الموسوعة الفقهية

المَطلبُ الأوَّلُ: رَقصُ الرِّجالِ أمامَ الرِّجالِ


يُباحُ الرَّقصُ للرِّجالِ [1439]   الرَّقصُ أنواعٌ ويختَلِفُ باختلافِ البيئاتِ والمجتَمَعاتِ: فمِنه ما هو مشيٌ للأمامِ وعَودٌ للخَلفِ، ومنه ما يُسمَّى بالحجْلِ وهو رفعُ رِجلٍ ومشيٌ بأخرى، وفيه قَفزٌ ونقز، ومنه ما يكونُ برفعِ السَّيفِ وتحريكِه، أو برميِ الرِّماحِ والبنادق والعِصِيِّ ومَسكِها، ومنه الضَّربُ بالأرجُلِ، فهذه الأنواعُ مِن الرَّقصِ والتي ليس فيها تكسُّرٌ ولا تثنٍّ ولا تشبُّهٌ بالنساءِ والمخَنَّثين هي المباحةُ. والرَّقصُ وإن كان في أصلِه مباحًا لأنَّه من غير العباداتِ، والأصلُ فيها الإباحةُ، فإنَّ كثيرًا منه اليومَ لا يَسلَمُ مِن المحَرَّمات، كإثارةِ الشَّهوات، وكَشفِ العوراتِ، واختلاطِ النِّساءِ بالرجال، وتشَبُّهِ الرجالِ بالنساء، وتشَبُّهِ النساءِ بالكافراتِ والفاسقاتِ والعاهرات، واصطحابِ الموسيقى وآلاتِ الطَّرَبِ، ونحو ذلك من المحظوراتِ. بدونِ تكَسُّرٍ وتَثَنٍّ [1440]   قال النووي: (قال الحليمي: الرقصُ الذي فيه تثَنٍّ وتكسُّرٌ يُشبِهُ أفعال المخنَّثين: حرامٌ على الرِّجالِ والنِّساءِ). ((روضة الطالبين)) (11/229). ، نَصَّ عليه الشَّافِعيَّةُ [1441]   ((روضة الطالبين)) للنووي (11/229)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/430)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (8/298). ، وهو قَولُ ابنِ حَزمٍ [1442]   قيَّده ابنُ حزمٍ بالعيدين، فقال: (الغِناءُ واللَّعِبُ والزَّفنُ في أيامِ العيدين حسَنٌ في المسجِدِ وغَيرِه). ((المحلى)) (3/307). ، وأفتت به لجنةُ الإفتاءِ بالأردن [1443]   جاء في فتوى لجنة الإفتاء بالأردن: (بالنسبةِ للرَّقصِ في الأعراسِ فيجوزُ بشروطٍ: عدَمُ الاختلاطِ بين الرِّجال والنِّساءِ، وعدمُ تشبُّه الرِّجالِ بالنِّساء، وعدَمُ التكَسُّرِ في الرَّقصِ، سواءٌ بين الرِّجالِ أنفُسِهم أو بين النِّساءِ أنفُسِهنَّ، وألَّا تُصاحِبَه الموسيقى المحرَّمةُ...). ((الموقع الرسمي لدار الافتاء بالأردن- رقم الفتوى: 1985)).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((جاء حَبَشٌ يَزْفِنونَ [1444]   يزفِنون: يَرقُصون، والزَّفنُ: الرَّقصُ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (2/305)، ((لسان العرب)) لابن منظور (13/197)، ((فتح الوهاب)) لزكريا الأنصاري (2/273). وحمَلَه بعضُ العُلَماءُ على التوثُّبِ بسِلاحِهم، ولَعِبِهم بحِرابِهم، على قريبٍ مِن هيئةِ الرَّاقصِ. يُنظر: ((شرح النووي على مسلم)) (6/186). في يومِ عيدٍ في المسجدِ، فدعاني النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فوضَعْتُ رأسي على مَنكِبِه، فجعلتُ أنظرُ إلى لَعِبِهم حتى كنتُ أنا التي أنصرِفُ عن النَّظَرِ إليهم )) [1445]   رواه مسلم (892).
وَجهُ الدَّلالةِ:
 إقرارُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لهم، وعدَمُ إنكارِه؛ فدَلَّ على إباحتِه [1446]   ((إكمال المعلم)) للقاضي عياض (3/310)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (8/298).
ثانيًا: لأنَّه مجَرَّدُ حَرَكاتٍ على استقامةٍ أو اعوجاجٍ [1447]   ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/430).

انظر أيضا: