الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: اشتِراطُ النيَّةِ في كِناياتِ الطَّلاقِ


تُشتَرَطُ النيَّةُ في كِناياتِ الطَّلاقِ، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ في الجُملةِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ ؛ وذلك لأنَّ الكِناياتِ غيرُ مَوضوعةٍ للطَّلاقِ، بل تَحتَمِلُ الطَّلاقَ وغَيرَه، فلا بُدَّ مِن التَّعيينِ بالنيَّةِ
مسألةٌ: الطَّلاقُ بالكِتابةِ
يَقَعُ الطَّلاقُ بالكِتابةِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالكيَّةِ ، والشَّافعيَّةِ -على الأظهَرِ- ، والحنابلةِ
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن أبي هُريرةَ رضي اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ تجاوزَ لي عن أُمَّتِي ما وسوَستْ بهِ صُدورُها، ما لم تَعمَلْ أو تكلَّمْ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه: ((ما لم تَعمَلْ، أو تكَلَّمْ)) دليلٌ على وُقوعِ الطَّلاقِ؛ لأنَّه عَمَلٌ بالكتابةِ
ثانيًا: لأنَّ كِتابةَ الحُروفِ مُفهِمةٌ للمَعنى، فإنْ أُتِيَ بها وقَعَ الطَّلاقُ
ثالثًا: لأنَّ الكتابةَ تقومُ مَقامَ القَولِ مِنَ الكاتِبِ، بدَلالةِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان مأمورًا بدَعوةِ جميعِ النَّاسِ إلى الإسلامِ، ثمَّ كتَبَ إلى كِسرى وقيصَرَ؛ فقام ذلك مَقامَ دَعوتِهما إلى الإسلامِ

انظر أيضا:

  1. (1)    اشترط الحَنَفيَّةُ النيَّةَ أو دَلالةَ الحالِ. ((الهداية)) للمرغيناني (1/241)، ((البناية)) للعيني (5/360).
  2. (2)    يَشترِطُ المالِكيَّةُ النيَّةَ في الكنايةِ الخَفيَّةِ، ولا يَشتَرِطونَها في الظَّاهرةِ. ((الشرح الكبير)) للدردير (2/365)، ((منح الجليل)) لعليش (4/43). والفَرقُ بين اللَّفظِ الصَّريحِ والكنايةِ الظَّاهرةِ والخَفيَّةِ عند المالِكيَّةِ: أنَّ الكنايةَ الظَّاهِرةَ كاللَّفظِ الصَّريحِ في عدَمِ الاحتياجِ للنيَّةِ، ويفتَرِقانِ مِن جِهةِ أنَّ الصَّريحَ لا ينصَرِفُ للغيرِ ولو بالنيَّةِ، بل بالبساطِ والقرينةِ، وأمَّا الكنايةُ الظَّاهِرةُ فتنصَرِفُ عنه للغيرِ بالنيَّةِ أو القرينةِ، والكنايةُ الخفيَّةُ: ما لا تنصَرِفُ له إلَّا بالنيَّةِ. يُنظر: ((الشرح الكبير)) للدردير (4/362).
  3. (3)    ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 230)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/279).
  4. (4)    اشترط الحَنابِلةُ النيَّةَ أو قرينةً ظاهِرةً تقومُ مَقامَ النيَّةِ، كحالِ خُصومةٍ، وغَضَبٍ، وجوابِ سُؤالِها. ((الإقناع)) للحجاوي (4/11)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/251).
  5. (5)    ((البناية)) للعيني (5/360).
  6. (6)    عند الحَنَفيَّةِ: الكتابةُ التي يقعُ بها الطلاقُ هي الكتابةُ المُستَبِينةُ، كالكتابةِ على الصَّحيفةِ والحائِطِ والأرضِ، على وجهٍ يمكِنُ فَهمُه وقراءتُه. ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/267)، ((الدر المختار وحاشية ابن عابدين)) (3/246).
  7. (7)    عند المالكيَّةِ: إنْ كتَبه عازمًا على الطلاقِ بكتابتِه، فيقَعُ بمُجَرَّدِ فراغِه من الكتابةِ. ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/384)، ((منح الجليل)) لعليش (4/91).
  8. (8)    عند الشَّافعيَّةِ: الكتابةُ مِن باب الكنايةِ، وتفتَقِرُ إلى نيَّةٍ مِن الكاتِبِ. ((روضة الطالبين)) للنووي (8/40)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/21). ويُنظر: ((نهاية المطلب في دراية المذهب)) للجويني(14/74).
  9. (9)    عند الحنابلة: إن كانت الكتابةُ صريحةً في الطلاقِ وقع وإن لم يَنْوِه، وإن كتَبه بالكنايةِ فهو كنايةٌ يفتَقِرُ إلى نيَّةٍ. ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/86)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/345).
  10. (10)    أخرجه البخاري (2528) واللفظ له، ومسلم (127).
  11. (11)    ((سبل السلام)) للصنعاني (2/259).
  12. (12)    ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/86).
  13. (13)    ((القواعد والفوائد الأصولية)) لابن اللحام (ص: 224)، ((منح الجليل)) لعليش (4/91)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/345).