الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الثَّالثُ: حُكْمُ الشَّرْطِ الجَزائيِّ في مُقابِلِ التأخيرِ عن سَدادِ الدُّيونِ


لا يَجوزُ الشَّرطُ الجُزائيُّ في العُقودِ الَّتي يَكونُ الِالتِزامُ الأصليُّ فيها دَينًا، نَصَّ عليه مَجمَعُ الفِقْهِ الإسلاميِّ ، ومَجمَعُ البُحوثِ الإسلاميَّةِ بالأزهَرِ ؛ لأنَّهُ عِبارةٌ عن دَينٍ، ولا يَجوزُ اشتِراطُ الزِّيادةِ في الدُّيونِ عِندَ التَّأخيرِ؛ لأنَّه مِنَ الرِّبا الصَّريحِ

انظر أيضا:

  1. (1) هُناكَ فُروقٌ بينَ الشُّروطِ في البَيعِ وشُروطِ البَيعِ مِن وُجوهٍ أربَعةٍ: الأوَّلُ: أنَّ شُروطَ البَيعِ مِن وَضْعِ الشَّارِعِ، والشُّروطَ في البَيعِ مِن وضعِ المُتَعاقِدَينِ الثَّاني: شُروطُ البَيعِ يَتَوَقَّفُ عليها صِحَّةُ البَيعِ، والشُّروطُ في البَيعِ يَتَوَقَّفُ عليها لُزومُ البَيعِ، فهوَ صَحيحٌ، لَكِن لَيسَ بِلازمٍ؛ لِأنَّ مَن لَه الشَّرطُ إذا لَم يُوفِ لَه بِه فله الخِيارُ الثَّالِثُ: أنَّ شُروطَ البَيعِ لا يُمكِنُ إسقاطُها، والشُّروطُ في البَيعِ يُمكِنُ إسقاطُها مِمَّن لَه الشَّرطُ الرَّابِعُ: أنَّ شُروطَ البَيعِ كُلَّها صَحيحةٌ مُعتَبَرةٌ؛ لِأنَّها مِن وَضْعِ الشَّرعِ، والشُّروطُ في البَيعِ مِنها ما هوَ صَحيحٌ مُعتَبَرٌ، ومِنها ما [هوَ] لَيسَ بِصَحيحٍ ولا مُعتَبَرٍ؛ لِأنَّه مِن وَضْعِ البَشَرِ، والبَشَرُ قَد يُخطِئُ وقَد يُصيبُ يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (8/223)
  2. (2) قال ابنُ عُثَيمين: (الشُّروطُ الصَّحيحةُ تَنقَسِمُ إلَى ثَلاثةِ أقسامٍ: الأوَّلُ: قِسمٌ ثابِتٌ، سَواءٌ شُرِطَ أم لَم يُشتَرَط؛ لِأنَّه مِن مُقتَضَى العَقْدِ، مِثلُ تَسليمِ البائِعِ المَبيعَ والمُشتَري الثَّمنَ، وكَونِ الثَّمَن حالًّا، وما أشبَه ذلك مِمَّا لا يَحتاجُ إلَى شَرطٍ، فهَذا إذا شُرِطَ فهوَ تَوكيدٌ، ولَو جَمعَ ألفَ شَرطٍ مِن هَذا النَّوعِ فإنَّه يَصِحُّ الثَّاني: ما يَتَعَلَّقُ بِمَصلَحةِ العَقْدِ ولَيسَ نَفعًا مُستَقِلًّا، أي: لَيسَ نَفعًا يَنتَفِعُ بِه البائِعُ أوِ المُشتَري، ولَكِنَّه مِن مَصلَحةِ العَقْدِ، مِثلُ: الرَّهنِ، وكَونِ العَبدِ كاتِبًا، والأمَةِ بِكْرًا، والدَّابَّةِ هملاجةً وما أشبَهَ ذلك الثَّالِثُ: شَرطُ نَفعٍ إمَّا لِلبائِعِ وإمَّا لِلمُشتَري، والَّذي لِلبائِعِ، مِثلُ أن يَشتَرِطَ إذا باعَ دارَه سُكْناها شَهرًا، والَّذي لِلمُشتَري، مِثلُ أن يَشتَرِطَ على البائِعِ أن يَحمِلَ الحَطبَ وما أشبَهَ ذلك) ((الشرح الممتع)) (8/236)
  3. (3) جاءَ في قَرار رَقم: 109 (3 / 12) بِشَأنِ مَوضوعِ الشَّرطِ الجَزائيِّ: (لا يَجوزُ الشَّرطُ الجَزائيُّ عَنِ التَّأخيرِ في تَسليمِ المُسلَّمِ فيه؛ لِأنَّه عِبارةٌ عَن دَينٍ، ولا يَجوزُ اشتِراطُ الزِّيادةِ في الدُّيونِ عِندَ التَّأخيرِ) ((مَجَلةِ مَجْمَعِ الفِقْهِ الإسلاميِّ)) العَدَدُ الثَّاني عَشَرَ (2/ 305). وجاءَ فيه أيضًا: (رابِعًا: يَجوزُ أن يُشتَرَطَ الشَّرطُ الجَزائيُّ في جَميعِ العُقودِ الماليَّةِ ما عَدا العَقودَ الَّتي يَكونُ الِالتِزامُ الأصليُّ فيها دَينًا؛ فإنَّ هَذا مِنَ الرِّبا الصَّريحِ. وبِناءً على هَذا، فيَجوزُ هَذا الشَّرطُ مَثَلًا في عُقودِ المُقاوَلاتِ بِالنِّسبةِ لِلمُقاوِلِ، وعَقْدِ التَّوريدِ بِالنِّسبةِ لِلمُوَرِّدِ، وعَقْدِ الِاستِصناعِ بِالنِّسبةِ لِلصَّانِعِ إذا لَم يُنفِّذْ ما التَزَم به، أو تَأخَّرَ في تَنفيذِه. ولا يَجوزُ -مَثَلًا- في البَيعِ بِالتَّقسيطِ بِسَبَبِ تَأخُّرِ المَدِينِ عَن سَدادِ الأقساطِ المُتَبَقّيةِ سَواءٌ كانَ بِسَبَبِ الإعسارِ أوِ المُماطَلةِ، ولا يَجوزُ في عَقْدِ الِاستِصناعِ بِالنِّسبةِ لِلمُستَصنِعِ إذا تَأخَّرَ في أداءِ ما عليهـ) ((مَجَلةُ مَجْمَعِ الفِقْهِ الإسلاميِّ)) العَدَدُ الثَّاني عَشَرَ (2/ 306). وجاءَ في قَرارِ رَقمِ (53 /2/6) بِشَأنِ البَيعِ بِالتَّقسيطِ: (إذا تَأخَّرَ المُشتَري المَدينِ في دَفعِ الأقساطِ عَنِ المَوعِدِ المُحَدَّدِ، فلا يَجوزُ إلزامُه أيَّ زيادةٍ على الدَّينِ، بِشَرطٍ سابِقٍ أو بِدونِ شَرطٍ؛ لِأنَّ ذلك رِبًا مُحرَّمٌ) ((مَجَلة مَجْمَعِ الفِقْه الإسلاميِّ)) العَدَدُ السَّادِسُ (1/ 447).
  4. (4) جاءَ في فتَوى لِمَجْمَعِ البُحوثِ الإسلاميَّةِ بِالأزهَرِ ما يَلي: (يَجوزُ أن يُشتَرَطَ الشَّرطُ الجَزائيُّ في العُقودِ الماليَّةِ ما عَدا العُقودَ الَّتي يَكونُ الِالتِزامُ الأصليُّ فيها دَينًا، فيَجوزُ أن يوضَعَ هَذا الشَّرطُ في عُقودِ المُقاوَلاتِ بِالنِّسبةِ لِلمُقاوِلِ، وفي عُقودِ التَّوريداتِ بِالنِّسبةِ لِلمُوَرِّدِ) ((الموقع الرسمي لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر)).
  5. (5) ينظر: ((مجلة مجمع الفقه الإسلامي)) العدد الثاني عشر (2/ 305).