موسوعة الفرق

المبحَثُ الأوَّلُ: مَوقِفُ الشِّيعةِ الإماميَّةِ من الأدِلَّةِ الشَّرعيَّةِ


أوَّلًا: الكتابُ
وهو القرآنُ العظيمُ، وغلاةُ الشِّيعةِ الرَّافِضةِ يزعُمون أنَّه ناقِصٌ وفيه تحريفٌ [429] قال ابنُ حزمٍ: (من قولِ الإماميَّةِ كُلِّها قديمًا وحديثًا أنَّ القرآنَ مُبَدَّلٌ، زيدَ فيه ما ليس منه، ونَقَص منه كثيرٌ، وبُدِّل منه كثيرٌ، حاشا عليَّ بنَ الحَسَنِ بنِ موسى بنِ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ بنِ موسى بنِ جعفَرِ بنِ محمَّدِ بنِ عليِّ بنِ الحُسَينِ بنِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ، وكان إماميًّا يتظاهَرُ بالاعتزالِ مع ذلك؛ فإنَّه كان ينكِرُ هذا القولَ، ويُكَفِّرُ مَن قاله، وكذلك صاحباه أبو يعلى الطُّوسيُّ، وأبو القاسِمِ الرَّازيُّ). ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) (4/ 139). ، ولا اعتمادَ -عند بعضِهم- على كونِه قُرآنًا إلَّا إذا أُخِذ بواسطةِ الإمامِ المعصومِ، وليس القرآنُ المأخوذُ من الأئِمَّةِ موجودًا في أيديهم، والقرآنُ المعروفُ غيرُ معتدٍّ به عِندَ أئِمَّتِهم بزَعمِهم، وأنَّه لا يليقُ الاستدلالُ به لوَجهَينِ:
الأوَّلُ لِما روى جماعةٌ من الإماميَّةِ عن أئِمَّتِهم أنَّ القرآنَ المنـَزَّلَ وقع فيه تحريفٌ في كلماتِه عن مواضِعِها، بل أُسقِط منه بعضُ السُّوَرِ كسورةِ الولايةِ، وترتيبُه هذا غيرُ معتدٍّ به؛ لكونِه متغيِّرًا عن أصلِه، وما هو موجودٌ الآنَ في أيدي المُسلِمين هو مصحَفُ عُثمانَ الذي كتبه [430] جُمِع القرآنُ في عَهدِ عُثمانَ رَضِيَ اللهُ عنه من المناقِبِ التي وافقَه عليها جميعُ الصَّحابةِ، ومنهم عليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، ولم يدَّعِ أحدٌ من الصَّحابةِ أنَّه نَقَص من القرآنِ شيئًا أو حرَّفه كما يدَّعي غُلاةُ الشِّيعةِ، وبعضُ القراءاتِ القرآنيَّةِ يرجِعُ إسنادُها إلى عليِّ بنِ أبي طالبٍ وغيرِه من الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم. ، وأرسَل منه سَبعَ نُسَخٍ إلى أطرافِ العالمِ، وألجأ النَّاسَ على قَبولِه وقراءتِه على ما رتَّبه، وآذى مَن خالف ذلك، فلا يصِحُّ التَّمسُّكُ به ولا يُعتَمَدُ على نظْمِه من العامِّ والخاصِّ والظَّاهِرِ والنَّصِّ ونحوِها؛ لأنَّه يجوزُ أن يكونَ هذا القرآنُ الذي بَيْنَ أيدينا كلُّه أو أكثَرُه منسوخًا بالآياتِ أو السُّوَرِ التي أُسقِطَت منه أو مخصوصًا بها!
الثَّاني أنَّ نَقَلةَ هذا القرآنِ مِثلُ ناقِلي التَّوراةِ والإنجيلِ؛ لأنَّ بعضَهم كانوا مُنافِقين، كأبي بَكرٍ وعُمَرَ وعُثمانَ -رضي اللَّهُ عنهم- وبعضُهم كانوا مداهِنين في الدِّينِ، كعوامِّ الصَّحابةِ الذين تَبِعوا رؤساءَهم طمعًا في الدَّنيا؛ فقد ارتدُّوا عن الإسلامِ إلَّا أربعةً أو ستةً [431] يُنظر: ((رجال الكشي)) (ص: 8)، ((الكافي)) للكليني (2/244)، ((بحار الأنوار)) للمجلسي (22/333، 351)، (28/236)، (64/165)، (108/306، 308)، (110/ 6). ! فغيَّروا خطابَ اللَّهِ تعالى، فجعلوا مثلًا مكانَ إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة: 6] : (من المرافِقِ). ومكان أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ [النحل: 92] : (أئِمَّةٌ هي أزكى) [432] يُنظر: ((فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب)) للطبرسي (ص: 256)، ((تفسير البرهان)) للبحراني (1/451). .
هكذا يزعُمُ غُلاةُ الشِّيعةِ، ويقولون: كما أنَّ التَّوراةَ والإنجيلَ لا يُعمَلُ بهما أصلًا فكذلك هذا القُرآنُ!
ثانيًا: الخَبَرُ
وسيأتي ذِكْرُ أقسامِه الأربعةِ عِندَهم.
وناقِلُ الخبرِ إمَّا أن يكونَ من الشِّيعةِ أو من غيرِهم، ولا اعتبارَ لديهم بروايةِ غيرِ الشِّيعةِ أصلًا؛ لأنَّ الصَّحابةَ الذين هم منتهى الأسانيدِ كانوا بزعمِهم مرتدِّين ومحَرِّفين لكتابِ اللَّهِ تعالى، ومعادين لأهلِ بيتِ النُّبوَّةِ، فلا بدَّ أن يكونَ الرَّاوي من الشِّيعةِ، وأن ينتهيَ إسنادُه إلى أحَدِ أهلِ البيتِ أو أحَدِ الصَّحابةِ الذين لم يرتدُّوا، وهم قِلَّةٌ، وبينَ الشِّيعةِ اختلافٌ كثيرٌ في أصلِ الإمامةِ، وتعيينِ الأئِمَّةِ وعَدَدِهم، فهم اثنا عَشَرَ عِندَ الشِّيعةِ الإماميَّةِ، وهم عِندَ الزَّيديَّةِ كُلُّ مَن شَهَر سَيفَه، ودعا إلى نفسِه، سواءٌ كان مِن نَسلِ الحَسَنِ أو الحُسَينِ.
ثالثًا: الإجماعُ
وهو باطِلٌ عِندَ الشِّيعةِ إلَّا إذا كان قولُ الإمامِ المعصومِ في ضِمنِه؛ فمدارُ حُجِّيَّتِه على قولِ المعصومِ لا على نفسِ الإجماعِ، وثُبوتُ عِصمةِ الإمامِ وتعيينُه يكونُ إمَّا بخبَرِه أو بخبرِ معصومٍ آخَرَ.
وأيضًا إجماعُ الصَّدرِ الأوَّلِ والثَّاني قبلَ حدوثِ الاختلافِ في الأمَّةِ غيرُ مُعتَبَرٍ؛ لأنَّهم أجمعوا على خلافةِ أبي بَكرٍ وعُمَرَ رضي اللَّهُ عنهما، وحُرمةِ المتعةِ، وتحريفِ الكِتابِ، ومنعِ تقسيمِ مِيراثِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وغَصْبِ فَدَكٍ من فاطمةَ رضي اللَّهُ عنها، وبعدَ حُدوثِ الاختلافِ في الأمَّةِ وتفرُّقِهم بفِرَقٍ مختلفةٍ كيف يُتصَوَّرُ الإجماعُ؟ لا سيَّما في المسائِلِ الخلافيَّةِ المحتاجةِ إلى الاستدلالِ وإقامةِ الحُجَّةِ القاطعةِ.
رابعًا: العَقلُ
والاستدلالُ به باطلٌ أيضًا عِندَ الشِّيعةِ الاثْنَي عَشْريَّةِ؛ لأنَّ التَّمسُّكَ به إمَّا في الشَّرعيَّاتِ أو غيرِها، فإن كان في الشَّرعيَّاتِ فلا يصِحُّ التَّمسُّكُ به أصلًا؛ لأنَّهم يُنكِرون أصلَ القياسِ ولا يقولون بحجِّيَّتِه، وأمَّا في غيرِ الشَّرعيَّاتِ فيتوقَّفُ العقلُ على تجريدِه عن شوائبِ الوَهمِ والإلفِ والعادةِ، والاحترازِ عن الخطأِ في التَّرتيبِ والفِكرِ في صورةِ الأشكالِ، وهذه الأمورُ لا تحصُلُ إلَّا بإرشادِ إمامٍ؛ لأن كُلَّ فِرقةٍ من طوائفِ بني آدَمَ يُثبِتون بعقولِهم أشياءَ ويُنكِرون أشياءَ أُخَرَ، وهم متخالِفون فيما بَيْنَهم في الأصولِ والفُروعِ، ولا يمكِنُ التَّرجيحُ بالعقلِ فقط؛ فالتَّمسُّكُ إذن بقولِ الإمامِ، ومع ذلك لا يمكِنُ إثباتُ الأمورِ الدِّينيَّةِ بالعَقلِ الصِّرفِ؛ لأنَّه عاجِزٌ عن معرفتِها تفصيلًا، لكِنْ يمكِنُه معرفتُها إذا كان مستمَدًّا من الشَّريعةِ.
وبهذا يتبيَّنُ أنَّ الشِّيعةَ مخالِفون لكتابِ اللَّهِ تعالى وسُنَّةِ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وللإجماعِ والعقلِ، بل إنهم مخالِفون لآلِ البيتِ كذلك، ولم يعمَلوا بقولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنِّي تارِكٌ فيكم الثَّقلَينِ، أحَدُهما أكبَرُ من الآخَرِ: كتابُ اللَّهِ حَبلٌ ممدودٌ من السَّماءِ إلى الأرضِ، وعِترتي أهلُ بيتي)) [433] أخرجه الترمذي (3788)، وأحمد (11104) واللفظ له. صحَّحه ابن حزم في ((الإحكام في أصول الأحكام)) (2/277)، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (7/159)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3788)، وصحَّحه بشواهده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (11104). ، فهذا الحديثُ ثابتٌ عِندَ أهلِ السُّنَّةِ والشِّيعةِ؛ فقد أمَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بهذينِ الأمرينِ العَظيمَي القَدرِ، والرُّجوعِ إليهما في كُلِّ أمرٍ؛ فمَن كان مَذهَبُه مخالِفًا لهما فهو ضالٌّ، ومن جحَد بهما فقد غوى، وليس المتمَسِّكُ بهذين الحبلينِ المتينينِ إلَّا أهلَ السُّنَّةِ؛ لأنَّ كتابَ اللَّهِ ساقِطٌ عِندَ الشِّيعةِ عن درجةِ الاعتبارِ كما سبق بيانُه. ويتبيَّنُ ذلك أكثَرَ بذِكرِ بعضِ الرِّواياتِ الواردةِ في أشهَرِ كُتُبِهم؛ منها:
1- عن هِشامِ بنِ سالمٍ عن أبي عبدِ اللَّهِ جَعفَرٍ الصَّادِقِ قال: (إنَّ القرآنَ الذي جاء به جبريلُ إلى مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سبعةَ عَشَرَ ألفَ آيةٍ) [434] يُنظر: ((الكافي)) للكليني (2/634). وقال المجلِسيُّ: (مُوَثَّقٌ، وفي بعضِ النُّسَخِ: عن هشامِ بنِ سالمٍ، موضِعَ: هارونَ بنِ سالمٍ، فالخبرُ صحيحٌ، ولا يخفى أنَّ هذا الخَبَرَ وكثيرًا من الأخبارِ الصَّحيحةِ صريحةٌ في نقصِ القرآنِ وتغييرِه، وعندي أنَّ الأخبارَ في هذا البابِ متواترةٌ معنًى، وطَرحُ جميعِها يُوجِبُ رفعَ الاعتمادِ عن الأخبارِ رأسًا، بل ظنِّي أنَّ الأخبارَ في هذا البابِ لا يَقصُرُ عن أخبارِ الإمامةِ فكيف يُثبتونها بالخبرِ؟!) ((مرآة العقول في شرح أخبار الرسول)) (12/525). أي كيف يُثبتون الإمامةَ بالخبرِ إذا طَرَحوا أخبارَ التحريفِ؟ وهذا الأمرُ يجعَلُ الشِّيعةَ الذين يؤمنون بأنَّ القرآنَ محفوظٌ من التَّحريفِ في أمرٍ مريجٍ، وتناقُضٍ كبيرٍ؛ فهم إمَّا أن يُبطِلوا رواياتِهم الموجودةَ في كتُبِهم المعتَمَدةِ، ويحكموا على من صدَّق بذلك ونشَرَه من مشايخِهم بالكُفرِ والرِّدَّةِ، وإمَّا أن يصَدِّقوا بها، ويُثبتوا تحريفَ القرآنِ الكريمِ، وهم ينكِرون وجودَ ذلك في مذهَبِهم، وإمَّا أن يردُّوا تلك الرِّواياتِ مع اعتمادِهم على تلك الكتبِ، وهذا تناقضٌ، واللهُ المستعانُ. وممَّن يقولُ بعَدَمِ تحريفِ القرآنِ من الشِّيعةِ الاثني عشريَّةِ: الأمينيُّ كما في كتابه ((الغدير)) (3/101)، ومحمد هادي معرفة في كتابه ((صيانة القرآن عن التحريف)) (ص: 59، 73، 88، 163)، ونَقَل فيه عن بعضِ أعلامِ الشِّيعةِ إنكارَ تحريفِ القرآنِ، وبعضُهم ينكِرُ نسبةَ ذلك إلى مذهبِهم، وقد يكونُ بعضُهم يقولُ ذلك تقيَّةً أو مغالطةً، واللهُ أعلمُ. .
ومعلومٌ أنَّ القرآنَ الكريمَ الموجودَ في مصاحِفِ المُسلِمين اليومَ سِتَّةُ آلافٍ ومائتانِ وسِتٌّ وثلاثون آيةً (6236).
2- عن سالِمِ بنِ سَلمةَ قال: قرأ رجلٌ على أبي عبدِ اللَّهِ جَعفَرٍ الصَّادِقِ وأنا أسمعُه حروفًا من القرآنِ ليس ممَّا يقرَؤُه النَّاسُ، فقال أبو عبدِ اللَّهِ: (مَهْ، اكفُفْ عن هذه القراءةِ، واقرأْ كما يقرأُ النَّاسُ حتَّى يقومَ القائِمُ، فإذا قام القائِمُ اقرأ كتابَ اللَّهِ على حدِّه) [435] يُنظر: ((الكافي)) للكليني (2/633)، ((بصائر الدرجات)) للصفار (ص: 193)، ((بحار الأنوار)) للمجلسي (89/88)، ((وسائل الشيعة)) (4/821)، ((إثبات الهداة)) (3/643) كلاهما للحر العاملي، ((تفسير نور الثقلين)) للحويزي (3/170). .
3- عن أحمدَ بنِ مُحمَّدِ بنِ أبي نصرٍ قال: (دفَعَ إليَّ أبو الحَسَنِ موسى الرِّضا عليه السَّلامُ مُصحفًا، وقال: لا تنظُرْ فيه، ففتحْتُه وقرأتُ فيه: لم يكُنِ الذين كفروا -يعني سورةَ البَيِّنةَ-، فوجَدْتُ فيها اسمَ سبعين رجلًا من قريشٍ بأسمائِهم وأسماءِ آبائِهم) [436] يُنظر: ((الكافي)) للكليني (2/631)، ((بحار الأنوار)) للمجلسي (52/364)، ((مشارق الشموس الدرية)) لعدنان البحراني (ص: 126)، ((مسند الرضا)) للعطاردي (1/385). !
4- عن الحَكَمِ بنِ عُتَيبةَ قال: قرأ عَليُّ بنُ الحُسَين: (وما أرسَلْنا قَبلَك من رسولٍ ولا نبيٍّ ولا مُحدَّثٍ) قال: وكان عَليُّ بنُ أبي طالبٍ محدَّثًا، وكلُّ إمامٍ منَّا أهلَ البيتِ فهو محدَّثٌ [437] ينُظر: ((فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب)) للطبرسي (ص: 287) باختصار وتصرف. .
5- عن مُحمَّدِ بنِ الجَهمِ وغَيرِه عن أبي عبدِ اللَّهِ أنَّ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ [النحل: 92] ليس كلامَ اللَّهِ، بل محرَّفٌ عن موضِعِه، والمُنـزَّلُ: (أئِمَّةٌ هي أزكى من أئِمَّتِكم) [438] يُنظر: ((الكافي)) للكليني (1/292)، ((تفسير القمي)) (1/389).  !
ويقرِّرُ غُلاةُ الشِّيعةِ المثبِتين لتحريفِ كتابِ اللَّهِ أنَّ سورةَ (الولاية) سقطَت [439] نصُّها كما في كتاب ((فصل الخطاب)) للنُّوريِّ الطَّبرسيِّ الكذَّابِ (ص: 180، 181): "بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا بالنُّورينِ أنزلناهما يتلوانِ عليكما آياتي ويحذرانِكم عذابَ يومٍ عظيمٍ، نورانِ بعضُهما من بعضٍ وأنا السَّميعُ العليمُ. إنَّ الذين يوفون بعهدِ اللهِ ورسولِه في آياتٍ لهم جناتُ النَّعيمِ. والذين كفروا من بعدِ ما آمنوا بنقضِهم ميثاقَهم وما عاهدهم الرَّسولُ عليه يُقذَفون في الجحيم، ظَلَموا أنفُسَهم وعصَوا الوَصيَّ والرَّسولَ أولئك يُسقَون من حميمٍ. إنَّ اللهَ الذي نوَّر السَّماواتِ والأرضَ بما شاء واصطفى من الملائكةِ وجَعَل من المؤمنين أولئك في خَلقِه يفعلُ اللهُ ما يشاءُ، لا إلهَ إلَّا هو الرَّحمنُ الرَّحيمُ. قد مكَر الذين من قَبلِهم برُسُلِهم فأخَذْتُهم بمكرِهم؛ إنَّ أخذي شديدٌ أليمٌ، إنَّ اللهَ قد أهلك عادًا وثمودًا [كذا بالتنوين] بما كسَبوا وجعَلَهم لكم تذكرةً فلا تتَّقون. وفرعونَ بما طغى على موسى وأخيه هارون أغرقْتُه ومن تَبِعَه أجمعين ليكونَ لكم آيتُه [كذا] وإنَّ أكثرَكم فاسقون، إنَّ اللهَ يجمعُهم في يومِ الحَشرِ فلا يستطيعون الجوابَ حينَ يُسأَلون. إنَّ الجحيمَ هي مأواهم، وإنَّ اللهَ عليمٌ حكيمٌ. يا أيُّها الرَّسولُ بَلِّغ إنذاري فسوف يعلمون. قد خَسِر الذين كانوا عن آياتي وحُكمي معرِضون [كذا بالواو والنون] مَثَلُ الذين يوفون بعهدِك إني جزيتُهم جناتِ النَّعيمِ إنَّ اللهَ لذو مغفرةٍ وأجرٍ عظيمٍ. وإنَّ عليًّا من المتَّقين، وإنَّا لنوِّفيه حقَّه يومَ الدِّينِ، ما نحن عن ظُلمِه بغافلين، وكرَّمناه على أهلِك أجمعين، فإنَّه وذريَّتَه الصَّابرون، وإنَّ عَدُوَّهم إمامَ [شكلت الميم بالنصب] المجرمين. قُلْ للذين كفروا بعدما آمَنوا أطلَبْتُم زينةَ الحياةِ الدُّنيا واستعجَلْتُم بها ونسيتُم ما وعدكم اللهُ ورسولُه ونقَضْتُم العهودَ من بعدِ توكيدِها. وقد ضرَبْنا لكم الأمثالَ لعلَّكم تهتدون. يا أيُّها الرَّسولُ قد أنزلنا إليك آياتٍ بيِّناتٍ فيها من يتوفَّاه مؤمنًا ومَن يتولَّاه من بعدِك يُظهرون. فأعرِضْ عنهم إنَّهم معرِضون، إنَّا لهم محضَرون [شكلوه بفتح الضاد] في يومٍ لا يغني عنهم شيءٌ ولا هم يُرحَمون. إنَّ لهم في جهنَّم مقامًا عنه لا يَعدِلون. فسبِّحْ باسمِ رَبِّك وكنْ من السَّاجِدين. ولقد أرسَلْنا موسى وهارونَ بما استُخلِفَ فبَغَوا هارون، فصبرٌ جميلٌ. فجَعَلْنا منهم القِردةَ والخنازيرَ ولعنَّاهم إلى يومِ يُبعَثون. فاصبِرْ فسوف يبصِرون. ولقد آتينا بك الحُكمَ [كذا] كالذين من قبلِك من المُرسَلين وجعَلْنا لك منهم وصيًّا لعلَّهم يرجِعون. ومن يتوَلِ [وضعوا كسرة تحت اللام] عن أمري فإنِّي مَرْجَعَهُ [كذا شكلوه]. فليتمتَّعوا بكُفرِهم قليلًا فلا تسألْ عن النَّاكثين. يا أيُّها الرَّسولُ قد جعَلْنا لك في أعناقِ الذين آمنوا عهدًا فخُذْه وكنْ من الشَّاكرين. إنَّ عليًّا قانتًا بالليل ساجدًا يحذَرُ الآخرةَ ويرجو ثوابَ رَبِّه. قُلْ هل يستوي الذين ظلموا وهم بعذابي يعلمون [يستوون هم ومن؟!] سيجعَلُ الأغلالَ في أعناقِهم وهم على أعمالِهم يندِمون [كذا كسرت الدال]، إنَّا بَّشرناك بذُرِّيَّتِه الصَّالحين وإنَّهم لأِمْرنا لا يَخْلِفُون [كذا ضبطوه]، فعليهم مني صلواتٌ ورحمةٌ أحياءً وأمواتًا يومَ يُبعَثون، وعلى الذين يبغون عليهم من بعدِك غضبي، إنَّهم قومُ سوءٍ خاسِرين [كذا بالياء والنون]، وعلى الذين سلَكوا مسلَكَهم مني رحمةٌ وهم في الغُرُفاتِ آمنون. والحَمدُ للهِ رَبِّ العالمين".  ، وأنَّ (سورة الأحزاب) أُسقط منها فضائِلُ أهلِ البيتِ وأحكامُ إمامتِهم، وأنَّه أُسقِط لفظُ (وَيْلَك) قبلَ قَولِه تعالى: لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة:40]، وأنَّه أُسقِط لفظُ (بعَليِّ بنِ أبي طالبٍ) بعدَ قَولِه تعالى: وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ [الأحزاب:25] ، وكذا لفظُ (آلَ مُحمَّدٍ) بعد (ظلموا) من قَولِه تعالى: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ [الشعراء:227] [440] يُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (24/398)، ((فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب)) للطبرسي (ص: 294، 321)، ((تفسير القمي)) (2/125)، ((منهاج البراعة شرح نهج البلاغة)) للخوئي (2/215). !
وأمَّا العِترةُ الشَّريفةُ فهي بإجماعِ أهلِ اللُّغةِ أقارِبُ الرَّجُلِ، والشِّيعةُ يُنكِرون نسبةَ بعضِ العترةِ، كزينبَ ورُقيَّةَ وأمِّ كلثومٍ بناتِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
ولا يَعُدُّون في العِترةِ العبَّاسَ عَمَّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأولادَه، ويُبغِضون زيدَ بنَ عَليِّ بنِ الحُسَينِ، وبعضُهم يُكَفِّرُه؛ لكونِه ادَّعى الإمامةَ، وليس إمامًا عِندَهم، وكذا يحيى بنُ زيدِ بنِ عَليٍّ، وكذا إبراهيمُ وجَعفَرٌ ابنَا موسى الكاظِمِ.
ويعتَقِدون أنَّ الحَسَنَ بنَ الحَسَنِ وابنَه عبدَ اللَّهِ بنَ الحَسَنِ، وابنَه مُحمَّدًا الملقَّبَ بالنَّفسِ الزَّكيَّةِ، ارتدُّوا! ولقَّبوا جَعفَرَ بنَ عَليٍّ أخا الإمامِ الحَسَنِ العَسكريِّ بجَعفَرٍ الكذَّابِ. واللَّهُ المستعانُ على ما يَصِفون به فُضَلاءَ أهلِ البَيتِ [441] يُنظر: ((الأصول من الكافي)) للكليني (1/372)، ((بحار الأنوار)) للمجلسي (23/390)، ((الاعتقادات)) للقمي (ص: 130)، ((لسان الميزان)) لابن حجر (2/460). .

انظر أيضا: