الموسوعة الفقهية

المَبحثُ الأوَّلُ: إذا طُلِّقَت دُونَ الثَّلاثِ ولم يراجِعْها حتى انتَهَت عِدَّتُها ثمَّ عَقَد عليها بعَقدٍ جَديدٍ دونَ أن تتزوَّجَ غَيرَه


 إذا طَلَّق الرَّجُلُ امرأتَه دونَ الثَّلاثِ، ولم يراجِعْها حتى انتَهَت عِدَّتُها دون أن تتزوَّجَ غيرَه؛ فإنَّها تعودُ عليه بعَقدٍ جَديدٍ بما بَقِيَ عليها مِنَ الطَّلاقِ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُه تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة: 230]
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه تعالى: حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ جعَلَ اللهُ الزَّوجَ الثَّانيَ غايةً للحُرمةِ، بقَولِه (حتى) التي هي للغايةِ، والحُرمةُ لم تُوجَدْ أصلًا في هذه الحالةِ، فلا يكونُ مَنهيًّا قَبلَها، فصار كما لو أرجَعَها قبل التزَوُّجِ، أو قبلَ إصابةِ الزَّوجِ الثَّاني؛ حيثُ تعودُ بما بَقِيَ مِنَ التَّطليقاتِ [1961]   ((فتح القدير)) لابن الهمام (4/184). ويُنظر: ((الأم)) للشافعي (7/171).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: الماوَرديُّ [1962]   قال الماوردي: (القِسمُ الثَّالِثُ: وهو أوسَطُها: أن يَستبيحَها بعد نكاحٍ بعدَ طلاقِه، ولا يَستبيحُها بالرَّجعةِ، ولا يَفتَقِرُ إلى نكاحِ زَوجٍ، وهو ما دونَ الثَّلاثِ مِن طَلقةٍ أو طلقتَينِ، إمَّا في غيرِ مَدخولٍ بها، وإمَّا في مدخولٍ بها بعد انقِضاءِ عِدَّتِها، وإمَّا في مُختَلِعة؛ فإن نكَحَها قبلَ زوجٍ، أو بعد زوجٍ لم يُصِبْها حتى طَلَّقَها، فإذا تزوَّجَها الأوَّلُ كانت معه على ما بَقِيَ مِن الطَّلاقِ، إجماعًا). ))الحاوي الكبير)) (10/286). ، وابنُ قُدامةَ [1963]   قال ابنُ قدامة: (أن يُطَلِّقَها دونَ الثَّلاثِ، ثمَّ تعودَ إليه برَجعةٍ، أو نكاحٍ جديدٍ قبلَ زَوجٍ ثانٍ؛ فهذه ترجِعُ إليه على ما بَقِيَ مِن طلاقِها، بغيرِ خِلافٍ نَعلَمُه). ((المغني)) (7/505). وقال: (إنْ رَغِبَ مُطَلِّقُها فيها فهو خاطِبٌ مِن الخُطَّابِ يتزوَّجُها برِضاها بنِكاحٍ جديدٍ، وتَرجِعُ إليه بطلقتَينِ، وإن طَلَّقَها اثنتَينِ ثمَّ تزَوَّجَها رَجَعت إليه بطَلقةٍ واحدةٍ، بغيرِ خِلافٍ بينَ أهلِ العِلمِ). ((المغني)) (7/515). ، والهيتمي [1964]   قال الهيتمي: («لو طَلَّق» حُرٌّ «دون ثلاثٍ، وراجَعَ أو جَدَّد ولو بعد زوجٍ» وإصابةٍ «عادت ببقيَّةِ الثَّلاثِ» إجماعًا إذا لم يكُنْ زَوجٌ). ))تحفة المحتاج)) (8/46). ، والشربينيُّ [1965]   قال الشربيني: (لو طَلَّق الزَّوجُ الحُرُّ دون ثلاثٍ، وراجَعَ مَن طَلَّقَها أو جَدَّد نكاحَها ولو بعد زوجٍ وإصابةٍ، كما في بعضِ نُسَخِ المحَرَّرِ؛ عادت ببقيَّةِ الثلاثِ، أما إذا لم يكن بعدَ زوجٍ فبالإجماعِ). ((مغني المحتاج)) (3/293). ، والرمليُّ [1966]   قال الرملي: (لو طلَّق حُرٌّ دونَ ثلاثٍ، وراجَعَ أو جَدَّد ولو بعد زوجٍ وأصابَها؛ عادت ببقيَّةِ الثلاثِ بالإجماعِ إذا لم يكن زوجٌ). ))نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) (6/454).
ثالثًا: لأنَّه طَلَّقَها قبلَ استكمالِ عَدَدِ الطَّلاقِ، فوجَبَ أن يبنيَ على ما تقَدَّمَ مِن الطَّلاقِ [1967]   ((الحاوي الكبير)) للماوردي (10/287).

انظر أيضا: