الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: تقديمُ الكفَّارةِ على الحِنْثِ


يُجزِئُ تَقديمُ الكفَّارةِ على الحِنْثِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [803] ((الكافي)) لابن عبد البر (1/454)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (3/28). ، والشَّافِعيَّةِ [804] استثنى الشَّافعيَّةُ الصَّومَ، فلا يكونُ إلَّا بعدَ الحِنْثِ. ((فتح العزيز)) للرافعي (5/531)، ((روضة الطالبين)) للنووي (11/17). ، والحَنابِلةِ [805] ((الإقناع)) للحَجَّاوي (4/338)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/243)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (3/168). ، وهو قَولُ جماهيرِ العُلَماءِ [806] قال النووي: (أجمعوا على أنَّه لا تجِبُ عليه الكفَّارةُ قَبلَ الحِنْثِ... واختلفوا في جوازِها بعد اليَمينِ وقَبلَ الحِنْثِ؛ فجَوَّزَها مالكٌ، والأوزاعيُّ، والثَّوريُّ، والشَّافعيُّ، وأربعةَ عَشَرَ صحابيًّا، وجماعاتٌ مِن التَّابعينَ، وهو قَولُ جماهيرِ العُلَماءِ). ((شرح صحيح مسلم)) (11/109).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكتابِ
قال تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ [المائدة: 89]
وَجهُ الدَّلالةِ:
جَعَل الكفَّارةَ عَقِيبَ عَقدِ اليَمينِ مِن غَيرِ ذِكرِ الحِنْثِ؛ لأنَّ الفاءَ للتَّعقيبِ [807] ((أحكام القرآن)) للجصاص (4/114).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ سَمُرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يا عبدَ الرَّحمنِ بنَ سَمُرةَ، لا تَسألِ الإمارةَ؛ فإنَّك إنْ أُوتيتَها عن مسألةٍ وُكِلْتَ إليها، وإنْ أُوتيتَها مِن غيرِ مَسألةٍ أُعِنْتَ عليها، وإذا حلَفْتَ على يمينٍ فرأيتَ غَيرَها خيرًا منها؛ فكَفِّرْ عن يمينِك وَأْتِ الذي هو خَيرٌ )) [808] أخرجه البخاري (6622)، ومسلم (1652).
وَجهُ الدَّلالةِ:
قولُه: ((فكَفِّرْ عن يمينِك وَأْتِ الذي هو خَيرٌ)) دليلٌ على جوازِ تَقديمِ الكفَّارةِ على الحِنْثِ [809] ((سُبُل السلام)) للصَّنْعاني (2/548).

انظر أيضا: