الموسوعة الفقهية

المطلبُ الحادي عَشَرَ: هِبةُ الزَّوجةِ مِن مالِها بما فوقَ الثُّلُثِ 


يَجوزُ للزَّوجةِ أنْ تَتصرَّفَ في مالِها بالهِبةِ بأكثرَ مِنَ الثُّلُثِ، وهو مَذهبُ الجُمهورِ [156] المالكيَّةُ أجازوا هِبتَها بالثُّلثِ، ولم يُجِيزوا بأكثرَ مِن الثُّلثِ. يُنظر: ((شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل وحاشية البَنَّاني)) (7/172)، ((الشرح الكبير للدَّرْدِير وحاشية الدسوقي)) (4/98). : الحَنفيَّةِ [157] ((الفتاوى الهندية)) (1/316)، ((أحكام القرآن)) للجَصَّاص (2/352). ، والشَّافعيَّةِ [158] ((تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي وحواشي الشَّرواني والعبادي)) (5/169)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/170). ، والحَنابِلةِ [159] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (5/253، 254)، ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مُفلِح (4/227).
الأدِلَّةُ:
أولًا: مِن السُّنةِ
1- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَج ومعه بِلالٌ، فظَنَّ أنَّه لم يُسمِعْ، فوَعظَهُنَّ وأمرَهُنَّ بالصَّدقةِ، فجَعَلتِ المرأةُ تُلقي القُرْطَ والخاتَمَ، وبلالٌ يَأخُذُ في طَرَفِ ثَوبِه )) [160] أخرجه البخاري (98) واللفظُ له، ومسلم (884).
2- عن زَينبَ امرأةِ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهُما، قالَت: ((قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: تَصدَّقْنَ يا مَعشرَ النِّساءِ، ولو من حُلِيِّكُنَّ. قالت: فرَجَعتُ إلى عبدِ اللهِ، فقلتُ: إنَّك رجُلٌ خَفيفُ ذاتِ اليَدِ، وإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد أمَرَنا بالصَّدقةِ، فأْتِه فاسألْهُ، فإنْ كانَ ذلك يَجزِي عنِّي، وإلَّا صَرَفتُها إلى غَيرِكم. قالت: فقال لي عبدُ اللهِ: بلِ ائتِيهِ أنتِ. قالت: فانطلَقْتُ، فإذا امرأةٌ مِنَ الأنصارِ ببابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حاجَتي حاجَتُها، قالت: وكانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد أُلقِيَت عليه المَهابةُ، قالت: فخَرَجَ علينا بِلالٌ، فقُلنا له: ائتِ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخبِرْه أنَّ امرَأتَينِ بالبابِ تَسألانِك: أتُجزِئُ الصَّدقةُ عنهُما على أزواجِهِما، وعلى أيتامٍ في حُجورِهِما؟ ولا تُخبِرْه مَن نحنُ. قالت: فدَخَل بِلالٌ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فسَألَه، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن هُما؟ فقال: امرأةٌ مِنَ الأنصارِ وزَينبُ، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الزَّيانِبِ؟ قال: امرأةُ عبدِ اللهِ، فقالَ له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لهُما أجرانِ؛ أجرُ القَرابةِ، وأجرُ الصَّدقةِ )) [161] أخرجه البخاري (1466)، ومسلم (1000) واللفظُ له.
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجاز تَصرُّفَهُنَّ مِن غيرِ شرْطٍ؛ فدلَّ على جَوازِه مُطلقًا [162] ((المغني)) لابن قُدامة (4/349).
ثانيًا: لأنَّه يجوزُ دَفْعُ مالِها لها برُشدِها؛ فجازَ تَصرُّفُها فيه مُطلقًا [163] ((الممتع في شرح المقنع)) للتَّنوخي (2/663)، ((المغني)) لابن قُدامة (4/349).
ثالثًا: لأنَّ المَرأةَ مِن أهلِ التَّصرُّفِ، ولا يحِلُّ للزَّوجِ مَنْعُها مِنَ التَّصرُّفِ في مالِها [164] ((الممتع في شرح المقنع)) للتَّنوخي (2/663)، ((المغني)) لابن قُدامة (4/349).

انظر أيضا: