الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الأوَّلُ: شُروطُ رأسِ مالِ السَّلَمِ


الفَرعُ الأوَّلُ: ألَّا يَجمَعَ البَدلَينِ أحَدُ وَصْفَي عِلَّةِ رِبا الفضْلِ في مالِ السَّلَمِ
يُشترَطُ في رأْسِ مالِ السَّلَمِ ألَّا يَجمَعَ البَدَلينِ أحَدُ وَصْفَي عِلَّةِ رِبا الفضْلِ في مالِ السَّلَمِ، باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحنَفيَّةِ ، والمالكيَّةِ ، والشَّافعيَّةِ ، والحنابِلةِ ؛ وذلك لأنَّ العقدَ الذي فيه رِبًا فاسدٌ
الفَرعُ الثاني: كَونُ رأسِ مالِ السَّلَمِ مَعلومَ الجِنسِ
يُشترَطُ في رأسِ مالِ السَّلَمِ أنْ يكونَ مَعلومَ الجِنسِ؛ كَونَه دَراهمَ أو دَنانيرَ.
الدَّليلُ مِن الإجماعِ:
نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذِرِ ، والقُرْطبيُّ
الفَرعُ الثَّالثُ: كونُ رأسِ مالِ السَّلَمِ مَعلومَ القدْرِ
يُشترَطُ في رأْسِ المالِ أنْ يكونَ مَعلومَ القدْرِ ، وهو مَذهَبُ الحنابِلةِ ، وقولُ أبي حَنيفةَ ، وبه قال الشَّافعيَّةُ إذا كان رأْسُ المالِ في الذِّمَّةِ ؛ وذلك لأنَّ جَهالةَ ذلك تُؤدِّي إلى جَهالةِ المقبوضِ
الفَرعُ الرَّابعُ: كوْنُ رأسِ مالِ السَّلَمِ مَعلومَ الصِّفةِ
المسألةُ الأُولى: إذا كان رأْسُ مالِ السَّلَمِ مُعيَّنًا
يُشترَطُ في رأْسِ مالِ السَّلَمِ إذا كان مُعيَّنًا أنْ يكونَ مَعلومَ الصِّفةِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنَفيَّةِ ، والمالكيَّةِ ، والحنابِلةِ ، وقولٌ للشَّافعيةِ
وذلك للآتي:
أولًا: لأنَّه عقْدٌ لا يُمكِنُ إتمامُه في الحالِ، ولا تَسليمُ المعقودِ عليه، ولا يُؤمَنُ انفساخُه، فوَجَبَت مَعرِفةُ رأْسِ مالِ السَّلَمِ فيه؛ ليَرُدَّ بَدَلَه كالقَرْضِ
ثانيًا: لأنَّه لا يُؤمَنُ أنْ يَظهَرَ بعضُ الثَّمنِ مُسْتحَقًّا، فيَنفسِخُ العقدُ في قدْرِه، فلا يُعلَمُ في كمْ بَقِي وكمِ انفسَخَ
المسألةُ الثَّانيةُ: إذا كان رأْسُ مالِ السَّلَمِ مَوصوفًا في الذِّمَّةِ
يُشترَطُ في رأسِ مالِ السَّلَمِ أنْ يكونَ مَعلومَ الصِّفةِ إذا كان مَوصوفًا في الذِّمَّةِ.
الأدلَّةُ:
أوَّلًا: مِن الإجماعِ
نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامةَ ، والقُرْطبيُّ ، وشَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ
ثانيًا: لأنَّه أحدُ عِوَضَي السَّلَمِ، فيُشترَطُ مَعرفةُ صِفتِه
الفَرعُ الخَامِس: تَسليمُ رأْسِ مالِ السَّلَمِ في مَجلِسِ العقدِ
يُشترَطُ في رأْسِ مالِ السَّلَمِ أنْ يُسلَّمَ في مَجلِسِ العقدِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ : الحنَفيَّةِ ، والشَّافعيَّةِ ، والحنابِلةِ ، وحُكِي الإجماعُ على ذلك
الأدلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما قال: ((قَدِم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ وهمْ يُسلِفون في الثِّمارِ السَّنةَ والسَّنتينِ، فقال: مَن أسلَفَ في تمْرٍ، فلْيُسلِفْ في كَيلٍ مَعلومٍ، ووزْنٍ مَعلومٍ، إلى أجَلٍ مَعلومٍ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ((مَن أسلَفَ في تمْرٍ، فلْيُسلِفْ )) أي: فلْيُعْطِ؛ لأنَّه لا يقَعُ اسمُ السَّلَفِ فيه حتَّى يُعطِيَه ما أسْلَفَه قبْلَ أنْ يُفارِقَ مَن أسْلَفَه
ثانيًا: إنَّما سُمِّي سَلَمًا لِما فيه مِن تَسليمِ رأْسِ المالِ، فإذا تأخَّر لم يكُنْ سَلَمًا، فلم يَصِحَّ

انظر أيضا:

  1. (1) كأنْ يكونَ رأسُ مالِ السَّلَمِ مِن التَّمرِ، فلا يجوزُ أنْ يكونَ المسْلَمُ فيه تَمرًا أو شَعيرًا أو مِلحًا ممَّا يَتَّفِقُ في عِلَّةِ الرِّبا.
  2. (2) ((الفتاوى الهندية)) (3/ 179- 180)، ((الدر المختار وحاشية ابن عابدين)) (5/ 217)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) (5/ 214).
  3. (3) ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (3/ 200)، ويُنظر: ((الرسالة)) لابن أبي زيد القيرواني (ص: 108).
  4. (4) ((العزيز شرح الوجيز)) للرَّافعي (8/166).
  5. (5) ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/ 89)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/211).
  6. (6) يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/214).
  7. (7) قال ابنُ المنذِرِ: (أجْمَعوا على أنَّ السَّلَمَ الجائزَ أنْ يُسْلِمَ الرَّجلُ صاحبَه في طَعامٍ مَعلومٍ مَوصوفٍ، مِن طعامِ أرضٍ عامَّةٍ، لا يُخطِئُ مِثلُها، بكَيلٍ مَعلومٍ أو وزْنٍ مَعلومٍ، إلى أجَلٍ مَعلومٍ، ودَنانيرَ ودَراهمَ مَعلومةٍ) ((الإجماع)) (ص: 989).
  8. (8) قال القُرْطبيُّ: (أمَّا الثَّلاثةُ الَّتي في رأْسِ مالِ السَّلَمِ: فأنْ يكونَ مَعلومَ الِجنسِ، مُقدَّرًا، نقْدًا. وهذه الشُّروطُ الثَّلاثةُ الَّتي في رأْسِ المالِ مُتَّفقٌ عليها إلَّا النَّقدَ)، ((تفسير القرطبي)) (3/379).
  9. (9) المالكيَّةُ يُجِيزون أنْ يكونَ رأسُ المالِ جُزافًا. يُنظر: ((التاج والإكليل)) للموَّاق (4/516)، ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (6/480)، ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (5/368).
  10. (10) يُنظر: ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/ 227).
  11. (11) ((البحر الرائق)) لابن نُجَيم (6/175)، ((الفتاوى الهندية)) (3/ 178).
  12. (12) ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (4/ 5)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (5/ 5).
  13. (13) يُنظر: ((الجوهرة النيرة)) لأبي بكر الحداد (1/ 219).
  14. (14) ((الفتاوى الهندية)) (3/ 178)، ((البحر الرائق)) لابن نُجَيم (6/174).
  15. (15) ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/ 177).
  16. (16) (( كشاف القناع)) للبُهُوتي (3/ 304)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/ 227)، ويُنظر: ((الشرح الكبير على متن المقنع)) (4/ 337).
  17. (17) ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (4/ 5)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (5/ 5).
  18. (18) يُنظر: ((الشرح الكبير على متن المقنع)) (4/337).
  19. (19) يُنظر: ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/ 227).
  20. (20) مِثلَ أنْ يَصِفَ جِنسَ النَّقدِ الذي سيُسلِّمُه: رِيالٌ، أو دِينارٌ، أو جُنَيه، أو دُولارٌ.
  21. (21) قال ابنُ قُدامةَ: (لا خِلافَ في اشتراطِ مَعرِفةِ صِفتِه إذا كان في الذِّمَّةِ) ((المغني)) (4/225).
  22. (22) قال القُرْطبيُّ: (أمَّا الثَّلاثةُ الَّتي في رأْسِ مالِ السَّلَمِ: فأنْ يكونَ مَعلومَ الِجنسِ، مُقدَّرًا، نقْدًا. وهذه الشُّروطُ الثَّلاثةُ الَّتي في رأْسِ المالِ مُتَّفقٌ عليها إلَّا النَّقدَ) ((تفسير القرطبي)) (3/379).
  23. (23) قال شَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ: (لا خِلافَ في اشتراطِ مَعرِفةِ صِفتِه إذا كان في الذِّمَّةِ) ((الشرح الكبير على متن المقنع)) (4/337).
  24. (24) يُنظر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (4/225).
  25. (25) أجاز المالكيَّةُ تَأخيرَ قبْضِ رأسِ مالِ السَّلَمِ يَومينِ أو ثلاثةً. يُنظر: ((منح الجليل)) لعُلَيْش (5/332).
  26. (26) ((تبيين الحقائق)) للزَّيلَعي (4/117)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/202).
  27. (27) ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (5/4)، ((مغني المحتاج)) للشِّربيني (2/ 102).
  28. (28) ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (3/304)، وينظر: ((الكافي)) لابن قُدامةَ (2/66).
  29. (29) قال الطَّبَريُّ: (أجْمَعوا جميعًا أنَّه لا يَجوزُ السَّلَمُ حتَّى يَستوفي المُسْلَمُ إليه ثَمَنَ المُسْلَمِ فيه في مَجلِسِهما الَّذي تَبايَعا فيهـ) ((اختلاف الفقهاء)) (ص: 99). وقال ابنُ المنذِرِ: (أجْمَعوا على أنَّ السَّلَمَ الجائزَ أنْ يُسْلِمَ الرَّجلُ صاحبَه في طَعامٍ مَعلومٍ مَوصوفٍ، مِن طعامِ أرضٍ عامَّةٍ، لا يُخطِئُ مِثلُها، بكَيلٍ مَعلومٍ أو وزْنٍ مَعلومٍ، إلى أجَلٍ مَعلومٍ، ودَنانيرَ ودَراهمَ مَعلومةٍ، بدَفْعِ ثَمنِ ما أسْلَمَ فيه قبْلَ أنْ يَتفرَّقَا مِن مَقامِهما الذي تَبايَعا فيه، ويُسمِّيانِ المكانَ الذي يُقبَضُ فيه الطَّعامُ، فإذا فَعَلا ذلك، وكانا جائزَيِ الأمرِ؛ كان صَحيحًا) ((الإجماع)) (ص: 98).
  30. (30) أخرجه البخاري (2240)، ومسلم (1604) واللفظ له.
  31. (31) يُنظر: ((الأم)) للشافعي (3/95)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (3/304).
  32. (32) يُنظر: ((المجموع شرح المهذب)) تكملة المطيعي (13/ 144).
  33. (33) كأنْ يَهَبَ المسْلَمُ إليه (البائعُ) رأْسَ مالِ السَّلَمِ لشَخصٍ قبْلَ أنْ يَقبِضَه، أو أنْ يَبِيعَه إذا كان رأْسُ مالِ السَّلَمِ عَينًا، أو يَتصرَّفَ فيه بالحوالةِ بأنْ يُحِيلَ عليه شَخصٌ