الموسوعة الفقهية

 المطلب الرابع: مسُّ المصحف


يحرُم على الجُنُب مسُّ المصحَفِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ، والمالكيَّة ، والشَّافعيَّة ، والحنابلة ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
1- قول الله تعالى: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ تَنزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الواقعة: 77-80]
وجه الدَّلالة:
 أنَّ الضمير في قوله: لا يَمَسُّهُ يعود على القرآن؛ لأنَّ الآياتِ سِيقت للتحدُّث عنه
2- قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا [النساء: 43]
وجه الدَّلالة:
أنَّه إذا كان لا يجوزُ له اللُّبث في المسجد، فأحْرى ألَّا يجوزَ له مسُّ المصحَفِ، ولا القراءةُ فيه؛ إذ هو أعظمُ حُرمةً
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
حديثُ: ((لا يمسَّ القرآنَ إلَّا طاهِرٌ ))
وجه الدَّلالة:
 أنَّ الطَّاهِرَ هو المؤمِنُ المتطهِّرُ مُطلقًا، من الحدَث الأصغَرِ والأكبَرِ
ثالثًا: من الآثار
عن عبد الرَّحمن بن يزيدَ بنِ جابر، قال: (كنَّا معه أي سلمانَ في سفَرٍ، فانطلقَ فقضى حاجتَه، ثمَّ جاء، فقلتُ: أيْ أبا عبد اللهِ، توضَّأ؛ لعلَّنا نسألُك عن آيٍ من القرآنِ، فقال: سلونِي؛ فإنِّي لا أمسُّه؛ إنَّه لا يمسُّهُ إلَّا المطهَّرونَ، فسألناه، فقرَأ علينا قَبلَ أن يتوضَّأ)

انظر أيضا:

  1. (1) ((البناية)) للعيني (1/649)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/33-34)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/168).
  2. (2)  ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/138)، وينظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/73)، ((الذخيرة)) للقرافي (1/293).
  3. (3) ((المجموع)) للنووي (2/156)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/143).
  4. (4) ((الإنصاف)) للمرداوي (1/223)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/108).
  5. (5) قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (أجمع فقهاءُ الأمصارِ الذين تدور عليهم الفتوى وعلى أصحابهم، بأنَّ المصحَفَ لا يَمسُّه إلَّا الطَّاهِرُ، وهو قول مالك، والشافعيِّ، وأبي حنيفة، وأصحابهم، والثوريِّ، والأوزاعيِّ، وأحمدَ بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وأبي عُبيد، وهؤلاء أئمَّة الرأي والحديث في أعصارهم، ورُوي ذلك عن سعد بن أبي وقَّاص، وعبد الله بن عمر، وطاوس، والحسن، والشعبيِّ، والقاسم بن محمَّد، وعطاء، وهؤلاء من أئمَّة التابعين بالمدينة ومكَّة واليمن والكوفة والبَصرة). (الاستذكار) (2/472). وقال الشوكانيُّ: (قد وقع الإجماعُ على أنَّه لا يجوز للمُحدِث حدثًا أكبرَ أن يمسَّ المصحَفَ، وخالف في ذلك داودُ). ((نيل الأوطار)) (1/206).
  6. (6) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/315).
  7. (7) ((تفسير القرطبي)) (5/208).
  8. (8) رواه الطبراني (12/313) (13217)، والدارقطني (1/121)، والبيهقي (417). من حديث عبدالله بن عمر رَضِيَ اللهُ عنهما. جوَّد إسناده ابن الملقِّن في ((شرح البخاري)) (5/31)، ووثق رجاله الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (1/281) وصحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (7780). وأخرجه الدارمي (2266)، وابن حبان (6559)، والبيهقي (416). من حديث عمرو بن حزم رَضِيَ اللهُ عنه. قال الإمام أحمد كما في ((السنن الكبرى)) للبيهقي (4/89): أرجو أن يكون صحيحًا. ورواه الدارميُّ وأبو زرعة الرازيُّ وأبو حاتم الرازيُّ- كما في ((السنن الكبرى)) للبيهقي (4/89)-: موصولَ الإسناد حسنًا. وجوَّده ابن الملقِّن في ((شرح البخاري)) (5/26)، وحسَّنه ابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (2/386)، وصحَّحه ابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (24/336)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (122). ورواه مالكٌ في ((الموطَّأ)) (2/278)، والبيهقيُّ في ((معرفة السُّنن والآثار)) (1/318) (212) من حديث عبدالله بن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم في كتابه المشهور. قال ابن عبدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (17/396): الدَّليل على صحَّة الكتاب تلقِّي جمهور العلماء له بالقَبول. وقال ابن دقيق العيد في ((الإلمام)) (1/87): مرسل، ومِن الناس مَن يُثبت هذا الحديث بشُهرة الكتاب وتلقِّيه بالقبول، ويرى أنَّ ذلك يُغني عن طلب الإسناد. وصحَّحه الألباني مرسلًا في ((أداء ما وجب)) (110) وقال: إلَّا أنَّه جاء موصولًا.
  9. (9) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/316).
  10. (10) رواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (1106)، والدارقطني (1/124)، والبيهقي (430). صححه الدارقطني (1/124)، وجوده الزيلعي في ((نصب الراية)) (1/199).