الموسوعة الفقهية

الفَصلُ الأوَّلُ: حُكمُ الوَقفِ


الوَقفُ مُستحَبٌّ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ : المالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ ، وحُكِيَ الإجماعُ على مَشروعيَّتِه
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((أصاب عُمَرُ بخيبرَ أرضًا، فأتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال: أصبتُ أرضًا لم أُصِبْ مالًا قَطُّ أنفَسَ منه، فكيف تأمُرُني به؟ قال: إنْ شئتَ حَبَّسْتَ أصلَها وتصَدَّقْتَ بها. فتصَدَّقَ عُمَرُ أنَّه لا يُباعُ أصلُهَا ولا يُوهَبُ ولا يُورَثُ، في الفُقراءِ والقُربى والرِّقابِ، وفي سَبيلِ اللهِ، والضَّيفِ، وابنِ السَّبيلِ، لا جُناحَ على مَن وَلِيَها أن يأكُلَ منها بالمعروفِ، أو يُطعِمَ صَديقًا غيرَ مُتمَوِّلٍ فيه ))
2- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ الله عنه قال: ((أمر رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالصَّدَقةِ، فقيلَ: مَنَع ابنُ جميلٍ، وخالِدُ بنُ الوليدِ، وعبَّاسُ بنُ عبدِ المطَّلِب، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما يَنقِمُ ابنُ جميلٍ إلَّا أنَّه كان فقيرًا، فأغناه اللهُ ورَسولُه! وأمَّا خالِدٌ فإنَّكم تَظلِمونَ خالِدًا؛ قد احتَبَس أدراعَه وأعتُدَه في سَبيلِ اللهِ... ))
ثانيًا: لأنَّه ممَّا يُتقَرَّبُ به إلى اللهِ، ويُصرَفُ في جِهاتٍ مَشروعةٍ، كالصَّدَقاتِ وفي الأقرَبِينَ؛ فيُستحَبُّ

انظر أيضا:

  1. (1)    هذه المسائِلُ مِن أبوابِ الوَقفِ والهِبةِ والعَطية والوَصايا: هي التي تتعَلَّقُ بفِقهِ الأُسرةِ دون باقي مَسائِلِها وتُنظرُ تفاصيلُها في مواضِعِها من الموسوعةِ الفِقهيَّةِ - إعداد القِسم العلمي بمؤسَّسةِ الدُّرَرِ السَّنِيَّةِ
  2. (2)    الوقفُ هو: تحبيسُ الأصلِ وتَسبيلُ المنفعةِ يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (6/5)، ((المبدع)) لابن مفلح (5/152) ويُنظر أيضًا: ((تحرير ألفاظ التنبيه)) للنووي (ص: 237)
  3. (3)    قال النفرواي: (اختلف أهلُ الإسلامِ في حُكمِه، والصَّحيحُ -وهو مذهَبُ الجُمهورِ- جوازُه، بل نَدبُه؛ لأنَّه مِن أحسَنِ ما تُقُرِّبَ به إلى الله تعالى، وقد حَبَس نبيُّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وعُمَرُ، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وغيرهم من الصحابة: دورًا وحوائِطَ، وهو مما اختَصَّ به المسلِمونَ؛ لقول الشافعي رَضِيَ اللهُ عنه: لم يَحبِسْ أهلُ الجاهليَّةِ فيما عَلِمتُ، وإنَّما حَبَس أهلُ الإسلامِ). ((الفواكه الدواني)) (2/160). ويتأكَّدُ استِحبابُه إذا كان الوَقفُ على الوالِدَينِ؛ لأنَّه مِنَ البِرِّ بهما.
  4. (4)    ((الشرح الكبير)) للدردير (4/75)، ((منح الجليل)) لعليش (8/108).
  5. (5)    ((المهذب)) للشيرازي (2/322)، ((كفاية الأخيار)) للحِصْني (ص: 304).
  6. (6)    ((المبدع)) لابن مفلح (5/233)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/397).
  7. (7)    قال الترمذي: (العَمَلُ على هذا عند أهلِ العِلمِ مِن أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وغيرِهم، لا نعلَمُ بين المتقَدِّمينَ منهم في ذلك اختِلافًا في إجازةِ وَقفِ الأَرَضينَ وغيرِ ذلك). ((سنن الترمذي)) (3/652). وقال ابنُ قدامة: (قال جابِرٌ: لم يكُنْ أحدٌ مِن أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذو مَقدِرةٍ إلَّا وَقَف. وهذا إجماعٌ منهم؛ فإنَّ الذي قَدَر منهم على الوَقفِ وَقَف، واشتَهَر ذلك فلم يُنكِرْه أحدٌ، فكان إجماعًا). ((المغني)) (6/4).
  8. (8)    أخرجه البخاري (2772)، ومسلم (1632).
  9. (9)    أخرجه البخاري (1468)، ومسلم (983).
  10. (10)    ((الروض الندي شرح كافي المبتدي)) للبعلي (ص: 296)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (11/7).