الموسوعة الفقهية

 المطلب الرابع: مسُّ المصحف


يحرُم على الجُنُب مسُّ المصحَفِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البناية)) للعيني (1/649)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/33-34)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/168). ، والمالكيَّة  ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/138)، وينظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/73)، ((الذخيرة)) للقرافي (1/293). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/156)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/143). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/223)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/108). ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (أجمع فقهاءُ الأمصارِ الذين تدور عليهم الفتوى وعلى أصحابهم، بأنَّ المصحَفَ لا يَمسُّه إلَّا الطَّاهِرُ، وهو قول مالك، والشافعيِّ، وأبي حنيفة، وأصحابهم، والثوريِّ، والأوزاعيِّ، وأحمدَ بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وأبي عُبيد، وهؤلاء أئمَّة الرأي والحديث في أعصارهم، ورُوي ذلك عن سعد بن أبي وقَّاص، وعبد الله بن عمر، وطاوس، والحسن، والشعبيِّ، والقاسم بن محمَّد، وعطاء، وهؤلاء من أئمَّة التابعين بالمدينة ومكَّة واليمن والكوفة والبَصرة). (الاستذكار) (2/472). وقال الشوكانيُّ: (قد وقع الإجماعُ على أنَّه لا يجوز للمُحدِث حدثًا أكبرَ أن يمسَّ المصحَفَ، وخالف في ذلك داودُ). ((نيل الأوطار)) (1/206).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
1- قول الله تعالى: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ تَنزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الواقعة: 77-80]
وجه الدَّلالة:
 أنَّ الضمير في قوله: لا يَمَسُّهُ يعود على القرآن؛ لأنَّ الآياتِ سِيقت للتحدُّث عنه ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/315).
2- قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا [النساء: 43]
وجه الدَّلالة:
أنَّه إذا كان لا يجوزُ له اللُّبث في المسجد، فأحْرى ألَّا يجوزَ له مسُّ المصحَفِ، ولا القراءةُ فيه؛ إذ هو أعظمُ حُرمةً ((تفسير القرطبي)) (5/208).
ثانيًا: من الآثار
عن عبد الرَّحمن بن يزيدَ بنِ جابر، قال: (كنَّا معه أي سلمانَ في سفَرٍ، فانطلقَ فقضى حاجتَه، ثمَّ جاء، فقلتُ: أيْ أبا عبد اللهِ، توضَّأ؛ لعلَّنا نسألُك عن آيٍ من القرآنِ، فقال: سلونِي؛ فإنِّي لا أمسُّه؛ إنَّه لا يمسُّهُ إلَّا المطهَّرونَ، فسألناه، فقرَأ علينا قَبلَ أن يتوضَّأ) رواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (1106)، والدارقطني (1/124)، والبيهقي (430). صححه الدارقطني (1/124)، وجوده الزيلعي في ((نصب الراية)) (1/199).

انظر أيضا: