الموسوعة الحديثية


- أمرَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ أن ننطلقَ معَ جعفرَ بنَ أبي طالبٍ إلى أرضِ النَّجاشيِّ ، قالَ فبلغَ ذلِكَ قومَنا فبعثوا عَمرو بنَ العاصِ وعمارةَ بنَ الوليدِ وجمَعوا للنَّجاشيِّ هديةً ، فقَدِمنا وقَدِما علَى النَّجاشيِّ ، فأتَوهُ بِهَديَّتِهِ فقبِلَها وسجدوا ثمَّ قالَ لَهُ عَمرو بنُ العاصِ : إنَّ قومًا منَّا رغِبوا عن دينِنا وَهُم في أرضِكَ . فقالَ لَهُمُ النَّجاشيُّ : في أرضي ؟ قالوا : نعم . فبعثَ إلينا فقالَ لَنا جعفرٌ : لا يتَكَلَّمُ منكُم أحدٌ أَنا خطيبُكُمُ اليومَ . قال فانتَهَينا إلى النَّجاشيِّ وَهوَ جالسٌ في مَجلسِهِ وعَمرو بنُ العاصِ عن يمينِهِ وعمارةُ عن يسارِه ، والقسِّيسونَ والرُّهبانُ جلوسٌ سماطينِ ، وقد قال لهُ عمرو بنُ العاصِ وعمارةُ : إنَّهم لا يسجدونَ لَكَ . قال فلمَّا انتَهَينا زَبَرَنا قالَ مَن عندَهُ منَ القسِّيسينَ والرُّهبانُ : اسجدوا للملِكِ . فقالَ جعفرٌ : لا نسجدُ إلَّا للَّهِ فلمَّا انتَهَينا إلى النَّجاشيِّ قالَ : ما يمنعُكَ أن تسجُدَ ؟ قالَ : لا نسجُدَ إلَّا للَّهِ قالَ لَهُ النَّجاشيُّ : وما ذاكَ ؟ قالَ : إنَّ اللَّهَ بعثَ فينا رسولَهُ ، وَهوَ الرسولُ الَّذي بشرَ بهِ عيسَى ابنُ مريمَ برسولٍ يأتي من بعدي اسمُهُ أحمدُ فأمرَنا أن نعبدَ اللَّهَ ولا نُشْرِكَ بِهِ شيئًا ، ونقيمَ الصَّلاةَ ، ونُؤْتيَ الزَّكاةَ ، وأمرَنا بالمعروفِ ، ونَهانا عنِ المنكرِ . قالَ : فأعجبَ النَّجاشيَّ قولُهُ ، فلمَّا رأى ذلِكَ عَمرو بنُ العاصِ قال : أصلحَ اللَّهُ الملِكَ ، إنَّهم يخالفونَ في ابنِ مريمَ . فقالَ النَّجاشيُّ لجعفرٍ : ما يقولُ صاحبُكَ في ابنِ مريمَ ؟ قالَ : يقولُ فيهِ قَولَ اللَّهِ هوَ روحُ اللَّهِ وَكَلمتُهُ أخرجَهُ منَ البتولِ العذراءِ الَّتي لم يَقربَها بشرٌ قالَ : فتَناولَ النَّجاشيُّ عودًا منَ الأرضِ ، فقالَ : يا معشرَ القسِّيسينَ والرُّهبانَ ، ما يزيدُ ما يقولُ هؤلاءُ علَى ما تقولونَ في ابنِ مريمَ ما يزنُ هذِهِ ، مرحبًا بِكُم وبمَن جئتُمْ من عندِهِ ، فأَنا أشهدُ أنَّهُ رسولُ اللَّهِ والَّذي بشرَ بهِ عيسَى ابنُ مريمَ ، لَولا ما أَنا فيهِ منَ المُلكِ لأتَيتُهُ حتَّى أحملَ نعلَيهِ ، امكثوا في أرضي ما شئتُمْ وأمرَ لَنا بطعامٍ وَكِسوةٍ ، وقالَ : ردُّوا علَى هذَينِ هديَّتَهما . قالَ : وَكانَ عَمرو بنُ العاصِ ، رجلًا قصيرًا ، وَكانَ عمارةُ بنُ الوليدِ رجلًا جميلًا ، قالَ : فأقبلا في البحرِ إلى النَّجاشيِّ ، قال فشرِبوا ، قال ومعَ عَمرو بنِ العاصِ امرأتُهُ ، فلمَّا شرِبوا الخمرَ ، قالَ عمارةُ لعمرٍو : مُرْ امرأتَكَ فلتقَبِّلْني . فقال لهُ عَمرو ألا تستحي فأخذَهُ عمارةُ فرمَى بِهِ في البحرِ ، فجعلَ عَمرو يُناشدُهُ حتَّى أدخلَهُ السَّفينةَ ، فحقدَ عليهِ عمرٌو ذلِكَ ، فقالَ عمرٌو للنَّجاشيِّ : إنَّكَ إذا خرجتَ خَلَفَ عمارةُ في أَهْلِكَ . قالَ : فدعا النَّجاشيُّ بعمارةَ فنفخَ في إحليلِهِ فصارَ معَ الوحشِ
الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : الوادعي | المصدر : صحيح دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 104 | خلاصة حكم المحدث : صحيح . ورجاله رجال الشيخين | أحاديث مشابهة

أحاديث مشابهة:


- أمرنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن ننطلِقَ إلى أرضِ النَّجاشيِّ
الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : العراقي | المصدر : تخريج الإحياء للعراقي
الصفحة أو الرقم : 2/282 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | أحاديث مشابهة

- أمرَنَا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ ننطلِقَ إلى أرضِ النجاشِيِّ – فذكَرَ القِصَّةَ وفيها – وقال النجاشيُّ : أشهدُ أنَّهُ رسولُ اللهِ ، وأنَّهُ الذي بشرَ بِهِ عيسى ابنُ مرْيَمَ ، ولَوْلَا مَا أنا فِيهِ مِنَ الْمُلْكِ لأتَيْتُهُ حتى أحمِلَ نعْلَيْهِ .
الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : الألباني | المصدر : أحكام الجنائز
الصفحة أو الرقم : 117 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | أحاديث مشابهة

- إنَّ هذا والذي جاء به موسى عليه السلامُ لَيَخْرُجُ من مِشكاةٍ واحدةٍ
الراوي : أم سلمة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : شرح الطحاوية
الصفحة أو الرقم : 153 | خلاصة حكم المحدث : حسن | أحاديث مشابهة | شرح حديث مشابه

- فقال لهمُ النَّجاشي : ما هذا الدِّينُ الَّذي فارقتُمْ فيهِ قومَكُم، ولم تدخُلوا في ديني ولا في دينِ أحدٍ من النَّاسِ ؟ فقال جعفرُ : أيُّها الملِكُ، كنَّا أَهْلَ جاهليَّةٍ نعبدُ الأصنامَ ، وَنَأْكلُ الميتةَ وَنَأْتي الفواحشَ، ونقطعُ الأرحامَ، ونُسيءُ الجوارَ ويأكلُ القويُّ منَّا الضَّعيفَ ، حتَّى بعثَ اللَّهُ إلينا رسولًا منَّا نعرفُ نسبَهُ، وصدقَهُ ، وأمانتَهُ، وعفافَهُ ، فدعانا لتوحيدِ اللَّهِ وأن لا نُشرِكَ بهِ شيئًا،ونخلَعَ ما كنَّا نعبدُ من الأصنامِ، وأمرَنا بصدقِ الحديثِ، وأداءِ الأمانةِ، وصلةِ الرَّحمِ، وحُسنِ الجوارِ، والكفِّ عنِ المحارمِ، والدِّماءِ، ونَهانا عنِ الفواحشِ، وقولِ الزُّورِ، وأَكْلِ مالَ اليتيمِ، وأمرَنا بالصَّلاةِ، والصِّيام، وعدَّدَ علَيهِ أمورَ الإسلامِ، وقال جعفرٌ فآمنَّا بهِ وصدقناه، وحرَّمنا ما حرَّمَ علينا، وحلَّلنا ما أحلَّ لَنا، فتعدَّى علينا قومُنا، فعذَّبونا وفتَنونا عن دينِنا ليردُّونا إلى عبادةِ الأوثانِ، فلمَّا قَهَرونا وظلَمونا، وحالوا بينَنا وبينَ دينِنا، خرجنا إلى بلادِكَ، واخترناكَ علَى مَن سواكَ، ورجَونا أن لا نُظلَمَ عندَكَ فقالَ النَّجاشيُّ: هل معَكَ مِمَّا جاءَ بهِ عنِ اللَّهِ شيءٌ ؟ قالَ: نعَم، قرأَ علَيهِ صدرًا من سورةِ مريَمَ فبَكَى النَّجاشيُّ وأساقفتُهُ وقال النَّجاشيُّ: إنَّ هذا والَّذي جاءَ بهِ عيسَى يخرجُ من مشكاةٍ واحدةٍ، انطلقا واللَّهِ لا أسلمُهُمِ إليكُما أبدًا، يخاطِبُ عمرَو بنَ العاصِ وصاحبَهُ فخَرجا وقال عمرٌو لعبدِ اللَّهِ بنُ أبي ربيعةَ واللَّهِ لآتيَنَّهُ غدًا بما يُبيدُ خَضراءَهم فلمَّا كان الغدُ، قالَ للنَّجاشيِّ: إن هؤلاء يقولونَ في عيسَى بن مريمَ قولًا عظيمًا ، فأرسلِ النجاشي يسألُهُم عن قولِهم: في المسيحِ ؟ فقالَ جعفرُ: نقولُ فيهِ الَّذي جاءَنا بهِ نبيُّنا: هوَ عبدُ اللَّهِ ورسولُهُ، وروحُهُ وَكَلمتُهُ ألقاها إلى مريمَ العذراءِ البتولِ، فأخذ النَّجاشيُّ عودًا من الأرضِ، وقالَ: ما عَدا عيسَى ما قلتَ قدرَ هذا العودِ، فنخرَت بطارقتُهُ فقالَ: وإن نَخرتُمْ وقال للمسلِمين اذهَبوا، فأنتُمْ آمِنونَ ما أحبُّ أنَّ لي جبلًا من ذهبٍ وأنني آذيتُ رجلًا منكُم وردَّ هديَّةَ قُريشٍ وقال: ما أخذَ اللَّهُ الرِّشوةَ منِّي حتَّى آخُذَها منكُم ولا أطاعَ النَّاسَ فيَّ، حتى أطيعَهُم فيهِ.
الراوي : أم سلمة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : فقه السيرة
الصفحة أو الرقم : 115 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | أحاديث مشابهة | شرح حديث مشابه

- لمَّا نزَلْنا أرضَ الحَبَشةِ جاوَرْنا بها خَيرَ جارٍ، النَّجاشيَّ، أمِنَّا على دِينِنا، وعَبَدْنا اللهَ لا نُؤْذى، ولا نَسمَعُ شَيئًا نَكرَهُه، فلمَّا بلَغَ ذلك قُرَيشًا ائْتَمَروا أنْ يَبعَثوا إلى النَّجاشيِّ فينا رَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ وأنْ يُهدوا النَّجاشيَّ هدايا ممَّا يُستَطرَفُ مِن مَتاعِ مكةَ، وكان مِن أعجَبِ ما يأتيهِ منها إليه الأدَمُ، فجَمَعوا له أدَمًا كَثيرًا، ولم يَترُكوا مِن بَطارِقَتهِ بِطريقًا إلا أهدَوْا له هَديَّةً، ثم بَعَثوا بذلك مع عَبدِ اللهِ بنِ رَبيعةَ بنِ المُغيرةِ المَخزوميِّ وعَمرِو بنِ العاصِ بنِ وائلٍ السَّهْميِّ، وأمَّروهما أمْرَهم، وقالوا لهما: ادفَعوا إلى كُلِّ بِطريقٍ هَديَّتَه قَبلَ أنْ تُكَلِّموا النَّجاشيَّ فيهم، ثم قَدِّموا لِلنَّجاشيِّ هداياه، ثم سَلوهُ أنْ يُسَلِّمَهم إليكم قَبلَ أنْ يُكَلِّمَهم. قالت: فخرَجا، فقَدِما على النَّجاشيِّ ونحن عِندَه بخَيرِ دارٍ، وعِندَ خَيرِ جارٍ، فلم يَبقَ مِن بَطارِقَتِه بِطريقٌ إلا دفَعا إليه هَديَّتَه قَبلَ أنْ يُكَلِّما النَّجاشيَّ، ثم قالا لِكُلِّ بِطريقٍ منهم: إنَّه قد صَبا إلى بَلَدِ المَلِكِ مِنَّا غِلمانٌ سُفَهاءُ فارَقوا دِينَ قَومِهم، ولم يَدخُلوا في دِينِكم، وجاؤوا بدِينٍ مُبتَدَعٍ لا نَعرِفُه نحن ولا أنتم، وقد بعَثَنا إلى المَلِكِ فيهم أشرافُ قَومِهم؛ لِيَرُدَّهم إليهم، فإذا كَلَّمْنا المَلِكَ فيهم فتُشيروا عليه بأنْ يُسَلِّمَهم إلينا، ولا يُكَلِّمَهم؛ فإنَّ قَوْمَهم أعلى بهم عَيْنًا، وأعلَمُ بما عابوا عليهم. فقالوا لهما: نَعَمْ. ثم إنَّهما قَرَّبا هَداياهم إلى النَّجاشيِّ، فقَبِلَها منهما، ثم كَلَّماهُ، فقالا له: أيُّها المَلِكُ، إنَّه قد صَبا إلى بَلَدِكَ مِنَّا غِلمانٌ سُفهاءُ، فارَقوا دِينَ قَومِهم، ولم يَدخُلوا في دِينِكَ، وجاؤوا بدِينٍ مُبتَدَعٍ، لا نَعرِفُه نحن ولا أنتَ، وقد بعَثَنا إليكَ فيهم أشرافُ قَومِهم مِن آبائِهم وأعمامِهم وعَشائِرِهم؛ لِتَرُدَّهم إليهم؛ فهم أعلى بهم عَيْنًا، وأعلَمُ بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه. قالت: ولم يَكُنْ شَيءٌ أبغَضَ إلى عَبدِ اللهِ بنِ أبي رَبيعةَ وعَمرِو بنِ العاصِ مِن أنْ يَسمَعَ النَّجاشيُّ كَلامَهم. فقالت بَطارِقَتُه حَولَه: صَدَقوا أيُّها المَلِكُ، قَومُهم أعلى بهم عَيْنًا، وأعلَمُ بما عابوا عليهم؛ فأسْلِمْهم إليهما، فليَرُدَّاهم إلى بِلادِهم وقَومِهم. قال: فغَضِبَ النَّجاشيُّ، ثم قال: لا ها اللهِ ايْمُ اللهِ إذَنْ لا أُسَلِّمُهم إليهما، ولا أكادُ قَومًا جاوَروني، ونَزَلوا بِلادي واختَاروني على مَن سِوايَ حتى أدعُوَهم فأسألَهم ما يَقولُ هذان في أمْرِهم، فإنْ كانوا كما يَقولانِ أسلَمْتُهم إليهما، ورَدَدتُهم إلى قَومِهم، وإنْ كانوا على غَيرِ ذلك مَنَعتُهم منهما، وأحسَنتُ جِوارَهم ما جاوَروني. قالت: ثم أرسَلَ إلى أصحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فدَعاهم، فلمَّا جاءَهم رَسولُهُ اجتَمَعوا، ثم قال بَعضُهم لِبَعضٍ: ما تَقولونَ لِلرَّجُلِ إذا جِئتُموهُ. قالوا: نَقولُ واللهِ ما عَلِمْنا وما أمَرَنا به نَبيُّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كائنٌ في ذلك ما هو كائنٌ. فلمَّا جاؤُوهُ وقد دعا النَّجاشيُّ أساقِفَتَه فنَشَروا مَصاحِفَهم حَولَه، سألَهم، فقال: ما هذا الدِّينُ الذي فارَقتُم فيه قَومَكم، ولم تَدخُلوا في دِيني ولا في دِينِ أحَدٍ مِن هذه الأُمَمِ؟ قالت: فكان الذي كَلَّمَه جَعفَرُ بنُ أبي طالِبٍ، فقال له: أيُّها المَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أهلَ جاهِليَّةٍ، نَعبُدُ الأصنامَ، ونأكُلُ المَيْتةَ، ونأتي الفَواحِشَ، ونَقطَعُ الأرحامَ، ونُسيءُ الجِوارَ، يأكُلُ القَويُّ مِنَّا الضَّعيفَ، فكُنَّا على ذلك حتى بعَثَ اللهُ إلينا رَسولًا مِنَّا، نَعرِفُ نَسَبَه وصِدقَهُ وأمانَتَه وعَفافَهُ، فدَعانا إلى اللهِ لِنُوَحِّدَه، ونَعبُدَه، ونَخلَعَ ما كُنَّا نَعبُدُ نحن وآباؤنا مِن دُونِه مِنَ الحِجارةِ والأوثانِ، وأمَرَنا بصِدقِ الحَديثِ، وأداءِ الأمانةِ، وصِلةِ الرَّحِمِ، وحُسْنِ الجِوارِ، والكَفِّ عنِ المَحارِمِ والدِّماءِ، ونَهانا عنِ الفَواحِشِ، وقَولِ الزُّورِ، وأكْلِ مالِ اليَتيمِ، وقَذْفِ المُحصَنةِ، وأمَرَنا أنْ نَعبُدَ اللهَ وَحْدَه ولا نُشرِكَ به شَيئًا، وأمَرَنا بالصَّلاةِ والزَّكاةِ والصِّيامِ. قالت: فعَدَّدَ عليه أُمورَ الإسلامِ، فصَدَّقْناهُ، وآمَنَّا به، واتَّبَعْناهُ على ما جاءَ به، فعَبَدْنا اللهَ وَحْدَه فلم نُشرِكْ به شَيئًا، وحَرَّمْنا ما حَرَّمَ علينا، وأحلَلْنا ما أحَلَّ لنا، فعدا علينا قَوْمُنا، فعَذَّبونا، وفَتَنونا عن دِينِنا؛ لِيَرُدُّونا إلى عِبادةِ الأوثانِ مِن عِبادةِ اللهِ، وأنْ نَستَحِلَّ ما كُنَّا نَستَحِلُّ مِنَ الخَبائِثِ، فلمَّا قَهَرونا، وظَلَمونا، وشَقُّوا علينا، وحالوا بَينَنا وبَينَ دِينِنا، خرَجْنا إلى بَلَدِكَ واختَرْناكَ على مَن سِواكَ، ورَغِبْنا في جِوارِكَ، ورَجَوْنا ألَّا نُظلَمَ عِندَكَ أيُّها المَلِكُ. قالت: فقال له النَّجاشيُّ: هل معكَ ممَّا جاءَ به عنِ اللهِ مِن شَيءٍ؟ قالت: فقال له جَعفَرٌ: نَعَمْ. فقال له النَّجاشيُّ: فاقْرَأْه علَيَّ. فقَرَأَ عليه صَدْرًا مِن {كهيعص}، قالت: فبَكى واللهِ النَّجاشيُّ حتى أخْضَلَ لِحيَتَه، وبَكَتْ أساقِفَتُه حتى أخْضَلوا مَصاحِفَهم حين سَمِعوا ما تَلا عليهم، ثم قال النَّجاشيُّ: إنَّ هذا واللهِ والذي جاءَ به موسى لَيَخرُجُ مِن مِشكاةٍ واحِدةٍ، انطَلِقا فواللهِ لا أُسْلِمُهم إليكم أبَدًا، ولا أُكادُ. قالت أُمُّ سَلَمةَ: فلمَّا خرَجا مِن عِندِه قال عَمرُو بنُ العاصِ: واللهِ لَأُنَبِّئَنَّه غَدًا عَيْبَهم عِندَه، ثم أستأصِلُ به خَضراءَهم. قالت: فقال له عَبدُ اللهِ بنُ أبي رَبيعةَ، وكان أتْقى الرَّجُلَيْنِ فينا: لا تَفعَلْ؛ فإنَّ لهم أرحامًا وإنْ كانوا قد خالَفونا. قال: واللهِ لَأُخبِرَنَّه أنَّهم يَزعُمونَ أنَّ عيسى ابنَ مَريَمَ عَبدٌ. قالت: ثم غَدا عليه الغَدَ، فقال له: أيُّها المَلِكُ، إنَّهم يَقولونَ في عيسى ابنِ مَريمَ قَولًا عَظيمًا، فأرْسِلْ إليهم فاسألْهم عمَّا يَقولونَ فيه. قالت: فأرسَلَ إليهم يَسألُهم عنه، قالت: ولم يَنزِلْ بنا مِثلُها، فاجتَمَعَ القَومُ، فقال بَعضُهم لِبَعضٍ: ماذا تَقولونَ في عيسى إذا سألَكم عنه؟ قالوا: نَقولُ واللهِ فيه ما قال اللهُ، وما جاء به نَبيُّنا، كائِنًا في ذلك ما هو كائِنٌ. فلمَّا دَخَلوا عليه قال لهم: ما تَقولونَ في عيسى ابنِ مَريمَ؟ فقال له جَعفَرُ بنُ أبي طالِبٍ: نَقولُ فيه الذي جاء به نَبيُّنا؛ هو عَبدُ اللهِ، ورَسولُهُ، ورُوحُه، وكَلِمَتُه ألْقاها إلى مَريمَ العَذراءِ البَتولِ. قالت: فضرَبَ النَّجاشيُّ يَدَهُ إلى الأرضِ، فأخَذَ منها عُودًا، ثم قال: ما عدا عيسى ابنُ مَريمَ ما قُلتَ هذا العُودَ. فتَناخَرَتْ بَطارِقَتُه حَولَه حين قال ما قال، فقال: وإنْ نَخَرتُم واللهِ، اذهَبوا فأنتُم سُيُومٌ بأرضي -والسُّيُومُ: الآمِنونَ-، مَن سَبَّكم غُرِّمَ، ثم مَن سَبَّكم غُرِّمَ، فما أُحِبُّ أنَّ لي دَبْرًا ذَهَبًا وأنِّي آذَيتُ رَجُلًا مِنكم -والدَّبْرُ بلِسانِ الحَبَشةِ: الجَبَلُ-، رُدُّوا عليهما هداياهما؛ فلا حاجةَ لنا بها، فواللهِ ما أخَذَ اللهُ مِنِّي الرِّشوةَ حين رَدَّ علَيَّ مُلْكي فآخُذَ الرِّشوةَ فيه، وما أطاعَ الناسَ فيَّ فأُطيعَهم فيه. قالت: فخرَجا مِن عِندِه مَقبوحَينِ مَردودًا عليهما ما جاءا به، وأقَمْنا عِندَه بخَيرِ دارٍ، مع خَيرِ جارٍ. قالت: فواللهِ إنَّا على ذلك إذْ نَزَلَ به -يعني: مَن يُنازِعُه في مُلكِهِ- قالت: فواللهِ ما علِمْنا حُزْنًا قَطُّ كان أشَدَّ مِن حُزْنٍ حَزِنَّاه عِندَ ذلك؛ تَخَوُّفًا أنْ يَظهَرَ ذلك على النَّجاشيِّ، فيَأتيَ رَجُلٌ لا يَعرِفُ مِن حَقِّنا ما كان النَّجاشيُّ يَعرِفُ منه، قالت: وسارَ النَّجاشيُّ وبَينَهما عُرضُ النِّيلِ. قالت: فقال أصحابُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن رَجُلٌ يَخرُجُ حتى يَحضُرَ وَقعةَ القَومِ، ثم يأتينا بالخَبَرِ؟ قالت: فقال الزُّبَيرُ بنُ العَوَّامِ: أنا. قالت: وكان مِن أحدَثِ القَومِ سِنًّا، قالت: فنَفَخوا له قِربةً، فجَعَلَها في صَدرِهِ، ثم سبَحَ عليها حتى خرَجَ إلى ناحيةِ النِّيلِ التي بها مُلتَقى القَومِ، ثم انطَلَقَ حتى حضَرَهم، قالت: ودَعَوْنا اللهَ لِلنَّجاشيِّ بالظُّهورِ على عَدوِّه والتَّمكينِ له في بِلادِهِ، واستَوسَقَ عليه أمْرُ الحَبَشةِ، فكُنَّا عِندَه في خَيرِ مَنزِلٍ، حتى قَدِمْنا على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو بمَكةَ.
الراوي : أم سلمة أم المؤمنين | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر
الصفحة أو الرقم : 3/180 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | أحاديث مشابهة | شرح حديث مشابه

- بعثنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلى النجاشيِّ ونحنُ نحوًا من ثمانينَ رجلًا فيهم عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ وجعفرُ وعبدُ اللهِ بنُ عرفطةَ وعثمانُ بنُ مظعونٍ وأبو موسى فأَتَوْا النجاشيَّ وبعثت قريشٌ عمرو بنَ العاصِ وعمارةُ بنَ الوليدِ بهديةٍ فلمَّا دخلا على النجاشيِّ سجدا لهُ ثم ابتدراهُ عن يمينِهِ وعن شمالِهِ ثم قالا لهُ : إنَّ نفرًا من بني عمِّنا نزلوا أرضكَ ورغبوا عنَّا وعن مِلَّتِنَا قال : فأين هم ؟ قال : هم في أرضكَ فابعث إليهم فبعث إليهم فقال جعفرُ : أنا خطيبكم اليومَ فاتَّبعوهُ فسلَّمَ ولم يسجد فقالوا لهُ : ما لك لا تسجدُ للملكِ قال : إنَّا لا نسجدُ إلا للهِ عزَّ وجلَّ قال : وما ذاك ؟ قال : إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ بعث إلينا رسولَهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأمرنا أن لا نسجدَ لأحدٍ إلا للهِ عزَّ وجلَّ وأمرنا بالصلاةِ والزكاةِ قال عمرو بنُ العاصِ : فإنَّهم يُخالفونك في عيسى بنِ مريمَ قال : ما تقولون في عيسى بنِ مريمَ وأُمَّهُ قالوا : نقولُ كما قال اللهُ عزَّ وجلَّ : هو كلمةُ اللهِ وروحُهُ ألقاها إلى العذراءِ البتولِ التي لم يمَسَّها بشرٌ ولم يفرضها ولدٌ قال : فرفع عودًا من الأرضِ ثم قال : يا معشرَ الحبشةِ والقسيسينَ والرهبانِ واللهِ ما يزيدونَ على الذي نقولُ فيهِ ما يَسْوَى هذا مرحبًا بكم وبمن جئتم من عندِهِ أشهدُ أنَّهُ رسولُ اللهِ فإنَّهُ الذي نجدُ في الإنجيلِ وإنَّهُ الرسولُ الذي بَشَّرَ بهِ عيسى بنُ مريمَ انزلوا حيثُ شئتم واللهِ لولا ما أنا فيهِ من المُلْكِ لأتيتُهُ حتى أكونَ أنا أحملُ نعليْهِ وأُوَضِّئَهُ وأمرَ بهديةِ الآخرينَ فرُدَّتْ إليهما ثم تعجَّلَ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ حتى أدركَ بدرًا وزعم أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ استغفرَ لهُ حين بلغَهُ موتُهُ
الراوي : عبدالله بن عتبة بن مسعود | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر
الصفحة أو الرقم : 6/185 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن | أحاديث مشابهة

- عن أمِّ سلمةَ لمَّا نزلنا أرضَ الحبشةِ جَاوَرْنَا بها خيرَ جارٍ النَّجاشيِّ أَمِنَّا على دِيننا وعَبَدْنَا اللهَ تعالى لا نُؤذَى . . . .
الراوي : أبو بكر بن عبدالرحمن | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم : 7/578 | خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد | أحاديث مشابهة

- أمرنا رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم أن ننطلق مع جعفر بن أبي طالب إلى أرض الحبشة ، قال : فقدمنا فبعث إلينا قال لنا جعفر : لا يتكلم منكم أحد أنا خطيبكم اليوم قال : فانتهينا إلى النجاشي وهو جالس في مجلسه فزبرنا من عنده من القسيسين والرهبًان اسجدوا للملك فقال جعفر : لا نسجد إلا لله ، قال له النجاشي : وما منعك أن تسجد ؟ قال : لا نسجد إلا لله ، قال : وما ذاك ؟ قال : إن الله عز وجل بعث إلينا رسوله ، وهو الرسول الذي بشر به عيسى ابن مريم يأتي من بعدي اسمه أحمد ، فأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا ونقيم الصلاة ونؤتي الزكاة وأمر بًالمعروف ونهى عن المنكر . فأعجب النجاشي قوله ، قال : فما يقول صاحبكم في ابن مريم ؟ قال : يقول فيه : هو روح الله وكلمته أخرجه من العذاراء البتول التي لم يقربها بشر ، فتناول النجاشي عودا من الأرض ، فقال : يا معشر القسيسين والرهبًان : ما يزيد هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما تزن هذه . مرحبًا بكم وبمن جئتم من عنده فأنا أشهد أنه رسول اللهِ وإنه بشر به عيسى ابن مريم ، ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أحمل نعليه امكثوا في أرضي ما شئتم وأمر لنا بطعام وكسوة
الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 2/299 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | أحاديث مشابهة

- عن ابنِ مسعودٍ قال بعَثَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى النَّجاشيِّ ونحن نحوٌ من ثمانين رجلًا فيهم عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ وجعفرُ وعبدُ اللهِ بنُ عَرفَطَة وعثمانث بنُ مظعونٍ وأبو موسى فأتوا النجاشيَّ وبعَثَتْ قريشٌ عَمرو بنَ العاصِ وعمارةُ بنُ الوليدِ بهديةٍ فلما دخلا على النجاشيِّ سجدا له ثم ابتدَراه عن يمينِه وعن شمالِه ثم قالا له إنَّ نفرًا من بني عمِّنا نزلوا أرضَك ورغبوا عنا وعن مِلَّتِنا قال فأين هم قالا في أرضِك فابعَثْ إليهم فبعث إليهم فقال جعفرُ أنا خطيبُكم اليومَ فاتَّبعوه فسلَّم ولم يسجُدْ فقالوا له مالَكَ لا تسجدُ للملَكِ قال إنا لا نسجدُ إلا للهِ عزَّ وجلَّ قال وما ذاك قال إنَّ اللهَ بعث إلينا رسولًا ثم أمرنا أن لا نسجدَ لأحدٍ إلا للهِ عزَّ وجلَّ وأمرنا بالصلاةِ والزكاةِ قال عَمرو فإنهم يخالفونك في عيسى بنِ مريمَ قال فما تقولون في عيسى ابنِ مريمَ وأمِّه قال نقول كما قال اللهُ هو كلمتُه ورُوحُه ألقاها إلى العذراءِ البَتولِ التي لم يمَسَّها بشرٌ ولم يَفرِضْها ولدٌ قال فرفع عودًا من الأرضِ ثم قال يا معشرَ الحبشةِ والقِسِّيسينَ والرهبانِ واللهِ ما يزيدون على الذي نقول فيه ما سوى هذا مرحبًا بكم وبمن جئتُم من عنده أشهدُ أنه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأنه الذي نجدُ في الإنجيلِ وأنه الرسولُ الذي بشَّر به عيسى بنُ مريمَ انزلوا حيث شئتُم واللهِ لولا ما أنا فيه من المُلكِ لأتيتُه حتى أكون أنا الذي أحملُ نعلَيه وأمَر بهديةِ الآخرين فرُدَّتْ إليهما ثم تعجَّل عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ حتى أدرك بدرًا وزعم أنَّ النبيَّ استغفر له حين بلغه موتُه
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : ابن كثير | المصدر : البداية والنهاية
الصفحة أو الرقم : 3/67 | خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد قوي | أحاديث مشابهة

- شَهدَت أمُّ سلمةَ فتحَ خيبرَ، وَكانت تحتَ أبي سلمةَ بنِ عبدِ الأسدِ وَهاجرت معَهُ الْهجرةَ الأولى إلى الحبشَةِ، فلمَّا تُوفِّيَ خلَّفَ عليْها رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فتزوَّجَها في سنةِ أربعٍ لليالٍ بقينَ من شوَّالٍ
الراوي : - | المحدث : العراقي | المصدر : طرح التثريب
الصفحة أو الرقم : 1/152 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | أحاديث مشابهة

- بعثَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم إلى النَّجاشيِّ ثمانينَ رجُلًا منهُم عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ وجعفَرُ وأبو موسَى الأشعريُّ وعبدُ اللهِ بنُ عُرفُطَةَ وعُثمانُ بنُ مَظعونٍ فبَعثَت قُريشٌ عَمرَو بنَ العاصِ وعُمارةَ بنَ الوليدِ بهديَّةٍ فقدِما على النَّجاشِيِّ فلما أن دخَلا عليه سجَدا له وابتدَراه فقعَد واحد عن يَمينِهِ والآخَرُ عن شِمالِهِ فقالا إنَّ نفَرًا مِن بني عمِّنا نَزلوا أرضَكَ فرغِبوا عنَّا وعَن مِلِّتِنا قالَ وأينَ هُم قالوا بأرضِكَ فأرسَلَ في طلبِهِم قال جعفَرٌ أنا خطيبكُم اليومَ فاتَّبعوه فدخلَ فسلَّم فقالوا ما لكَ لا تَسجُدُ للملِكِ قال إنَّا لا نسجُد إلا للَّهِ قالوا ولم ذاكَ قال إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ أرسلَ فينا رسولًا وأمرَنا ألا نَسجُدَ إلا للهِ وأمرَنا بالصَّلاةِ والزَّكاةِ قال عمرُو بنُ العاصِ فإنَّهم يخالِفونَكَ في ابنِ مريَمَ وأمَّهُ قال ما تَقولونَ في ابنِ مريمَ وأمِّهِ قال نقولُ كَما قال اللهُ روحُ اللهِ وكلِمَتُهُ ألقاها إلى العَذراءِ البَتولِ الَّتي لم يَمسَّها بشَرٌ ولم يفرِضها ولَدٌ قال فرفعَ النَّجاشيُّ عودًا من الأرضِ فقالَ يا معشرَ الحبشَةِ والقسِّيسينَ والرُّهبانِ ما تَزيدونَ ما يَسوى هذا أشهَدُ أنَّهُ رسولُ اللهِ وأنَّهُ الَّذي بشَّرَ به عيسَى في الإنجيلِ واللهِ لولا ما أنا فيهِ منَ الملكِ لأتَيتُهُ فأكونُ أنا الَّذي أحمِلُ نَعليهِ وأوَضِّئُهُ وقالَ انزِلوا حيثُ شئتُمْ وأمرَ بهديَّةِ الآخَرينَ فرُدَّتْ عليهِما قال وتعجَّلَ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ وشهِدَ بدرًا وقالَ إنَّهُ لما انتَهى إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ موتُهُ استغفرَ لهُ
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : ابن عساكر | المصدر : معجم الشيوخ
الصفحة أو الرقم : 1/278 | خلاصة حكم المحدث : حسن غريب | أحاديث مشابهة

- لمَّا نَزَلْنا أرضَ الحَبَشةِ جاوَرْنا بها خَيرَ جارٍ، النَّجاشي، أمِنَّا على دِينِنا، وعَبَدْنا اللهَ لا نُؤْذَى، ولا نَسمَعُ شَيئًا نَكرَهُه. فلمَّا بلَغَ ذلكَ قُرَيشًا، ائْتَمَروا أنْ يَبعَثوا إلى النَّجاشي فينا رجُلينِ جَلْدينِ، وأنْ يُهدوا للنَّجاشيِّ هَدايا ممَّا يُستَطرَفُ مِن مَتاعِ مَكَّةَ. وكان مِن أعجَبِ ما يأتيه منها إليه الأدَمُ، فجَمَعوا له أَدَمًا كثيرةً، ولم يَترُكوا مِن بَطارِقَتِه بِطْريقًا إلَّا أهدَوْا له هَديَّةً. ثمَّ بَعَثوا بذلكَ مع عبدِ اللهِ بنِ أبي رَبيعةَ بنِ المُغيرةِ المَخزوميِّ، وعَمرِو بنِ العاصِ بنِ وائلٍ السَّهميِّ، وأمَروهما أمْرَهم، وقالوا لهما: ادفَعوا إلى كلِّ بِطريقٍ هَديَّتَه قبلَ أنْ تُكَلِّموا النَّجاشي فيهم. ثمَّ قَدِّموا للنَّجاشي هَداياه، ثمَّ سَلوه أنْ يُسَلِّمَهم إليكم قبلَ أنْ يُكَلِّمَهم. قالتْ: فخَرَجا فقَدِما على النَّجاشي، فنحنُ عندَه بخَيرِ دارٍ، وعِندَ خَيرِ جارٍ، فلم يَبقَ مِن بَطارِقَتِه بِطريقٌ إلَّا دَفَعا إليه هَديَّتَه قبلَ أنْ يُكَلِّما النَّجاشي، ثمَّ قالا لكلِّ بِطريقٍ منهم: إنَّه قد صَبا إلى بَلَدِ المَلِكِ مِنَّا غِلمانٌ سُفَهاءُ، فارَقوا دِينَ قَومِهم، ولم يَدخُلوا في دِينِكم، وجاؤُوا بدِينٍ مُبتَدَعٍ، لا نَعرِفُه نحنُ ولا أنتم، وقد بعَثَنا إلى المَلِكِ فيهم أشرافُ قَومِهم ليَرُدَّهم إليهم، فإذا كَلَّمْنا المَلِكَ فيهم، فتُشيروا عليه بأنْ يُسَلِّمَهم إلينا، ولا يُكَلِّمَهم؛ فإنَّ قَومَهم أعلى بهم عَينًا، وأعلَمُ بما عابوا عليهم. فقالوا لهما: نعَمْ. ثمَّ إنَّهما قَرَّبا هَداياهم إلى النَّجاشي، فقَبِلَها منهما، ثمَّ كَلَّماه فقالا له: أيُّها المَلِكُ، إنَّه قد صَبا إلى بَلَدِكَ مِنَّا غِلمانٌ سُفَهاءُ، فارَقوا دِينَ قَومِهم، ولم يَدخُلوا في دِينِكَ، وجاؤُوا بدِينٍ مُبتَدَعٍ، لا نَعرِفُه نحنُ ولا أنتَ، وقد بعَثَنا إليكَ فيهم أشرافُ قَومِهم، مِن آبائهم، وأعمامِهم، وعَشائرِهم؛ لتَرُدَّهم إليهم، فهم أعلى بهم عَينًا، وأعلَمُ بما عابوا عليهم، وعاتَبوهم فيه. قالتْ: ولم يَكُنْ شيءٌ أبغَضَ إلى عبدِ اللهِ بنِ أبي رَبيعةَ وعَمرِو بنِ العاصِ مِن أنْ يَسمَعَ النَّجاشي كَلامَهم. فقالت بَطارِقَتُه حَولَه: صَدَقوا أيُّها المَلِكُ، قَومُهم أعلى بهم عَينًا، وأعلَمُ بما عابوا عليهم، فأسْلِمْهم إليهما، فلْيَرُدَّاهم إلى بِلادِهم وقَومِهم. قال: فغَضِبَ النَّجاشي، ثمَّ قال: لاها اللهِ، ايْمُ اللهِ، إذَنْ لا أُسلِمُهم إليهما، ولا أُكادُ قَومًا جاوَروني، نَزَلوا بِلادي، واختاروني على مَن سِوايَ حتى أدعُوَهم، فأسأَلَهم ماذا يقولُ هذانِ في أمْرِهم، فإنْ كانوا كما يقولانِ أسلَمتُهم إليهم، ورَدَدتُهم إلى قَومِهم، وإنْ كانوا على غَيرِ ذلكَ مَنَعتُهم منهما، وأحسَنتُ جِوارَهم ما جاوَروني. قالتْ: ثمَّ أرسَلَ إلى أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسَلَّمَ، فدَعاهم، فلمَّا جاءَهم رسولُه اجتَمَعوا، ثمَّ قال بعضُهم لبعضٍ: ما تَقولونَ للرَّجُلِ إذا جِئتُموه؟ قال: نَقولُ: واللهِ ما عَلِمْنا، وما أمَرَنا به نَبيُّنا صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسَلَّمَ، كائنٌ في ذلكَ ما هو كائنٌ. فلمَّا جاؤُوه، وقد دَعا النَّجاشي أساقِفَتَه، فنَشَروا مَصاحِفَهم حَولَه، سألَهم فقال: ما هذا الدِّينُ الذي فارَقتُم فيه قَومَكم، ولم تَدخُلوا في دِيني، ولا في دِينِ أحَدٍ مِن هذه الأُمَمِ. قالتْ: فكان الذي كَلَّمَه جَعفَرُ بنُ أبي طالبٍ، فقال له: أيُّها المَلِكُ، كُنَّا قَومًا أهلَ جاهِليَّةٍ نَعبُدُ الأصنامَ، ونأكُلُ المَيْتةَ، ونأتي الفَواحِشَ، ونَقطَعُ الأرحامَ، ونُسيءُ الجِوارَ، يأكُلُ القَويُّ مِنَّا الضَّعيفَ، فكُنَّا على ذلكَ حتى بعَثَ اللهُ إلينا رسولًا مِنَّا، نَعرِفُ نَسَبَه، وصِدقَه، وأمانَتَه، وعَفافَه، فدَعانا إلى اللهِ لنُوَحِّدَه ونَعبُدَه، ونَخلَعَ ما كُنَّا نَعبُدُ نحنُ وآباؤُنا مِن دونِه مِن الحِجارةِ والأوثانِ، وأمَرَنا بصِدقِ الحديثِ وأداءِ الأمانةِ، وصِلةِ الرَحِّمِ، وحُسنِ الجِوارِ، والكَفِّ عنِ المَحارِمِ والدِّماءِ، ونَهانا عنِ الفَواحِشِ، وقَولِ الزُّورِ، وأكلِ مالِ اليَتيمِ، وقَذفِ المُحصَنةِ، وأمَرَنا أنْ نَعبُدَ اللهَ وَحدَه، ولا نُشرِكَ به شَيئًا، وأمَرَنا بالصَّلاةِ، والزَّكاةِ، والصِّيامِ. قالتْ: فعَدَّدَ عليه أُمورَ الإسلامِ، فصَدَّقناه وآمَنَّا، واتَّبَعْناه على ما جاءَ به. فعَبَدْنا اللهَ وَحدَه، فلم نُشرِكْ به شَيئًا، وحَرَّمْنا ما حَرَّمَ علينا، وأحلَلْنا ما أحَلَّ لنا، فعدا علينا قَوْمُنا فعَذَّبونا، وفَتَنونا عن دِينِنا؛ ليَرُدُّونا إلى عِبادةِ الأَوْثانِ مِن عِبادةِ اللهِ، وأنْ نَستَحِلَّ ما كُنَّا نَستَحِلُّ مِن الخَبائثِ، فلمَّا قَهَرونا وظَلَمونا وشَقُّوا علينا، وحالوا بَينَنا وبينَ دِينِنا خَرَجْنا إلى بَلَدِكَ، واختَرناكَ على مَن سِواكَ، ورَغِبْنا في جِوارِكَ، ورَجَوْنا ألَّا نُظلَمَ عِندَكَ أيُّها المَلِكُ. قالتْ: فقال له النَّجاشي: هل مَعَكَ مما جاءَ به عنِ اللهِ مِن شيءٍ؟ قالتْ: فقال له جَعفَرٌ: نعَمْ. فقال له النَّجاشي: فاقرَأْه علَيَّ. فقرَأَ عليه صَدرًا مِن {كهيعص...} [سورة مريم]. قالتْ: فبَكى واللهِ النَّجاشي حتى أخضَلَ لحيَتَه، وبَكى أساقِفَتُه حتى أخضَلوا مَصاحِفَهم حينَ سَمِعوا ما تَلا عليهم. ثمَّ قال النَّجاشي: إنَّ هذا -وَاللهِ- والذي جاء به عيسى لَيَخرُجُ مِن مِشكاةٍ واحِدةٍ، انطَلِقا؛ فوَاللهِ لا أُسلِمُهم إليكم أبَدًا، ولا أكادُ. قالتْ أُمُّ سَلَمةَ: فلمَّا خَرَجا مِن عِندِه قال عَمرُو بنُ العاصِ: واللهِ لَأُنَبِّئَنَّهم غَدًا عَيبَهم عندَهم، ثمَّ أَستأْصِلُ به خَضراءَهم. قالتْ: فقال له عبدُ اللهِ بنُ أبي رَبيعةَ -وكان أتْقَى الرجُلينِ فينا-: لا تَفعَلْ؛ فإنَّ لهم أَرْحامًا، وإنْ كانوا قد خالَفونا. قال: واللهِ لَأُخبِرَنَّه أنَّهم يَزعُمونَ أنَّ عيسى ابنَ مَريَمَ عبدٌ. قالتْ: ثمَّ غَدا عليه الغَدَ، فقال له: أيُّها المَلِكُ، إنَّهم يقولونَ في عيسى ابنِ مَريَمَ قَولًا عَظيمًا، فأرسِلْ إليهم فاسأَلْهم عَمَّا يقولونَ فيه. قالتْ: فأرسَلَ إليهم يَسألُهم عنه. قالتْ: ولم يَنزِلْ بنا مِثلُه، فاجتَمَعَ القَومُ، فقال بعضُهم لبعضٍ: ماذا تَقولونَ في عيسى إذا سألَكم عنه؟ قالوا: نَقولُ واللهِ فيه ما قال اللهُ، وما جاءَ به نَبيُّنا، كائنًا في ذلكَ ما هو كائنٌ. فلمَّا دَخَلوا عليه قال لهم: ما تَقولونَ في عيسى ابنِ مَريَمَ؟ فقال له جَعفَرُ بنُ أبي طالبٍ: نَقولُ فيه الذي جاء به نَبيُّنا، هو عبدُ اللهِ ورسولُه، ورُوحُه، وكَلِمَتُه، أَلْقاها إلى مَريَمَ العَذراءِ البَتولِ. قالتْ: فضَرَبَ النَّجاشي يَدَه إلى الأرضِ، فأخَذَ منها عُودًا، ثمَّ قال: ما عَدا عيسى ابنُ مَريمَ ما قلتَ هذا العُودَ. فتَناخَرَتْ بَطارِقَتُه حَولَه حينَ قال ما قال، فقال: وإنْ نَخَرتُم واللهِ، اذهَبوا فأنتُم سُيومٌ بأرضي -والسُّيومُ: الآمِنونَ- مَن سَبَّكم غُرِّمَ، ثمَّ مَن سَبَّكم غُرِّمَ، فما أُحِبُّ أنَّ لي دَبْرًا ذَهَبًا وأنِّي آذَيتُ رجُلًا منكم -والدَّبرُ بلِسانِ الحَبَشةِ: الجَبَلُ- رُدُّوا عليهم هداياهما، فلا حاجةَ لنا بها، فواللهِ ما أخَذَ اللهُ مِنِّي الرِّشوةَ حينَ رَدَّ علَيَّ مُلكي، فآخُذَ الرِّشوةَ فيه، وما أطاعَ الناسَ فيَّ فأُطيعَهم فيه. قالتْ: فخَرَجا مِن عِندِه مَقبوحينِ، مَردودًا عليهما ما جاءا به. وأقَمْنا عندَه بخَيرِ دارٍ مع خَيرِ جارٍ. قالتْ: فوَاللهِ إنَّا على ذلكَ؛ إذْ نزَلَ به -يعني: مَن يُنازِعُه في مُلكِه- قالتْ: فواللهِ ما عَلِمْنا حُزنًا قَطُّ كان أشَدَّ مِن حُزنٍ حَزِنَّا عِندَ ذلكَ؛ تَخَوُّفًا أنْ يَظهَرَ ذلكَ على النَّجاشي، فيأتيَ رجُلٌ لا يَعرِفُ مِن حَقِّنا ما كان النَّجاشي يَعرِفُ منه. قالتْ: وسارَ النَّجاشي، وبَينَهما عَرضُ النِّيلِ. قالتْ: فقال أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ: مَن رجُلٌ يَخرُجُ حتى يَحضُرَ وَقعةَ القَومِ، ثمَّ يأتينا بالخَبَرِ؟ قالتْ: قال الزُّبَيرُ بنُ العَوَّامِ: أنا. قالتْ: وكانَ مِن أحدَثِ القَومِ سِنًّا، قالتْ: فنَفَخوا له قِربةً، فجعَلَها في صَدرِه، ثمَّ سَبَحَ عليها حتى خرَجَ إلى ناحيةِ النِّيلِ التي بها مُلتَقى القَومِ، ثمَّ انطَلَقَ حتى حَضَرَهم. قالتْ: ودَعَوْنا اللهَ للنَّجاشي بالظُّهورِ على عَدُوِّه، والتَّمكينِ له في بِلادِه، واستَوثَقَ عليه أمْرُ الحَبَشةِ، فكُنَّا عندَه في خَيرِ مَنزِلٍ، حتى قَدِمْنا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ وهو بمَكَّةَ.
الراوي : أم سلمة أم المؤمنين | المحدث : الوادعي | المصدر : صحيح دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 96 | خلاصة حكم المحدث : حسن | أحاديث مشابهة | شرح الحديث

- أمرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم أنْ ننطلقَ مع جعفرِ بنِ أبي طالبٍ إلى أرضِ النجاشيِّ فذكر الحديثَ . وفيه قال النجاشيُّ لجعفرٍ : ما يقولُ صاحبُك في ابنِ مريمَ ؟ قال يقولُ فيه قولَ اللهِ عزَّ وجلَّ هو روحُ اللهِ وكلمتُه أخرجَه من العَذْراءِ البَتولِ التي لم يقرَبْها بشرٌ قال فتناولَ النجاشيُّ عودًا من الأرضِ وقال يا معشرَ القسِّيسينَ والرهبانَ ما يزيدُ هؤلاءِ على ما تقولونَ في ابنِ مريمَ مرحبًا بكم وبمن جئتُمْ من عندِه فأنا أشهدُ أنه رسولُ اللهِ وأنه الذي بشَّر به عيسَى ابنُ مريمَ ولولا ما أنا فيه من المُلكِ لأتيتُه حتَّى أحملَ نَعليهِ امكثوا في أرضي ما شئتُم
الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : العظيم آبادي | المصدر : عون المعبود
الصفحة أو الرقم : 11/253 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | أحاديث مشابهة

- لمَّا نزَلْنا أرضَ الحَبشةِ، جاوَرْنا بها خيرَ جارٍ النَّجاشيَّ، أمِنَّا على دِينِنا، وعبَدْنا اللهَ تَعالى لا نُؤذَى، ولا نَسمَعُ شيئًا نَكرَهُه. فلمَّا بلَغَ ذلك قُرَيشًا، ائتَمَروا أنْ يَبعَثوا إلى النَّجاشيِّ فينا رَجُلَينِ جَلدَينِ، وأنْ يُهدوا للنَّجاشيِّ هَدايا ممَّا يُستَطرَفُ مِن مَتاعِ مكَّةَ، وكان مِن أعجَبِ ما يَأتيه منها إليه الأَدَمُ. فجَمَعوا له أَدَمًا كَثيرًا، ولم يَترُكوا مِن بَطارِقَتِه بِطريقًا إلَّا أهدَوا إليه هَديَّةً، ثُمَّ بَعَثوا بذلك عبدَ اللهِ بنَ أبي رَبيعةَ بنِ المُغيرةَ المَخزوميَّ، وعَمرَو بنَ العاصِ السَّهْميَّ، وأمَّروهما أمْرَهم، وقالوا لهما: ادفَعوا إلى كلِّ بِطريقٍ هَديَّتَه قبلَ أنْ تُكلِّموا النَّجاشيَّ فيهم، ثُمَّ قَدِّموا له هَداياه، ثُمَّ سَلُوه أنْ يُسلِمَهم إليكم قبلَ أنْ يُكلِّمَهم. قالتْ: فخَرَجا، فقَدِما على النَّجاشيِّ، ونحن عندَه بخَيرِ دارٍ، عندَ خيرِ جارٍ، فلمْ يَبقَ مِن بَطارِقَتِه بِطريقٌ إلَّا دَفَعا إليه هَديَّتَه، وقالا له: إنَّه قد ضَوَى إلى بَلدِ المَلِكَ منَّا غِلمانٌ سُفَهاءُ، فارَقوا دِينَ قَومِهم، ولم يَدخُلوا في دِينِكم، وجاؤوا بدِينٍ مُبتدَعٍ، لا نَعرِفُه نحن ولا أنتم، وقد بَعَثَنا إلى المَلِكِ فيهم أشرافُ قَومِهم، ليَرُدَّهم إليهم، فإذا كَلَّمْنا المَلِكَ فيهم، فأشيروا عليه بأنْ يُسلِمَهم إلينا، ولا يُكلِّمَهم؛ فإنَّ قَومَهم أعلى بهم عَينًا، وأعلَمُ بما عابوا عليهم. فقالوا لهم: نعمْ. ثُمَّ إنَّهما قَرَّبا هَدايا النَّجاشيِّ، فقبِلَها منهم، ثُمَّ كَلَّماه، فقالا له: أيُّها المَلِكُ، إنَّه ضَوَى إلى بَلدِكَ منَّا غِلمانٌ سُفَهاءُ، فارَقوا دِينَ قَومِهم، ولم يَدخُلوا في دِينِكَ، وجاؤوا بدِينٍ مُبتدَعٍ، لا نَعرِفُه نحن ولا أنت، وقد بعَثَنا إليك أشرافُ قَومِهم مِن آبائِهم وأعمامِهم وعَشائرِهم؛ لتَرُدَّهم إليهم، فهم أعلى بهم عَينًا، وأعلَمُ بما عابوا عليهم فيه. قالتْ: ولم يَكُنْ شيءٌ أبغَضَ إلى عبدِ اللهِ وعَمرٍو مِن أنْ يَسمَعَ النَّجاشيُّ كَلامَهم. فقالتْ بَطارِقَتُه حَولَه: صدَقوا أيُّها المَلِكُ، فأسلِمْهم إليهما. فغضِبَ النَّجاشيُّ، ثُمَّ قال: لا ها اللهِ، إذَنْ لا أُسلِمُهم إليهما، ولا أُكادُ قَومًا جاوَروني، ونزَلوا بِلادي، واختاروني على مَن سِواي حتى أدْعُوهم، فأسألَهم. ثُمَّ أرسَلَ إلى أصحابِ رسولِ اللهِ، فدَعاهم، فلمَّا جاءهم رسولُه اجتَمَعوا، ثُمَّ قال بَعضُهم لبَعضٍ: ما تقولونَ للرَّجُلِ إذا جِئتُموه؟ قالوا: نقولُ -واللهِ- ما علِمْنا، وما أمَرَنا به نَبيُّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كائنًا في ذلك ما كان. فلمَّا جاؤوه وقد دَعا النَّجاشيُّ أساقِفَتَه، فنشَروا مَصاحِفَهم حَولَه، سألَهم فقال: ما هذا الدِّينُ الذي فارَقتُم فيه قَومَكم، ولم تَدخُلوا في دِيني، ولا في دِينِ أحدٍ مِن هذه الأُمَمِ؟ قالتْ: وكان الذي يُكلِّمُه جَعفَرُ بنُ أبي طالبٍ، فقال له: أيُّها المَلِكُ، إنَّا كنَّا قَومًا أهلَ جاهليَّةٍ؛ نَعبُدُ الأصنامَ، ونَأكُلُ المَيْتةَ، ونَأتي الفَواحشَ، ونَقطَعُ الأرحامَ، ونُسيءُ الجِوارَ، ويَأكُلُ القَويُّ منَّا الضَّعيفَ، فكنَّا على ذلك حتى بعَثَ اللهُ إلينا رسولًا منَّا، نَعرِفُ نَسَبَه وصِدقَه وأمانتَه وعَفافَه، فدَعانا إلى اللهِ لنُوَحِّدَه ونَعبُدَه، ونَخلَعَ ما كنَّا نَعبُدُ وآباؤنا مِن دونِه مِن الحِجارةِ والأوْثانِ، وأمَرَنا بصِدقِ الحَديثِ، وأداءِ الأمانة، وصِلةِ الرَّحمِ، وحُسنِ الجِوارِ، والكَفِّ عن المَحارِمِ والدِّماءِ، ونَهانا عن الفَواحشِ، وقَولِ الزُّورِ، وأكلِ مالِ اليَتيمِ، وقَذفِ المُحصَنةِ، وأمَرَنا أنْ نَعبُدَ اللهَ لا نُشرِكُ به شيئًا، وأمَرَنا بالصَّلاةِ، والزَّكاةِ، والصِّيامِ -قالتْ: فعَدَّدَ له أُمورَ الإسلامِ-؛ فصَدَّقْناه، وآمَنَّا به، واتَّبَعْناه، فعَدا علينا قَومُنا، فعَذَّبونا، وفَتَنونا عن دِينِنا ليَرُدُّونا إلى عِبادةِ الأوْثانِ، وأنْ نَستحِلَّ ما كنَّا نَستحِلُّ مِن الخَبائثِ، فلمَّا قَهَرونا وظَلَمونا، وشَقُّوا علينا، وحالُوا بيْنَنا وبيْنَ دِينِنا؛ خرَجْنا إلى بَلدِكَ، واختَرْناكَ على مَن سِواكَ، ورغِبْنا في جِوارِكَ، ورَجَوْنا ألَّا نُظلَمَ عندَكَ أيُّها المَلِكُ. قالتْ: فقال: هل معك ممَّا جاء به عن اللهِ مِن شيءٍ؟ قال: نعمْ. قال: فاقرَأْه علَيَّ. فقرَأَ عليه صَدرًا مِن: {كهيعص}، فبَكى -واللهِ- النَّجاشيُّ حتى أخضَلَ لِحيَتَه، وبكَتْ أساقِفَتُه حتى أخضَلوا مَصاحِفَهم حينَ سَمِعوا ما تُليَ عليهم. ثُمَّ قال النَّجاشيُّ: إنَّ هذا والذي جاء به موسى ليَخرُجُ مِن مِشْكاةٍ واحدةٍ، انطَلِقا، فواللهِ لا أُسلِمُهم إليكم أبدًا، ولا أُكادُ. فلمَّا خَرَجا، قال عَمرٌو: واللهِ لأُنبِئَنَّه غَدًا عَيبَهم، ثُمَّ أستأصِلُ خَضراءَهم. فقال له عَبدُ اللهِ بنُ أبي رَبيعةَ -وكان أتقى الرَّجُلَينِ فينا-: لا تَفعَلْ؛ فإنَّ لهم أرحامًا، وإنْ كانوا قد خالَفونا. قال: واللهِ لأُخبِرَنَّه أنَّهم يَزعُمونَ أنَّ عيسى عَبدٌ. ثُمَّ غَدَا عليه، فقال: أيُّها المَلِكُ، إنَّهم يقولونَ في عيسى ابنِ مَريَمَ قَولًا عَظيمًا، فأرسِلْ إليهم، فسَلْهم عما يقولونَ فيه. فأرسَلَ يَسألُهم. قالتْ: ولم يَنزِلْ بنا مِثلُها، فاجتمَعَ القَومُ، ثُمَّ قالوا: نقولُ -واللهِ- فيه ما قال اللهُ تَعالى، كائنًا ما كان. فلمَّا دَخَلوا عليه، قال لهم: ما تقولونَ في عيسى؟ فقال له جَعفَرٌ: نقولُ فيه الذي جاء به نَبيُّنا، هو عَبدُ اللهِ، ورسولُه، ورُوحُه، وكَلِمتُه ألقاها إلى مَريَمَ العَذراءِ البَتولِ. فضَرَبَ النَّجاشيُّ يَدَه إلى الأرضِ، فأخَذَ عُودًا، ثُمَّ قال: ما عَدا عيسى ما قُلتَ هذا العُودَ. فتَناخَرَتْ بَطارِقَتُه حَولَه، فقال: وإنْ نَخَرتُم واللهِ، اذهَبوا فأنتم سُيومٌ بأرضي -والسُّيومُ: الآمِنونَ-، مَن سَبَّكم غرِمَ، ثُمَّ مَن سَبَّكم غرِمَ، ما أُحِبُّ أنَّ لي دَبْرى ذَهبًا، وأنِّي آذَيتُ رَجُلًا منكم -والدَّبْرُ بلِسانِهم: الجَبلُ-، رُدُّوا عليهما هَداياهما، فواللهِ ما أخَذَ اللهُ منِّي الرِّشْوةَ حينَ رَدَّ علَيَّ مُلكي، فآخُذَ الرِّشْوةَ فيه، وما أطاعَ النَّاسَ فيَّ، فأُطيعَهم فيه. فخَرَجا مَقبوحَيْنِ! مَردودًا عليهما ما جاءا به، وأقَمْنا عندَه بخَيرِ دارٍ مع خيرِ جارٍ. فواللهِ إنَّا على ذلك، إذ نزَلَ به -يَعني: مَن يُنازِعُه في مُلكِه- فواللهِ ما علِمْنا حَربًا قَطُّ كان أشَدَّ مِن حَربٍ حربناه ، تَخوُّفًا أنْ يَظهَرَ ذلك على النَّجاشيِّ، فيَأتيَ رَجُلٌ لا يَعرِفُ مِن حَقِّنا ما كان النَّجاشيُّ يَعرِفُ منه. وسار النَّجاشيُّ، وبينهما عَرضُ النِّيلِ. فقال أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن رَجُلٌ يَخرُجُ حتى يَحضُرَ وَقعةَ القَومِ، ثُمَّ يَأتيَنا بالخَبرِ؟ فقال الزُّبَيرُ: أنا. -وكان مِن أحدَثِ القَومِ سِنًّا- فنَفَخوا له قِربةً، فجَعَلها في صَدرِه، ثُمَّ سَبَحَ عليها حتى خرَجَ إلى مَكانِ المُلتقى، وحضَرَ. فدَعَوْنا اللهَ للنَّجاشيِّ بالظُّهورِ على عَدوِّه، والتَّمكينِ له في بِلادِه، واستَوسَقَ له أمْرُ الحَبشةِ، فكنَّا عندَه في خيرِ مَنزِلٍ حتى قدِمْنا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو بمكَّةَ.
الراوي : أم سلمة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سير أعلام النبلاء
الصفحة أو الرقم : 1/431-434 | خلاصة حكم المحدث : إسناده قوي | أحاديث مشابهة | شرح حديث مشابه

- عن أُمِّ سَلَمةَ -في شَأْنِ هِجرَتِهم إلى بِلادِ النَّجاشيِّ، وقد مَرَّ بَعضُ ذلك- قالتْ: فلمَّا رأتْ قُرَيشٌ ذلك اجتَمَعوا على أنْ يُرسِلوا إليه، فبعَثوا عَمرَو بنَ العاصِ، وعَبدَ اللهِ بنَ أبي رَبيعةَ، فجمَعوا هَدايا له، ولبَطارِقَتِه، فقدِموا على الملِكِ، وقالوا: إنَّ فِتْيةً منَّا سُفَهاءَ فارَقوا دِينَنا، ولم يَدخُلوا في دِينِكَ، وجاؤوا بدِينٍ مُبتدَعٍ لا نَعرِفُه، ولجَؤوا إلى بِلادِكَ، فبعَثْنا إليك لتَرُدَّهم. فقالتْ بَطارِقَتُه: صدَقوا أيُّها الملِكُ. فغضِبَ، ثُمَّ قال: لا لعَمرُ اللهِ، لا أرُدُّهم إليهم حتى أُكلِّمَهم؛ قَومٌ لجَؤوا إلى بِلادي، واختاروا جِواري. فلمْ يَكُنْ شيءٌ أبغَضَ إلى عَمرٍو وابنِ أبي رَبيعةَ مِن أنْ يَسمَعَ الملِكُ كَلامَهم، فلمَّا جاءهم رسولُ النَّجاشيِّ، اجتمَعَ القَومُ، وكان الذي يُكلِّمُه جَعفَرُ بنُ أبي طالبٍ، فقال النَّجاشيُّ: ما هذا الدِّينُ؟ قالوا: أيُّها الملِكُ، كنَّا قَومًا على الشِّركِ؛ نَعبُدُ الأوْثانَ، ونَأكُلُ المَيْتةَ، ونُسيءُ الجِوارَ، ونَستحِلُّ المَحارمَ والدِّماءَ، فبعَثَ اللهُ إلينا نَبيًّا مِن أنفُسِنا، نَعرِفُ وَفاءَه وصِدقَه وأمانَتَه، فدَعانا إلى أنْ نَعبُدَ اللهَ وَحدَه، ونَصِلَ الرَّحِمَ، ونُحسِنَ الجِوارَ، ونُصلِّيَ، ونَصومَ. قال: فهل معكم شيءٌ ممَّا جاء به؟ -وقد دَعا أساقِفَتَه، فأمَرَهم، فنشَروا المَصاحفَ حَولَه- فقال لهم جَعفَرٌ: نعمْ، فقرَأ عليهم صَدرًا مِن سورةِ {كهيعص}. فبَكى -واللهِ- النَّجاشيُّ، حتى أخضَلَ لِحيَتَه، وبكَتْ أساقِفَتُه حتى أخضَلوا مَصاحفَهم، ثُمَّ قال: إنَّ هذا الكَلامَ ليَخرُجُ مِن المِشكاةِ التي جاء بها موسى، انطَلِقوا راشدينَ، لا واللهِ، لا أرُدُّهم عليكم، ولا أنعَمُكم عَينًا. فخرَجا مِن عندِه، فقال عَمرٌو: لآتيَنَّه غَدًا بما أستأصِلُ به خَضراءَهم، فذكَرَ له ما يقولونَ في عيسى.
الراوي : أبو بكر بن عبدالرحمن | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سير أعلام النبلاء
الصفحة أو الرقم : 1/216 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | أحاديث مشابهة | شرح الحديث

- بعَثَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى النَّجاشيِّ ثَمانينَ رَجُلًا: أنا، وجَعفَرٌ، وأبو موسى، وعَبدُ اللهِ بنُ عُرفُطةَ، وعُثمانُ بنُ مَظعونٍ، وبعَثَتْ قُرَيشٌ عَمرَو بنَ العاصِ، وعُمارةَ بنَ الوَليدِ بهَديَّةٍ، فقدِما على النَّجاشيِّ، فلمَّا دخَلا سجَدا له، وابتَدَراه، فقعَدَ واحدٌ عن يَمينِه، والآخَرُ عن شِمالِه، فقالا: إنَّ نَفَرًا مِن قَومِنا نزَلوا بأرضِكَ، فرغِبوا عن مِلَّتِنا. قال: وأين هم؟ قالوا: بأرضِكَ. فأرسَلَ في طَلبِهم. فقال جَعفَرٌ: أنا خَطيبُكم. فاتَّبَعوه، فدخَلَ، فسلَّمَ، فقالوا: ما لك لا تَسجُدُ للملِكِ؟ قال: إنَّا لا نَسجُدُ إلَّا للهِ. قالوا: ولِمَ ذاك؟ قال: إنَّ اللهَ أرسَلَ فينا رسولًا، وأمَرَنا ألَّا نَسجُدَ إلَّا للهِ، وأمَرَنا بالصَّلاةِ، والزَّكاةِ. فقال عَمرٌو: إنَّهم يُخالِفونَكَ في ابنِ مَريَمَ وأُمِّه. قال: ما تقولونُ في ابنِ مَريَمَ وأُمِّه؟ قال جَعفَرٌ: نَقولُ كما قال اللهُ: رُوحُ اللهِ، وكَلِمتُه ألقاها إلى العَذراءِ البَتولِ التي لم يَمَسَّها بَشَرٌ. قال: فرفَعَ النَّجاشيُّ عُودًا مِن الأرضِ، وقال: يا مَعشَرَ الحَبَشةِ والقِسِّيسينَ والرُّهبانِ، ما تُريدونَ، ما يَسوؤُني هذا! أشهَدُ أنَّه رسولُ اللهِ، وأنَّه الذي بشَّرَ به عيسى في الإنجيلِ، واللهِ لَولا ما أنا فيه مِن المُلكِ، لأتَيتُه، فأكونَ أنا الذي أحمِلُ نَعلَيْه، وأُوَضِّئُه. وقال: انزِلوا حيث شِئتُم. وأمَرَ بهَديَّةِ  الآخَرَيْن، فرُدَّتْ عليهما. قال: وتعَجَّلَ ابنُ مَسعودٍ، فشهِدَ بَدرًا.
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سير أعلام النبلاء
الصفحة أو الرقم : 1/207 | خلاصة حكم المحدث : إسناده قوي | أحاديث مشابهة