الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: عَرضُ الوليِّ مَوْلِيَّتَه على أهلِ الصَّلاحِ


مِنَ السُّنَّة عَرضُ الوليِّ مَوْلِيَّتَه على أهلِ الصَّلاحِ، نصَّ عليه الشَّافِعيَّةُ [112]     ((روضة الطالبين)) للنووي (7/36)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/139). ، وهو اختيارُ ابنِ العربيِّ [113]     قال ابن العربي: ( قولُه: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ [القصص: 27] فيه عرضُ المولى وَليَّتَه على الزوجِ، وهذه سنَّةٌ قائمةٌ). ((أحكام القرآن)) (3/494). ، وابنِ الجَوزيِّ [114]     قال البهوتي: («السَّعيُ من الأبِ للأيِّمِ في التزويج واختيار الأكْفاءِ غيرُ مَكروهٍ» بل هو مستحَبٌّ «لفعلِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه» حيث عرض حَفصةَ على عثمانَ رَضِيَ اللهُ عنه. قاله ابن الجوزي). ((كشاف القناع عن متن الإقناع)) (5/20). ، والقرطبيِّ [115]     قال القرطبي: (من الحَسَن عرضُ الرَّجُل وليَّتَه، والمرأةِ نفسَها على الرَّجُل الصالح؛ اقتداء بالسَّلف الصَّالح). ((تفسير القرطبي)) (13/271). ، والشوكانيِّ [116]     قال الشوكاني: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ فيه مشروعيةُ عرضِ وليِّ المرأة لها على الرَّجُل، وهذه سنَّةٌ ثابتة في الإسلام، كما ثبت من عَرضِ عُمَرَ لابنته حفصةَ على أبي بكرٍ وعثمان، والقصَّة معروفةٌ، وغير ذلك مما وقع في أيامِ الصَّحابة أيامَ النبُوَّةِ). ((فتح القدير)) (4/195). ، وابن باز [117]     سُئِل ابنُ بازٍ: هل يجوزُ للأبِ أن يختارَ لابنتِه زوجًا صالحًا ويخبرُه أو يحدِّثَه بهذا الموضوعِ؟ فأجاب: (نعَمْ، سنةٌ للأبِ، يُشرَعُ له أن يلتمِسَ لها الزوجَ الصالحَ، ويُشيرُه عليها به). ((فتاوى نور على الدرب)) (20/235).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال تعالى: قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ * قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ [القصص: 26، 27]
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قوله: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ فيه عَرضِ المَولى وليَّتَه على الصَّالحِ [118]     ((أحكام القرآن)) لابن العربي (3/494).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
 عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما يحَدِّثُ: ((أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ حين تأيَّمَت [119]     الأيِّمُ: هي التي لا زَوجَ لها، بكرًا كانت أو ثيِّبًا، مُطَلَّقةً كانت أو مُتوفًّى عنها زوجُها. يُنظر: ((غريب الحديث)) لابن قتيبة (2/46)، ((غريب الحديث)) لابن الجوزي (1/49)، ((النهاية)) لابن الأثير  (1/85). حفصةُ بنتُ عُمرَ مِن خُنَيس بنِ حُذافةَ السَّهميِّ -وكان من أصحابِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قد شهِدَ بَدرًا وتوفِّي بالمدينةِ- قال عمرُ: فلَقِيتُ عُثمانَ بنَ عَفَّان فعَرَضتُ عليه حفصةَ، فقلتُ: إنْ شِئتَ أنكَحْتُك حفصةَ بنتَ عُمَرَ. قال: سأنظُرُ في أمري. فلَبِثتُ لياليَ، فقال: قد بدا لي ألَّا أتزوَّجَ يومي هذا. قال عمر: فلقيتُ أبا بكر فقُلتُ: إنْ شئتَ أنكَحْتُك حفصةَ بنتَ عُمَرَ. فصَمَت أبو بكرٍ فلم يرجِعْ إليَّ شيئًا، فكنتُ عليه أوجَدَ مني على عثمانَ، فلَبِثتُ لياليَ، ثمَّ خطَبَها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأنكَحْتُها إيَّاه، فلَقِيني أبو بكرٍ فقال: لعلَّك وجدْتَ عليَّ حين عرَضْتَ عليَّ حَفصةَ فلم أرجِعْ إليك! قلتُ: نعم. قال: فإنَّه لم يمنَعْني أن أرجِعَ إليك فيما عرَضْتَ إلَّا أني قد عَلِمتُ أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد ذكَرَها، فلم أكُنْ لأُفشِيَ سِرَّ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولو ترَكَها لقَبِلْتُها )) [120]     أخرجه البخاري (4005).
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحديثِ عَرضُ الوَليِّ مَوْلِيَّتَه على الرَّجُلِ الصَّالحِ [121]     ((أحكام القرآن)) لابن العربي (3/496)، ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (13/271)، ((فتح الباري)) لابن حجر (9/178).

انظر أيضا: