الموسوعة الفقهية

الفَصلُ الثَّاني: الوَقفُ على الذُّرِّيَّةِ


إذا أُطلِقَ الوَقفُ على الذُّرِّيَّةِ دَخَل فيه أولادُ البَنينَ بالإجماعِ ، واختَلَفوا في دُخولِ أولادِ البناتِ؛ على قَولَينِ:القول الأول: إذا أُطلِقَ الوَقفُ على الذُّرِّيَّةِ دخَل فيه أولادُ البناتِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة ، والمالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، وقَولٌ للحَنابِلةِ قوَّاه شَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
1- قَولُه تعالى: وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ [الأنعام: 83-85]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالى ذكَرَ عيسى مِن ذُرِّيَّةِ إبراهيمَ، وهو وَلَدُ بِنْتِه مريمَ، يُنسَبُ إليه عن طريقِها
2- بعد أن ذَكَر اللهُ تعالى قِصَّةَ إبراهيمَ وعيسى وموسى وإسماعيلَ وإدريسَ، قال: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ [مريم: 58] ، وعيسى معهم
3- قَولُه تعالى: وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ [النساء: 23]
وَجهُ الدَّلالةِ:
لَمَّا قال الله تعالى: وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ دخل في التَّحريمِ حلائِلُ أبناءِ البَناتِ
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الحَسَنِ بنِ عَليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما، وهو ولَدُ بِنْتِه فاطِمةَ : ((إنَّ ابني هذا سَيِّدٌ... ))
ثالثًا: لِتناوُلِ لَفظِ الذُّرِّيَّةِ وَلَدَ البِنتِ القول الثاني: إذا أُطلِقَ الوَقفُ على الذُّرِّيَّةِ فلا يدخُلُ فيه أولادُ البناتِ، وهو مَذهَبُ الحَنابِلة ، وقَولٌ للمَالكيَّةِ ، وهو اختيارُ ابنِ عُثيمين
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ:
قال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء: 11]
ثانيًا: أنَّه مُقتضى العُرفِ واللُّغةِ، كما قال الشَّاعِرُ:
بَنُونا بَنُو أبنائِنا وبَناتُنا [ بنوهُنَّ أبناءُ الرِّجالِ الأباعِدِ ]
 ثالثًا: لأنَّهم لا يَنتَسِبونَ إليه

انظر أيضا:

  1. (1)    هذه المسائِلُ مِن أبوابِ الوَقفِ والهِبةِ والعَطية والوَصايا: هي التي تتعَلَّقُ بفِقهِ الأُسرةِ دون باقي مَسائِلِها وتُنظرُ تفاصيلُها في مواضِعِها من الموسوعةِ الفِقهيَّةِ - إعداد القِسم العلمي بمؤسَّسةِ الدُّرَرِ السَّنِيَّةِ
  2. (2)    الوقفُ هو: تحبيسُ الأصلِ وتَسبيلُ المنفعةِ يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (6/5)، ((المبدع)) لابن مفلح (5/152) ويُنظر أيضًا: ((تحرير ألفاظ التنبيه)) للنووي (ص: 237)
  3. (3)    قال أبو الفرج شمسُ الدين ابن قدامة: (إن وَقَف على عَقِبِه أو وَلَدِ وَلَدِه، أو ذُرِّيَّتِه أو نَسلِه؛ دخل فيه ولدُ البَنينَ بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناهـ). ((الشرح الكبير على متن المقنع)) (6/222). وقال المرداوي: (قولُه: «وإنْ وَقَف على عَقِبِه أو ولَدِ وَلَدِه أو ذُرِّيَّتِه؛ دخل فيه ولَدُ البَنينَ بلا نزاعٍ في عَقِبِه أو ذُرِّيَّتِه»). ((الإنصاف)) (7/60).
  4. (4)    ((حاشية ابن عابدين)) (4/463).
  5. (5)    ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (7/161)، ((منح الجليل)) لعليش (8/157).
  6. (6)    ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 169)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/266).
  7. (7)    قال شمس الدين ابن قدامة: (قال أبو بكر، وابن حامد: يدخُلُ فيه ولَدُ البناتِ، وهو مذهَبُ الشافعي، وأبي يوسف... والقولُ بأنَّهم يدخُلونَ يَصِحُّ، وأقوى دليلًا؛ لأنَّهم أولادُ أولادِه حَقيقةً). ((الشرح الكبير)) (6/224). ويُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/287).
  8. (8)    ((الجوهرة النيرة)) للحدادي (1/335)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (6/223)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/287).
  9. (9)    ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (6/223).
  10. (10)    ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (6/223).
  11. (11)    ((المغني)) لابن قدامة (6/16).
  12. (12)    أخرجه البخاري (2704).
  13. (13)    ((منح الجليل)) لعليش (8/157)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/266).
  14. (14)    عند الحَنابِلةِ: إذا أوقَفَ على ذريَّتِه لا يدخُلُ فيه ولَدُ البناتِ بغيرِ قَرينةٍ. ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/287).
  15. (15)    ((التاج والإكليل)) للمواق (6/44)، ((منح الجليل)) لعليش (8/157).
  16. (16)    قال ابن عثيمين: (أولادُ البناتِ لا يَدخُلونَ في الوَقفِ على الأولادِ، والدَّليلُ مِنَ القرآنِ ومِن اللُّغةِ). ((الشرح الممتع)) (11/45).
  17. (17)    ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (11/45).
  18. (18)    ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/287).