الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: ما يترتَّبُ على نُكولِ الزَّوجةِ في اللعان


يترتَّبُ على نُكولِ الزَّوجةِ عنِ اللِّعانِ إقامةُ حَدِّ الزِّنا عليها، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، وبَعضِ الحَنابِلةِ ، وهو قَولُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ ، وهو اختيارُ ابنِ حَزمٍ ، وابنِ تَيميَّةَ ، وابنِ القَيِّمِ ، وابنِ عُثيمين
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُه تعالى: وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ النور: 8.
وَجهُ الدَّلالةِ:
قَولُه تعالى: وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ...، والعَذابُ الذي يَدرَؤُه لِعانُها: هو الحَدُّ المذكورُ في قَولِه سُبحانَه: وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ النور: 2، فإن لم تَشهَدْ وَجَب الحَدُّ عليها
ثانيًا: أنَّ اللهَ سُبحانَه جعَلَ لِعانَ الزَّوجِ دارِئًا لحَدِّ القَذفِ عنه، وجَعَل لِعانَ الزَّوجةِ دارِئًا لعَذابِ حَدِّ الزِّنا عنها، فكما أنَّ الزَّوجَ إذا لم يُلاعِنْ يُحَدُّ حَدَّ القَذفِ، فكذلك الزَّوجةُ إذا لم تُلاعِنْ يَجِبُ عليها الحَدُّ
ثالثًا: لِثُبوتِ الحُجَّةِ عليها بلِعانِه

انظر أيضا:

  1. (1)      النُّكولُ: هو الامتِناعُ عن اليَمينِ، وتَركُ الإقدامِ عليها يُنظر: (( غريب الحديث )) لابن الجوزي (2/436)، ((النهاية)) لابن الأثير (5/117)
  2. (2)      ((التاج والإكليل)) للمواق (4/138)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/467).
  3. (3)      ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/222).
  4. (4)      ((المبدع)) لابن مفلح (8/80)، ((الإنصاف)) للمرداوي (9/182).
  5. (5)      قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (قال الضَّحَّاكُ بنُ مُزاحِمٍ في قَولِه عَزَّ وجَلَّ: وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ قال: إنْ هي أبَت أن تُلاعِنَ رُجِمَت إن كانت ثَيِّبًا، وجُلِدَت إن كانت بِكرًا، وهو قَولُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ بتأويلِ القُرآنِ، وأكثَرِ فُقَهاءِ الأمصارِ). ((التمهيد)) (15/33).
  6. (6)      قال ابنُ حزم: (...ثمَّ يأمُرُ الحاكِمُ مَن يَضَعُ يدَه على فيه، ويقولُ له: إنَّها مُوجِبةٌ، فإنْ أبى فإنَّه يقولُ: وعلَيَّ لَعنةُ اللهِ إنْ كُنتُ مِنَ الكاذِبينَ، فإذا أتمَّ هذا الكلامَ سَقَط عنه الحَدُّ لها، والذي رماها به. فإنْ لم يلتَعِنْ حُدَّ حَدَّ القَذفِ، فإذا التعَنَ كما ذكَرْنا قيلَ لها: إنِ التعَنَتْ وإلَّا حُدَّت حَدَّ الزِّنا... ثمَّ تقولُ: وعلَيَّ غَضَبُ اللهِ إنْ كان مِن الصَّادِقينَ، ويأمُرُ الحاكِمُ مَن يُوقِفُها عند الخامِسةِ ويُخبِرُها بأنَّها مُوجِبةٌ لِغَضَبِ الله تعالى عليها، فإذا قالت ذلك بَرِئَت من الحَدِّ). ((المحلى)) (9/333).
  7. (7)      قال المَرداوي: (قال الجوزجانيُّ، وأبو الفرجِ، والشَّيخُ تقيُّ الدينِ رحمه الله: عليها الحَدُّ). ((الإنصاف)) (9/182).
  8. (8)      قال ابنُ القيم: (فإذا نكَلَت المرأةُ عن مُعارضةِ أيمانِه بأيمانِها، وَجَب عليها العذابُ بالحَدِّ، وهو العذابُ المذكورُ في قَولِه تعالى: وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور: 2] ). ((إعلام الموقعين)) (1/79). وقال أيضًا بعد أنْ ذكَرَ الأدِلَّةَ في المسألةِ: (وإذا تبيَّنَ هذا، فهذا هو القَولُ الصَّحيحُ الذي لا نعتَقِدُ سواه، ولا نرتضي إلَّا إيَّاهـ). ((زاد المعاد)) (5/332).
  9. (9)      قال ابنُ عثيمين: (من العُلَماءِ من يقولُ: إنَّ الزَّوجَ إذا لاعَنَ ثمَّ نكَلَت الزَّوجةُ وَجَب عليها الحَدُّ، ومنهم من يقولُ: إذا لاعَنَ الزَّوجُ ونكَلَت الزَّوجةُ فإنَّها تُحبَسُ حتى تُقِرَّ، أو تُلاعِنَ، أو تموتَ. والقَولُ الأوَّلُ هو الصَّحيحُ). ((الشرح الممتع)) (9/332).
  10. (10)      ((المغني)) لابن قدامة (8/93). ويُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (9/333).
  11. (11)      ((زاد المعاد)) لابن القيم (5/332).
  12. (12)      ((فتح الرحمن بشرح زبد ابن رسلان)) للرملي (ص: 518).