موسوعة الفرق

المبحَثُ الرَّابعُ: من تأويلاتِ الشَّيخيَّةِ


تُؤَوِّلُ الشَّيخيَّةُ ظاهرَ آياتِ القُرآنِ الكريمِ التي تُعارِضُ مُعتَقداتِها مِن جِهةٍ، وللتَّدليلِ على صِحَّةِ مُعتَقَداتِها مِن جِهةٍ أُخرى، من ذلك:
1- تَأويلُ بَني إسرائيلَ في قَولِ اللهِ تعالى: وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ [الدخان: 30] وذلك بخِلافِ الكِتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ على أنَّ إسرائيلَ هو نَبيُّ اللهِ يعقوبُ عَليه السَّلامُ [3747] يُنظر: ((شرح الزيارة الجامعة)) للأحسائي (ص: 81). .
2- تأويلُ قولِ اللهِ تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ [آل عمران: 7] فقال الأحسائيُّ: (الرَّاسِخونَ في العِلمِ هم: الأئِمَّةُ، وإنَّ الوحيَ القُرآنيَّ ظاهرٌ وباطِنٌ، فالرَّسولُ بَلَّغَ ظاهرَ الوحيِ والرِّسالةِ، ومِن شَأنِ الأئِمَّةِ هدايةُ النَّاسِ إلى باطِنِ الوَحيِ، وتَعليمُهم المُرادَ منه) [3748] ((شرح الزيارة الجامعة)) (ص: 320). .
3- تأويلُ قولِ اللهِ تعالى :صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ [الشورى: 53] . فقال الأحسائيُّ بأنَّ الذي تَصيرُ إليه الأُمورُ (هو عَليٌّ؛ لأنَّ اللهَ جَعَل عَليًّا خازِنَه على مالِ السَّمَواتِ والأرضِ، كما فوَّضَ قَبضَ الأرواحِ لمَلَكِ المَوتِ وائتَمَنه عليه) [3749] ((شرح الزيارة الجامعة)) (ص: 326). .
ثُمَّ قال: ("ما" تُفيدُ العُمومَ؛ فكُلُّ شَيءٍ عِندَهم خَزائِنُه، وهم خَزائِنُه، وعِندَهم مَفاتِحُه وهم مَفاتِحُه، والأُمورُ حادِثةٌ مَخلوقةٌ، والحادِثُ المَخلوقُ لا يصِلُ إلى القديمِ ولا يرجِعُ إليه سُبحانَه؛ لأنَّه تعالى مُتَعالٍ عن كُلِّ شَيءٍ، وإنَّما المَعنى: أنَّ الأُمورَ تَصيرُ وتَرجِعُ إلى أمرِه تعالى، وأمرُه تعالى جَعَله عِندَه وليًّا، فالمَصيرُ إليه مَصيرٌ إلى اللهِ، والرادُّ إليه رادٌّ إلى اللهِ، وقد قال تعالى: إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ [سورة الغاشية: 25-26]، وقد ورَدَت الأدِلَّةُ القاطِعةُ مَعَ الإجماعِ على أنَّ إيابَ الخَلقِ إليهم -أي إلى الأئِمَّةِ- وحِسابَهم عَليهم -أي على الأئِمَّةِ-؛ فإنَّ الأخبارَ مُتَواتِرةٌ بذلك) [3750] ((شرح الزيارة الجامعة)) (ص: 326). !
4- تأويلُ قَولِ اللهِ تعالى: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ [التكوير: 5] بأنَّ العُصاةَ يُمسَخونَ ويُحشَرونَ في صورةِ أعمالِهم؛ فالنَّمَّامُ عِندَ الأحسائيِّ يُحشَرُ في صورةِ عَقرَبٍ أو حَيَّةٍ، ويُحشَرُ الحَريصُ غُرابًا، وصاحِبُ الشَّهوةِ في النِّكاحِ في صورةِ فرَسٍ، وصاحِبُ شَهوةِ أكلِ المُحَرَّمِ خِنزيرًا. مُستَنِدينَ على ما زَعَموه أنَّه حَديثٌ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو: (على ما تَعيشونَ تَموتونَ، وعلى ما تَموتونَ تُحشَرونَ) [3751] يُنظر: ((شرح العرشية)) (ص: 154). . وتابَعَت شيخيَّةُ كَرْمانَ الأحسائيَّ في ذلك، وزادَت عليه فقالت: (إنَّ هناك مَن يُحشَرُ بصورةِ النَّباتِ والجَمادِ والشَّياطينِ) [3752] ((إرشاد العوام)) للكَرْماني (2/24). .
5- قال الأحسائيُّ: (إنَّ التَّسبيحَ والتَّقديسَ والتَّحميدَ والتَّكبيرَ والتَّهليلَ والخُضوعَ والخُشوعَ والرُّكوعَ والسُّجودَ وجَميعَ الطَّاعاتِ وأقسامَ العِباداتِ والعُبوديَّةِ؛ كُلُّ ذلك أسماءٌ: مَعانيها.. تلك الذَّواتُ القُدسيَّةُ والحَقائِقُ الإلهيَّةُ) [3753] ((شرح الزيارة الجامعة)) (ص: 123). .
وتلك الحَقائِقُ القُدسيَّةُ والذَّواتُ الإلهيَّةُ يَعنونُ بها: (أنَّهم أربَعةَ عَشَرَ مَعصومًا... هم وَجهُ اللهِ الذي يتَوجَّهُ إليه، وهو اسمُ اللهِ المُبارَكُ ذو الجَلالِ والإكرامِ، ووجهُ اللهِ الباقي، وهم أوعيةُ غَيبِه) [3754] ((شرح الزيارة الجامعة)) للأحسائي (ص: 10). .

انظر أيضا: