الموسوعة الفقهية

المبحثُ العاشرُ: الوصيَّةُ للذِّمِّيِّ


تَجوزُ الوصيَّةُ للذِّميِّ فيما يَجوزُ له تَملُّكُه
الأدِلَّةُ:
أولًا: مِنَ الكِتابِ
قولُه تعالى: إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا [الأحزاب: 6]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
فسَّرَ بعضُ العُلماءِ الآيةَ بأنَّها وَصيَّةُ المسلمِ لليهوديِّ والنَّصرانيِّ
ثانيًا: مِن الآثارِ
عن عِكْرمةَ: (أنَّ صفيَّةَ بنتَ حُيَيٍّ باعتْ حُجْرتَها مِن مُعاويةَ بمئةِ ألفٍ، وكان لها أخٌ يَهوديٌّ، فعرَضَت عليه أنْ يُسلِمَ فيَرِثَ، فأبى، فأوصَتْ له بثلُثِ المئةِ)
وفي لفظٍ: عن بُكَيرِ بنِ عبدِ اللهِ، أنَّ أمَّ عَلْقمةَ مَولاةَ عائشةَ زوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حدَّثتْه: (أنَّ صَفيَّةَ بنتَ حُيَىِّ بنِ أخْطَبَ رضِيَ اللهُ عنها أوصَتْ لابنِ أخٍ لها يَهوديٍّ، وأوصَت لعائشةَ رضِيَ اللهُ عنها بألفِ دينارٍ، وجعَلَتْ وَصيَّتَها إلى ابنٍ لعبدِ اللهِ بنِ جَعفرٍ، فلمَّا سمِعَ ابنُ أخيها أسلَمَ لكيْ يَرِثَها، فلم يَرِثْها، والْتمَسَ ما أَوصَت له فوجَدَ ابنَ عبدِ اللهِ قد أفسَدَه، فقالتْ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: بُؤسًا له! أعْطُوه الألْفَ الدِّينارِ التي أَوصَت لي بها عمَّتُهـ)
ثالثًا: مِن الإجماعِ
نقَلَ الإجماعَ على صِحَّةِ الوصيَّةِ للذِّميِّ: ابنُ حزْمٍ ، وابنُ قُدامةَ ، وابنُ مُفلِحٍ ، والمَرْداويُّ
رابعًا: لأنَّه تَصِحُّ له الهِبةُ والصَّدقةُ؛ فصَحَّت له الوصيَّةُ
خامسًا: لأنَّهم بعقْدِ الذِّمَّةِ الْتَحقوا بالمسلمينَ في المُعاملاتِ؛ ولهذا جازَ التَّبرُّعُ المُنجَّزُ في حالةِ الحياةِ مِن الجانبَينِ، فكذا المُضافُ إلى ما بعْدَ المماتِ

انظر أيضا:

  1. (1) وكذلك تَجوزُ للكافرِ المعاهَدِ والمستأمَنِ. يُنظر: ((العناية)) للبابَرْتي (10/496)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/655)، ((الإشراف على نكت مسائل الخلاف)) للقاضي عبد الوهاب (2/1015)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/13).
  2. (2) والذي لا يَجوزُ للذِّمِّيِّ تَملُّكُه لا تجوزُ فيه الوَصيَّةُ له؛ كالمصحَفِ. يُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (6/218)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/505).
  3. (3) ((المغني)) لابن قُدامة (6/217).
  4. (4) أخرجه سعيد بن منصور في ((السنن)) (437).
  5. (5) أخرجه البيهقي (13027).
  6. (6) قال ابنُ حزْمٍ: (الوَصيَّةُ للذِّمِّيِّ جائزةٌ، ولا نَعلَمُ في هذا خِلافًا). ((المحلى)) (8/364).
  7. (7) قال ابنُ قُدامةَ: (تصِحُّ وَصيَّةُ المسلمِ للذِّمِّيِّ، والذِّمِّيِّ للمُسلمِ، والذِّميِّ للذِّميِّ. رُويَ إجازةُ وَصيَّةِ المُسلمِ للذِّميِّ عن شُرَيحٍ، والشَّعبيِّ، والثَّوْريِّ، والشافِعيِّ، وإسحاقَ، وأصحابِ الرأيِ، ولا نَعلَمُ عن غيرِهم خِلافَهم). ((المغني)) (6/217).
  8. (8) قال ابنُ مُفلِح: (تصِحُّ الوَصيَّةُ لكلِّ مَن يَصِحُّ تَمليكُه مِن مُسلمٍ وذِمِّيٍّ، بغيرِ خِلافٍ نَعلَمُهـ). ((المبدع)) (6/29).
  9. (9) قال المَرْداويُّ: (تصِحُّ الوَصيَّةُ للمسلِمِ والذِّمِّيِّ بلا نِزاعٍ). ((الإنصاف)) (7/166). وحُكيَ عن بَعضِ المالكيَّةِ القولُ بالكراهةِ. يُنظر: ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/426)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/511).
  10. (10) ((المغني)) لابن قُدامة (6/217)، ((المجموع)) للنووي (15/416).
  11. (11) ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (6/183).