الموسوعة الفقهية

المَبْحَثُ الأوَّلُ: اشتِراطُ ما يخالِفُ نَصًّا شَرْعِيًّا


تَبْطُلُ الشُّروطُ في البَيعِ إذا كانَت تُخالِفُ نَصًّا شَرعيًّا.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عائِشةَ قالت: ((أتَتْها بَريرةُ تَسألُها في كِتابَتِها، فقالت: إنْ شِئْتِ أَعطَيتُ أهلَك ويَكونُ الوَلاءُ لي، وقال أهلُها: إنْ شِئتِ أَعطيتِها ما بَقيَ -وقال سُفيانُ مَرَّةً: إنْ شِئتِ أعتَقْتِها، ويَكونُ الوَلاءُ لنا- فلَمَّا جاءَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذَكَّرَتْه ذلك، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ابتاعيها فأعتِقيها؛ فإنَّ الوَلاءَ لِمَن أعتَقَ. ثُمَّ قامَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على المِنبَرِ -وقال سُفيانُ مَرَّةً: فصَعِدَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على المِنبَرِ- فقال: ما بالُ أقوامٍ يَشتَرِطونَ شُروطًا ليسَ في كِتابِ اللهِ ، مَنِ اشتَرَطَ شَرطًا ليسَ في كِتابِ اللهِ فلَيسَ لهُ، وإنِ اشتَرَطَ مِائةَ مَرَّةٍ )) أخرجه البخاري (456) واللَّفظُ له، ومسلم (1504).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أبطَلَ كُلَّ شَرْطٍ ليسَ في كِتابِ اللهِ جَلَّ ثَناؤُه، إذا كانَ في كِتابِ اللهِ وسُنَّةِ رَسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- خِلافُه، ومَعنى قَولِه: ((ليسَ في كِتابِ اللهِ )) أي: ليسَ في حُكمِ اللهِ وحُكمِ رَسولِه، أو فيما دَلَّ عليه الكِتابُ والسُّنَّةُ ((الأم)) للشافعي (5/ 73) ((الاستذكار)) لابن عبد البر (5/444).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ.
نَقَل الإجْماعَ على ذلك: ابنُ بطَّالٍ قال ابنُ بطَّالٍ: (أجمَع العُلَماءُ على أنَّه مَنِ اشتَرَط فى البَيعِ شُروطًا لا تَحِلُّ، أنَّه لا يَجوزُ شَىءٌ مِنها)) ((شرح صحيح البخاري)) (6/293). ، وابنُ تَيمِيَّةَ قال ابنُ تيميَّةَ: (فمَتَى كانَ الشَّرطُ يُخالِفُ شَرطَ اللهِ ورَسولِه كانَ باطِلًا: مِثلُ أن يُشتَرَطَ أن يَكونَ ولَدُ غَيرِه ابنَه، أو عتقُ غَيرِه مولاه، أو أنَّ ابنَه أو قَريبَه لا يَرِثُه، أو أنَّه يُعاوِنُه على كُلِّ ما يُريدُ، ويَنصُرُه على كُلِّ مَن عاداه، سَواءٌ كانَ بِحقٍّ أو بِباطِلٍ، أو يطيعُه في كُلِّ ما يَأمُرُه بِه، أو أنَّه يُدخِلُه الجَنَّةَ ويَمنَعُه مِنَ النَّارِ مُطلَقًا، ونَحوِ ذلك مِن الشُّروطِ. وإذا وقَعَت هذه الشُّروطُ وفَى مِنها بِما أمرَ اللهُ بِه ورَسولُه، ولَم يوفِ مِنها بِما نَهَى اللهُ عَنه ورَسولُه. وهَذا مُتَّفَقٌ عليه بينَ المُسلِمينَ) ((مجموع الفتاوى)) (35/97).

انظر أيضا: