الموسوعة الفقهية

المَبْحَثُ الثَّاني: حُكْمُ الحِساباتِ الجاريةِ


الحساباتُ الجاريةُ هي قُروضٌ بالمنْظورِ الفِقهيِّ، ولا يَجوزُ أخْذُ فَوائدَ رِبويَّةٍ عليها، نصَّ عليه قَرارُ مَجْمَعِ الفقهِ الإسلاميِّ التَّابعِ لمُنظَّمةِ المُؤتمرِ الإسلاميِّ جاء في قَرار مَجلِسِ مَجْمَعِ الفِقهِ الإسلاميِّ المنعقِدِ في دَورةِ مُؤتمرِه التاسعِ بـ(أبو ظبي) بدَولة الإماراتِ العربيَّةِ المتَّحِدةِ، من 1 إلى 6 ذي القعدة 1415 هـ، الموافق 1-6 أبريل 1995 م؛ التالي: (بعْدَ اطِّلاعِه على البحوثِ الواردةِ إلى المَجْمَعِ بخُصوصِ مَوضوعِ: (الودائع المَصرِفيَّة "حِسابات المصارِفِ")، وبعْدَ استماعِه إلى المناقَشاتِ الَّتي دارتْ حَوْلَه، قرَّر ما يَلي: أوَّلًا: الودائعُ تحْتَ الطَّلبِ (الحساباتُ الجاريةُ) سواءٌ أكانت لَدى البنوكِ الإسلاميَّةِ، أو البنوكِ الرِّبويَّةِ؛ هي قُروضٌ بالمنظورِ الفِقهيِّ؛ حيث إنَّ المَصرِفَ المتَسلِّمَ لهذه الودائعِ يَدُه يَدُ ضَمانٍ لها، هو مُلزَمٌ شَرعًا بالرَّدِّ عندَ الطَّلبِ، ولا يُؤثِّرُ على حُكمِ القرْضِ كونُ البنكِ (المقترِضِ) مَلِيئًا. ثانيًا: إنَّ الودائعَ المَصرِفيَّةَ تَنقسِمُ إلى نَوعينِ بحسَبِ واقعِ التَّعامُلِ المَصرِفيِّ: أ- الودائعُ الَّتي تُدفَعُ لها فوائدُ -كما هو الحالُ في البنوكِ الرِّبويَّةِ- هي قُروضٌ رِبويَّةٌ مُحرَّمةٌ، سواءٌ أكانت مِن نَوعِ الودائعِ تحْتَ الطَّلبِ (الحساباتِ الجاريةِ)، أمِ الودائعِ لأجَلٍ، أمِ الودائعِ بإشعارٍ، أمْ حِساباتِ التَّوفيرِ. ب- الودائعُ الَّتي تُسلَّمُ للبُنوكِ الملتزِمةِ فِعليًّا بأحكامِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ بعَقدِ استثمارٍ على حِصَّةٍ مِن الرِّبحِ، هي رأْسُ مالِ مُضارَبةٍ، وتَنطبِقُ عليها أحكامُ المُضارَبةِ (القِراضِ) في الفقهِ الإسلاميِّ، الَّتي منها عدَمُ جَوازِ ضَمانِ المُضارِبِ (البنْك) لرأْسِ مالِ المُضارَبةِ) ((مجلة مجمع الفِقه الإسلامي)) العدد التاسع (1/ 932). ، وهَيئةُ كِبارِ العُلَماءِ بالسُّعوديَّةِ جاء في قَراراتِ هَيئةِ كِبارِ العُلَماءِ ما يَلي: (وضْعُ الأموالِ في البنوكِ لأخْذِ فائدةٍ رِبويَّةٍ بنِسبةٍ مُعيَّنةٍ، يَحصُلُ عليها صاحبُ المالِ مِن البنكِ ونحْوِه، ويَدفَعُها له إمَّا بعْدَ مُضيِّ الأجَلِ الَّذي يُتَّفَقُ عليه، وإمَّا عندَ سَحبِ المالِ، فيُدفَعُ له ما اتُّفِقَ عليه مِن الرِّبا الَّذي سُمِّيَ رِبحًا أو فائدةً. وهذا رِبًا صَريحٌ حرَّمَه اللهُ ورسولُه، وأجمَعَ سَلَفُ الأُمَّةِ الإسلاميَّةِ على تَحريمِه، وتَسميتُه وَديعةً أو باسمٍ غيرِ ذلك، لا يُغيِّرُ مِن حُكمِ الرِّبا المحرَّمِ فيه شَيئًا؛ فقدْ جَمَعَ رِبا الفضْلِ ورِبا النَّسيئةِ؛ لأنَّه بَيعُ نُقودٍ بنُقودٍ نَسيئةً بزِيادةِ رِبحٍ رِبويٍّ إلى أجَلٍ) ((مجلة البحوث الإسلاميَّة)) (5/261)، ويُنظر: ((أبحاث هيئة كبار العُلَماء)) (5/ 223)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (19/ 179). ، واللَّجنةُ الدَّائمةُ في السُّعوديَّةِ جاء في فَتوى اللَّجنةِ الدَّائمةِ: (لا يَجوزُ الإيداعُ لَدى البنكِ بفائدةٍ؛ لأنَّ ذلك مِن الرِّبا المحرَّمِ) ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى)) (9/ 200). ، وهو قَوْلُ ابْنِ بازٍ قال ابنُ بازٍ: (لا يَجوزُ الإيداعُ في البنوكِ للفائدةِ، ولا القرْضُ بالفائدةِ؛ لأنَّ ذلك مِن الرِّبا الصَّريحِ) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (19/ 416). وقال: (لا يَجوزُ لك أنْ تَستعمِلَ ما في البنكِ في المعامَلاتِ الرِّبويَّةِ، أمَّا إذا كان وَديعةً فقطْ، فلا حَرَج في ذلك إذا لم يَتيسَّرِ الإيداعُ في غيرِه) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (14/ 129). ، وابنُ عُثَيمين قال ابنُ عُثَيمين: (وضْعُ الدَّراهمِ عندَ البُنوكِ ليْس وَديعةً، إنَّما هو قَرْضٌ، وتَسميةُ النَّاسِ له وَديعةً غلَطٌ؛ لأنَّك إذا أعْطَيْتَ البنكَ الدَّراهمَ، هل هو يَحفَظُها في صُورتِها ويَجعَلُها مَحفوظةً عندَه حتَّى تأتيَ، أو يُدخِلُها في صُندوقٍ ويَستعمِلُها؟ يُدخِلُها في صُندوقٍ ويَستعمِلُها، إذنْ هو قَرضٌ، وإذا كان قَرْضًا فإنَّه لا يَجوزُ للمُقرِضِ أنْ يَأخُذَ ممَّن استَقرَضَ منه شيئًا) ((لقاء الباب المفتوح)) رقم اللقاء (196)، ويُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عُثَيمين (10/ 298). ؛ وذلك لأنَّ المَصرِفَ المتسَلِّمَ لهذه الودائعِ يَدُه يَدُ ضَمانٍ لها، وهو مُلزَمٌ شَرْعًا بالرَّدِّ عندَ الطَّلبِ، وإذا كانت يَدُه يَدَ ضَمانٍ، فهو قَرْضٌ يَحرُمُ أخْذُ الفوائدِ عليه قَرار رقم: 90 (3/9) ((موقع مَجْمَع الفِقهِ الإسلاميِّ)) بشأن الودائع المَصرِفيَّة (حِسابات المصارف)، وذلك في دَورةِ مُؤتمرِه التاسعِ بـ(أبو ظبي) بدولة الإمارات العربيَّة المتَّحِدة من 1 – 6 ذي القعدة 1415هـ، الموافق 1 – 6 نيسان (أبريل) 1995م، وفيه: (الودائعُ الَّتي تُدفَعُ لها فوائدُ -كما هو الحالُ في البنوكِ الرِّبويَّةِ- هي قُروضٌ رِبويَّةٌ مُحرَّمةٌ، سواءٌ أكانت مِن نَوعِ الودائعِ تحْتَ الطَّلبِ (الحساباتِ الجاريةِ)، أمِ الودائعِ لأجَلٍ، أمِ الودائعِ بإشعارٍ، أمْ حِساباتِ التَّوفيرِ) ((مجلة مجمع الفِقه الإسلامي)) العدد التاسع (1/ 932).

انظر أيضا: