الموسوعة الفقهية

المبحث الرابع: لُبسُ جُلودِ السِّباعِ وافتراشُها


يَحرُمُ لُبسُ جُلودِ السِّباعِ وافتراشُها، سواء دُبِغَت أم لا ، وهو الصَّحيحُ عند الحَنابِلة ، وقولٌ للشَّافعيَّة ، وقولُ ابنِ حَبيبٍ مِن المالِكيَّةِ ، وبه قالت طائِفةٌ من السَّلَف ، واختاره ابنُ المُنذِر ، وابنُ تيميَّة ، وابنُ القَيِّم ، والشَّوكانيُّ ، وابنُ عثيمين ، وبه أفتَت اللَّجنةُ الدَّائِمةُ
الأدِلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن أبي الْمَلِيحِ بنِ أُسامةَ، عن أبيه رضي الله عنه: ((أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن جُلودِ السِّباعِ ))
2- عن خالدِ بنِ مَعْدانَ قال: ((وَفَد المِقدامُ بنُ مَعدِيكَرِبَ على مُعاويةَ، فقال له: أَنشُدُك باللهِ، هل تعلَمُ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن لُبُوسِ جُلودِ السِّباعِ والرُّكوبِ عليها؟ قال: نعم ))
3- عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه، قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَصحَبُ الملائِكةُ رُفْقةً فيها جِلدُ نَمِرٍ ))
ثانيًا: لِما تُكسِبُ القَلبَ مِن الهيئة المشابِهة لتلك الحيواناتِ؛ فإنَ الملابَسةَ الظَّاهِرةَ تَسري إلى الباطِنِ
ثالثًا: لِما فيها من الزِّينةِ والخُيَلاءِ

انظر أيضا:

  1. (1) وعلى هذا فلا يجوزُ استخدامُ المَلبوساتِ المصنوعةِ مِن جُلودِ السِّباعِ، كالمعاطِفِ والفِراءِ وغيرِها.
  2. (2) وقيَّدوه بما إذا كانت أكبَرَ مِن الهِرِّ خِلقةً. يُنظر: ((الإنصاف)) للمَرْداوي (1/75)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (1/56)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (1/60).
  3. (3) قَيَّدوه بجِلدِ النَّمِر والفَهد، قال الشرواني: (صريحُ هذا الصَّنيعِ أنَّه لا يَحرُمُ مِن جُلودِ السِّباعِ إلَّا جِلدُ النَّمرِ وجِلدُ الفَهدِ، ولعلَّ وَجهَه أنَّهما هما اللذان توجَدُ فيهما العِلَّةُ، وهي أنَّ استعمالَ ذلك شأنُ المتكَبِّرينَ). ((حاشية الشرواني على تحفة المحتاج)) (7/432). ويُنظر: ((حاشية الرشيدي على نهاية المحتاج)) للرملي (6/375).
  4. (4) وقَيَّدها بالسِّباعِ التي تعدو. قال ابن أبي زيد القيرواني (قال ابنُ حبيبٍ: في جلودِ السِّباعِ العاديَةِ وإن ذُكِّيَت فلا تُباعُ ولا يُصلَّى بها، ولا تُلبَسُ، ولْينتَفَعْ بها في غير ذلك. وأمَّا السِّباعُ التي لا تعدو فإذا ذُكِّيَت جاز بيعُها ولباسُها والصلاةُ بها). ((النوادر والزيادات على ما في المدوَّنة)) (4/377).
  5. (5) قال ابن المنذر: (ومَنَعَت طائفةٌ من الانتفاع بجلودِ السِّباعِ قبل الدِّباغِ وبعده، مذبوحةً ومَيِّتةً، هذا قولُ الأوزاعي، وابن المبارك، وإسحاق، وأبي ثور، ويزيد بن هارون). ((الأوسط)) (2/440).
  6. (6) قال ابن المنذر: (فالانتفاعُ بجُلودِ الأنعامِ وما يقعُ عليه الذَّكاةُ وهي حيَّةٌ بعد الدِّباغِ جائِزٌ على ظاهِرِ هذا الحديث، وليس كذلك جلودُ ما لا يجوزُ أكلُ لَحمِه مِن السِّباعِ، أن تُفتَرَش نهيًا عامًّا، والذي يجِبُ علينا أن نستعمِلَ كُلَّ حديثٍ فِي موضِعِه، وقد حرَّمَ اللَّهُ الميتةَ في كتابِه، فجلودُ السِّباعِ مُحَرَّمةٌ على ظاهِرِ تحريمِ اللَّهِ الميتةَ، وعلى ظاهرِ تحريمِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلَّ ذي نابٍ مِن السِّباعِ، وجلودُ ما تقَعُ عليه الذَّكاةُ مِن الأنعامِ وغَيرِه مُستثنًى مِن ظاهِرِ الآية، وظاهِر السُّنَّة إذا دُبِغَت، بخَبَرِ مَيمونةَ). ((الإقناع)) (2/534).
  7. (7) قال ابن تَيميَّةَ: (أمَّا جِلدُ الأرنبِ فتَجوزُ الصَّلاةُ فيه بلا ريبٍ، وأمَّا الثَّعلبُ ففيه نزاعٌ، والأظهَرُ جوازُ الصَّلاةِ فيه، وجِلد الضَّبُع، وكذلك كُلُّ جِلدٍ غَيرِ جلودِ السِّباعِ التي نهى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن لُبسِها). ((مجموع الفتاوى)) (22/122).
  8. (8) قال ابن القيم: (حَرُمَ لُبسُ جُلودِ النُّمورِ والسباعِ بنَهيِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك في عِدَّةِ أحاديثَ صِحاحٍ لا مُعارِضَ لها؛ لِما تُكسِبُ القَلبَ مِن الهيئة المشابِهة لتلك الحيواناتِ؛ فإنَ الملابَسةَ الظَّاهِرةَ تَسري إلى الباطِنِ). ((إغاثة اللهفان)) (1/55).
  9. (9) قال الشوكاني: (نهى عن استعمالِ جُلودِه- يعني النَّمِرَ- لِما فيها من الزِّينةِ والخُيَلاءِ، ولأنَّه زِيُّ العَجَمِ، وعُمومُ النَّهيِ شامِلٌ للمُذَكَّى وغيرِهـ). ((نيل الأوطار)) (2/103).
  10. (10) قال ابن عثيمين: (وعلى كلِّ حالٍ فجُلودُ الذِّئابِ وجُلودُ النُّمورِ وأيُّ جلودٍ أخرى؛ حرامٌ- كجِلدِ الأسدِ مثلًا- يحرُمُ لُبسُها، وكذلك يَحرُمُ افتراشُها؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسَلَّم نهى عن ذلك. يعني: لو جعَلْتَها مقاعِدَ تَجلِسُ عليها فإنَّ ذلك حرامٌ). ((شرح رياض الصالحين)) (4/329).
  11. (11) جاء في فتاوى اللَّجْنة الدَّائِمة: (النُّصوصُ تَمنَعُ مِن استعمالِ جِلدِ ما لا يُؤكَلُ لَحمُه؛ لِما فيها من الزِّينةِ والخُيَلاءِ). ((فتاوى اللَّجْنة الدَّائِمة- المجموعة الأولى)) (24/29).
  12. (12) أخرجه أبو داود (4132)، والتِّرمذي (1771)، والنَّسائي (4253)، وأحمد (20706). صَحَّح إسنادَه النووي في ((المجموع)) (1/220)، وصَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4132).
  13. (13) أخرجه أبو داود (4131) مُطوَّلًا، والنَّسائي (4255) واللَّفظُ له. قوَّى إسنادَه الذَّهبيُّ في ((سِيَر أعلام النبلاء)) (3/158)، وصَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4131).
  14. (14) أخرجه أبو داود (4130). حَسَّنَه النووي في ((الخلاصة)) (1/78)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4130).
  15. (15) ((إغاثة اللهفان)) لابن القيم (1/55).
  16. (16) ((نيل الأوطار)) للشَّوكاني (2/103)، ((فتاوى اللَّجْنة الدَّائِمة- المجموعة الأولى)) (24/29).