الموسوعة الفقهية

الفَصلُ الثَّالِثُ: الوَقفُ على القَرابةِ


إذا أُطلِقَ الوَقفُ على القَرابةِ دخَلَ فيه قرابتُه مِن جِهةِ أبيه وأمِّه ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ : الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، وقَولٌ للحَنابِلةِ
الأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ الله عنه قال: ((لَمَّا نزَلَت هذه الآيةُ: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ قال أبو طلحةَ: أرى ربَّنا يَسألُنا مِن أموالِنا! فأُشهِدُك يا رَسولَ اللهِ أنِّي قد جَعلْتُ أرضي بِيرَحَا للهِ. قال: فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اجعَلْها في قَرابتِك. قال: فجعَلَها في حسَّانِ بنِ ثابتٍ وأُبيِّ بنِ كعبٍ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأبي طَلحةَ: ((اجعَلْها في قَرابتِك))، فجعَلَها في حسَّانِ بنِ ثابتٍ وأُبيِّ ابنِ كَعبٍ، وهما يجتَمِعانِ معه في قرابةٍ بَعيدةٍ؛ في الجَدِّ السَّابعِ
2- عن عائشةَ رَضِيَ الله عنها قالت: ((لَمَّا نزلت هذهِ الآيةُ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء: 214] قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يا صفيَّةُ بنتَ عبدِ المطَّلبِ، يا فاطمةُ بنتَ محمَّدٍ، يا بَني عبدِ المطَّلبِ: إنِّي لا أملِكُ لكم منَ اللَّهِ شيئًا، سلُوني مِن مالي ما شِئتُمْ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
الحَديثُ فيه دَليلٌ على دُخولِ النِّساءِ في الأقارِبِ؛ لِعُمومِ اللَّفظِ، ولذِكْرِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَمَّتَه صَفيَّةَ وابنتَه فاطِمةَ

انظر أيضا:

  1. (1)    هذه المسائِلُ مِن أبوابِ الوَقفِ والهِبةِ والعَطية والوَصايا: هي التي تتعَلَّقُ بفِقهِ الأُسرةِ دون باقي مَسائِلِها وتُنظرُ تفاصيلُها في مواضِعِها من الموسوعةِ الفِقهيَّةِ - إعداد القِسم العلمي بمؤسَّسةِ الدُّرَرِ السَّنِيَّةِ
  2. (2)    الوقفُ هو: تحبيسُ الأصلِ وتَسبيلُ المنفعةِ يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (6/5)، ((المبدع)) لابن مفلح (5/152) ويُنظر أيضًا: ((تحرير ألفاظ التنبيه)) للنووي (ص: 237)
  3. (3)    المذهَبُ عند الحَنابِلةِ: في لَفظِ القَرابةِ لا يَدخُلُ فيه أمُّه ولا قرابتُه مِن قِبَلِها، ويَشمَلُ قرابتَه مِن جِهةِ أبيه بالسَّوِيَّةِ بينَ الذَّكَرِ والأنثى، ومن أولادِه وأولادِ أبيه، وجَدِّه وجَدِّ أبيه، ولا يدخُلُ فيه إذا كان اختِلافٌ في الدِّينِ بينِ الواقِفِ والموقوفِ عليه. ((الإنصاف)) للمرداوي (7/65)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/287).
  4. (4)    على اختِلافٍ بينهم فيما يَشمَلُه لفظُ القرابةِ في الوَقفِ: فعند الحَنَفيَّة: يشمَلُ لفظُ القرابةِ كُلَّ من يناسِبُه إلى أقصى أبٍ له في الإسلامِ مِن قِبَلِ أبيه أو مِن قِبَلِ أمِّه، ولا يَدخُلُ فيه أبواه وولَدُه لصُلبِه، ولا فَرقَ عندهم بين المسلِمِ والكافِرِ. وعند المالِكيَّةِ: يَشمَلُ لَفظُ القرابةِ مَن كان مِن جِهةِ أبيه وجِهةِ أمِّه مُطلقًا، ولا فَرقَ عِندَهم بين المسلِمِ والكافِرِ. وعند الشَّافِعيَّةِ: يدخُلُ في القرابةِ مَن كان مِن جهةِ أبيه وأمِّه ما خلا الأبَ والأمَّ وولَدَ الصُّلبِ.
  5. (5)    ((الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين)) (4/472)، ((الفتاوى الهندية)) (2/379). ويُنظر: ((فتح القدير)) لابن الهمام (6/246).
  6. (6)    ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (7/164)، ((الشرح الكبير)) للدردير (4/94).
  7. (7)    ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (6/280) و(7/98)، ((روضة الطالبين)) للنووي (5/338) و(6/173).
  8. (8)    ((الإنصاف)) للمرداوي (7/66).
  9. (9)    أخرجه البخاري (1461)، ومسلم (998) واللفظ له.
  10. (10)    ((شرح النووي على مسلم)) (7/86)، ((نخب الأفكار)) للعيني (16/204).
  11. (11)    أخرجه مسلم (205).
  12. (12)    ((نيل الأوطار)) للشوكاني (6/36).