الموسوعة الفقهية

المَطلبُ الأوَّلُ: حُكمُ إجابةِ الدَّعوةِ إلى وليمةِ النِّكاحِ


تجِبُ إجابةُ الدَّعوةِ إلى وليمةِ النِّكاحِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ -على الأصَحِّ- ، والحَنابِلةِ ، وهو قَولُ بَعضِ الحَنَفيَّةِ ، وقَولُ الظَّاهريَّةِ ، وبه قال أكثَرُ العُلَماءِ ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّة:
1- عن نافعٍ مَولى ابنِ عمَرَ قال: سَمِعتُ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما يقولُ: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أجيبوا هذه الدَّعوةَ إذا دُعيتُم لها. قال: وكان عبدُ الله يأتي الدَّعوةَ في العُرسِ وغيرِ العُرسِ وهو صائِمٌ ))
2- عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((فُكُّوا العانيَ، وأجيبوا الدَّاعيَ ))
3- عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه، قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا دُعِيَ أحَدُكم فلْيُجِبْ، فإن كان صائِمًا فلْيُصَلِّ ، وإن كان مُفطِرًا فلْيَطعَمْ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمر بإجَابة الدَّعوة، والأمرُ يقتضي الوُجوبَ
4- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ الله عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((شَرُّ الطَّعامِ طَعامُ الوَليمةِ؛ يُمنَعُها من يأتيها، ويُدعَى إليها مَن يأباها، ومن لم يُجِبِ الدَّعوةَ فقد عصى اللهَ ورَسولَه ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
قَولُه: ((فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ)) فيه دَليلٌ على وجوبِ الإجابةِ؛ لأنَّ العِصيانَ لا يُطلَقُ إلَّا على تَركِ الواجِبِ

انظر أيضا:

  1. (1)    ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/241)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/614). ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (4/452).
  2. (2)    ((روضة الطالبين)) للنووي (7/333)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/404).
  3. (3)    ((الإنصاف)) للمرداوي (8/235). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (7/276).
  4. (4)    ((الفتاوى الهندية)) (5/343)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/347).
  5. (5)    يجِبُ عند الظَّاهريَّةِ الإجابةُ لكُلِّ دعوةٍ إلى وليمةٍ. قال ابن حزم: (فَرضٌ على كُلِّ مَن دُعِيَ إلى وليمةٍ أو طعامٍ أن يجيبَ إلَّا مِن عُذرٍ). ((المحلى)) (9/23). ويُنظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (5/531).
  6. (6)    قال ابنُ حزم: (جمهورُ الصَّحابةِ والتابعين على ما ذكَرْنا من إيجابِ الدَّعوةِ). ((المحلى)) (9/25). قال ابن العربي: (نص مالكٌ وأكثرُ العلماءِ على وجوبِ إتيانِِ طعامِ الوليمةِ). ((المسالك في شرح موطأ مالك)) (5/531). ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (4/452).
  7. (7)    قال ابن عبد البر: (ما أعلَمُ خِلافًا بين السَّلَفِ من الصحابة والتابعين في القَولِ بالوليمةِ، وإجابةِ من دُعِيَ إليها). ((الاستذكار)) (5/532). وقال أيضًا: (لا «أعلَمُ» خِلافًا في وجوبِ إتيانِ الوليمةِ لمن دُعِيَ إليها إذا لم يكن فيها مُنكَرٌ ولهوٌ، وفي قولِه في هذا الحديث: «فقد عصى اللهَ ورسولَه» ما يرفعُ الإشكالَ، ويُغني عن الإكثارِ). ((التمهيد)) (10/179). وقال القاضي عياض: (لم يختلِفِ العُلَماءُ فى وجوبِ الإجابةِ فى وليمة العُرسِ). ((إكمال المعلم بفوائد مسلم)) (4/589). وقال ابن قدامة: (قال ابن عبد البر: لا خِلافَ في وجوبِ الإجابةِ إلى الوليمةِ لمن دُعِيَ إليها، إذا لم يكُنْ فيها لهوٌ). ((المغني)) (7/276). وقال النووي: (نقل القاضي اتِّفاقَ العُلماءِ على وجوبِ الإجابةِ في وليمةِ العُرسِ). ((شرح النووي على مسلم)) (9/234). وقال ابن حجر: (نقل ابنُ عبد البَرِّ ثمَّ عِياضٌ ثمَّ النوويُّ الاتفاقَ على القَولِ بوجوبِ الإجابةِ لوليمة العُرسِ، وفيه نظرٌ، نَعَم المشهورُ مِن أقوالِ العلماء الوجوبُ، وصرَّح جمهورُ الشَّافعيَّةِ والحنابلةِ بأنَّها فَرضُ عَينٍ، ونَصَّ عليه مالكٌ، وعن بعضِ الشَّافعيَّةِ والحنابلةِ: أنَّها مُستَحبَّةٌ، وذكر اللَّخمي من المالكيَّةِ أنَّه المذهَبُ، وكلامُ صاحب الهداية يقتضي الوجوبَ مع تصريحِه بأنَّها سُنَّةٌ، فكأنَّه أراد أنَّها وجبت بالسُّنَّةِ، وليست فرضًا كما عُرِفَ مِن قاعدتِهم، وعن بعضِ الشَّافعيَّةِ والحنابلةِ: هي فَرضُ كفايةٍ). ((فتح الباري)) (9/242).
  8. (8)    أخرجه البخاري (5179) واللفظ له، ومسلم (1429).
  9. (9)    أخرجه البخاري (7173).
  10. (10)    فلْيُصَلِّ: أي: فلْيَدعُ لأهلِ الطَّعامِ بالبَركةِ والخيرِ والمغفِرةِ. يُنظر: ((غريب الحديث)) للقاسم ابن سلام (1/178)، (( النهاية)) لابن الأثير (3/50).
  11. (11)    أخرجه مسلم (1431).
  12. (12)    ((المنتقى شرح الموطأ)) للباجي (3/349).
  13. (13)    أخرجه مسلم (1432).
  14. (14)    ((فتح الباري)) لابن حجر (9/245).