الموسوعة الفقهية

المطلب الأوَّلُ: حُكمُ تكبيرةِ الإحرامِ


تكبيرةُ الإحرامِ فرضٌ وركنٌ مِن أركانِ الصَّلاةِ، وهو مذهبُ الجمهورِ قال القرطبيُّ: (والصَّحيح من مذهبه: إيجاب تكبيرة الإحرام، وأنها فرضٌ وركنٌ من أركان الصلاة، وهو الصَّوابُ، وعليه الجمهورُ، وكلُّ مَن خالف ذلك فمحجوجٌ بالسنَّة). ((تفسير القرطبي)) (1/175). مِن المالكيَّةِ ((منح الجليل)) لعليش (1/241)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/167)، ((الشرح الصغير للدردير وعليه حاشية الصاوي)) (1/343). ، والشافعيَّةِ ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/459)، وينظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/143). ، والحنابلةِ ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/216)، وينظر: ((العدة شرح العمدة)) لبهاء الدين المقدسي (ص: 87). ، وقولٌ عند الحنفيَّةِ عند الحنفيَّة: المعتمَدُ أن تكبيرةَ الإحرامِ شَرْطٌ، وليست ركنًا، يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (1/437). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال النَّوويُّ: (وتكبيرةُ الإحرامِ واجبةٌ عند مالك والثوري والشافعيِّ وأبي حنيفة وأحمد، والعلماءِ كافَّةً، من الصحابة والتابعين فمن بعدَهم رضي الله عنهم، إلَّا ما حكاه القاضي عياضٌ رحمه الله وجماعةٌ عن ابن المسيَّب والحسَنِ والزهري وقتادة والحكم والأوزاعي: أنَّه سنَّة ليس بواجب، وأنَّ الدُّخولَ في الصلاةِ يكفي فيه النِّيَّة، ولا أظن هذا يَصِحُّ عن هؤلاء الأعلامِ) ((شرح النَّووي على مسلم)) (4/96).
الأدلَّةُ مِن السنَّة:
1- عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مِفتاحُ الصَّلاةِ: الطُّهورُ، وتحريمُها: التَّكبيرُ، وتحليلُها: التَّسليمُ )) رواه أبو داود (61)، والترمذي (3)، وابن ماجه (224)، وأحمد (1/123) (1006). قال الترمذيُّ: أصحُّ شيء في هذا الباب وأحْسَنُه، وقال ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (1/36): رواه أبو داود بسند صحيح. وحسَّنه النَّووي في ((الخلاصة)) (1/384)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (2/230)، وقال الشَّوكاني في ((نيل الأوطار)) (2/184): له طُرُق يقوِّي بعضُها بعضًا، فيصلح للاحتجاجِ به. وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((المسند)) (2/218)، وحسَّن إسنادَه ابن باز في ((حاشية بلوغ المرام)) (207)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): حسن صحيح.
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ قوله: ((تحريمها)) يقتضي الحُرمةَ، فكأنَّه قال: جميعُ تحريمها التَّكبيرُ، أي: انحصَرَتْ صحةُ تحريمِها في التَّكبيرِ، لا تحريمَ لها غيرُه، وهذا دليلٌ على أنَّه لم يدخُلْ في الصَّلاةِ مَن لم يُحرِمْ ((التمهيد)) لابن عبد البر (18/318)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (2/202).
2- عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دخَل المسجدَ، فدخَل رجلٌ فصلَّى، ثم جاء فسلَّمَ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فردَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عليه السَّلامَ، وقال: ارجِعْ فصَلِّ؛ فإنَّك لم تُصَلِّ، فرجَع الرجلُ فصلَّى كما كان صلَّى، ثم جاء إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسلَّمَ عليه، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وعليك السَّلامُ، ثم قال: ارجِعْ فصَلِّ؛ فإنَّك لم تُصَلِّ، حتَّى فعَل ذلك ثلاثَ مِرارٍ، فقال الرجلُ: والذي بعَثك بالحقِّ، ما أُحسِنُ غيرَ هذا، فعلِّمْني، قال: إذا قُمْتَ إلى الصَّلاةِ فكبِّر، ثم اقرَأْ ما تيسَّرَ معك مِن القرآنِ، ثم اركَعْ حتَّى تطمئنَّ راكعًا... )) [1739] رواه البخاري (793)، ومسلم (397).

انظر أيضا: