الموسوعة الفقهية

المبحث الأوَّلُ: الذَّكاةُ الاختِياريَّةُ


يَحرُمُ أكْلُ حَيوانِ البَرِّ المَقدورِ عليه، قَبلَ ذَبحِه أو نَحْرِه [17] يُستثنى من وجوبِ التَّذكيةِ ما نصَّت عليه الأدِلَّةُ، كالسَّمَك والجرادِ، وحيوانِ البَحرِ الذي لا يعيشُ إلَّا فيه، على خلافٍ بين المذاهِبِ في بعضِ أنواعِه.  
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
1- قَولُه تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة: 3] إلى قَولِه تعالى: إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ [المائدة: 3]
وجهُ الدَّلالةِ:
قَولُه تعالى: إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ فاستثنى سُبحانَه وتعالى المُذَكَّى مِنَ المُحَرَّمِ، والاستِثناءُ مِن التَّحريمِ إباحةٌ [18] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/40)، ((العدة شرح العمدة)) لبهاء الدين المقدسي (ص 489).  
2- قَولُه تعالى: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة: 4]
3- قَولُه تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف: 157]
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ تعالى أحَلَّ لنا الطَّيِّباتِ، والحُرمةُ في الحَيوانِ المأكولِ؛ لِمَكانِ الدَّمِ المَسفوحِ، وأنَّه لا يَزولُ إلَّا بالذَّبحِ والنَّحْرِ [19] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/40).  
ثانيًا: مِنَ الإجْماعِ
نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ حَزمٍ [20] قال ابن حزم: (واتَّفَقوا أنَّ ما قُدِرَ عليه من الأنعامِ- وهي الضأنُ والبَقَرُ والإبِلُ والماعِزُ- وما قُدِرَ عليه مِنَ الصَّيدِ، وفي كُلِّ ما يُؤكَلُ لَحمُه مِن دوابَّ، فقُتِلَ بغيرِ ذَبحٍ مِن حَلقٍ أو قَفًا في صَدرٍ أو لَبَّةٍ- أنَّه لا يحِلُّ أكلُه). ((مراتب الإجماع)) (ص 148).   ، وابنُ عَبدِ البَرِّ [21] قال ابن عبد البر: (أجمعوا أنَّه لو لم يَنِدَّ الإنسيُّ أنَّه لا يُذَكَّى إلَّا بما يُذَكَّى به المقدورُ عليه). ((الاستذكار)) (5/269).   ، وابنُ رُشدٍ [22] قال ابنُ رشد: (واتَّفَقوا على أنَّ الحيوانَ الذي يُعمَلُ فيه الذَّبحُ، هو الحيوانُ البريُّ ذو الدَّمِ، الذي ليس بمُحَرَّمٍ، ولا منفوذِ المَقاتِلِ، ولا مَيئوسٍ منه بوَقذٍ أو نَطحٍ أو تَرَدٍّ أو افتراسِ سَبُعٍ أو مَرَضٍ). ((بداية المجتهد)) (2/202).   ، وابنُ قُدامةَ [23] قال ابن قدامة: (فأمَّا المقدورُ عليه منهما، فلا يُباحُ إلَّا بالذَّكاةِ، بلا خلافٍ بينَ أهلِ العِلمِ). ((المغني)) (9/395).   ، وابنُ القَطَّانِ [24] قال ابن القطان: (واتَّفَقوا أنَّ ما قُدِرَ عليه من الأنعامِ- وهي الضأنُ والبَقَرُ والإبِلُ والماعِزُ- وما قُدِرَ عليه مِنَ الصَّيدِ، ومِن كُلِّ ما يُؤكَلُ لَحمُه مِن دوابِّ البَرِّ، فقُتِلَ بغيرِ ذَبحٍ مِن حَلقٍ أو قَفًا، أو بغَيرِ نَحرٍ في صَدرٍ أو لَبَّةٍ- أنَّه لا يحِلُّ أكلُه). ((الإقناع في مسائل الإجماع)) (1/321).   ، والنَّوويُّ [25] قال النووي: (وأجمَعوا أنَّه لا يَحِلُّ مِن الحيوانِ غَيرِ السَّمكِ والجرادِ إلَّا بذَكاةٍ). ((المجموع)) (9/72).   ، وابنُ حَجَرٍ العَسْقلانيُّ [26] قال ابن حجر: (أما المقدورُ عليه فلا يُباحُ إلَّا بالذَّبحِ أو النَّحْرِ إجماعًا). ((فتح الباري)) (9/629).  
ثالثًا: أنَّ غيرَ المُذَكَّى يُسَمَّى مَيْتةً، والمَيتةُ مُحَرَّمةٌ بالإجماعِ [27] ((العدة شرح العمدة)) لبهاء الدين المقدسي (ص 489).  

انظر أيضا: