحْيَةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ، فَقالَ: مَن هذا؟ قالوا: المُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ، فَقالَ: أيْ غُدَرُ، ألَسْتُ أسْعَى في غَدْرَتِكَ؟! وكانَ المُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا في الجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ، وأَخَذَ أمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فأسْلَمَ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمَّا الإسْلَامَ فأقْبَلُ، وأَمَّا المَالَ فَلَسْتُ منه في شَيءٍ. ثُمَّ إنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أصْحَابَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَيْنَيْهِ، قالَ: فَوَاللَّهِ ما تَنَخَّمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نُخَامَةً إلَّا وقَعَتْ في كَفِّ رَجُلٍ منهمْ، فَدَلَكَ بهَا وجْهَهُ وجِلْدَهُ، وإذَا أمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أمْرَهُ، وإذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ علَى وَضُوئِهِ، وإذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وما يُحِدُّونَ إلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا له، فَرَجَعَ عُرْوَةُ إلى أصْحَابِهِ، فَقالَ: أيْ قَوْمِ، واللَّهِ لقَدْ وفَدْتُ علَى المُلُوكِ، ووَفَدْتُ علَى قَيْصَرَ ، وكِسْرَى، والنَّجَاشِيِّ، واللَّهِ إنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أصْحَابُهُ ما يُعَظِّمُ أصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُحَمَّدًا؛ واللَّهِ إنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إلَّا وقَعَتْ في كَفِّ رَجُلٍ منهمْ، فَدَلَكَ بهَا وجْهَهُ وجِلْدَهُ، وإذَا أمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أمْرَهُ، وإذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ علَى وَضُوئِهِ، وإذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وما يُحِدُّونَ إلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا له، وإنَّه قدْ عَرَضَ علَيْكُم خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا. فَقالَ رَجُلٌ مِن بَنِي كِنَانَةَ: دَعُونِي آتِيهِ، فَقالوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أشْرَفَ علَى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَصْحَابِهِ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هذا فُلَانٌ، وهو مِن قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ البُدْنَ ، فَابْعَثُوهَا له فَبُعِثَتْ له، واسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذلكَ قالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! ما يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أنْ يُصَدُّوا عَنِ البَيْتِ، فَلَمَّا رَجَعَ إلى أصْحَابِهِ، قالَ: رَأَيْتُ البُدْنَ قدْ قُلِّدَتْ وأُشْعِرَتْ، فَما أَرَى أنْ يُصَدُّوا عَنِ البَيْتِ. فَقَامَ رَجُلٌ منهمْ يُقَالُ له: مِكْرَزُ بنُ حَفْصٍ، فَقالَ: دَعُونِي آتِيهِ، فَقالوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أشْرَفَ عليهم، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هذا مِكْرَزٌ، وهو رَجُلٌ فَاجِرٌ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَبيْنَما هو يُكَلِّمُهُ إذْ جَاءَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو. قالَ مَعْمَرٌ: فأخْبَرَنِي أيُّوبُ، عن عِكْرِمَةَ: أنَّه لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِن أمْرِكُمْ. قالَ مَعْمَرٌ: قالَ الزُّهْرِيُّ في حَديثِهِ: فَجَاءَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو، فَقالَ: هَاتِ اكْتُبْ بيْنَنَا وبيْنَكُمْ كِتَابًا، فَدَعَا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الكَاتِبَ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، قالَ سُهَيْلٌ: أمَّا الرَّحْمَنُ ، فَوَاللَّهِ ما أدْرِي ما هو، ولَكِنِ اكْتُبْ «باسْمِكَ اللَّهُمَّ» كما كُنْتَ تَكْتُبُ، فَقالَ المُسْلِمُونَ: واللَّهِ لا نَكْتُبُهَا إلَّا «بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اكْتُبْ «باسْمِكَ اللَّهُمَّ»، ثُمَّ قالَ: هذا ما قَاضَى عليه مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ، فَقالَ سُهَيْلٌ: واللَّهِ لو كُنَّا نَعْلَمُ أنَّكَ رَسولُ اللَّهِ ما صَدَدْنَاكَ عَنِ البَيْتِ، ولَا قَاتَلْنَاكَ، ولَكِنِ اكْتُبْ «مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ»، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: واللَّهِ إنِّي لَرَسولُ اللَّهِ، وإنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ «مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ» -قالَ الزُّهْرِيُّ: وذلكَ لِقَوْلِهِ: لا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إلَّا أعْطَيْتُهُمْ إيَّاهَا- فَقالَ له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: علَى أنْ تُخَلُّوا بيْنَنَا وبيْنَ البَيْتِ، فَنَطُوفَ به، فَقالَ سُهَيْلٌ: واللَّهِ لا تَتَحَدَّثُ العَرَبُ أنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً ، ولَكِنْ ذلكَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ، فَكَتَبَ، فَقالَ سُهَيْلٌ: وعلَى أنَّه لا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وإنْ كانَ علَى دِينِكَ إلَّا رَدَدْتَهُ إلَيْنَا، قالَ المُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! كيفَ يُرَدُّ إلى المُشْرِكِينَ وقدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟! فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ إذْ دَخَلَ أبو جَنْدَلِ بنُ سُهَيْلِ بنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ في قُيُودِهِ، وقدْ خَرَجَ مِن أسْفَلِ مَكَّةَ حتَّى رَمَى بنَفْسِهِ بيْنَ أظْهُرِ المُسْلِمِينَ، فَقالَ سُهَيْلٌ: هذا -يا مُحَمَّدُ- أوَّلُ ما أُقَاضِيكَ عليه أنْ تَرُدَّهُ إلَيَّ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّا لَمْ نَقْضِ الكِتَابَ بَعْدُ، قالَ: فَوَاللَّهِ إذًا لَمْ أُصَالِحْكَ علَى شَيءٍ أبَدًا، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فأَجِزْهُ لِي ، قالَ: ما أنَا بمُجِيزِهِ لَكَ، قالَ: بَلَى فَافْعَلْ، قالَ: ما أنَا بفَاعِلٍ، قالَ مِكْرَزٌ: بَلْ قدْ أجَزْنَاهُ لَكَ، قالَ أبو جَنْدَلٍ: أيْ مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إلى المُشْرِكِينَ وقدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، ألَا تَرَوْنَ ما قدْ لَقِيتُ؟! وكانَ قدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا في اللَّهِ ، قالَ: فَقالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: فأتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقُلتُ: ألَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: ألَسْنَا علَى الحَقِّ وعَدُوُّنَا علَى البَاطِلِ؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا إذًا؟ قالَ: إنِّي رَسولُ اللَّهِ، ولَسْتُ أعْصِيهِ، وهو نَاصِرِي، قُلتُ: أوَليسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أنَّا سَنَأْتي البَيْتَ فَنَطُوفُ بهِ؟ قالَ: بَلَى، فأخْبَرْتُكَ أنَّا نَأْتِيهِ العَامَ؟ قالَ: قُلتُ: لَا، قالَ: فإنَّكَ آتِيهِ ومُطَّوِّفٌ به، قالَ: فأتَيْتُ أبَا بَكْرٍ فَقُلتُ: يا أبَا بَكْرٍ، أليسَ هذا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: ألَسْنَا علَى الحَقِّ وعَدُوُّنَا علَى البَاطِلِ؟ قالَ: بَلَى، قُلتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا إذًا؟ قالَ: أيُّها الرَّجُلُ، إنَّه لَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وليسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وهو نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بغَرْزِهِ؛ فَوَاللَّهِ إنَّه علَى الحَقِّ، قُلتُ: أليسَ كانَ يُحَدِّثُنَا أنَّا سَنَأْتي البَيْتَ ونَطُوفُ بهِ؟ قالَ: بَلَى، أفَأَخْبَرَكَ أنَّكَ تَأْتِيهِ العَامَ؟ قُلتُ: لَا، قالَ: فإنَّكَ آتِيهِ ومُطَّوِّفٌ به. قالَ الزُّهْرِيُّ: قالَ عُمَرُ: فَعَمِلْتُ لِذلكَ أعْمَالًا. قالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِن قَضِيَّةِ الكِتَابِ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصْحَابِهِ: قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا، قالَ: فَوَاللَّهِ ما قَامَ منهمْ رَجُلٌ حتَّى قالَ ذلكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ منهمْ أحَدٌ دَخَلَ علَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا ما لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، أتُحِبُّ ذلكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لا تُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ كَلِمَةً، حتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ حتَّى فَعَلَ ذلكَ؛ نَحَرَ بُدْنَهُ ، ودَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذلكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا، وجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} حتَّى بَلَغَ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]، فَطَلَّقَ عُمَرُ يَومَئذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا له في الشِّرْكِ، فَتَزَوَّجَ إحْدَاهُما مُعَاوِيَةُ بنُ أبِي سُفْيَانَ، والأُخْرَى صَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ. ثُمَّ رَجَعَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أبو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِن قُرَيْشٍ وهو مُسْلِمٌ، فأرْسَلُوا في طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَقالوا: العَهْدَ الذي جَعَلْتَ لَنَا، فَدَفَعَهُ إلى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا به حتَّى بَلَغَا ذَا الحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِن تَمْرٍ لهمْ، فَقالَ أبو بَصِيرٍ لأحَدِ الرَّجُلَيْنِ: واللَّهِ إنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ هذا يا فُلَانُ جَيِّدًا، فَاسْتَلَّهُ الآخَرُ، فَقالَ: أجَلْ ، واللَّهِ إنَّه لَجَيِّدٌ، لقَدْ جَرَّبْتُ به، ثُمَّ جَرَّبْتُ، فَقالَ أبو بَصِيرٍ: أَرِنِي أنْظُرْ إلَيْهِ، فأمْكَنَهُ منه، فَضَرَبَهُ حتَّى بَرَدَ ، وفَرَّ الآخَرُ حتَّى أتَى المَدِينَةَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ يَعْدُو، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ رَآهُ: لقَدْ رَأَى هذا ذُعْرًا ، فَلَمَّا انْتَهَى إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: قُتِلَ واللَّهِ صَاحِبِي وإنِّي لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أبو بَصِيرٍ فَقالَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، قدْ -واللَّهِ- أوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ ؛ قدْ رَدَدْتَنِي إليهِم، ثُمَّ أنْجَانِي اللَّهُ منهمْ، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ويْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ! لو كانَ له أحَدٌ. فَلَمَّا سَمِعَ ذلكَ عَرَفَ أنَّه سَيَرُدُّهُ إليهِم، فَخَرَجَ حتَّى أتَى سِيفَ البَحْرِ ، قالَ: ويَنْفَلِتُ منهمْ أبو جَنْدَلِ بنُ سُهَيْلٍ، فَلَحِقَ بأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لا يَخْرُجُ مِن قُرَيْشٍ رَجُلٌ قدْ أسْلَمَ إلَّا لَحِقَ بأَبِي بَصِيرٍ، حتَّى اجْتَمعتْ منهمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللَّهِ ما يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إلى الشَّأْمِ إلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ وأَخَذُوا أمْوَالَهُمْ، فأرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تُنَاشِدُهُ باللَّهِ والرَّحِمِ، لَمَّا أرْسَلَ، فمَن أتَاهُ فَهو آمِنٌ، فأرْسَلَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليهِم، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} حتَّى بَلَغَ {الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 24 - 26]، وكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أنَّه نَبِيُّ اللَّهِ، ولَمْ يُقِرُّوا بـ«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، وحَالُوا بيْنَهُمْ وبيْنَ البَيْتِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2731
التصنيف الموضوعي: حج - الإحصار صلح - الصلح مع المشركين صلح - كتابة الصلح فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي مغازي - صلح الحديبية
| أحاديث مشابهة | شرح الحديث

52 - أنَّ أبَا سُفْيَانَ بنَ حَرْبٍ أخْبَرَهُ: أنَّ هِرَقْلَ أرْسَلَ إلَيْهِ في رَكْبٍ مِن قُرَيْشٍ، وكَانُوا تُجَّارًا بالشَّأْمِ في المُدَّةِ الَّتي كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَادَّ فِيهَا أبَا سُفْيَانَ وكُفَّارَ قُرَيْشٍ، فأتَوْهُ وهُمْ بإيلِيَاءَ ، فَدَعَاهُمْ في مَجْلِسِهِ، وحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ ودَعَا بتَرْجُمَانِهِ، فَقَالَ: أيُّكُمْ أقْرَبُ نَسَبًا بهذا الرَّجُلِ الذي يَزْعُمُ أنَّه نَبِيٌّ؟ فَقَالَ أبو سُفْيَانَ: فَقُلتُ أنَا أقْرَبُهُمْ نَسَبًا، فَقَالَ: أدْنُوهُ مِنِّي، وقَرِّبُوا أصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لهمْ إنِّي سَائِلٌ هذا عن هذا الرَّجُلِ، فإنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ. فَوَاللَّهِ لَوْلَا الحَيَاءُ مِن أنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عنْه. ثُمَّ كانَ أوَّلَ ما سَأَلَنِي عنْه أنْ قَالَ: كيفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قُلتُ: هو فِينَا ذُو نَسَبٍ، قَالَ: فَهلْ قَالَ هذا القَوْلَ مِنكُم أحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ؟ قُلتُ: لَا. قَالَ: فَهلْ كانَ مِن آبَائِهِ مِن مَلِكٍ؟ قُلتُ: لا قَالَ: فأشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَقُلتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ: أيَزِيدُونَ أمْ يَنْقُصُونَ؟ قُلتُ: بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ: فَهلْ يَرْتَدُّ أحَدٌ منهمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلتُ: لَا. قَالَ: فَهلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بالكَذِبِ قَبْلَ أنْ يَقُولَ ما قَالَ؟ قُلتُ: لَا. قَالَ: فَهلْ يَغْدِرُ؟ قُلتُ: لَا، ونَحْنُ منه في مُدَّةٍ لا نَدْرِي ما هو فَاعِلٌ فِيهَا، قَالَ: ولَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شيئًا غَيْرُ هذِه الكَلِمَةِ، قَالَ: فَهلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قُلتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَكيفَ كانَ قِتَالُكُمْ إيَّاهُ؟ قُلتُ: الحَرْبُ بيْنَنَا وبيْنَهُ سِجَالٌ ، يَنَالُ مِنَّا ونَنَالُ منه . قَالَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ قُلتُ: يقولُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وحْدَهُ ولَا تُشْرِكُوا به شيئًا، واتْرُكُوا ما يقولُ آبَاؤُكُمْ، ويَأْمُرُنَا بالصَّلَاةِ والزَّكَاةِ والصِّدْقِ والعَفَافِ والصِّلَةِ. فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ: قُلْ له: سَأَلْتُكَ عن نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أنَّه فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذلكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ في نَسَبِ قَوْمِهَا. وسَأَلْتُكَ هلْ قَالَ أحَدٌ مِنكُم هذا القَوْلَ، فَذَكَرْتَ أنْ لَا، فَقُلتُ: لو كانَ أحَدٌ قَالَ هذا القَوْلَ قَبْلَهُ، لَقُلتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي بقَوْلٍ قيلَ قَبْلَهُ. وسَأَلْتُكَ هلْ كانَ مِن آبَائِهِ مِن مَلِكٍ، فَذَكَرْتَ أنْ لَا، قُلتُ فلوْ كانَ مِن آبَائِهِ مِن مَلِكٍ، قُلتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أبِيهِ، وسَأَلْتُكَ، هلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بالكَذِبِ قَبْلَ أنْ يَقُولَ ما قَالَ، فَذَكَرْتَ أنْ لَا، فقَدْ أعْرِفُ أنَّه لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الكَذِبَ علَى النَّاسِ ويَكْذِبَ علَى اللَّهِ. وسَأَلْتُكَ أشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أمْ ضُعَفَاؤُهُمْ، فَذَكَرْتَ أنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وهُمْ أتْبَاعُ الرُّسُلِ . وسَأَلْتُكَ أيَزِيدُونَ أمْ يَنْقُصُونَ، فَذَكَرْتَ أنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وكَذلكَ أمْرُ الإيمَانِ حتَّى يَتِمَّ. وسَأَلْتُكَ أيَرْتَدُّ أحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَذَكَرْتَ أنْ لَا، وكَذلكَ الإيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ. وسَأَلْتُكَ هلْ يَغْدِرُ، فَذَكَرْتَ أنْ لَا، وكَذلكَ الرُّسُلُ لا تَغْدِرُ. وسَأَلْتُكَ بما يَأْمُرُكُمْ، فَذَكَرْتَ أنَّه يَأْمُرُكُمْ أنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ ولَا تُشْرِكُوا به شيئًا، ويَنْهَاكُمْ عن عِبَادَةِ الأوْثَانِ ، ويَأْمُرُكُمْ بالصَّلَاةِ والصِّدْقِ والعَفَافِ، فإنْ كانَ ما تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، وقدْ كُنْتُ أعْلَمُ أنَّه خَارِجٌ، لَمْ أكُنْ أظُنُّ أنَّه مِنكُمْ، فلوْ أنِّي أعْلَمُ أنِّي أخْلُصُ إلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ ، ولو كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عن قَدَمِهِ. ثُمَّ دَعَا بكِتَابِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الذي بَعَثَ به دِحْيَةُ إلى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إلى هِرَقْلَ ، فَقَرَأَهُ فَإِذَا فيه بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِن مُحَمَّدٍ عبدِ اللَّهِ ورَسولِهِ إلى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: سَلَامٌ علَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أمَّا بَعْدُ، فإنِّي أدْعُوكَ بدِعَايَةِ الإسْلَامِ، أسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللَّهُ أجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فإنْ تَوَلَّيْتَ فإنَّ عَلَيْكَ إثْمَ الأرِيسِيِّينَ و{يَا أهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بيْنَنَا وبيْنَكُمْ أنْ لا نَعْبُدَ إلَّا اللَّهَ ولَا نُشْرِكَ به شيئًا ولَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أرْبَابًا مِن دُونِ اللَّهِ فإنْ تَوَلَّوْا فَقُولوا اشْهَدُوا بأنَّا مُسْلِمُونَ} قَالَ أبو سُفْيَانَ: فَلَمَّا قَالَ ما قَالَ، وفَرَغَ مِن قِرَاءَةِ الكِتَابِ، كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ وارْتَفَعَتِ الأصْوَاتُ وأُخْرِجْنَا، فَقُلتُ لأصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا: لقَدْ أمِرَ أمْرُ ابْنِ أبِي كَبْشَةَ ، إنَّه يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأصْفَرِ. فَما زِلْتُ مُوقِنًا أنَّه سَيَظْهَرُ حتَّى أدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الإسْلَامَ. وكانَ ابنُ النَّاظُورِ، صَاحِبُ إيلِيَاءَ وهِرَقْلَ ، سُقُفًّا علَى نَصَارَى الشَّأْمِ يُحَدِّثُ أنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إيلِيَاءَ ، أصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ، فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ: قَدِ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ، قَالَ ابنُ النَّاظُورِ: وكانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ في النُّجُومِ، فَقَالَ لهمْ حِينَ سَأَلُوهُ: إنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ في النُّجُومِ مَلِكَ الخِتَانِ قدْ ظَهَرَ، فمَن يَخْتَتِنُ مِن هذِه الأُمَّةِ؟ قالوا: ليسَ يَخْتَتِنُ إلَّا اليَهُودُ، فلا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ، واكْتُبْ إلى مَدَايِنِ مُلْكِكَ، فَيَقْتُلُوا مَن فيهم مِنَ اليَهُودِ. فَبيْنَما هُمْ علَى أمْرِهِمْ، أُتِيَ هِرَقْلُ برَجُلٍ أرْسَلَ به مَلِكُ غَسَّانَ يُخْبِرُ عن خَبَرِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ: اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أمُخْتَتِنٌ هو أمْ لَا، فَنَظَرُوا إلَيْهِ، فَحَدَّثُوهُ أنَّه مُخْتَتِنٌ، وسَأَلَهُ عَنِ العَرَبِ، فَقَالَ: هُمْ يَخْتَتِنُونَ، فَقَالَ هِرَقْلُ: هذا مُلْكُ هذِه الأُمَّةِ قدْ ظَهَرَ. ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إلى صَاحِبٍ له برُومِيَةَ، وكانَ نَظِيرَهُ في العِلْمِ، وسَارَ هِرَقْلُ إلى حِمْصَ، فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ حتَّى أتَاهُ كِتَابٌ مِن صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْيَ هِرَقْلَ علَى خُرُوجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنَّهُ نَبِيٌّ، فأذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ في دَسْكَرَةٍ له بحِمْصَ، ثُمَّ أمَرَ بأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ: يا مَعْشَرَ الرُّومِ، هلْ لَكُمْ في الفلاحِ والرُّشْدِ، وأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ، فَتُبَايِعُوا هذا النبيَّ؟ فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إلى الأبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ، وأَيِسَ مِنَ الإيمَانِ، قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ، وقَالَ: إنِّي قُلتُ مَقالتي آنِفًا أخْتَبِرُ بهَا شِدَّتَكُمْ علَى دِينِكُمْ، فقَدْ رَأَيْتُ، فَسَجَدُوا له ورَضُوا عنْه، فَكانَ ذلكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ

53 -  رَأَيْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه قَبْلَ أنْ يُصَابَ بأَيَّامٍ بالمَدِينَةِ، وقَفَ علَى حُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ وعُثْمَانَ بنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: كيفَ فَعَلْتُمَا؟ أتَخَافَانِ أنْ تَكُونَا قدْ حَمَّلْتُما الأرْضَ ما لا تُطِيقُ؟ قَالَا: حَمَّلْنَاهَا أمْرًا هي له مُطِيقَةٌ، ما فِيهَا كَبِيرُ فَضْلٍ، قَالَ: انْظُرَا أنْ تَكُونَا حَمَّلْتُما الأرْضَ ما لا تُطِيقُ، قَالَ: قَالَا: لَا، فَقَالَ عُمَرُ: لَئِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ، لَأَدَعَنَّ أرَامِلَ أهْلِ العِرَاقِ لا يَحْتَجْنَ إلى رَجُلٍ بَعْدِي أبَدًا، قَالَ: فَما أتَتْ عليه إلَّا رَابِعَةٌ حتَّى أُصِيبَ، قَالَ: إنِّي لَقَائِمٌ ما بَيْنِي وبيْنَهُ إلَّا عبدُ اللَّهِ بنُ عَبَّاسٍ غَدَاةَ أُصِيبَ، وكانَ إذَا مَرَّ بيْنَ الصَّفَّيْنِ، قَالَ: اسْتَوُوا، حتَّى إذَا لَمْ يَرَ فِيهِنَّ خَلَلًا تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ، ورُبَّما قَرَأَ سُورَةَ يُوسُفَ، أوِ النَّحْلَ، أوْ نَحْوَ ذلكَ في الرَّكْعَةِ الأُولَى حتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ، فَما هو إلَّا أنْ كَبَّرَ، فَسَمِعْتُهُ يقولُ: قَتَلَنِي -أوْ أكَلَنِي- الكَلْبُ، حِينَ طَعَنَهُ، فَطَارَ العِلْجُ بسِكِّينٍ ذَاتِ طَرَفَيْنِ، لا يَمُرُّ علَى أحَدٍ يَمِينًا ولَا شِمَالًا إلَّا طَعَنَهُ، حتَّى طَعَنَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، مَاتَ منهمْ سَبْعَةٌ، فَلَمَّا رَأَى ذلكَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ طَرَحَ عليه بُرْنُسًا، فَلَمَّا ظَنَّ العِلْجُ أنَّه مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ، وتَنَاوَلَ عُمَرُ يَدَ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ، فمَن يَلِي عُمَرَ فقَدْ رَأَى الذي أرَى، وأَمَّا نَوَاحِي المَسْجِدِ فإنَّهُمْ لا يَدْرُونَ، غيرَ أنَّهُمْ قدْ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ، وهُمْ يقولونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! سُبْحَانَ اللَّهِ! فَصَلَّى بهِمْ عبدُ الرَّحْمَنِ صَلَاةً خَفِيفَةً، فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَالَ: يا ابْنَ عَبَّاسٍ، انْظُرْ مَن قَتَلَنِي، فَجَالَ سَاعَةً ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: غُلَامُ المُغِيرَةِ، قَالَ: الصَّنَعُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قَاتَلَهُ اللَّهُ! لقَدْ أمَرْتُ به مَعْرُوفًا، الحَمْدُ لِلَّهِ الذي لَمْ يَجْعَلْ مِيتَتي بيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي الإسْلَامَ، قدْ كُنْتَ أنْتَ وأَبُوكَ تُحِبَّانِ أنْ تَكْثُرَ العُلُوجُ بالمَدِينَةِ -وكانَ العَبَّاسُ أكْثَرَهُمْ رَقِيقًا- فَقَالَ: إنْ شِئْتَ فَعَلْتُ -أيْ: إنْ شِئْتَ قَتَلْنَا- قَالَ: كَذَبْتَ، بَعْدَما تَكَلَّمُوا بلِسَانِكُمْ، وصَلَّوْا قِبْلَتَكُمْ، وحَجُّوا حَجَّكُمْ! فَاحْتُمِلَ إلى بَيْتِهِ، فَانْطَلَقْنَا معهُ وكَأنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ قَبْلَ يَومَئذٍ، فَقَائِلٌ يقولُ: لا بَأْسَ، وقَائِلٌ يقولُ: أخَافُ عليه، فَأُتِيَ بنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ، فَخَرَجَ مِن جَوْفِهِ، ثُمَّ أُتِيَ بلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِن جُرْحِهِ، فَعَلِمُوا أنَّه مَيِّتٌ، فَدَخَلْنَا عليه، وجَاءَ النَّاسُ، فَجَعَلُوا يُثْنُونَ عليه، وجَاءَ رَجُلٌ شَابٌّ، فَقَالَ: أبْشِرْ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ ببُشْرَى اللَّهِ لَكَ؛ مِن صُحْبَةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقَدَمٍ في الإسْلَامِ ما قدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ وَلِيتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ شَهَادَةٌ، قَالَ: وَدِدْتُ أنَّ ذلكَ كَفَافٌ لا عَلَيَّ ولَا لِي، فَلَمَّا أدْبَرَ إذَا إزَارُهُ يَمَسُّ الأرْضَ، قَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ الغُلَامَ، قَالَ: يا ابْنَ أخِي، ارْفَعْ ثَوْبَكَ؛ فإنَّه أبْقَى لِثَوْبِكَ، وأَتْقَى لِرَبِّكَ. يا عَبْدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ، انْظُرْ ما عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ، فَحَسَبُوهُ فَوَجَدُوهُ سِتَّةً وثَمَانِينَ ألْفًا أوْ نَحْوَهُ، قَالَ: إنْ وَفَى له مَالُ آلِ عُمَرَ، فأدِّهِ مِن أمْوَالِهِمْ، وإلَّا فَسَلْ في بَنِي عَدِيِّ بنِ كَعْبٍ، فإنْ لَمْ تَفِ أمْوَالُهُمْ فَسَلْ في قُرَيْشٍ، ولَا تَعْدُهُمْ إلى غيرِهِمْ، فأدِّ عَنِّي هذا المَالَ. انْطَلِقْ إلى عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، فَقُلْ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلَامَ، ولَا تَقُلْ: أمِيرُ المُؤْمِنِينَ؛ فإنِّي لَسْتُ اليومَ لِلْمُؤْمِنِينَ أمِيرًا، وقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ أنْ يُدْفَنَ مع صَاحِبَيْهِ، فَسَلَّمَ واسْتَأْذَنَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِي، فَقَالَ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ السَّلَامَ، ويَسْتَأْذِنُ أنْ يُدْفَنَ مع صَاحِبَيْهِ، فَقَالَتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي، ولَأُوثِرَنَّ به اليومَ علَى نَفْسِي، فَلَمَّا أقْبَلَ، قيلَ: هذا عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ قدْ جَاءَ، قَالَ: ارْفَعُونِي، فأسْنَدَهُ رَجُلٌ إلَيْهِ، فَقَالَ: ما لَدَيْكَ؟ قَالَ: الذي تُحِبُّ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ؛ أذِنَتْ، قَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ، ما كانَ مِن شَيءٍ أهَمُّ إلَيَّ مِن ذلكَ، فَإِذَا أنَا قَضَيْتُ فَاحْمِلُونِي، ثُمَّ سَلِّمْ، فَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، فإنْ أذِنَتْ لي فأدْخِلُونِي، وإنْ رَدَّتْنِي رُدُّونِي إلى مَقَابِرِ المُسْلِمِينَ، وجَاءَتْ أُمُّ المُؤْمِنِينَ حَفْصَةُ والنِّسَاءُ تَسِيرُ معهَا، فَلَمَّا رَأَيْنَاهَا قُمْنَا، فَوَلَجَتْ عليه، فَبَكَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً. واسْتَأْذَنَ الرِّجَالُ، فَوَلَجَتْ دَاخِلًا لهمْ، فَسَمِعْنَا بُكَاءَهَا مِنَ الدَّاخِلِ، فَقالوا: أوْصِ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، اسْتَخْلِفْ، قَالَ: ما أجِدُ أحَدًا أحَقَّ بهذا الأمْرِ مِن هَؤُلَاءِ النَّفَرِ -أوِ الرَّهْطِ- الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو عنْهمْ رَاضٍ، فَسَمَّى عَلِيًّا، وعُثْمَانَ، والزُّبَيْرَ، وطَلْحَةَ، وسَعْدًا، وعَبْدَ الرَّحْمَنِ ، وقَالَ: يَشْهَدُكُمْ عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ، وليسَ له مِنَ الأمْرِ شَيءٌ -كَهَيْئَةِ التَّعْزِيَةِ له- فإنْ أصَابَتِ الإمْرَةُ سَعْدًا فَهو ذَاكَ، وإلَّا فَلْيَسْتَعِنْ به أيُّكُمْ ما أُمِّرَ؛ فإنِّي لَمْ أعْزِلْهُ عن عَجْزٍ ولَا خِيَانَةٍ، وقَالَ: أُوصِي الخَلِيفَةَ مِن بَعْدِي بالمُهَاجِرِينَ الأوَّلِينَ؛ أنْ يَعْرِفَ لهمْ حَقَّهُمْ، ويَحْفَظَ لهمْ حُرْمَتَهُمْ، وأُوصِيهِ بالأنْصَارِ خَيْرًا الَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ والإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ؛ أنْ يُقْبَلَ مِن مُحْسِنِهِمْ، وأَنْ يُعْفَى عن مُسِيئِهِمْ، وأُوصِيهِ بأَهْلِ الأمْصَارِ خَيْرًا؛ فإنَّهُمْ رِدْءُ الإسْلَامِ، وجُبَاةُ المَالِ، وغَيْظُ العَدُوِّ، وأَلَّا يُؤْخَذَ منهمْ إلَّا فَضْلُهُمْ عن رِضَاهُمْ، وأُوصِيهِ بالأعْرَابِ خَيْرًا؛ فإنَّهُمْ أصْلُ العَرَبِ، ومَادَّةُ الإسْلَامِ؛ أنْ يُؤْخَذَ مِن حَوَاشِي أمْوَالِهِمْ، ويُرَدَّ علَى فُقَرَائِهِمْ، وأُوصِيهِ بذِمَّةِ اللَّهِ، وذِمَّةِ رَسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُوفَى لهمْ بعَهْدِهِمْ، وأَنْ يُقَاتَلَ مِن ورَائِهِمْ، ولَا يُكَلَّفُوا إلَّا طَاقَتَهُمْ. فَلَمَّا قُبِضَ خَرَجْنَا به، فَانْطَلَقْنَا نَمْشِي، فَسَلَّمَ عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ، قَالَ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، قَالَتْ: أدْخِلُوهُ، فَأُدْخِلَ، فَوُضِعَ هُنَالِكَ مع صَاحِبَيْهِ، فَلَمَّا فُرِغَ مِن دَفْنِهِ اجْتَمع هَؤُلَاءِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عبدُ الرَّحْمَنِ: اجْعَلُوا أمْرَكُمْ إلى ثَلَاثَةٍ مِنكُمْ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: قدْ جَعَلْتُ أمْرِي إلى عَلِيٍّ، فَقَالَ طَلْحَةُ: قدْ جَعَلْتُ أمْرِي إلى عُثْمَانَ، وقَالَ سَعْدٌ: قدْ جَعَلْتُ أمْرِي إلى عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، فَقَالَ عبدُ الرَّحْمَنِ: أيُّكُما تَبَرَّأَ مِن هذا الأمْرِ، فَنَجْعَلُهُ إلَيْهِ، واللَّهُ عليه والإِسْلَامُ، لَيَنْظُرَنَّ أفْضَلَهُمْ في نَفْسِهِ؟ فَأُسْكِتَ الشَّيْخَانِ، فَقَالَ عبدُ الرَّحْمَنِ: أفَتَجْعَلُونَهُ إلَيَّ؟ واللَّهُ عَلَيَّ ألَّا آلُ عن أفْضَلِكُمْ؟ قَالَا: نَعَمْ، فأخَذَ بيَدِ أحَدِهِما فَقَالَ: لكَ قَرَابَةٌ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والقَدَمُ في الإسْلَامِ ما قدْ عَلِمْتَ، فَاللَّهُ عَلَيْكَ لَئِنْ أمَّرْتُكَ لَتَعْدِلَنَّ، ولَئِنْ أمَّرْتُ عُثْمَانَ لَتَسْمعنَّ ولَتُطِيعَنَّ، ثُمَّ خَلَا بالآخَرِ فَقَالَ له مِثْلَ ذلكَ، فَلَمَّا أخَذَ المِيثَاقَ قَالَ: ارْفَعْ يَدَكَ يا عُثْمَانُ، فَبَايَعَهُ، فَبَايَعَ له عَلِيٌّ، ووَلَجَ أهْلُ الدَّارِ فَبَايَعُوهُ.

54 - كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنَ المُهَاجِرِينَ، منهمْ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، فَبيْنَما أنَا في مَنْزِلِهِ بمِنًى، وهو عِنْدَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، في آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، إذْ رَجَعَ إلَيَّ عبدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: لو رَأَيْتَ رَجُلًا أتَى أمِيرَ المُؤْمِنِينَ اليَومَ، فَقَالَ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، هلْ لكَ في فُلَانٍ؟ يقولُ: لو قدْ مَاتَ عُمَرُ لقَدْ بَايَعْتُ فُلَانًا، فَوَاللَّهِ ما كَانَتْ بَيْعَةُ أبِي بَكْرٍ إلَّا فَلْتَةً فَتَمَّتْ، فَغَضِبَ عُمَرُ، ثُمَّ قَالَ: إنِّي -إنْ شَاءَ اللَّهُ- لَقَائِمٌ العَشِيَّةَ في النَّاسِ، فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أنْ يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُمْ. قَالَ عبدُ الرَّحْمَنِ: فَقُلتُ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، لا تَفْعَلْ؛ فإنَّ المَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وغَوْغَاءَهُمْ؛ فإنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ علَى قُرْبِكَ حِينَ تَقُومُ في النَّاسِ، وأَنَا أخْشَى أنْ تَقُومَ فَتَقُولَ مَقَالَةً يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ، وأَنْ لا يَعُوهَا، وأَنْ لا يَضَعُوهَا علَى مَوَاضِعِهَا، فأمْهِلْ حتَّى تَقْدَمَ المَدِينَةَ؛ فإنَّهَا دَارُ الهِجْرَةِ والسُّنَّةِ، فَتَخْلُصَ بأَهْلِ الفِقْهِ وأَشْرَافِ النَّاسِ، فَتَقُولَ ما قُلْتَ مُتَمَكِّنًا، فَيَعِي أهْلُ العِلْمِ مَقَالَتَكَ، ويَضَعُونَهَا علَى مَوَاضِعِهَا.فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا واللَّهِ -إنْ شَاءَ اللَّهُ- لَأَقُومَنَّ بذلكَ أوَّلَ مَقَامٍ أقُومُهُ بالمَدِينَةِ. قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ في عُقْبِ ذِي الحَجَّةِ، فَلَمَّا كانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ عَجَّلْتُ الرَّوَاحَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ ؛ حتَّى أجِدَ سَعِيدَ بنَ زَيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ جَالِسًا إلى رُكْنِ المِنْبَرِ، فَجَلَسْتُ حَوْلَهُ تَمَسُّ رُكْبَتي رُكْبَتَهُ، فَلَمْ أنْشَبْ أنْ خَرَجَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ مُقْبِلًا، قُلتُ لِسَعِيدِ بنِ زَيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ: لَيَقُولَنَّ العَشِيَّةَ مَقَالَةً لَمْ يَقُلْهَا مُنْذُ اسْتُخْلِفَ، فأنْكَرَ عَلَيَّ وقَالَ: ما عَسَيْتَ أنْ يَقُولَ ما لَمْ يَقُلْ قَبْلَهُ؟! فَجَلَسَ عُمَرُ علَى المِنْبَرِ، فَلَمَّا سَكَتَ المُؤَذِّنُونَ قَامَ، فأثْنَى علَى اللَّهِ بما هو أهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أمَّا بَعْدُ؛ فإنِّي قَائِلٌ لَكُمْ مَقَالَةً قدْ قُدِّرَ لي أنْ أقُولَهَا، لا أدْرِي لَعَلَّهَا بيْنَ يَدَيْ أجَلِي، فمَن عَقَلَهَا ووَعَاهَا فَلْيُحَدِّثْ بهَا حَيْثُ انْتَهَتْ به رَاحِلَتُهُ ، ومَن خَشِيَ أنْ لا يَعْقِلَهَا فلا أُحِلُّ لأحَدٍ أنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ: إنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالحَقِّ، وأَنْزَلَ عليه الكِتَابَ، فَكانَ ممَّا أنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا وعَقَلْنَاهَا ووَعَيْنَاهَا، رَجَمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورَجَمْنَا بَعْدَهُ، فأخْشَى إنْ طَالَ بالنَّاسِ زَمَانٌ أنْ يَقُولَ قَائِلٌ: واللَّهِ ما نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ في كِتَابِ اللَّهِ، فَيَضِلُّوا بتَرْكِ فَرِيضَةٍ أنْزَلَهَا اللَّهُ، والرَّجْمُ في كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ علَى مَن زَنَى إذَا أُحْصِنَ مِنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ، إذَا قَامَتِ البَيِّنَةُ، أوْ كانَ الحَبَلُ، أوْ الِاعْتِرَافُ. ثُمَّ إنَّا كُنَّا نَقْرَأُ فِيما نَقْرَأُ مِن كِتَابِ اللَّهِ: أنْ لا تَرْغَبُوا عن آبَائِكُمْ ؛ فإنَّه كُفْرٌ بكُمْ أنْ تَرْغَبُوا عن آبَائِكُمْ، أوْ: إنَّ كُفْرًا بكُمْ أنْ تَرْغَبُوا عن آبَائِكُمْ.ألَا ثُمَّ إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: لا تُطْرُونِي كما أُطْرِيَ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ، وقُولوا: عبدُ اللَّهِ ورَسولُهُ. ثُمَّ إنَّه بَلَغَنِي أنَّ قَائِلًا مِنكُم يقولُ: واللَّهِ لو قدْ مَاتَ عُمَرُ بَايَعْتُ فُلَانًا، فلا يَغْتَرَّنَّ امْرُؤٌ أنْ يَقُولَ: إنَّما كَانَتْ بَيْعَةُ أبِي بَكْرٍ فَلْتَةً وتَمَّتْ ، ألَا وإنَّهَا قدْ كَانَتْ كَذلكَ، ولَكِنَّ اللَّهَ وقَى شَرَّهَا، وليسَ مِنكُم مَن تُقْطَعُ الأعْنَاقُ إلَيْهِ مِثْلُ أبِي بَكْرٍ، مَن بَايَعَ رَجُلًا عن غيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، فلا يُبَايَعُ هو ولَا الذي بَايَعَهُ؛ تَغِرَّةً أنْ يُقْتَلَا، وإنَّه قدْ كانَ مِن خَبَرِنَا حِينَ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أنَّ الأنْصَارَ خَالَفُونَا، واجْتَمَعُوا بأَسْرِهِمْ في سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وخَالَفَ عَنَّا عَلِيٌّ والزُّبَيْرُ ومَن معهُمَا، واجْتَمع المُهَاجِرُونَ إلى أبِي بَكْرٍ، فَقُلتُ لأبِي بَكْرٍ: يا أبَا بَكْرٍ، انْطَلِقْ بنَا إلى إخْوَانِنَا هَؤُلَاءِ مِنَ الأنْصَارِ، فَانْطَلَقْنَا نُرِيدُهُمْ، فَلَمَّا دَنَوْنَا منهمْ، لَقِيَنَا منهمْ رَجُلَانِ صَالِحَانِ، فَذَكَرَا ما تَمَالَأَ عليه القَوْمُ، فَقَالَا: أيْنَ تُرِيدُونَ يا مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ؟ فَقُلْنَا: نُرِيدُ إخْوَانَنَا هَؤُلَاءِ مِنَ الأنْصَارِ، فَقَالَا: لا علَيْكُم أنْ لا تَقْرَبُوهُمْ، اقْضُوا أمْرَكُمْ، فَقُلتُ: واللَّهِ لَنَأْتِيَنَّهُمْ، فَانْطَلَقْنَا حتَّى أتَيْنَاهُمْ في سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَإِذَا رَجُلٌ مُزَمَّلٌ بيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَقُلتُ: مَن هذا؟ فَقالوا: هذا سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ، فَقُلتُ: ما له؟ قالوا: يُوعَكُ ، فَلَمَّا جَلَسْنَا قَلِيلًا تَشَهَّدَ خَطِيبُهُمْ، فأثْنَى علَى اللَّهِ بما هو أهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أمَّا بَعْدُ؛ فَنَحْنُ أنْصَارُ اللَّهِ وكَتِيبَةُ الإسْلَامِ، وأَنْتُمْ مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ رَهْطٌ، وقدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ مِن قَوْمِكُمْ، فَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أنْ يَخْتَزِلُونَا مِن أصْلِنَا، وأَنْ يَحْضُنُونَا مِنَ الأمْرِ. فَلَمَّا سَكَتَ أرَدْتُ أنْ أتَكَلَّمَ، وكُنْتُ قدْ زَوَّرْتُ مَقَالَةً أعْجَبَتْنِي أُرِيدُ أنْ أُقَدِّمَهَا بيْنَ يَدَيْ أبِي بَكْرٍ، وكُنْتُ أُدَارِي منه بَعْضَ الحَدِّ، فَلَمَّا أرَدْتُ أنْ أتَكَلَّمَ، قَالَ أبو بَكْرٍ: علَى رِسْلِكَ ، فَكَرِهْتُ أنْ أُغْضِبَهُ، فَتَكَلَّمَ أبو بَكْرٍ، فَكانَ هو أحْلَمَ مِنِّي وأَوْقَرَ، واللَّهِ ما تَرَكَ مِن كَلِمَةٍ أعْجَبَتْنِي في تَزْوِيرِي، إلَّا قَالَ في بَدِيهَتِهِ مِثْلَهَا أوْ أفْضَلَ منها حتَّى سَكَتَ؛ فَقَالَ: ما ذَكَرْتُمْ فِيكُمْ مِن خَيْرٍ فأنتُمْ له أهْلٌ، ولَنْ يُعْرَفَ هذا الأمْرُ إلَّا لِهذا الحَيِّ مِن قُرَيْشٍ؛ هُمْ أوْسَطُ العَرَبِ نَسَبًا ودَارًا، وقدْ رَضِيتُ لَكُمْ أحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، فَبَايِعُوا أيَّهُما شِئْتُمْ، فأخَذَ بيَدِي وبِيَدِ أبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ، وهو جَالِسٌ بيْنَنَا، فَلَمْ أكْرَهْ ممَّا قَالَ غَيْرَهَا، كانَ واللَّهِ أنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي، لا يُقَرِّبُنِي ذلكَ مِن إثْمٍ؛ أحَبَّ إلَيَّ مِن أنْ أتَأَمَّرَ علَى قَوْمٍ فيهم أبو بَكْرٍ، اللَّهُمَّ إلَّا أنْ تُسَوِّلَ إلَيَّ نَفْسِي عِنْدَ المَوْتِ شيئًا لا أجِدُهُ الآنَ. فَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الأنْصَارِ: أنَا جُذَيْلُهَا المُحَكَّكُ ، وعُذَيْقُهَا المُرَجَّبُ ؛ مِنَّا أمِيرٌ، ومِنكُم أمِيرٌ يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ. فَكَثُرَ اللَّغَطُ ، وارْتَفَعَتِ الأصْوَاتُ، حتَّى فَرِقْتُ مِنَ الِاخْتِلَافِ، فَقُلتُ: ابْسُطْ يَدَكَ يا أبَا بَكْرٍ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ، وبَايَعَهُ المُهَاجِرُونَ ثُمَّ بَايَعَتْهُ الأنْصَارُ. ونَزَوْنَا علَى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ قَائِلٌ منهمْ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ، فَقُلتُ: قَتَلَ اللَّهُ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ. قَالَ عُمَرُ: وإنَّا واللَّهِ ما وجَدْنَا فِيما حَضَرْنَا مِن أمْرٍ أقْوَى مِن مُبَايَعَةِ أبِي بَكْرٍ؛ خَشِينَا إنْ فَارَقْنَا القَوْمَ ولَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ أنْ يُبَايِعُوا رَجُلًا منهمْ بَعْدَنَا، فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ علَى ما لا نَرْضَى، وإمَّا نُخَالِفُهُمْ فَيَكونُ فَسَادٌ، فمَن بَايَعَ رَجُلًا علَى غيرِ مَشُورَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، فلا يُتَابَعُ هو ولَا الذي بَايَعَهُ؛ تَغِرَّةً أنْ يُقْتَلَا.

55 - زَعَمُوا أنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بهَا معهُ، فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزَاةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ معهُ بَعْدَ ما أُنْزِلَ الحِجَابُ، فأنَا أُحْمَلُ في هَوْدَجٍ، وأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا، حتَّى إذَا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وقَفَلَ ودَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ؛ آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ، فَمَشَيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى الرَّحْلِ ، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ أظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي، فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، فأقْبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي، فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الذي كُنْتُ أرْكَبُ وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ، وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ ولَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، وإنَّما يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الهَوْدَجِ، فَاحْتَمَلُوهُ وكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ وسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ ما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وليسَ فيه أحَدٌ، فأمَمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ به، فَظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونَنِي، فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ، فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِن ورَاءِ الجَيْشِ، فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ، فأتَانِي، وكانَ يَرَانِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ أنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ يَدَهَا، فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بي الرَّاحِلَةَ حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَ ما نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، فَهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الذي تَوَلَّى الإفْكَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ بهَا شَهْرًا، والنَّاسُ يُفِيضُونَ مِن قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ ، ويَرِيبُنِي في وجَعِي أنِّي لا أرَى مِنَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللُّطْفَ الذي كُنْتُ أرَى منه حِينَ أمْرَضُ، إنَّما يَدْخُلُ فيُسَلِّمُ، ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ؟ لا أشْعُرُ بشَيءٍ مِن ذلكَ حتَّى نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ ؛ مُتَبَرَّزُنَا، لا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وذلكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، وأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في البَرِّيَّةِ أوْ في التَّنَزُّهِ، فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ بنْتُ أبِي رُهْمٍ نَمْشِي، فَعَثَرَتْ في مِرْطِهَا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ! أتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟! فَقَالَتْ: يا هَنْتَاهْ، ألَمْ تَسْمَعِي ما قالوا؟ فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا علَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتي دَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَلَّمَ فَقَالَ: كيفَ تِيكُمْ؟ فَقُلتُ: ائْذَنْ لي إلى أبَوَيَّ، قَالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، فأذِنَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتَيْتُ أبَوَيَّ فَقُلتُ لِأُمِّي: ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ؟ فَقَالَتْ: يا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي علَى نَفْسِكِ الشَّأْنَ؛ فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا ولَهَا ضَرَائِرُ ، إلَّا أكْثَرْنَ عَلَيْهَا، فَقُلتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! ولقَدْ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بهذا؟! قَالَتْ: فَبِتُّ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، ثُمَّ أصْبَحْتُ، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلِيَّ بنَ أبِي طَالِبٍ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْتَشِيرُهُما في فِرَاقِ أهْلِهِ، فأمَّا أُسَامَةُ فأشَارَ عليه بالَّذِي يَعْلَمُ في نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ لهمْ، فَقَالَ أُسَامَةُ: أهْلُكَ يا رَسولَ اللَّهِ، ولَا نَعْلَمُ -واللَّهِ- إلَّا خَيْرًا، وأَمَّا عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقَالَ: يا بَرِيرَةُ، هلْ رَأَيْتِ فِيهَا شيئًا يَرِيبُكِ؟ فَقَالَتْ بَرِيرَةُ: لا والَّذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، إنْ رَأَيْتُ منها أمْرًا أغْمِصُهُ عَلَيْهَا قَطُّ أكْثَرَ مِن أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنِ العَجِينِ، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن يَومِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ بَلَغَنِي أذَاهُ في أهْلِي؟! فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلَّا خَيْرًا، وقدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما كانَ يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلَّا مَعِي، فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أنَا واللَّهِ أعْذِرُكَ منه؛ إنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا، فَفَعَلْنَا فيه أمْرَكَ، فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ -وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وكانَ قَبْلَ ذلكَ رَجُلًا صَالِحًا ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ- فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ ، لا تَقْتُلُهُ، ولَا تَقْدِرُ علَى ذلكَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ ، واللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ؛ فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، فَثَارَ الحَيَّانِ -الأوْسُ والخَزْرَجُ- حتَّى هَمُّوا، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى المِنْبَرِ، فَنَزَلَ، فَخَفَّضَهُمْ حتَّى سَكَتُوا، وسَكَتَ، وبَكَيْتُ يَومِي لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، فأصْبَحَ عِندِي أبَوَايَ، وقدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْمًا حتَّى أظُنُّ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قَالَتْ: فَبيْنَا هُما جَالِسَانِ عِندِي وأَنَا أبْكِي، إذِ اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ، فأذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، فَبيْنَا نَحْنُ كَذلكَ إذْ دَخَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَجَلَسَ، ولَمْ يَجْلِسْ عِندِي مِن يَومِ قِيلَ فِيَّ ما قيلَ قَبْلَهَا، وقدْ مَكَثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي شَيءٌ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: يا عَائِشَةُ، فإنَّه بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ؛ فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللَّهُ عليه ، فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقَالَتَهُ، قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، وقُلتُ لأبِي: أجِبْ عَنِّي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيما قَالَ، قَالَتْ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَتْ: وأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، لا أقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ، فَقُلتُ: إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ أنَّكُمْ سَمِعْتُمْ ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ، ووَقَرَ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به، ولَئِنْ قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ -واللَّهُ يَعْلَمُ إنِّي لَبَرِيئَةٌ- لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ -واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ- لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا إلَّا أبَا يُوسُفَ إذْ قَالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، ثُمَّ تَحَوَّلْتُ علَى فِرَاشِي وأَنَا أرْجُو أنْ يُبَرِّئَنِي اللَّهُ، ولَكِنْ واللَّهِ ما ظَنَنْتُ أنْ يُنْزِلَ في شَأْنِي وحْيًا، ولَأَنَا أحْقَرُ في نَفْسِي مِن أنْ يُتَكَلَّمَ بالقُرْآنِ في أمْرِي، ولَكِنِّي كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ، فَوَاللَّهِ ما رَامَ مَجْلِسَهُ ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ، حتَّى أُنْزِلَ عليه الوَحْيُ، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ في يَومٍ شَاتٍ، فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَضْحَكُ، فَكانَ أوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا أنْ قَالَ لِي: يا عَائِشَةُ، احْمَدِي اللَّهَ؛ فقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ، فَقَالَتْ لي أُمِّي: قُومِي إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ: لا واللَّهِ، لا أقُومُ إلَيْهِ، ولَا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] الآيَاتِ، فَلَمَّا أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قَالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه -وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه-: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا بَعْدَ ما قَالَ لِعَائِشَةَ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا} إلى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22]، فَقَالَ أبو بَكْرٍ: بَلَى واللَّهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ الذي كانَ يُجْرِي عليه، وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْأَلُ زَيْنَبَ بنْتَ جَحْشٍ عن أمْرِي، فَقَالَ: يا زَيْنَبُ، ما عَلِمْتِ؟ ما رَأَيْتِ؟ فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، واللَّهِ ما عَلِمْتُ عَلَيْهَا إلَّا خَيْرًا، قَالَتْ: وهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ.

56 - كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ معهُ، قالَتْ عَائِشَةُ: فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعْدَما نَزَلَ الحِجَابُ، فأنَا أُحْمَلُ في هَوْدَجِي، وأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حتَّى إذَا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن غَزْوَتِهِ تِلكَ وقَفَلَ، ودَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ فَمَشيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى رَحْلِي، فَإِذَا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي وحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الذي كُنْتُ رَكِبْتُ، وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ، وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا، لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ، إنَّما تَأْكُلُ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ، وكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَعَثُوا الجَمَلَ وسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وليسَ بهَا دَاعٍ، ولَا مُجِيبٌ فأمَمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ به، وظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أنَا جَالِسَةٌ في مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِن ورَاءِ الجَيْشِ، فأدْلَجَ فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ، فأتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وكانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي فَخَمَّرْتُ وجْهِي بجِلْبَابِي ، ووَاللَّهِ ما كَلَّمَنِي كَلِمَةً ولَا سَمِعْتُ منه كَلِمَةً غيرَ اسْتِرْجَاعِهِ، حتَّى أنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ علَى يَدَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بي الرَّاحِلَةَ ، حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَما نَزَلُوا مُوغِرِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الذي تَوَلَّى الإفْكَ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، والنَّاسُ يُفِيضُونَ في قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ ، لا أشْعُرُ بشيءٍ مِن ذلكَ وهو يَرِيبُنِي في وجَعِي، أنِّي لا أعْرِفُ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللَّطَفَ الذي كُنْتُ أرَى منه حِينَ أشْتَكِي، إنَّما يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيُسَلِّمُ ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ؟ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَاكَ الذي يَرِيبُنِي ولَا أشْعُرُ بالشَّرِّ حتَّى خَرَجْتُ بَعْدَما نَقَهْتُ، فَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ وهو مُتَبَرَّزُنَا، وكُنَّا لا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وذلكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، وأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في التَّبَرُّزِ قِبَلَ الغَائِطِ، فَكُنَّا نَتَأَذَّى بالكُنُفِ أنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ وهي ابْنَةُ أبِي رُهْمِ بنِ عبدِ مَنَافٍ، وأُمُّهَا بنْتُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ خَالَةُ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وابنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ، فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي، وقدْ فَرَغْنَا مِن شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ في مِرْطِهَا، فَقالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ، أتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ قالَتْ: أيْ هَنْتَاهْ أوَلَمْ تَسْمَعِي ما قالَ؟ قالَتْ: قُلتُ: وما قالَ؟ فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا علَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتِي، ودَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَعْنِي سَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: كيفَ تِيكُمْ فَقُلتُ: أتَأْذَنُ لي أنْ آتِيَ أبَوَيَّ، قالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، قالَتْ: فأذِنَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَجِئْتُ أبَوَيَّ فَقُلتُ لِأُمِّي: يا أُمَّتَاهْ ما يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قالَتْ: يا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، ولَهَا ضَرَائِرُ إلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قالَتْ: فَقُلتُ سُبْحَانَ اللَّهِ، أوَلقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بهذا؟ قالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، حتَّى أصْبَحْتُ أبْكِي، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلِيَّ بنَ أبِي طَالِبٍ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْتَأْمِرُهُما في فِرَاقِ أهْلِهِ، قالَتْ: فأمَّا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ فأشَارَ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالَّذِي يَعْلَمُ مِن بَرَاءَةِ أهْلِهِ، وبِالَّذِي يَعْلَمُ لهمْ في نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أهْلَكَ ولَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، وأَمَّا عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وإنْ تَسْأَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قالَتْ: فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقالَ: أيْ بَرِيرَةُ، هلْ رَأَيْتِ مِن شيءٍ يَرِيبُكِ؟ قالَتْ بَرِيرَةُ: لا والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، إنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أمْرًا أغْمِصُهُ عَلَيْهَا، أكْثَرَ مِن أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عن عَجِينِ أهْلِهَا، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاسْتَعْذَرَ يَومَئذٍ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، قالَتْ: فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو علَى المِنْبَرِ: يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ قدْ بَلَغَنِي أذَاهُ في أهْلِ بَيْتِي، فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلَّا خَيْرًا، ولقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما كانَ يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلَّا مَعِي فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ الأنْصَارِيُّ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ أنَا أعْذِرُكَ منه، إنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أمْرَكَ، قالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وكانَ قَبْلَ ذلكَ رَجُلًا صَالِحًا، ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ ، فَقالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لا تَقْتُلُهُ، ولَا تَقْدِرُ علَى قَتْلِهِ، فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ وهو ابنُ عَمِّ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ، فَقالَ لِسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، فَتَثَاوَرَ الحَيَّانِ الأوْسُ والخَزْرَجُ حتَّى هَمُّوا أنْ يَقْتَتِلُوا، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمٌ علَى المِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حتَّى سَكَتُوا، وسَكَتَ، قالَتْ: فَبَكَيْتُ يَومِي ذلكَ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، قالَتْ: فأصْبَحَ أبَوَايَ عِندِي وقدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْمًا لا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ، ولَا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، يَظُنَّانِ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قالَتْ: فَبيْنَما هُما جَالِسَانِ عِندِي، وأَنَا أبْكِي فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ، فأذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قالَتْ: فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ، دَخَلَ عَلَيْنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قالَتْ: ولَمْ يَجْلِسْ عِندِي مُنْذُ قيلَ ما قيلَ قَبْلَهَا، وقدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي، قالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ يا عَائِشَةُ، فإنَّه قدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ، فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ إلى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ عليه قالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، فَقُلتُ لأبِي: أجِبْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيما قالَ، قالَ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: أجِيبِي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَتْ: ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَتْ: فَقُلتُ وأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لا أقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ: إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ لقَدْ سَمِعْتُمْ هذا الحَدِيثَ، حتَّى اسْتَقَرَّ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به فَلَئِنْ، قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي منه بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لَكُمْ مَثَلًا إلَّا قَوْلَ أبِي يُوسُفَ، قالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ}، قالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ علَى فِرَاشِي، قالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ، وأنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي ببَرَاءَتِي، ولَكِنْ واللَّهِ ما كُنْتُ أظُنُّ أنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ في شَأْنِي وحْيًا يُتْلَى، ولَشَأْنِي في نَفْسِي كانَ أحْقَرَ مِن أنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بأَمْرٍ يُتْلَى، ولَكِنْ كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بهَا، قالَتْ: فَوَاللَّهِ ما رَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ حتَّى أُنْزِلَ عليه، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ، وهو في يَومٍ شَاتٍ، مِن ثِقَلِ القَوْلِ الذي يُنْزَلُ عليه، قالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُرِّيَ عنْه وهو يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا: يا عَائِشَةُ، أمَّا اللَّهُ عزَّ وجلَّ فقَدْ بَرَّأَكِ فَقالَتْ أُمِّي: قُومِي إلَيْهِ، قالَتْ: فَقُلتُ: لا واللَّهِ لا أقُومُ إلَيْهِ، ولَا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ عزَّ وجلَّ، فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (إنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنكُم لا تَحْسِبُوهُ) العَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا، فَلَمَّا أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه وفَقْرِهِ: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا بَعْدَ الذي قالَ لِعَائِشَةَ ما قالَ، فأنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولو الفَضْلِ مِنكُم والسَّعَةِ أنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى والمَسَاكِينَ والمُهَاجِرِينَ في سَبيلِ اللَّهِ، ولْيَعْفُوا ولْيَصْفَحُوا، ألَا تُحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} قالَ أبو بَكْرٍ: بَلَى واللَّهِ إنِّي أُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتي كانَ يُنْفِقُ عليه، وقالَ: واللَّهِ لا أنْزِعُهَا منه أبَدًا، قالَتْ عَائِشَةُ: وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْأَلُ زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ عن أمْرِي، فَقالَ: يا زَيْنَبُ مَاذَا عَلِمْتِ أوْ رَأَيْتِ؟ فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، ما عَلِمْتُ إلَّا خَيْرًا، قالَتْ: وهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي مِن أزْوَاجِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ وطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَن هَلَكَ مِن أصْحَابِ الإفْكِ .

57 - كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ معهُ، قالَتْ عَائِشَةُ: فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعْدَ ما أُنْزِلَ الحِجَابُ، فَكُنْتُ أُحْمَلُ في هَوْدَجِي وأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حتَّى إذَا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن غَزْوَتِهِ تِلكَ وقَفَلَ، دَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ، فَمَشيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى رَحْلِي، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، قالَتْ: وأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الذي كُنْتُ أرْكَبُ عليه، وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ، وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ ، ولَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إنَّما يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وحَمَلُوهُ، وكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ فَسَارُوا، ووَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ ما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وليسَ بهَا منهمْ دَاعٍ ولَا مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ به، وظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أنَا جَالِسَةٌ في مَنْزِلِي، غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِن ورَاءِ الجَيْشِ، فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وكانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وجْهِي بجِلْبَابِي ، ووَاللَّهِ ما تَكَلَّمْنَا بكَلِمَةٍ، ولَا سَمِعْتُ منه كَلِمَةً غيرَ اسْتِرْجَاعِهِ، وهَوَى حتَّى أنَاخَ رَاحِلَتَهُ ، فَوَطِئَ علَى يَدِهَا، فَقُمْتُ إلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بي الرَّاحِلَةَ حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ مُوغِرِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وهُمْ نُزُولٌ، قالَتْ: فَهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الذي تَوَلَّى كِبْرَ الإفْكِ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، قالَ عُرْوَةُ: أُخْبِرْتُ أنَّه كانَ يُشَاعُ ويُتَحَدَّثُ به عِنْدَهُ، فيُقِرُّهُ ويَسْتَمِعُهُ ويَسْتَوْشِيهِ، وقالَ عُرْوَةُ أيضًا: لَمْ يُسَمَّ مِن أهْلِ الإفْكِ أيضًا إلَّا حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ، ومِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ، وحَمْنَةُ بنْتُ جَحْشٍ، في نَاسٍ آخَرِينَ لا عِلْمَ لي بهِمْ، غيرَ أنَّهُمْ عُصْبَةٌ، كما قالَ اللَّهُ تَعَالَى، وإنَّ كِبْرَ ذلكَ يُقَالُ له: عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، قالَ عُرْوَةُ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ، وتَقُولُ: إنَّه الذي قالَ: فَإنَّ أبِي ووَالِدَهُ وعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنكُم وِقَاءُ قالَتْ عَائِشَةُ: فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، والنَّاسُ يُفِيضُونَ في قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ ، لا أشْعُرُ بشيءٍ مِن ذلكَ، وهو يَرِيبُنِي في وجَعِي أنِّي لا أعْرِفُ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللُّطْفَ الذي كُنْتُ أرَى منه حِينَ أشْتَكِي، إنَّما يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيُسَلِّمُ، ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذلكَ يَرِيبُنِي ولَا أشْعُرُ بالشَّرِّ، حتَّى خَرَجْتُ حِينَ نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ مع أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ ، وكانَ مُتَبَرَّزَنَا، وكُنَّا لا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وذلكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، قالَتْ: وأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في البَرِّيَّةِ قِبَلَ الغَائِطِ، وكُنَّا نَتَأَذَّى بالكُنُفِ أنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، قالَتْ: فَانْطَلَقْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ، وهي ابْنَةُ أبِي رُهْمِ بنِ المُطَّلِبِ بنِ عبدِ مَنَافٍ، وأُمُّهَا بنْتُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ، خَالَةُ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وابنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ بنِ عَبَّادِ بنِ المُطَّلِبِ، فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتي حِينَ فَرَغْنَا مِن شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ في مِرْطِهَا فَقالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ، أتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ فَقالَتْ: أيْ هَنْتَاهْ ولَمْ تَسْمَعِي ما قالَ؟ قالَتْ: وقُلتُ: ما قالَ؟ فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ، قالَتْ: فَازْدَدْتُ مَرَضًا علَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتي دَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَسَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: كيفَ تِيكُمْ، فَقُلتُ له: أتَأْذَنُ لي أنْ آتِيَ أبَوَيَّ؟ قالَتْ: وأُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، قالَتْ: فأذِنَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: يا أُمَّتَاهُ، مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قالَتْ: يا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، لَهَا ضَرَائِرُ، إلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قالَتْ: فَقُلتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أوَلقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بهذا؟ قالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، ثُمَّ أصْبَحْتُ أبْكِي، قالَتْ: ودَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلِيَّ بنَ أبِي طَالِبٍ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْأَلُهُما ويَسْتَشِيرُهُما في فِرَاقِ أهْلِهِ، قالَتْ: فأمَّا أُسَامَةُ فأشَارَ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالَّذِي يَعْلَمُ مِن بَرَاءَةِ أهْلِهِ، وبِالَّذِي يَعْلَمُ لهمْ في نَفْسِهِ، فَقالَ أُسَامَةُ: أهْلَكَ، ولَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، وأَمَّا عَلِيٌّ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قالَتْ: فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقالَ: أيْ بَرِيرَةُ، هلْ رَأَيْتِ مِن شيءٍ يَرِيبُكِ؟ . قالَتْ له بَرِيرَةُ: والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، ما رَأَيْتُ عَلَيْهَا أمْرًا قَطُّ أغْمِصُهُ غيرَ أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عن عَجِينِ أهْلِهَا، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، قالَتْ: فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن يَومِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ، وهو علَى المِنْبَرِ، فَقالَ: يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ قدْ بَلَغَنِي عنْه أذَاهُ في أهْلِي، واللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلَّا خَيْرًا، ولقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلَّا مَعِي. قالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ أخُو بَنِي عبدِ الأشْهَلِ، فَقالَ : أنَا يا رَسولَ اللَّهِ أعْذِرُكَ، فإنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أمْرَكَ، قالَتْ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الخَزْرَجِ، وكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بنْتَ عَمِّهِ مِن فَخِذِهِ ، وهو سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ، وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، قالَتْ: وكانَ قَبْلَ ذلكَ رَجُلًا صَالِحًا، ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ ، فَقالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لا تَقْتُلُهُ، ولَا تَقْدِرُ علَى قَتْلِهِ، ولو كانَ مِن رَهْطِكَ ما أحْبَبْتَ أنْ يُقْتَلَ. فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ، وهو ابنُ عَمِّ سَعْدٍ، فَقالَ لِسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، قالَتْ: فَثَارَ الحَيَّانِ الأوْسُ، والخَزْرَجُ حتَّى هَمُّوا أنْ يَقْتَتِلُوا، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمٌ علَى المِنْبَرِ، قالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ، حتَّى سَكَتُوا وسَكَتَ، قالَتْ: فَبَكَيْتُ يَومِي ذلكَ كُلَّهُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، قالَتْ: وأَصْبَحَ أبَوَايَ عِندِي، وقدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْمًا، لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، حتَّى إنِّي لَأَظُنُّ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبيْنَا أبَوَايَ جَالِسَانِ عِندِي وأَنَا أبْكِي، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ فأذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قالَتْ: فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ دَخَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلَيْنَا فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قالَتْ: ولَمْ يَجْلِسْ عِندِي مُنْذُ قيلَ ما قيلَ قَبْلَهَا، وقدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي بشيءٍ، قالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، يا عَائِشَةُ، إنَّه بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ، فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللَّهُ عليه ، قالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، فَقُلتُ لأبِي: أجِبْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِّي فِيما قالَ: فَقالَ أبِي: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: أجِيبِي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيما قالَ: قالَتْ أُمِّي: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ: وأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ: لا أقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ كَثِيرًا: إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ: لقَدْ سَمِعْتُمْ هذا الحَدِيثَ حتَّى اسْتَقَرَّ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به، فَلَئِنْ قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ، لا تُصَدِّقُونِي، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي منه بَرِيئَةٌ، لَتُصَدِّقُنِّي، فَوَاللَّهِ لا أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا إلَّا أبَا يُوسُفَ حِينَ قالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ} ثُمَّ تَحَوَّلْتُ واضْطَجَعْتُ علَى فِرَاشِي، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ، وأنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي ببَرَاءَتِي، ولَكِنْ واللَّهِ ما كُنْتُ أظُنُّ أنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ في شَأْنِي وحْيًا يُتْلَى، لَشَأْنِي في نَفْسِي كانَ أحْقَرَ مِن أنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بأَمْرٍ، ولَكِنْ كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بهَا، فَوَاللَّهِ ما رَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَجْلِسَهُ، ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ، حتَّى أُنْزِلَ عليه، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِنَ العَرَقِ مِثْلُ الجُمَانِ ، وهو في يَومٍ شَاتٍ مِن ثِقَلِ القَوْلِ الذي أُنْزِلَ عليه، قالَتْ: فَسُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا أنْ قالَ: يا عَائِشَةُ، أمَّا اللَّهُ فقَدْ بَرَّأَكِ. قالَتْ: فَقالَتْ لي أُمِّي: قُومِي إلَيْهِ، فَقُلتُ: واللَّهِ لا أقُومُ إلَيْهِ، فإنِّي لا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ عزَّ وجلَّ، قالَتْ: وأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنكُمْ} العَشْرَ الآيَاتِ، ثُمَّ أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه وفَقْرِهِ: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا، بَعْدَ الذي قالَ لِعَائِشَةَ ما قالَ، فأنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولو الفَضْلِ مِنكُمْ} - إلى قَوْلِهِ - {غَفُورٌ رَحِيمٌ}، قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: بَلَى واللَّهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتي كانَ يُنْفِقُ عليه، وقالَ: واللَّهِ لا أنْزِعُهَا منه أبَدًا، قالَتْ عَائِشَةُ: وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بنْتَ جَحْشٍ عن أمْرِي، فَقالَ لِزَيْنَبَ: مَاذَا عَلِمْتِ، أوْ رَأَيْتِ. فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، واللَّهِ ما عَلِمْتُ إلَّا خَيْرًا، قالَتْ عَائِشَةُ: وهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي مِن أزْوَاجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ، قالَتْ: وطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ، فِيمَن هَلَكَ قالَ ابنُ شِهَابٍ: فَهذا الذي بَلَغَنِي مِن حَديثِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ ثُمَّ قالَ عُرْوَةُ، قالَتْ عَائِشَةُ: واللَّهِ إنَّ الرَّجُلَ الذي قيلَ له ما قيلَ لَيقولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ ما كَشَفْتُ مِن كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ، قالَتْ: ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذلكَ في سَبيلِ اللَّهِ

58 - أنَّ رِجَالًا مِنَ المُنَافِقِينَ علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا خَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى الغَزْوِ تَخَلَّفُوا عنْه، وفَرِحُوا بمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَإِذَا قَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اعْتَذَرُوا إلَيْهِ، وحَلَفُوا وأَحَبُّوا أنْ يُحْمَدُوا بما لَمْ يَفْعَلُوا، فَنَزَلَتْ: (لَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بما أتَوْا ويُحِبُّونَ أنْ يُحْمَدُوا بما لَمْ يَفْعَلُوا) الآيَةَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4567
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة آل عمران قرآن - أسباب النزول نفاق - علامة المنافق وصفاته
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

59 - كُنْتُ يَوْمًا جالِسًا مع رِجالٍ مِن أصْحابِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مَنْزِلٍ في طَرِيقِ مَكَّةَ، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نازِلٌ أمامَنا، والقَوْمُ مُحْرِمُونَ وأنا غَيْرُ مُحْرِمٍ، فأبْصَرُوا حِمارًا وحْشِيًّا وأنا مَشْغُولٌ أخْصِفُ نَعْلِي، فَلَمْ يُؤْذِنُونِي له، وأَحَبُّوا لو أنِّي أبْصَرْتُهُ، فالْتَفَتُّ فأبْصَرْتُهُ، فَقُمْتُ إلى الفَرَسِ فأسْرَجْتُهُ، ثُمَّ رَكِبْتُ ونَسِيتُ السَّوْطَ والرُّمْحَ، فَقُلتُ لهمْ: ناوِلُونِي السَّوْطَ والرُّمْحَ، فقالوا: لا واللَّهِ لا نُعِينُكَ عليه بشيءٍ، فَغَضِبْتُ فَنَزَلْتُ فأخَذْتُهُما ثُمَّ رَكِبْتُ، فَشَدَدْتُ علَى الحِمارِ فَعَقَرْتُهُ ، ثُمَّ جِئْتُ به وقدْ ماتَ، فَوَقَعُوا فيه يَأْكُلُونَهُ، ثُمَّ إنَّهُمْ شَكُّوا في أكْلِهِمْ إيَّاهُ وهُمْ حُرُمٌ، فَرُحْنا، وخَبَأْتُ العَضُدَ مَعِي، فأدْرَكْنا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَسَأَلْناهُ عن ذلكَ، فقالَ: معكُمْ منه شيءٌ؟ فَناوَلْتُهُ العَضُدَ فأكَلَها حتَّى تَعَرَّقَها وهو مُحْرِمٌ

60 - كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مع رِجَالٍ مِن أصْحَابِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مَنْزِلٍ، في طَرِيقِ مَكَّةَ، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَازِلٌ أمَامَنَا والقَوْمُ مُحْرِمُونَ، وأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ، فأبْصَرُوا حِمَارًا وحْشِيًّا، وأَنَا مَشْغُولٌ أخْصِفُ نَعْلِي، فَلَمْ يُؤْذِنُونِي به، وأَحَبُّوا لو أنِّي أبْصَرْتُهُ، والتَفَتُّ، فأبْصَرْتُهُ فَقُمْتُ إلى الفَرَسِ، فأسْرَجْتُهُ، ثُمَّ رَكِبْتُ، ونَسِيتُ السَّوْطَ والرُّمْحَ، فَقُلتُ لهمْ: نَاوِلُونِي السَّوْطَ والرُّمْحَ، فَقالوا: لا واللَّهِ، لا نُعِينُكَ عليه بشيءٍ، فَغَضِبْتُ، فَنَزَلْتُ، فأخَذْتُهُمَا، ثُمَّ رَكِبْتُ فَشَدَدْتُ علَى الحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ ، ثُمَّ جِئْتُ به وقدْ مَاتَ، فَوَقَعُوا فيه يَأْكُلُونَهُ، ثُمَّ إنَّهُمْ شَكُّوا في أكْلِهِمْ إيَّاهُ وهُمْ حُرُمٌ، فَرُحْنَا وخَبَأْتُ العَضُدَ مَعِي، فأدْرَكْنَا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَأَلْنَاهُ عن ذلكَ، فَقَالَ: معكُمْ منه شيءٌ؟، فَقُلتُ: نَعَمْ، فَنَاوَلْتُهُ العَضُدَ ، فأكَلَهَا حتَّى نَفِدَهَا وهو مُحْرِمٌ.
 

1 - ربما أخذ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بجنبي فقال أَحِبُّوا بني سدوسٍ أبا القاسمِ فواللهِ إن نتجتُم مثلَه

2 - أنَّ قومًا شَكُو إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قحْطَ المطَرِ، فقال: اجْثُوا على الرُّكَبِ، وقولوا: يا ربِّ يا ربِّ. ففعَلوا حتَّى أحبُّوا أنْ يُكْشَفَ عنهم.

3 - أنَّ قومًا شَكَوا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قحطَ المطرِ، فقال : اجثُوا على الرُّكبِ، وقولوا يا ربِّ يا ربِّ، قال : ففَعلوا، فَسُقوا حتَّى أحبُّوا أن يُكشَفَ عنهم
خلاصة حكم المحدث : عامر بن خارجة في إسناده نظر
الراوي : سعد بن أبي وقاص | المحدث : البخاري | المصدر : البدر المنير
الصفحة أو الرقم : 5/167
التصنيف الموضوعي: آداب الدعاء - استجابة الدعاء استسقاء - الدعاء في الاستسقاء استسقاء - كثرة المطر وقلته آداب الدعاء - قبول دعاء المسلم آداب الدعاء - لزوم الدعاء والإلحاح فيه

4 - عن سعيدِ بنِ مالكٍ أنَّ قومًا شكَوا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قحطَ المطرِ فقال: اجثوا على الرُّكَبِ وقولوا: يا ربِّ يا ربِّ ففعَلوا فسُقُوا حتى أحبُّوا أن يُكشَفَ عنهم
خلاصة حكم المحدث : في إسناده نظر
الراوي : سعد بن مالك [وهو: ابن أبي وقاص] | المحدث : البخاري | المصدر : الضعفاء الكبير
الصفحة أو الرقم : 3/308 التخريج : أخرجه أبو عوانة في ((المستخرج)) (2583)، والبزار (1231)، والطبراني في ((الأوسط)) (5981) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: آداب الدعاء - استجابة الدعاء أدعية وأذكار - فضل الدعاء وإثم تركه استسقاء - الدعاء في الاستسقاء علم - حسن السؤال ونصح العالم
|أصول الحديث

5 - أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحالَ كُفّارُ قُرَيْشٍ بيْنَهُ وبيْنَ البَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ وحَلَقَ رَأْسَهُ بالحُدَيْبِيَةِ، وقاضاهُمْ علَى أنْ يَعْتَمِرَ العامَ المُقْبِلَ، ولا يَحْمِلَ سِلاحًا عليهم إلَّا سُيُوفًا، ولا يُقِيمَ بها إلَّا ما أحَبُّوا، فاعْتَمَرَ مِنَ العامِ المُقْبِلِ، فَدَخَلَها كما كانَ صالَحَهُمْ، فَلَمَّا أنْ أقامَ بها ثَلاثًا، أمَرُوهُ أنْ يَخْرُجَ فَخَرَجَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4252 التخريج : من أفراد البخاري على مسلم
التصنيف الموضوعي: حج - الإحصار حج - الحلق والتقصير مغازي - صلح الحديبية
| أحاديث مشابهة | شرح حديث مشابه

6 - أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بيْنَهُ وبيْنَ البَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ، وحَلَقَ رَأْسَهُ بالحُدَيْبِيَةِ، وقَاضَاهُمْ علَى أنْ يَعْتَمِرَ العَامَ المُقْبِلَ، ولَا يَحْمِلَ سِلَاحًا عليهم إلَّا سُيُوفًا، ولَا يُقِيمَ بهَا إلَّا ما أحَبُّوا، فَاعْتَمَرَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ، فَدَخَلَهَا كما كانَ صَالَحَهُمْ، فَلَمَّا أقَامَ بهَا ثَلَاثًا أمَرُوهُ أنْ يَخْرُجَ فَخَرَجَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2701 التخريج : من أفراد البخاري على مسلم
التصنيف الموضوعي: حج - الإحصار حج - الحلق والتقصير مغازي - صلح الحديبية
| أحاديث مشابهة | شرح الحديث

7 - أنَّ بَرِيرَةَ جاءَتْ عائِشَةَ تَسْتَعِينُها في كِتابَتِها ، ولَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِن كِتابَتِها شيئًا، قالَتْ لها عائِشَةُ: ارْجِعِي إلى أهْلِكِ، فإنْ أحَبُّوا أنْ أقْضِيَ عَنْكِ كِتابَتَكِ ويَكونَ ولاؤُكِ لي فَعَلْتُ، فَذَكَرَتْ ذلكَ بَرِيرَةُ إلى أهْلِها فأبَوْا ، وقالوا: إنْ شاءَتْ أنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ، فَلْتَفْعَلْ ويَكونَ لنا ولاؤُكِ، فَذَكَرَتْ ذلكَ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ لَها: ابْتاعِي، فأعْتِقِي، فإنَّما الوَلاءُ لِمَن أعْتَقَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2717 التخريج : أخرجه مسلم (1504) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: بيوع - الشروط في البيع عتق وولاء - العتق على الشرط عتق وولاء - المكاتب عتق وولاء - الولاء لمن أعتق
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

8 - اعتمُّوا تزدادُوا حِلمًا [والعمائمُ تيجانُ العربِ]
خلاصة حكم المحدث : [فيه] عبيد الله بن أبي حميد ضعيف ذاهب الحديث لا أروي عنه شيئا
الراوي : أسامة بن عمير الهذلي | المحدث : البخاري | المصدر : العلل الكبير
الصفحة أو الرقم : 295 التخريج : أخرجه الترمذي في ((العلل الكبير)) (546)، والطبراني (1/194) (519)، وأخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (5849) مطولاً
التصنيف الموضوعي: رقائق وزهد - الحلم زينة اللباس - العمائم آداب عامة - الأخلاق الحميدة الحسنة رقائق وزهد - الوصايا النافعة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

9 - أنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أخْبَرَتْهُ: أنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُهَا في كِتَابَتِهَا ، ولَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِن كِتَابَتِهَا شيئًا، قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: ارْجِعِي إلى أهْلِكِ، فإنْ أحَبُّوا أنْ أقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ ويَكونَ ولَاؤُكِ لِي، فَعَلْتُ، فَذَكَرَتْ ذلكَ بَرِيرَةُ لأهْلِهَا، فأبَوْا ، وقالوا: إنْ شَاءَتْ أنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ، فَلْتَفْعَلْ ويَكونَ ولَاؤُكِ لَنَا، فَذَكَرَتْ ذلكَ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَ لَهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ابْتَاعِي، فأعْتِقِي فإنَّما الوَلَاءُ لِمَن أعْتَقَ قَالَ: ثُمَّ قَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَ: ما بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا ليسَتْ في كِتَابِ اللَّهِ ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا ليسَ في كِتَابِ اللَّهِ فليسَ له، وإنْ شَرَطَ مِئَةَ مَرَّةٍ شَرْطُ اللَّهِ أحَقُّ وأَوْثَقُ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2561 التخريج : أخرجه النسائي (4655)، وأحمد (24522)، وعبد الرزاق (16161)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (5652) واللفظ لهم جميعا.
التصنيف الموضوعي: أقضية وأحكام - قضايا حكم فيها النبي صلى الله عليه وسلم بيوع - الشروط في البيع بيوع - بيع العبيد والإماء عتق وولاء - العتق على الشرط عتق وولاء - الولاء لمن أعتق
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

10 - جاءَتْنِي بَرِيرَةُ فقالَتْ: كاتَبْتُ أهْلِي علَى تِسْعِ أواقٍ في كُلِّ عامٍ، أُوقِيَّةٌ ، فأعِينِينِي، فقالَتْ: إنْ أحَبُّوا أنْ أعُدَّها لهمْ ويَكونَ ولاؤُكِ لِي، فَعَلْتُ، فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إلى أهْلِها، فقالَتْ لهمْ: فأبَوْا عليها، فَجاءَتْ مِن عِندِهِمْ ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جالِسٌ، فقالَتْ: إنِّي قدْ عَرَضْتُ ذَلِكِ عليهم، فأبَوْا إلَّا أنْ يَكونَ الوَلاءُ لهمْ، فَسَمِعَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَرَتْ عائِشَةُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: خُذِيها واشْتَرِطِي لهمُ الوَلاءَ، فإنَّما الوَلاءُ لِمَن أعْتَقَ، فَفَعَلَتْ عائِشَةُ ثُمَّ قامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عليه، ثُمَّ قالَ: ما بالُ رِجالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا ليسَتْ في كِتابِ اللَّهِ ما كانَ مِن شَرْطٍ ليسَ في كِتابِ اللَّهِ، فَهو باطِلٌ وإنْ كانَ مِئَةَ شَرْطٍ قَضاءُ اللَّهِ أحَقُّ وشَرْطُ اللَّهِ أوْثَقُ، وإنَّما الوَلاءُ لِمَن أعْتَقَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2729 التخريج : أخرجه مسلم (1504) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: بيوع - الشروط في البيع عتق وولاء - الاشتراط في المكاتبة عتق وولاء - المكاتب عتق وولاء - الولاء لمن أعتق قرآن - التمسك بالقرآن وتطبيق ما فيه
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

11 - قَنَتَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَهْرًا، بَعْدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو علَى أحْيَاءٍ مِنَ العَرَبِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4089 التخريج : أخرجه البخاري (4089)، ومسلم (677)
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - الدعاء على المشركين ولهم أدعية وأذكار - دعاء القنوت جهاد - الدعاء على المشركين صلاة - القنوت صلاة - صفة القنوت وبيان موضعه
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

12 - حديثٌ في الفِتَنِ [يعني حديث: تَكونُ فِتنةٌ تستَنظِفُ العرَبَ، قتلاها في النَّارِ، اللِّسانُ فيها أشدُّ من وقعِ السَّيفِ]
خلاصة حكم المحدث : [ روي ] عن عبد الله بن عمرو قوله وهو أصح
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : البخاري | المصدر : التاريخ الكبير
الصفحة أو الرقم : 3/356 التخريج : أخرجه الترمذي (2178)، وابن ماجه (3967)، وأحمد (6980) واللفظ لهم.
التصنيف الموضوعي: فتن - ظهور الفتن فتن - الترهب في أيام الفتن فتن - العزلة في الفتن
|أصول الحديث

13 - اشْتَدَّ برَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجَعُهُ يَومَ الخَمِيسِ، فَقَالَ: ائْتُونِي بكِتَابٍ أكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أبَدًا، فَتَنَازَعُوا، ولَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ، فَقالوا: هَجَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: دَعُونِي، فَالَّذِي أنَا فيه خَيْرٌ ممَّا تَدْعُونِي إلَيْهِ، وأَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ بثَلَاثٍ: أخْرِجُوا المُشْرِكِينَ مِن جَزِيرَةِ العَرَبِ، وأَجِيزُوا الوَفْدَ بنَحْوِ ما كُنْتُ أُجِيزُهُمْ، ونَسِيتُ الثَّالِثَةَ. وقَالَ يَعْقُوبُ بنُ مُحَمَّدٍ، سَأَلْتُ المُغِيرَةَ بنَ عبدِ الرَّحْمَنِ ، عن جَزِيرَةِ العَرَبِ: فَقَالَ مَكَّةُ، والمَدِينَةُ، واليَمَامَةُ، واليَمَنُ، وقَالَ يَعْقُوبُ والعَرْجُ أوَّلُ تِهَامَةَ

14 - إذَا سَرَّكَ أنْ تَعْلَمَ جَهْلَ العَرَبِ، فَاقْرَأْ ما فَوْقَ الثَّلَاثِينَ ومِئَةٍ في سُورَةِ الأنْعَامِ: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} إلى قَوْلِهِ: {قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [الأنعام: 140].
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : سعيد بن جبير | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3524 التخريج : أخرجه ابن مردويه كما عند ابن كثير في ((التفسير)) (3/ 347) بلفظه.
التصنيف الموضوعي: الكفر والشرك - أعمال الجاهلية تفسير آيات - سورة الأنعام جنائز وموت - الوأد
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

15 - سَأَلَنِي يَهُودِيٌّ مِن أهْلِ الحِيرَةِ: أيَّ الأجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ قُلتُ: لا أدْرِي، حتَّى أقْدَمَ علَى حَبْرِ العَرَبِ فأسْأَلَهُ، فَقَدِمْتُ، فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: قَضَى أكْثَرَهُمَا وأَطْيَبَهُما؛ إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا قَالَ فَعَلَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2684 التخريج : من أفراد البخاري على مسلم
التصنيف الموضوعي: أنبياء - موسى تفسير آيات - سورة القصص بر وصلة - الموافاة علم - حسن السؤال ونصح العالم
| أحاديث مشابهة | شرح الحديث

16 - سَمِعْتُ سَعْدًا، يقولُ: إنِّي لَأَوَّلُ العَرَبِ رَمَى بسَهْمٍ في سَبيلِ اللَّهِ، ورَأَيْتُنَا نَغْزُو وما لَنَا طَعَامٌ إلَّا ورَقُ الحُبْلَةِ ، وهذا السَّمُرُ، وإنَّ أحَدَنَا لَيَضَعُ كما تَضَعُ الشَّاةُ ، ما له خِلْطٌ، ثُمَّ أصْبَحَتْ بَنُو أسَدٍ تُعَزِّرُنِي علَى الإسْلَامِ، خِبْتُ إذًا وضَلَّ سَعْيِي.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : قيس بن أبي حازم | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6453 التخريج : أخرجه أحمد (1566) بلفظه، ومسلم (2966)، والترمذي (2365) كلاهما بنحوه مطولا.
التصنيف الموضوعي: رقائق وزهد - معيشة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مناقب وفضائل - سعد بن أبي وقاص مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مناقب وفضائل - فضائل المهاجرين ومناقبهم مناقب وفضائل - العشرة المبشرون بالجنة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

17 - كَانَتْ قُرَيْشٌ ومَن دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بالمُزْدَلِفَةِ، وكَانُوا يُسَمَّوْنَ الحُمْسَ ، وكانَ سَائِرُ العَرَبِ يَقِفُونَ بعَرَفَاتٍ، فَلَمَّا جَاءَ الإسْلَامُ أمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ، ثُمَّ يَقِفَ بهَا، ثُمَّ يُفِيضَ منها فَذلكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ أفِيضُوا مِن حَيْثُ أفَاضَ النَّاسُ}
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4520 التخريج : أخرجه البخاري (4520)، ومسلم (1219)
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة البقرة حج - الإفاضة حج - الوقوف بعرفة وأحكامه حج - حجة النبي صلى الله عليه وسلم حج - مناسك الحج
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

18 - قِيلَ يا رَسولَ اللَّهِ: مَن أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قالَ: أَتْقَاهُمْ فَقالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ، قالَ: فيُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ قالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ، قالَ: فَعَنْ معادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِ؟ خِيَارُهُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ في الإسْلَامِ، إذَا فَقُهُوا.
خلاصة حكم المحدث : [أورده في صحيحه] وقال : قال أبو أسامة ومعتمر عن عبيد الله عن سعيد عن أبى هريرة عن النبى - صلى الله عليه وسلم
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3353 التخريج : أخرجه البخاري (3353)، ومسلم (2378)
التصنيف الموضوعي: أنبياء - يوسف رقائق وزهد - تقوى الله علم - الفقه في الدين علم - فضل العلم مناقب وفضائل - خيار الناس
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

19 - أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قَنَتَ شَهْرًا في صَلَاةِ الصُّبْحِ يَدْعُو علَى أحْيَاءٍ مِن أحْيَاءِ العَرَبِ، علَى رِعْلٍ ، وذَكْوَانَ، وعُصَيَّةَ، وبَنِي لِحْيَانَ زَادَ خَلِيفَةُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عن قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أنَسٌ: أنَّ أُولَئِكَ السَّبْعِينَ مِنَ الأنْصَارِ قُتِلُوا ببِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنًا كِتَابًا نَحْوَهُ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4090 التخريج : أخرجه أحمد (14004) باختلاف يسير، ومسلم (677)، والنسائي (1070) بنحوه دون ذكر بني لحيان.
التصنيف الموضوعي: جهاد - الدعاء على المشركين صلاة - القنوت صلاة - صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قرآن - نسخ التلاوة مغازي - يوم بئر معونة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

20 - خَرَجْنَا مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ بَنِي المُصْطَلِقِ، فأصَبْنَا سَبْيًا مِن سَبْيِ العَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ، فَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا العُزْبَةُ، وأَحْبَبْنَا العَزْلَ، فَسَأَلْنَا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: ما علَيْكُم أنْ لا تَفْعَلُوا ما مِن نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إلى يَومِ القِيَامَةِ إلَّا وهي كَائِنَةٌ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2542 التخريج : أخرجه مسلم (1438) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: قدر - كل شيء بقدر مغازي - غزوة بني المصطلق نكاح - العزل علم - حسن السؤال ونصح العالم قدر - تقدير المقادير قبل الخلق
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

21 -  سُئِلَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قالَ: أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ. قالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ، قالَ: فأكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ. قالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ، قالَ: فَعَنْ معادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي؟ النَّاسُ مَعادِنُ ، خِيَارُهُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ في الإسْلَامِ إذَا فَقُهُوا.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3383 التخريج : أخرجه البخاري (3383)، ومسلم (2378)
التصنيف الموضوعي: أنبياء - يوسف رقائق وزهد - تقوى الله علم - الفقه في الدين مناقب وفضائل - خيار الناس علم - السؤال للانتفاع وإن كثر
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

22 -  إنِّي لَأَوَّلُ العَرَبِ رَمَى بسَهْمٍ في سَبيلِ اللَّهِ، وكُنَّا نَغْزُو مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وما لنا طَعامٌ إلَّا ورَقُ الشَّجَرِ، حتَّى إنَّ أحَدَنا لَيَضَعُ كما يَضَعُ البَعِيرُ أوِ الشَّاةُ، ما له خِلْطٌ ثُمَّ أصْبَحَتْ بَنُو أسَدٍ تُعَزِّرُنِي علَى الإسْلامِ، لقَدْ خِبْتُ إذنْ وضَلَّ عَمَلِي. وكانُوا وشَوْا به إلى عُمَرَ؛ قالوا: لا يُحْسِنُ يُصَلِّي.

23 - قِيلَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، مَن أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قالَ أَكْرَمُهُمْ أَتْقَاهُمْ قالوا: يا نَبِيَّ اللَّهِ، ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ، قالَ: فأكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ قالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ، قالَ: فَعَنْ معادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي قالوا: نَعَمْ، قالَ: فَخِيَارُكُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ في الإسْلَامِ إذَا فَقُهُوا.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3374 التخريج : أخرجه البخاري (3374)، ومسلم (2378)
التصنيف الموضوعي: أنبياء - خصائص وفضائل أنبياء - يوسف رقائق وزهد - تقوى الله علم - الفقه في الدين مناقب وفضائل - خيار الناس
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

24 - عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ما نَعْلَمُ حَيًّا مِن أحْيَاءِ العَرَبِ أكْثَرَ شَهِيدًا أعَزَّ يَومَ القِيَامَةِ مِنَ الأنْصَارِ قَالَ قَتَادَةُ: وحَدَّثَنَا أنَسُ بنُ مَالِكٍ أنَّه قُتِلَ منهمْ يَومَ أُحُدٍ سَبْعُونَ، ويَومَ بئْرِ مَعُونَةَ سَبْعُونَ، ويَومَ اليَمَامَةِ سَبْعُونَ، قَالَ: وكانَ بئْرُ مَعُونَةَ علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويَوْمُ اليَمَامَةِ علَى عَهْدِ أبِي بَكْرٍ، يَومَ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4078 التخريج : أخرجه الآجري في ((الشريعة)) (1138)، والبيهقي في ((دلائل النبوة)) (3/ 277) كلاهما بنحوه.
التصنيف الموضوعي: مغازي - خبر مسيلمة الكذاب مغازي - غزوة أحد مغازي - يوم بئر معونة مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مناقب وفضائل - فضائل الأنصار
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

25 - سُئِلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أيُّ النَّاسِ أكْرَمُ؟ قالَ: أكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أتْقَاهُمْ قالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ قالَ: فأكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ، قالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ، قالَ: فَعَنْ معادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي قالوا: نَعَمْ، قالَ: فَخِيَارُكُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ في الإسْلَامِ إذَا فقِهُوا.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4689 التخريج : أخرجه البخاري (4689)، ومسلم (2378)
التصنيف الموضوعي: أنبياء - يوسف رقائق وزهد - تقوى الله علم - الفقه في الدين مناقب وفضائل - خيار الناس رقائق وزهد - الورع والتقوى
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

26 - أَتَيْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ وهو في قُبَّةٍ مِن أَدَمٍ، فَقالَ: اعْدُدْ سِتًّا بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ ، ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَمِ ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ المَالِ حتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِئَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بيْنَكُمْ وبيْنَ بَنِي الأصْفَرِ، فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً ، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عوف بن مالك الأشجعي | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3176 التخريج : من أفراد البخاري على مسلم
التصنيف الموضوعي: أشراط الساعة - أمارات الساعة وأشراطها أشراط الساعة - قتال الروم أشراط الساعة - كثرة الهرج فتن - ظهور الفتن مغازي - غزوة تبوك
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

27 - قالَ ابنُ عبَّاسٍ: يَوْمُ الخَمِيسِ، وما يَوْمُ الخَمِيسِ؟ اشْتَدَّ برَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجَعُهُ، فقالَ: ائْتُونِي أكْتُبْ لَكُمْ كِتابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أبَدًا، فَتَنازَعُوا ولا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنازُعٌ، فقالوا: ما شَأْنُهُ، أهَجَرَ اسْتَفْهِمُوهُ؟ فَذَهَبُوا يَرُدُّونَ عليه، فقالَ: دَعُونِي، فالَّذِي أنا فيه خَيْرٌ ممَّا تَدْعُونِي إلَيْهِ وأَوْصاهُمْ بثَلاثٍ، قالَ: أخْرِجُوا المُشْرِكِينَ مِن جَزِيرَةِ العَرَبِ، وأَجِيزُوا الوَفْدَ بنَحْوِ ما كُنْتُ أُجِيزُهُمْ وسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ أوْ قالَ فَنَسِيتُها

28 - لَمَّا كانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ، آثَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُنَاسًا في القِسْمَةِ، فأعْطَى الأقْرَعَ بنَ حَابِسٍ مِئَةً مِنَ الإبِلِ، وأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذلكَ، وأَعْطَى أُنَاسًا مِن أَشْرَافِ العَرَبِ فَآثَرَهُمْ يَومَئذٍ في القِسْمَةِ، قالَ رَجُلٌ: واللَّهِ إنَّ هذِه القِسْمَةَ ما عُدِلَ فِيهَا، وما أُرِيدَ بهَا وجْهُ اللَّهِ، فَقُلتُ: واللَّهِ لَأُخْبِرَنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتَيْتُهُ، فأخْبَرْتُهُ، فَقالَ: فمَن يَعْدِلُ إذَا لَمْ يَعْدِلِ اللَّهُ ورَسولُهُ ، رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى قدْ أُوذِيَ بأَكْثَرَ مِن هذا فَصَبَرَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3150 التخريج : أخرجه مسلم (1062) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: أنبياء - موسى صدقة - الصدقة على المؤلفة قلوبهم فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - صبره مغازي - غزوة حنين رقائق وزهد - العفو والإعراض عن الجاهلين
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

29 -  دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَرَأَيْتُ أبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ فَجَلَسْتُ إلَيْهِ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ العَزْلِ، قَالَ أبو سَعِيدٍ: خَرَجْنَا مع رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ بَنِي المُصْطَلِقِ، فأصَبْنَا سَبْيًا مِن سَبْيِ العَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ، واشْتَدَّتْ عَلَيْنَا العُزْبَةُ، وأَحْبَبْنَا العَزْلَ، فأرَدْنَا أنْ نَعْزِلَ، وقُلْنَا: نَعْزِلُ ورَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ أظْهُرِنَا قَبْلَ أنْ نَسْأَلَهُ؟! فَسَأَلْنَاهُ عن ذلكَ، فَقَالَ: ما علَيْكُم أنْ لا تَفْعَلُوا، ما مِن نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إلى يَومِ القِيَامَةِ إلَّا وهي كَائِنَةٌ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4138 التخريج : أخرجه البخاري (4138)، ومسلم (1438)
التصنيف الموضوعي: قدر - كل شيء بقدر مغازي - غزوة بني المصطلق نكاح - العزل آداب عامة - المباحات من الأفعال والأقوال
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

30 - مَن لِكَعْبِ بنِ الأشْرَفِ، فإنَّه قدْ آذَى اللَّهَ ورَسوله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ: أنَا، فأتَاهُ، فَقالَ: أرَدْنَا أنْ تُسْلِفَنَا، وسْقًا أوْ وسْقَيْنِ، فَقالَ: ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ، قالوا: كيفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وأَنْتَ أجْمَلُ العَرَبِ؟ قالَ: فَارْهَنُونِي أبْنَاءَكُمْ، قالوا: كيفَ نَرْهَنُ أبْنَاءَنَا، فيُسَبُّ أحَدُهُمْ، فيُقَالُ: رُهِنَ بوَسْقٍ، أوْ وسْقَيْنِ؟ هذا عَارٌ عَلَيْنَا، ولَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ - قالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي السِّلَاحَ - فَوَعَدَهُ أنْ يَأْتِيَهُ، فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أتَوُا النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخْبَرُوهُ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2510 التخريج : أخرجه البخاري (2510)، ومسلم (1801) مطولاً
التصنيف الموضوعي: جهاد - الحرب خدعة مغازي - مقتل كعب بن الأشرف مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مناقب وفضائل - محمد بن مسلمة مناقب وفضائل - فضائل جمع من الصحابة والتابعين
| أحاديث مشابهة | شرح حديث مشابه