الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّاني: مِقدارُ النَّفَقةِ على الزوجة


تُقَدَّرُ النَّفَقةُ بقَدرِ الكِفايةِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ : الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والحَنابِلةِ ، وهو قَولُ بَعضِ الشَّافِعيَّةِ ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ  
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال الله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ البقرة: 233.
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ المعروفَ هو قَدْرُ الكفايةِ
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((دخَلَت هِندُ بنتُ عُتبةَ -امرأةُ أبي سُفيانَ- على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أبا سُفيانَ رَجُلٌ شَحيحٌ لا يُعطيني مِنَ النَّفَقةِ ما يَكفيني ويَكفي بَنِيَّ، إلَّا ما أخَذْتُ مِن مالِه بغَيرِ عِلمِه، فهل عليَّ في ذلك مِن جُناحٍ؟ فقال: خُذي مِن مالِه بالمعروفِ ما يَكفيكِ وما يَكفي بَنِيكِ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الحديثَ نَصَّ على أنَّ النَّفَقةَ تُقَدَّرُ بالكفايةِ
2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ تعالى عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حديثِ الحَجِّ بِطولِه، قال في ذِكرِ النِّساءِ: ((ولهنَّ عليكم رِزقُهنَّ وكِسوتُهنَّ بالمعروفِ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أن الكِفايةَ بالمعروفِ تتنَوَّعُ بحالِ الزَّوجةِ في حاجتِها، وبتنَوُّعِ الزَّمانِ والمكانِ، وبتنَوُّعِ حالِ الزَّوجِ في يَسارِه وإعسارِه
ثالثًا: لأنَّها نَفَقةٌ واجِبةٌ لِدَفعِ الحاجةِ، فتقَدَّرَت بالكِفايةِ، كنَفَقةِ المملوكِ

انظر أيضا:

  1. (1)      قال ابنُ حجرٍ: (ذهب الجُمهورُ إلى أنَّها بالكفايةِ، والشَّافعيُّ وطائفةٌ -كما قال ابنُ المنذِرِ- إلى أنَّها بالأمدادِ). ((فتح الباري)) (9/500).
  2. (2)      ((البحر الرائق)) لابن نجيم (4/190)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/584).
  3. (3)      ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (4/438)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/509). ويُنظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (3/77).
  4. (4)      ((الإقناع)) للحجاوي (4/136)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/460).
  5. (5)      ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/302)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (5/152). ويُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (9/500).
  6. (6)      قال ابنُ حجر: (نقل بعضُ الأئمَّةِ الإجماعَ الفِعليَّ في زمَنِ الصَّحابةِ والتَّابعينَ على ذلك، ولا يُحفَظُ عن أحدٍ منهم خِلافُهـ). ((فتح الباري)) لابن حجر (9/500).
  7. (7)      ((الكافي في فقه الإمام أحمد)) لابن قدامة (3/232).
  8. (8)      أخرجه البخاري (5364)، ومسلم (1714) واللفظ له.
  9. (9)      ((شرح صحيح البخارى)) لابن بطال (7/543)، ((سبل السلام)) للصنعاني (2/319).
  10. (10)      أخرجه مسلم (1218).
  11. (11)      ((المغني)) لابن قدامة (8/196)، ((اللباب في علوم الكتاب)) لابن عادل (19/175).
  12. (12)      ((الكافي في فقه الإمام أحمد)) لابن قدامة (3/232).
  13. (13)      الأصلُ في النَّفَقةِ على الزَّوجةِ تَلبيةُ حاجتِها بالمعروفِ فيما تحتاجُ إليه من أدواتِ التَّنظيفِ، والأثاثِ، وأدواتِ الزِّينةِ، وغَيرِها، وحاجةُ الزَّوجةِ تختَلِفُ مِن عَصرٍ لآخَرَ، ومِن بِيئةٍ لأخرى، ومِن رَجُلٍ لآخَرَ قال ابنُ عادل في بيانِ أنَّ نَفَقةَ الزَّوجةِ غَيرُ مُقَدَّرةٍ، وأنَّ المرجِعَ فيها هو العُرفُ: (الكفايةَ بالمعروفِ تتنَوَّعُ بحالِ الزَّوجةِ في حاجتِها، وبتنَوُّعِ الزَّمانِ والمكانِ، وبتنَوُّعِ حالِ الزَّوج في يَسارِه وإعسارِه؛ فليست كِسوةُ القصيرةِ الضَّئيلةِ ككِسوةِ الطَّويلةِ الجَسيمةِ، ولا كِسوةُ الشِّتاءِ ككِسوةِ الصَّيفِ، ولا كفايةُ طَعامِ الشِّتاءِ مِثلَ طَعامِ الصَّيفِ، ولا طعامُ البلادِ الحارَّةِ كالباردةِ، ولا المعروفُ في بلادِ التَّمرِ والشَّعيرِ كالمعروفِ في بلادِ الفاكِهةِ والخُبزِ) ((اللباب في علوم الكتاب)) (19/175) وقال القَنُّوجي: (هذا -أي: العُرفُ- يختلِفُ باختلافِ الأزمِنةِ والأمكِنةِ، والأحوالِ والأشخاصِ؛ فنَفَقةُ زمنِ الخِصبِ المعروفُ فيها غيرُ المعروفِ في زمنِ الجَدبِ، ونَفَقةُ أهلِ البوادي المعروفُ فيها ما هو الغالِبُ عندهم، وهو غيرُ المعروفِ مِن نَفَقةِ أهلِ المدُنِ، وكذلك المعروفُ من نَفَقةِ الأغنياءِ على اختلافِ طبقاتِهم غيرُ المعروفِ مِن نَفَقةِ الفُقراءِ، والمعروفُ مِن نَفَقةِ أهلِ الرِّياساتِ والشَّرَفِ غيرُ المعروفِ مِن نَفَقةِ أهلِ الوَضاعاتِ؛ فليس المعروفُ المشارُ إليه في الحديثِ هو شيءٌ متَّحِدٌ، بل مختلِفٌ باختلافِ الاعتبارِ) ((الروضة الندية)) (2/76) وقال السعدي في قول الله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطَّلاق: 7]، (فأمر الله تعالى بالإنفاق على الزَّوجات على قدر طاقة الزَّوج ويساره) ((تفسير السعدي)) (ص: 872) وقال ابنُ عثيمين: (الحقوقُ المُطْلَقةُ الموكولةُ إلى العُرفِ: هذه تَختَلِفُ باختِلافِ الأعرافِ) ((فتاوى نور على الدرب)) (10/279)