الموسوعة الفقهية

المبحث الثالث عشر: القَطرةُ في الأنفِ


اختلف العُلَماءُ في استخدامِ قَطرةِ الأنفِ في نهارِ رَمَضانَ على قولينِ:
القول الأول: استعمالُ القطرةِ في الأنفِ في نهار رَمَضانَ أو السَّعُوطِ يُفسِدُ الصَّومَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ، والمالكيَّة ، والشَّافِعيَّة ، والحَنابِلة ؛ وذلك لأنَّ الأنفَ مَنفَذٌ إلى الحَلقِ ثم المَعِدة، كما هو معلومٌ بِدَلالةِ السنَّةِ، والواقِعِ، والطِّبِّ الحديثِ.
القول الثاني: قطرةُ الأنفِ إذا اجتنَبَ ابتلاعَ ما نَفَذَ إلى الحَلْقِ؛ فإنَّها لا تُفَطِّر، وبه قال ابنُ حزمٍ ، واستظهَرَه ابنُ تيميَّةَ وأقرَّه مَجمَعُ الفِقهِ الإسلامي وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائِمةُ ، وهو قولُ ابنِ عُثيمين
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الصِّيامَ مِن دِينِ المُسلمين الذي يحتاجُ إلى مَعرفَتِه الخاصُّ والعامُّ، فلو كانت هذه الأمورُ ممَّا حَرَّمها اللهُ ورَسُولُه في الصِّيامِ، ويَفسُدُ الصَّومُ بها؛ لكان هذا ممَّا يجِبُ على الرَّسولِ بَيانُه
ثانيًا: لو كانت القَطرةُ في الأنفِ تُبطِلُ الصَّومَ، لعَلِمَه الصَّحابةُ وبَلَّغوه الأمَّةَ، كما بلَّغوا سائِرَ شَرْعِه، فلمَّا لم ينقُلْ أحَدٌ مِن أهلِ العِلمِ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في ذلك لا حديثًا صحيحًا ولا ضعيفًا ولا مُسندًا ولا مُرسلًا، عُلِمَ أنَّه لم يَذكُرْ شَيئًا من ذلك

انظر أيضا:

  1. (1) دواء يوضع في الأنف. يُنظر: ((المصباح المنير)) للفيومي (1/ 277).
  2. (2) ((المبسوط)) للسرخسي (3/63)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/402).
  3. (3) ((الكافي)) لابن عبد البر (1/345)، وينظر: ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/269).
  4. (4) ((المجموع)) للنووي (6/321).
  5. (5) ((الإنصاف)) للمرداوي (3/212)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/318).
  6. (6) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (15/261).
  7. (7) قال ابنُ حزم: (ولا ينقُضُ الصَّومَ حِجامةٌ ولا احتلامٌ، ولا استِمناءٌ، ولا مُباشرةُ الرَّجُلِ امرأتَه أو أمَتَه المباحةَ له فيما دون الفَرجِ، تعمَّدَ الإمناءَ أم لم يُمْنِ، أمْذَى أمْ لم يُمْذِ، ولا قُبلةً كذلك فيهما، ولا قَيءٌ غالِبٌ، ولا قَلَسٌ خارِجٌ من الحلق، ما لم يتعمَّدْ رَدَّه بعد حصولِه في فَمِه وقُدرَتِه على رَمْيه، ولا دمٌ خارجٌ مِن الأسنانِ أو الجَوفِ، ما لم يتعمَّدْ بَلْعَه، ولا حُقنةٌ ولا سَعوطٌ ولا تقطيرٌ في أُذُنٍ، أو في إحليلٍ، أو في أنفٍ، ولا استنشاقٌ وإن بلغ الحَلقَ) ((المحلى)) (4/335).
  8. (8) قال ابنُ تيمية: (وأما الكُحلُ والحُقنةُ وما يُقطرُ في إحليلِه، ومُداواة المأمومةِ والجائفةِ؛ فهذا مما تنازعَ فيه أهلُ العِلمِ؛ فمنهم من لم يُفَطِّرْ بِشَيءٍ من ذلك، ومنهم من فطَّرَ بالجميع لا بالكُحلِ، ومنهم من فطَّرَ بالجَميعِ لا بالتقطيرِ، ومنهم من لم يُفطِّرْ بالكُحلِ ولا بالتَّقطيرِ ويُفطِّرُ بما سوى ذلك. والأظهَرُ أنه لا يُفطِرُ بِشَيءٍ من ذلك) ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (25/234).
  9. (9) جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي ما يلي: (الأمور الآتية لا تُعتبَرُ من المفطِّراتِ: قَطرةُ العينِ، أو قطرةُ الأذُنِ، أو غَسُولُ الأذُنِ، أو قطرةُ الأنفِ، أو بخاخُ الأنف، إذا اجتنَبَ ابتلاعَ ما نفَذَ إلى الحَلقِ...) ((مجلة مجمع الفقه الإسلامي)) قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي رقم: (99/ 1/ د 10).
  10. (10)   جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (9/198): (إذا اضطُرَّ الصَّائِمُ إلى استعمالِ القَطرةِ في أنفِه؛ فإنَّه لا حرَجَ عليه في ذلك، وصَومُه صحيحٌ، إلَّا أن يجِدَ طَعمَ القطرةِ في حَلقِه، فإنَّه يَفسُدُ صَومُه، ويلزَمُه قضاءُ ذلك اليومِ، إن كان واجبًا).
  11. (11) قال ابنُ عُثيمين: (قطرةُ الأنفِ إذا وصلَتْ إلى المَعِدةِ، فإنَّها تُفطِّرُ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال في حديث لقيط بن صبرة: ((بالِغْ في الاستنشاقِ، إلَّا أن تكونَ صائِمًا)) فلا يجوزُ للصَّائم أن يُقطِّرَ في أنفِه ما يصِلُ إلى مَعِدتِه، وأمَّا ما لا يصِلُ إلى ذلك مِن قَطرةِ الأنفِ فإنَّها لا تُفَطِّر) ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (19/206).
  12. (12) ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (25/234).
  13. (13) ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (25/234).