الموسوعة الحديثية


- كانت أمثالًا كلُّها : أيُّها الملِكُ المُسلَّطُ المُبتلَى المَغرورُ ! إنِّي لَم أبعثْكَ لتجمعَ الدُّنيا بعضَها على بعضٍ، ولكنِّي بعثتُكَ لتردَّ عنِّي دعوةَ المَظلومِ؛ فإنِّي لا أردُّها وإن كانت مِن كافرٍ. وعلى العاقلِ ما لَم يكُن مَغلوبًا على عقلِهِ أن يكونَ لهُ ساعاتٍ؛ ساعةٌ يُناجي فيها ربَّهُ، وساعةٌ يُحاسَبُ فيها نفسَهُ، وساعةٌ يتفكَّرُ فيها في صُنْعِ اللهِ. وساعةٌ يخلو فيها لحاجتِهِ مِن المَطعَمِ والمَشرَبِ. وعلى العاقلِ أن لا يكونَ ظاعنًا إلَّا لثلاثٍ : تزوَّدَ لمعادٍ، أو مَرمَّةٍ لمَعاشٍ، أو لذَّةً في غيرِ مُحرَّمٍ. وعلى العاقلِ أن يكونَ بصيرًا بزمانِهِ، مُقبلًا على شانِهِ، حافظًا للسانِهِ. ومَن حسبَ كلامَهُ مِن عملِهِ؛ قلَّ كلامُهُ إلَّا فيما يعنيهِ. قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! فما كانت صُحُفُ موسَى عليهِ السَّلامُ ؟ قال : كانت عِبَرًا كلَّها : عجِبتُ لمَن أيقنَ بالمَوتِ ثمَّ هوَ يفرحُ. عجِبتُ لمَن أيقنَ بالنَّارِ ثمَّ هوَ يضحكُ. عجِبتُ لمَن أيقنَ بالقَدَرِ ثمَّ هوَ ينصَبُ. عجِبتُ لمَن رأى الدُّنيا وتقلُّبَها بأهلِها ثمَّ اطمأنَّ إليها. وعجِبتُ لمَن أيقنَ بالحسابِ غدًا ثمَّ لا يعملُ قلتُ يا رسولَ اللهِ ! زِدني قال : عليكَ بطولِ الصَّمتِ؛ فإنَّهُ مَطردةٌ للشَّيطانِ، وعَونٌ لكَ على أمرِ دينِكَ. قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! زِدني قال : ليردَّكَ عن النَّاسِ ما تعمَلُهُ مِن نفسِكَ، ولا تجدُ عليهِم فيما تأتي، وكفَى بكَ عَيبًا أن تعرفَ مِن النَّاسِ ما تجهلُهُ مِن نفسِكَ، وتجدُ عليهِم فيما تأتي ثمَّ ضربَ بيدِهِ على صَدري فقال : يا أبا ذرٍّ ! لا عقلَ كالتَّدبيرِ، ولا ورعَ كالكفِّ، ولا حسبَ كحُسْنِ الخُلقِ.