الموسوعة الفقهية

المطلب الرابع: علاماتُ المَوْتِ، وحكمُ الموتِ الدِّماغِيِّ، وإيقافِ أجهزةِ الإِنعاشِ


الفرع الأول: علامات الموتِ
من العلاماتِ الدالَّةِ على الموتِ [7302] خلاصةُ ما ذَكَره الأطباءُ من علامات الموت: توقُّف القلب والدورةِ الدَّموية، توقُّفُ التنفُّسِ وعلاماتِه، توقُّفُ سيطرة الجهازِ العصبيِّ على الجسم؛ ومن علاماته: الارتخاءُ الأَوَّلي للعضلات، وثباتُ حَدَقة العين وعدمُ تأثُّرها بالضَّوْءِ الشَّديد. التغيُّرات التي تَحْدُث بالجثَّة؛ ومنها: انطفاءُ لَمَعانِ العينينِ غالبًا بعد الوفاة، وبُهتانُ لونِ الجُثَّةِ، وبرودةُ الجِسْم. يُنظر: (أحكام موت الدماغ) من ((موسوعة الفقه الطبي)) (4/1646). : استرخاءُ القَدَمينِ، ومَيْلُ الأنفِ، وانخسافُ الصُّدْغينِ، وغيبوبةُ سوادِ العَينينِ، وغيرُ ذلك [7303] ((حاشية ابن عابدين)) (2/189)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/122)، ((المجموع)) للنووي (5/125)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/84).
الفرع الثاني: الموتُ الدِّماغيُّ
المسألة الأولى: تعريفُ الموتِ الدماغيِّ
هو تلفٌ دائِمٌ في الدِّماغِ، يؤدِّي إلى توقُّفٍ دائمٍ لجميعِ وظائِفِه؛ بِما في ذلك جِذْعُ الدِّماغِ [7304] (أحكام موت الدماغ) من ((موسوعة الفقه الطبي)) (4/1649).
المسألة الثانية: حُكمُ الموتِ الدِّماغيِّ
لا يُعدُّ موتُ الدماغ ِموتًا شرعيًّا [7305] إلَّا إذا توقَّفَ التنفسُ والقلبُ، توقُّفًا تامًّا بعد رَفْعِ أجهزةِ الإنعاشِ منه، وتحقَّقَ موتُه على وجهٍ لا شَكَّ فيه، وهذه الحالةُ لا خلافَ فيها بين الفقهاءِ والأطبَّاءِ. يُنظر: ((موسوعة الفقه الطبي)) (4/1651). تترتَّبُ عليه أحكامُ الموتِ، وهو قولُ ابنُ بازٍ [7306] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/366، 377). ، وبه صدَرَ قرارُ المجمَعِ الفقهيِّ الإسلاميِّ [7307] جاء في القرار: (فإنَّ مجلِسَ الَمْجَمع الفقهيِّ الإسلاميِّ، في دورته العاشرة، المنعقِدَة بمكَّة المكرمة في الفترة من يوم السبت 24 صَفَر 1408هـ الموافق 17 أكتوبر 1987م إلى يوم الأربعاء الموافق 28 صفر 1408هـ الموافق 21 أكتوبر 1987م... انتهى المجلس إلى القرارِ التالي: المريضُ الذي رُكِّبَت على جِسْمِه أجهزةُ الإنعاش؛ يجوزُ رفعُها إذا تعطَّلَت جميعُ وظائف دماغِه تعطُّلًا نهائيًّا، وقرَّرتْ لجنة من ثلاثة أطباءَ اختصاصِيِّينَ خُبَراءَ؛ أنَّ التعطُّل لا رجعة فيه، وإن كان القلبُ والتنفُّسُ لا يزالان يعملان آليًّا، بفِعْلِ الأجهزة المركبَّة. لكن لا يُحكَم بموته شرعًا، إلا إذا توقَّفَ التنفُّسُ والقلب، توقُّفًا تامًّا بعد رفع هذه الأجهزة). ((قرار رقم: 49 (2/10) تقرير حصول الوفاة، ورفع أجهزة الإنعاش من جسم الإنسان)). ، وهو قرارُ هيئةِ كبارِ العلماءِ بالمملكةِ العربيَّةِ السعوديَّةِ [7308] جاء من ضِمْنِ قرارات هيئة كبارِ العُلماء بالمملكة العربية السعودية: (قرَّرَ المجلِسُ أنَّه لا يجوز شرعًا الحكمُ بموت الإنسان، الموتَ الذي تُرَتَّبُ عليه أحكامُه الشرعيَّة بمجرَّد تقريرِ الأطباء أنَّه مات دماغيًّا، حتى يُعْلَمَ أنَّه مات موتًا لا شُبهةَ فيه؛ تتوقَّفُ معه حركةُ القَلْب والنَّفَس، مع ظهور الأماراتِ الأخرى الدالَّة على موته يقينًا؛ لأنَّ الأصلَ حياتُه فلا يُعدَل عنه إلَّا بيقينٍ). ((مجلة البحوث الإسلامية)) (58/379).
وذلك للآتي:
 أولًا: أنَّ الأصلَ حياتُه؛ فلا يُعدَل عنه إلَّا بيقينٍ [7309] ((مجلة البحوث الإسلامية)) (58/379).
ثانيًا: أنَّ الإنسانَ لا يُعدُّ مَيِّتًا لتوقُّفِ الحياة عن بعضِ أجزاءِ جِسْمِه، بل يُعدُّ مَيِّتًا إذا تحقَّقَ مَوْتُه كليًّا [7310] ((موسوعة الفقه الطبي)) (4/1660).
ثالثًا: أنَّ جِسْمَ مَيِّتِ الدِّماغِ- حال كونِه تحتَ الإنعاشِ- يقبَلُ الغِذاءَ والدَّواءَ، ويظهَرُ عليه آثارُ النمُوِّ، وهذا مِن صفاتِ الجَسَدِ الحَيِّ [7311] ((موسوعة الفقه الطبي)) (4/1660).
رابعًا: أنَّ مَيِّتَ الدِّماغِ لا يزالُ قلبُه يَضْرِبُ، ونَفَسُه يتردَّدُ آليًّا، ولو كان بفِعلِ الأجهزةِ فقط لاستمَرَّ هذا الفعْلُ، لكِنَّ المُشاهَدَ أنَّ القَلْبَ والتنفُّسَ يتوقَّفانِ بعد فترةٍ، وهذا دليلٌ على بقاءِ شيءٍ مِنَ الحياةِ [7312] ((موسوعة الفقه الطبي)) (4/1660).
الفرع الثَّالث: إيقافُ أجهزةِ الإنعاشِ
إذا كان المريضُ تحت أجهزةِ الإنعاشِ [7313] جاء في فتوى اللجنة الدائمة: (أولًا: إذا وصل المريضُ إلى المستشفى وهو متوفًّى؛ فلا حاجَةَ لاستعمالِ جهازِ الإنعاش. ثانيًا: إذا كانت حالةُ المريضِ غيرَ صالحة للإنعاشِ بتقرير ثلاثةٍ من الأطبَّاء المختصِّين الثِّقات؛ فلا حاجة أيضًا لاستعمالِ جهاز الإنعاشِ. ثالثًا: إذا كان مَرَضُ المريضِ مُستعصيًا غيرَ قابلٍ للعلاج، والموتُ محقَّقًا بشهادةِ ثلاثةٍ من الأطباء المختصِّين الثِّقات؛ فلا حاجة أيضًا لاستعمالِ جهازِ الإنعاش. رابعًا: إذا كان المريضُ في حالة عَجزٍ، أو في حالةِ خُمولٍ ذهنيٍّ مع مَرَضٍ مُزمنٍ، أو مَرَض السرطان في مرحلةٍ متقدِّمة، أو مرض القلب والرِّئتين المزمن، مع تكرارِ توقُّف القلب والرئتين، وقرَّرَ ثلاثة من الأطباء المختصِّين الثِّقات ذلك؛ فلا حاجة لاستعمال جهاز الإنعاش. خامسًا: إذا وُجِدَ لدى المريض دليلٌ على الإصابة بتَلَفٍ في الدماغ مستعْصٍ على العلاجِ بتقريرِ ثلاثةٍ من الأطباء المختصِّينَ الثِّقات؛ فلا حاجة أيضًا لاستعمال جهاز الإنعاش؛ لعدم الفائدة في ذلك. سادسًا: إذا كان إنعاشُ القلب والرئتين غيرَ مُجْدٍ، وغيرَ ملائمٍ لِوَضْعٍ مُعَيَّنٍ حَسَبَ رأيِ ثلاثةٍ من الأطبَّاء المختصِّين الثِّقات؛ فلا حاجةَ لاستعمالِ آلاتِ الإنعاشِ، ولا يُلْتَفَت إلى رأيِ أولياءِ المريضِ في وَضْعِ آلاتِ الإنعاشِ أو رَفْعِها؛ لكون ذلك ليس من اختصاصِهم). ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (25/80). ، وتعطَّلَت جميعُ وظائِفِ دماغِه تعطُّلًا نهائيًّا، وأصبَحَ تنفُّسُه آليًّا، ونبضاتُ قلبِه صناعيَّةً وليست حقيقيَّةً؛ فإنَّه يجوز رَفْعُ أجهزةِ الإنعاشِ عنه، وعلى ذلك فتوى اللَّجنة الدَّائمة برئاسَةِ ابنِ باز [7314] ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (25/80) ، وبه صدَرَ قرارُ المَجْمَع الفقهيِّ الإسلاميِّ [7315] ((قرار رقم: 49 (2/10) تقريرُ حصولِ الوفاة، ورفع أجهزة الإنعاش من جسم الإنسان)).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ بقاءَ الأجهزةِ على المَريضِ لا حاجةَ إليه؛ لأنَّ هذه الأجهزةَ أصبحَتْ هي التي تعمَلُ بالبَدَنِ [7316] ((السجل العلميُّ لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني- قضايا طبيَّة معاصرة)) (4/4041).
ثانيًا: أنَّ هذه الآلاتِ تُطيلُ عليه ما يُؤْلِمُه من حالةِ النَّزْعِ والاحتضارِ، وهو نوعٌ مِن أنواعِ التَّعذيبِ، وإبقاؤُه ما بين الحياةِ والمَوْت مِمَّا لا يتَّفِقُ وكرامةَ الإنسانِ [7317] ((السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني- قضايا طبية معاصرة)) (4/4041)، ((موسوعة الفقه الطبي- الأحكام الفقهية الطبية المتعلقة بالإنعاش الاصطناعي القلبي والرئوي)) (4/1714).
ثالثًا: يُسبِّبُ بقاءُ الأجهزةِ على المريض أمَلًا لأقارِبِه وذَوِيه؛ فتجِدُهم يتألَّمون لِحالِه، ويَحْزَنونَ لِمَا صار إليه [7318] ((السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني- قضايا طبية معاصرة)) (4/4041)، ((موسوعة الفقه الطبي- الأحكام الفقهية الطبية المتعلقة بالإنعاش الاصطناعي القلبي والرئوي)) (4/1714).
رابعًا: أنَّ هذه الأجهزةَ، وهذه الغُرفةُ المجهَّزة؛ وراءها تكاليفُ باهظةٌ، ولا طائِلَ تحتها، فتجِدُ أنَّها لا تكونُ إلَّا لأناسٍ مُحَدَّدينَ، فلو أُتِيَ بشخصٍ آخَرَ لِتُستنقَذَ حياتُه، مكانَ هذا الشَّخْصِ الذي مهما طالَ به الزَّمَنُ فإنَّه لا فائدةَ من بقاءِ هذه الأجهزَةِ عليه- لكانَ أَوْلَى [7319] ((السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني- قضايا طبية معاصرة)) (4/4041)، ((موسوعة الفقه الطبي- الأحكام الفقهية الطبية المتعلقة بالإنعاش الاصطناعي القلبي والرئوي)) (4/1714).

انظر أيضا: