الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ السَّابِعُ: النَّفَقةُ لامرأةِ الغائِبِ


تجِبُ النَّفَقةُ للمَرأةِ وإن كان زَوجُها غائِبًا عنها.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال اللهُ تبارك وتعالى: قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ الأحزاب: 50.
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الآيةِ دَليلٌ على وُجوبِ النَّفَقةِ على الزَّوجاتِ، ويَستوي فيه الحاضِرُ والغائِبُ
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: الإمامُ الشَّافعيُّ ، وابنُ المُنذِرِ ، وشَيخي زادَه ، والحطَّابُ ، والدُّسوقيُّ
ثالثًا: مِنَ الآثارِ
عن ابنِ عُمَرَ: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ تعالى عنه كتَبَ إلى أُمراءِ الأجنادِ في رجالٍ غابوا عن نسائِهم، يأمُرُهم أن يأخُذوهم أن يُنفِقوا أو يُطَلِّقوا، فإنْ طَلَّقوا بَعَثوا بنَفَقةِ ما حَبَسوا )
رابعًا: لأنَّها استحَقَّت النَّفَقةَ بالتَّمكينِ، ولم يُوجَدْ منها ما يُسقِطُه

انظر أيضا:

  1. (1)      ((تفسير الإمام الشافعي)) (3/1212).
  2. (2)      قال الشافعي: (جعل رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الزَّوجِ نَفَقةَ امرأتِه، وحَكَم اللهُ عَزَّ وجَلَّ بين الزَّوجَينِ أحكامًا، منها: اللِّعانُ، والظِّهارُ، والإيلاءُ، ووقوعُ الطَّلاقِ... فلم يختَلِفِ المسلِمونَ -فيما عَلِمْتُه- في أنَّ ذلك لكُلِّ زَوجةٍ على كُلِّ زَوجٍ غائبٍ وحاضِرٍ). ((الأم)) (5/255).
  3. (3)      قال ابنُ المنذر: (نَفَقةُ الزَّوجةِ واجِبةٌ بالكتابِ والسُّنَّةِ والاتِّفاقِ، ولا يزولُ ما وَجَب بالحُجَجِ التي ذكَرْناها إلَّا بسُنَّةٍ أو اتِّفاقٍ، ولا نعلَمُ شيئًا يدُلُّ على سُقوطِ نَفَقةِ الزَّوجةِ إلَّا النَّاشِزَ المُمتَنِعةَ؛ فنَفَقةُ الزَّوجةِ واجِبةٌ على الزَّوجِ غائبًا كان الزَّوجُ أو حاضِرًا). ((الإشراف)) (5/160).
  4. (4)      قال شَيخي زادَه: («تجِبُ النَّفَقةُ والكِسْوةُ»... «للزَّوجةِ على زَوجِها» سواءٌ كان فقيرًا أو غنيًّا، حاضِرًا أو غائبًا؛ ثبت ذلك بالكتابِ والسُّنَّة والإجماعِ). ((مجمع الأنهر)) (1/485).
  5. (5)      قال الحطاب: (لم يختَلِفوا أنَّ من غاب عن امرأتِه قبل الدُّخولِ غَيبةً بَعيدةً: أنَّه يُحكَمُ لها بالنَّفَقةِ في مالِهـ). ((مواهب الجليل)) (5/543).
  6. (6)      قال الدسوقي: (نَفَقةُ الأبَوَينِ والأولادِ، كنَفَقةِ الزَّوجةِ؛ مِن جِهةِ فَرضِها في مالِ الغائِبِ وودَيعتِه ودَينِه، باتِّفاقٍ). ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/520).
  7. (7)      أخرجه الشافعي في ((الأم)) (6/236)، والبيهقي (16124). ذكر ثبوتَه الشافعي في ((الأم)) (5/339)، وجوَّد إسنادَه ابن كثير في ((إرشاد الفقيهـ)) (2/243).
  8. (8)      ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/230).
  9. (9)      الأصلُ في النَّفَقةِ على الزَّوجةِ تَلبيةُ حاجتِها بالمعروفِ فيما تحتاجُ إليه من أدواتِ التَّنظيفِ، والأثاثِ، وأدواتِ الزِّينةِ، وغَيرِها، وحاجةُ الزَّوجةِ تختَلِفُ مِن عَصرٍ لآخَرَ، ومِن بِيئةٍ لأخرى، ومِن رَجُلٍ لآخَرَ قال ابنُ عادل في بيانِ أنَّ نَفَقةَ الزَّوجةِ غَيرُ مُقَدَّرةٍ، وأنَّ المرجِعَ فيها هو العُرفُ: (الكفايةَ بالمعروفِ تتنَوَّعُ بحالِ الزَّوجةِ في حاجتِها، وبتنَوُّعِ الزَّمانِ والمكانِ، وبتنَوُّعِ حالِ الزَّوج في يَسارِه وإعسارِه؛ فليست كِسوةُ القصيرةِ الضَّئيلةِ ككِسوةِ الطَّويلةِ الجَسيمةِ، ولا كِسوةُ الشِّتاءِ ككِسوةِ الصَّيفِ، ولا كفايةُ طَعامِ الشِّتاءِ مِثلَ طَعامِ الصَّيفِ، ولا طعامُ البلادِ الحارَّةِ كالباردةِ، ولا المعروفُ في بلادِ التَّمرِ والشَّعيرِ كالمعروفِ في بلادِ الفاكِهةِ والخُبزِ) ((اللباب في علوم الكتاب)) (19/175) وقال القَنُّوجي: (هذا -أي: العُرفُ- يختلِفُ باختلافِ الأزمِنةِ والأمكِنةِ، والأحوالِ والأشخاصِ؛ فنَفَقةُ زمنِ الخِصبِ المعروفُ فيها غيرُ المعروفِ في زمنِ الجَدبِ، ونَفَقةُ أهلِ البوادي المعروفُ فيها ما هو الغالِبُ عندهم، وهو غيرُ المعروفِ مِن نَفَقةِ أهلِ المدُنِ، وكذلك المعروفُ من نَفَقةِ الأغنياءِ على اختلافِ طبقاتِهم غيرُ المعروفِ مِن نَفَقةِ الفُقراءِ، والمعروفُ مِن نَفَقةِ أهلِ الرِّياساتِ والشَّرَفِ غيرُ المعروفِ مِن نَفَقةِ أهلِ الوَضاعاتِ؛ فليس المعروفُ المشارُ إليه في الحديثِ هو شيءٌ متَّحِدٌ، بل مختلِفٌ باختلافِ الاعتبارِ) ((الروضة الندية)) (2/76) وقال السعدي في قول الله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطَّلاق: 7]، (فأمر الله تعالى بالإنفاق على الزَّوجات على قدر طاقة الزَّوج ويساره) ((تفسير السعدي)) (ص: 872) وقال ابنُ عثيمين: (الحقوقُ المُطْلَقةُ الموكولةُ إلى العُرفِ: هذه تَختَلِفُ باختِلافِ الأعرافِ) ((فتاوى نور على الدرب)) (10/279)