الموسوعة الفقهية

 المَطلبُ الثَّالثُ: حُكمُ التَّفويضِ في النكاح


يجوزُ نِكاحُ التَّفويضِ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال تعالى: لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً [البقرة: 236]
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه تعالى: أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً دليلٌ على جوازِ عَقدِ النِّكاحِ بلا تَسميةٍ للمَهرِ ؛ لأنَّه لَمَّا أوقع الطَّلاقَ دَلَّ على صِحَّةِ النكاحِ دونَ تَسميةِ صَداقٍ؛ لأنَّ الطَّلاقَ غيرُ واقعٍ إلَّا على الزَّوجاتِ، وكونُهنَّ زَوجاتٍ دَليلٌ على صِحَّةِ النِّكاحِ بغيرِ تَسميةِ صَداقٍ
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
1- عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، ((في رجُلٍ تزوَّجَ امرأةً فمات عنها، ولم يدخُلْ بها ولم يَفرِضْ لها الصَّداقَ، فقال: لها الصَّداقُ كامِلًا، وعليها العِدَّةُ، ولها الميراثُ، فقال مَعقِلُ بنُ سِنانٍ: سَمِعتُ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَضَى به في بِرْوعَ بنتِ واشقٍ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
فيه جوازُ الزَّواجِ بدونِ تَسميةِ مَهرٍ؛ لأنَّ ابنَ مَسعودٍ لم يُنكِرْ ذلك
2- عن عُقبةَ بنِ عامرٍ رَضِيَ اللَّه عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لرجُلٍ: ((أترضى أن أزوِّجَكَ فُلانةَ؟ قال: نعم. وقال للمرأةِ: أترضَينَ أن أزوِّجَكِ فلانًا؟ قالت: نعم. فزوَّجَ أحدَهما صاحِبَه، فدخل بها الرَّجُلُ ولم يَفرِضْ لها صَداقًا ولم يُعطِها شَيئًا، وكان ممَّن شَهِدَ الحُديبِيَةَ، وكان مَن شَهِدَ الحُدَيبيَةَ له سَهمٌ بخَيبرَ، فلما حضَرَتْه الوفاةُ قال: إنَّ رسولَ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زوَّجَني فلانةَ ولم أفرِضْ لها صَداقًا، ولم أُعطِها شَيئًا، وإنِّي أُشهِدُكم أنِّي أعطيتُها مِن صَداقِها سَهمي بخَيبرَ، فأخَذَتْ سَهمًا فباعَتْه بمائةِ ألفٍ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
 في قَولِه: (فدخل بها الرَّجُلُ ولم يَفرِضْ لها صَداقًا) دليلٌ على جوازِ النِّكاحِ بغيرِ تَسميةِ المَهرِ، وأنَّه نِكاحٌ صَحيحٌ
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقَل الإجماعَ على ذلك: الكاسانيُّ ، وابنُ رشدٍ ، والقرطبيُّ ، وابنُ جُزيٍّ ، والبابرتي ، والعينيُّ ، وابنُ الهُمامِ

انظر أيضا:

  1. (1)    ((تفسير الإمام الشافعي)) (1/395)، ((تفسير السعدي)) (ص: 105).
  2. (2)    ((الاستذكار)) لابن عبد البر (5/467).
  3. (3)    أخرجه أبو داود (2114) واللفظ له، والنسائي (3356)، وابن ماجه (1891)، وأحمد (18464). صحَّح إسناده البيهقي في ((السنن الكبرى)) (7/245)، وصحَّح الحديثَ ابنُ دقيق في ((الاقتراح)) (92)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2114)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (1142) وقال: على شرط الشيخين ولم يخرِّجاه. وأخرجَه من طريق آخر: أبو داود (2115)، والترمذي (1145)، والنسائي (3355)، وابن ماجه بعد حديث (1891)، وأحمد (18466). قال محمد بن عبد الهادي في ((المحرر)) (361): صحَّحه غير واحد من الأئمة، وتوقَّف الشافعي في صحَّته. وقال ابن حجر في ((بلوغ المرام)) (309): حسَّنه جماعة. وقال الصنعاني في ((سبل السلام)) (3/237): نهض الحديثُ للاستدلال. وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1145).
  4. (4)    ((فتح ذي الجلال والإكرام)) لابن عثيمين (4/593).
  5. (5)    أخرجه من طرق: أبو داود (2117) واللفظ له، وابن حبان (4072)، والحاكم (2742). صحَّحه الحاكم على شرط الشيخين، وجوَّد إسناده وقوَّاه ابن كثير في ((إرشاد الفقيهـ)) (2/171)، وصحَّح الحديث الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2117)، وحسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (953).
  6. (6)    قال الصنعاني: («ولم يعطِها شَيئًا» فيه أنَّه... يصِحُّ الدخولُ قبل فَرضِ المهرِ). ((التحبير لإيضاح معاني التيسير)) (6/697).
  7. (7)    قال الكاساني: (ولا خلافَ في أنَّ النِّكاحَ يَصِحُّ مِن غيرِ ذِكرِ المَهرِ). ((بدائع الصنائع)) (2/274).
  8. (8)    قال ابن رشد: (وأجمعوا على أنَّ نِكاحَ التفويض جائزٌ، وهو أن يُعقَدَ النِّكاحُ دون صَداقٍ). ((بداية المجتهد)) (3/51).
  9. (9)    قال القرطبي: (نكاحُ التفويضِ جائِزٌ، وهو كلُّ نكاحٍ عُقِدَ مِن غيرِ ذِكرِ الصَّداقِ، ولا خلافَ فيهـ). ((تفسير القرطبي)) (3/197).
  10. (10)    قال ابن جُزي: (المسألة الرابعة: في نكاحِ التَّفويضِ، وهو جائزٌ اتِّفاقًا، وهو أن يَسكُتا عن تعيينِ الصَّداقِ حين العَقدِ، ويُفَوَّضَ ذلك إلى أحَدِهما أو إلى غَيرِهما). ((القوانين الفقهية)) (ص: 136).
  11. (11)    قال البابرتي: (لا خلافَ لأحدٍ في صِحَّةِ النِّكاح بلا تسميةِ المهرِ). ((العناية شرح الهداية)) (3/316).
  12. (12)    قال العيني: (وصِحَّةُ النِّكاحِ بدون تسميةِ المهرِ إجماعًا). ((البناية شرح الهداية)) (5/130).
  13. (13)    قال ابن الهمام: (قولُه: «ويصِحُّ النِّكاحُ وإن لم يسَمِّ فيه مهرًا» لا خلافَ في ذلك). ((فتح القدير)) (3/316).