الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّل: من لا تَجِبُ عليهم الجُمُعةُ


الفرعُ الأَوَّل: المَرأة
لا تَجِبُ الجُمُعةُ على المرأةِ.
الأدلَّة:
أولًا: مِنَ الِإِجْماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذرِ قال ابنُ المنذر: (أجمَعوا على أنْ لا جُمُعةَ على النِّساء) ((الإجماع)) (ص: 40). ، والخطابيُّ قال الخطابيُّ: (أجمَع الفقهاءُ على أنَّ النساءَ لا جُمعةَ عليهنَّ) ((معالم السنن)) (1/243). ، وابنُ بَطَّال قال ابنُ بَطَّال: (وكذلك أجمَعوا أنَّه لا جمعةَ على النِّساء) ((شرح صحيح البخاري)) (2/478). ، وابنُ قُدامة قال ابنُ قُدامَة: (أمَّا المرأة فلا خِلافَ في أنها لا جمعةَ عليها) ((المغني)) (2/250). ،
ثانيًا: أنَّ المرأةَ ليستْ من أهلِ الحضورِ في مجامعِ الرِّجال؛ ولذلك لا تجِبُ عليها جماعةٌ قال ابن عثيمين: (الدَّليل على اشتراط الذكوريَّة: أنَّ صلاة الجمعة صلاةُ جمع؛ لهذا قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لا تَمنعوا إماءَ الله مساجدَ الله، وبيوتهنَّ خيرٌ لهنَّ») ((الشرح الممتع)) (5/6)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/243).
الفرع الثَّاني: العَبْد
لا تجِبُ الجُمُعةُ على العبدِ واختلفوا في حكمِها إذا أذِن له سيدُه، على قولين: الأول: قول المالكية والشافعية أنها تُندب إذا أذن له سيده، والقول الثاني: أنَّها تجب عليه حينئذٍ، وهو قولٌ للحنفية وللمالكية، ورواية عن أحمد، واختاره ابنُ تيميةَ، وابن عثيمين. يُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (2/86،87)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/83)، ((البيان)) للعمراني (2/544)، ((المغني)) لابن قدامة (2/251)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (24/184)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/7). ، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة قال ابن هُبيرة: (اتَّفقوا على أنَّ الجمعة لا تجِبُ على صبيٍّ، ولا عبد، ولا مسافر، ولا امرأة، إلَّا رواية عن أحمد في العبدِ خاصَّةً) ((اختلاف الأئمة العلماء)) (1/152). : الحَنَفيَّة ((مختصر القدوري)) (ص: 40)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/62)، ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (2/85). ، والمالِكيَّة ((حاشية الدسوقي)) (1/379)، ويُنظر:  ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/79). ، والشافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (2/34)، ((المجموع)) للنووي (4/485). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/22)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/251). ، وبه قالَ أكثرُ العلماء قال النوويُّ: (لا تجِب على العبدِ ولا المُكاتَب، وسواءٌ المُدبَّرُ وغيرُه، هذا مذهبنا، وبه قال جمهورُ العلماء؛ قال ابنُ المنذر: أكثرُ العلماء على أنَّ العبدَ والمدبَّر والمكاتَب لا جُمعةَ عليهم، وهو قول عطاءٍ، والشعبيِّ، والحسنِ البصريِّ، وعمرَ بنِ عبد العزيزِ، ومالكٍ وأهل المدينة، والثوريِّ وأهل الكوفة، وأحمدَ، وإسحاق، وأبي ثور، قال: قال بعضُ العلماء: تجِبُ الجمعة على العبد؛ فإنْ منَعَه السيِّدُ فله التخلُّف، وعن الحسنِ وقَتادةَ والأوزاعيِّ وجوبُها على عبدٍ يُؤدِّي الضريبة، وهو الخراج، وقال داود: تجِبُ عليه مطلقًا، وهي رواية عن أحمد. دليلنا: حديثُ طارقِ بن شِهاب السابق) ((المجموع)) (4/485).
وذلك للآتي:
أولًا: أنَّه مشغولٌ في خِدمةِ سيِّدِه ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/6).
ثانيًا: أنَّه مملوكُ المنفعةِ، محبوسٌ على السيِّدِ؛ أشبَهَ المحبوسَ بالدَّينِ ((المغني)) لابن قدامة (2/251).
ثالثًا: أنَّها لو وجبتْ عليه لجازَ له المُضيُّ إليها من غير إذنِ سيِّده، ولم يكُنْ لسيِّدِه منعُه منها، كسائرِ الفرائضِ ((المغني)) لابن قدامة (2/251).
الفرع الثَّالث: الصَّبي
لا تجِبُ الجُمُعةُ على الصبيِّ، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (2/155)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/258). ، والمالِكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/531)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/79). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (4/484)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/400). ، والحَنابِلَة ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/129)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/309). ، وهو قولُ أكثرِ أهلِ العِلمِ قال ابنُ قُدامَة: (أمَّا البلوغ، فهو شرْط أيضًا؛ لوجوب الجمعة وانعقادها، في الصحيح من المذهب، وقول أكثر أهل العلم؛ لأنَّه من شرائط التكليف، بدليل قوله عليه السَّلام: «رُفِع القلمُ عن ثلاثة: عن الصبيِّ حتى يبلُغَ...»، وذكر بعضُ أصحابنا في الصبيّ المميِّز روايةً أخرى: أنَّها واجبةٌ عليه؛ بناءً على تكليفِه، ولا مُعوَّلَ عليه) ((المغني)) (2/243). ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك قال ابنُ المنذر: (أجمَعوا على أنْ ليس على الصبيِّ جُمعة..... وأجمَعوا على أنَّ الجُمعةَ واجبةٌ على الأحرارِ البالغين المقيمين، الذين لا عذرَ لهم) ((الإجماع)) (ص: 40). وقال النوويُّ: (نقل ابنُ المنذرِ وغيرُه الإجماعَ أنَّ المرأة لا جمعةَ عليها) ((المجموع)) (4/484). وقال ابنُ بَطَّال: (وقوله: «غسلُ الجمعةِ واجبٌ على كلِّ محتلمٍ»، يدلُّ أنه لا تجِب الجمعةُ على الصبيِّ، وهذا إجماعٌ) ((شرح صحيح البخاري)) (2/478). وقال أيضًا: (... وإنْ كان إجماع أئمَّة الفتوى الذين هم الحُجَّة على أنَّ النساء والصبيان لا جُمعةَ عليهم) ((شرح صحيح البخاري)) (2/491).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
1- عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النائمِ حتى يَستيقظَ، وعن الصَّبيِّ حتى يَبلُغَ، وعن المجنونِ حتى يَعقِلَ )) رواه أبو داود (4403)، والترمذي (1423)، وابن ماجه (2042)، وأحمد (940) حسَّنه البخاريُّ في ((العلل الكبير)) (225)، وصححه النووي في ((المجموع)) (3/6)، وصحح إسناده العيني في ((نخب الأفكار)) (8/393)، وأحمد شاكر في ((تحقيق مسند أحمد)) (2/197)، وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)) (4403).
2- عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الغُسلُ يومَ الجُمُعةِ واجبٌ على كلِّ مُحتلِمٍ )) رواه البخاري (880)، ومسلم (846).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه علَّقَ الغُسلَ بالاحتلامِ، وهذا يدلُّ على أنَّه لا تجِبُ الجُمُعةُ على الصبيِّ ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (2/478، 8/49).
ثانيًا: لأنَّ البلوغَ من شرائطِ التَّكليفِ ((المغني)) لابن قدامة (2/243).
الفرع الرَّابع: المُسافِر
المسألة الأولى: حكم الجُمُعة للمُسافرِ
لا جُمُعةَ على المسافِرِ وذهب بعض أهل العلم إلى أن المسافر تجب عليه الجُمُعة والجماعة إذا كان في مكانٍ تقامُ فيه الجُمُعةُ والجماعة؛ قال ابن عثيمينَ: (واعلَمْ أنَّ المسافِرَ لا تسقُطُ عنه الجمعةُ إذا كان في مكانٍ تقام فيه الجمعةُ، ولم يكن عليه مشَقَّةٌ في حضورِها؛ لعمومِ قَوْلِه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ **الجمعة: 9** فيجب عليه حضورُ الجمُعةِ ليُصَلِّيَ مع المسلمين، ولا تسقُطُ عنه صلاةُ الجماعةِ؛ لعمومِ الأدلَّة أيضًا). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (15/333). ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعة: الحَنَفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/221)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/62). ، والمالِكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (2/ 166)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/80). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (4/485)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/423). ، والحَنابِلَة ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/131)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/310). ، وهو قولُ طائفةٍ مِن السَّلَفِ وبه قال أكثرُ العلماءِ قال ابنُ المنذر: (قال كثيرٌ من أهل العِلم: ليس على المسافرِ جُمُعة، كذلك قال ابنُ عُمر، وعمرُ بن عبد العزيز، وعطاءٌ، وطاوسٌ، ورُوِّينا عن عليٍّ أنه قال: ليس على المسافرِ جُمعةٌ) ((الأوسط)) (4/19). وقال ابنُ قُدامَة: (أمَّا المسافر فأكثرُ أهل العلم يَرون أنَّه لا جُمعةَ عليه كذلك؛ قاله مالكٌ في أهل المدينة، والثوريُّ في أهل العراق، والشافعيُّ، وإسحاقُ، وأبو ثور، ورُوي ذلك عن عطاءٍ، وعمرُ بنُ عبد العزيز، والحسن، والشعبيُّ) ((المغني)) (2/250). وقال النوويُّ: (لا تجِب الجُمُعةُ على المسافرِ، هذا مذهبنا لا خِلافَ فيه عندنا، وحكاه ابنُ المنذر وغيرُه عن أكثر العلماء) ((المجموع)) (4/485). ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك قال ابنُ عبد البَرِّ: (وأمَّا قوله: «ليس على مسافرٍ جُمعةٌ»، فإجماعٌ لا خِلافَ فيه) ((الاستذكار)) (2/36). وقال ابنُ رشد: (وأمَّا الشَّرط الثاني: وهو الاستيطان، فإنَّ فقهاء الأمصار اتَّفقوا عليه؛ لاتِّفاقهم على أنَّ الجمعة لا تجِبُ على المسافر) ((بداية المجتهد)) (1/169). وقال ابنُ قُدامَة: (والخلفاءُ الرَّاشدون رضي الله عنهم، كانوا يُسافِرون في الحجِّ وغيره، فلم يُصلِّ أحدٌ منهم الجمعةَ في سفره، وكذلك غيرهم من أصحاب رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومَن بعدهم...، وهذا إجماعٌ مع السُّنَّة الثابتة فيه) ((المغني)) (2/250). وقال الزرقانيُّ: ("قال مالك: ولا جُمعةَ على مسافرٍ" إجماعًا) ((شرح الزرقاني على الموطأ)) (1/391).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لَمَّا وصَل بَطنَ الوادي يومَ عرفةَ نزَلَ فخَطَبَ النَّاسَ، ثم بعدَ الخُطبةِ أَذَّنَ بلالٌ، ثمَّ أقام فَصلَّى الظهرَ، ثمَّ أقام فصلَّى العَصرَ )) جزءٌ من حديثٍ طويلٍ رواه مسلم (1218).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى الظهرَ ولم يُصلِّ الجُمُعةَ؛ وذلك للآتي ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/11). :
1- أنَّ صلاةَ الجُمُعةِ الخُطبةُ فيها بعدَ الأذانِ، وهنا الخُطبةُ قبلَ الأذانِ.
2- صلاةُ الجُمُعةِ يَتقدَّمُها خُطبتانِ، وحديثُ جابرٍ ليس فيه إلَّا خُطبةٌ واحدةٌ.
3- صلاةُ الجُمُعةِ يُجهَرُ فيها بالقراءةِ، وحديثُ جابر يدلُّ على أنَّه لم يَجْهَر؛ لأنَّه قال: ((صلَّى الظُّهرَ، ثم أقامَ فَصلَّى العصرَ))
4- صلاةُ الجُمُعةِ تُسمَّى صلاةَ الجُمُعةِ، وفي حديثِ جابرٍ قال: ((صلَّى الظُّهرَ))
ثانيًا: أنَّه لم يُنقَل أنَّ النبيّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يُصلِّي الجُمُعةَ في أسفارِه، ولو فَعَل لكان ذلِك ممَّا تَتوافَرُ الدَّواعي على نَقْلِه، ولنُقِلَ إلينا ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/11، 12).
المسألة الثانية: إنشاءُ السَّفرِ بَعدَ الزَّوالِ
لا يجوزُ إنشاءُ السَّفرِ بعدَ زَوالِ الشَّمسِ يومَ الجُمُعةِ بلا ضرورةٍ، وهو مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/549)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/88). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (4/498)، ويُنظر: ((البيان)) للعمراني (2/556). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/25)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/268). ، وهو قولُ داودَ قال النوويُّ: (وأمَّا السَّفر يومَ الجمعة بعدَ الزوال إذا لم يَخفْ فوتَ الرفقة، ولم يُصلِّ الجمعة في طريقه، فلا يجوزُ عندنا، وبه قال مالكٌ، وأحمدُ، وداود) ((المجموع)) (4/499). ، وحُكِيَ الإجماعُ على المنعِ بعدَ النِّداءِ قال ابنُ حزم: (واتَّفقوا أنَّ السَّفرَ حرامٌ على من تلزمه الجمعة إذا نُودِي لها) ((مراتب الإجماع)) (ص 151).
الأدلَّة:
أولًا: من الكِتاب
قال اللهُ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة: 9]
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه أمَر بالسَّعيِ إليها، وترْكِ البيع، وكذا يتْرك السَّفر؛ لأنَّ العِلَّةَ واحدةٌ، فالبيعُ مانعٌ من حضورِ الصَّلاة، والسَّفرُ كذلك مانعٌ من حُضورِ الصَّلاةِ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/23).
ثانيًا: أنَّ الجُمُعة قد وجَبَتْ عليه؛ فلمْ يَجُزْ له الاشتغالُ بما يَمنَعُ منها ((المغني)) لابن قدامة (2/268).
المسألة الثالثة: السَّفَرُ قَبْلَ الزَّوالِ
يَجوزُ السَّفَرُ قَبلَ الزَّوالِ، وهو مذهبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة ((البناية شرح الهداية)) للعيني (3/ 38)، ويُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (2/89)، ((درر الحكام)) لملا خسرو (1/141). ، والمالِكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير، مع ((حاشية الدسوقي)) (1/387)، ويُنظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 56). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (2/262)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/25). ، وقولٌ للشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (4/498). ، وبه قال أكثرُ أهلِ العِلمِ قال ابنُ قُدامَة: (إنْ سافَرَ قبل الوَقْتِ، فذكَر أبو الخطاب فيه ثلاثَ رِوايات: إحداها: المنع؛ لحديث ابنِ عمَرَ. والثانية: الجواز، وهو قولُ الحسَن، وابنِ سيرين، وأكثرِ أهل العلم) ((المغني)) (2/269).
الأدلَّة:
أولًا: من الآثار
عن الأسودِ بنِ قَيسٍ، عن أبيه، قال: أَبْصَرَ عُمرُ بنُ الخَطَّابِ رجلًا عليه هيئةُ السَّفَرِ، وقال الرَّجُلُ: إنَّ اليومَ يومُ جُمُعةٍ، ولولا ذلك لخرجتُ، فقال عُمرُ: إنَّ الجُمُعةَ لا تَحبِسُ مسافرًا، فاخرجْ ما لم يَحِنِ الرَّواحُ رواه عبد الرزاق في ((المصنف)) (3/250)، وابن المنذر في ((الأوسط) )( 1786)، والبيهقي (3/462) (5846) موقوفًا عن عُمرَ رضي الله عنه صحَّحه الألبانيُّ عن عمر في تخريجه لكتاب ((القائد في تصحيح العقائد)) للمُعلِّمي اليماني (196).
ثانيًا: أنَّ الجُمُعةَ لم تجِبْ؛ فلم يَحرُمِ السفرُ كاللَّيلِ ((المغني)) لابن قدامة (2/269).
ثالثًا: أنَّ ذِمَّتَه بريئةٌ من الجُمُعةِ، فلم يمنعْه إمكانُ وجوبِها عليه كما قبْلَ يَومِها ((المغني)) لابن قدامة (2/269).
المسألة الرابعة: إمامةُ المُسافِرِ في الجُمُعةِ
يَصحُّ أن يكونَ المسافرُ إمامًا في الجُمُعةِ، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/222)، ويُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (2/72). ، والشافعيَّة ((نهاية المحتاج)) للرملي (2/311)، ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/251). لكنَّهم اشترَطوا على أنْ يكون الإمامُ في هذه الحالةِ زائدًا على العددِ المطلوب، الذي هو الأربعين. يُنظر المرجعين السابقين. ، واختارَه ابنُ حزمٍ قال ابنُ حزم: (وسواءٌ فيما ذَكَرْنا- من وجوبِ الجُمُعة- المسافرُ في سفره، والعبدُ، والحرُّ، والمقيم، وكل مَن ذكرنا يكون إمامًا فيها) ((المحلى)) (3/252). ، وابنُ عُثيمين قال ابن عثيمين: (أما العبد، والمسافر، فالصحيحُ أنَّها تنعقد بهما، ويصحُّ أن يكونَا أئمَّةً فيها وخطباء أيضًا؛ لأنَّ القول بعدم صحَّة ذلك لا دليلَ عليه؛ فالعبدُ من أهل التكليف، والمسافر من أهل التكليف، وكيف يُقال: إنه إذا صلَّى العبد خلفَ الإمام جمعةً صحَّتْ، ولو كان هو الإمامَ لم تصحَّ؟! فلا يظهر الفرق، والقول بأنَّ صلاته صحَّت تبعًا، ويثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالًا، لا يُسلَّم في كلِّ موضع) ((الشرح الممتع)) (5/18، 19). ، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائمة قالتِ اللَّجنةُ الدَّائمة: (تصحُّ- في أصحِّ قولَيِ العلماء- إمامةُ المسافر للمقيمين في الجُمعة إذا كان أهلًا للإمامة، وهو مذهبُ أبي حنيفة، ومالكٍ والشافعيِّ؛ ذكر ذلك صاحبُ المغني، وهو روايةٌ في مذهب أحمد، ذكَرها صاحبُ الإنصاف، ولا نعلمُ في الأدلَّة الشرعيَّة ما يمنع ذلك) ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (8/201). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك نقَل النوويُّ الإجماعَ عن أبي حامدٍ، فقال: (ذكرنا أنَّ الصحيح عندنا صحَّةُ صلاة الجمعة خلَف المسافر، ونقَل الشيخ أبو حامد في كتاب الجمعة إجماعَ المسلمين عليه) ((المجموع)) (4/250).
وذلك للآتي:
أولًا: أنَّهم رجالٌ تصحُّ منهم الجُمُعةُ ((المغني)) لابن قدامة (2/253).
ثانيًا: أنَّ القولَ بعدمِ صِحَّةِ ذلك لا دَليلَ عليه ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/18، 19).
ثالثَا: أنَّ المسافرَ مِن أهلِ التَّكليفِ، ولا فَرْقَ بين أنْ يكونَ في الجُمُعةِ إمامًا أو مأمومًا ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/18، 19).

انظر أيضا: