المَطلَبُ الأوَّل: من لا تَجِبُ عليهم الجُمُعةُ
الفرعُ الأَوَّل: المَرأةلا تَجِبُ الجُمُعةُ على المرأةِ.
الأدلَّة:أولًا: مِنَ الِإِجْماعنقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذرِ
، و
الخطابيُّ
، وابنُ بَطَّال
، و
ابنُ قُدامة
،
ثانيًا: أنَّ المرأةَ ليستْ من أهلِ الحضورِ في مجامعِ الرِّجال؛ ولذلك لا تجِبُ عليها جماعةٌ
الفرع الثَّاني: العَبْدلا تجِبُ الجُمُعةُ على العبدِ
، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة
: الحَنَفيَّة
، والمالِكيَّة
، والشافعيَّة
، والحَنابِلَة
، وبه قالَ أكثرُ العلماء
وذلك للآتي:أولًا: أنَّه مشغولٌ في خِدمةِ سيِّدِه
ثانيًا: أنَّه مملوكُ المنفعةِ، محبوسٌ على السيِّدِ؛ أشبَهَ المحبوسَ بالدَّينِ
ثالثًا: أنَّها لو وجبتْ عليه لجازَ له المُضيُّ إليها من غير إذنِ سيِّده، ولم يكُنْ لسيِّدِه منعُه منها، كسائرِ الفرائضِ
الفرع الثَّالث: الصَّبيلا تجِبُ الجُمُعةُ على الصبيِّ، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
، والمالِكيَّة
، والشافعيَّة
، والحَنابِلَة
، وهو قولُ أكثرِ أهلِ العِلمِ
، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة1- عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النائمِ حتى يَستيقظَ، وعن الصَّبيِّ حتى يَبلُغَ، وعن المجنونِ حتى يَعقِلَ ))
2- عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((الغُسلُ يومَ الجُمُعةِ واجبٌ على كلِّ مُحتلِمٍ ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّه علَّقَ الغُسلَ بالاحتلامِ، وهذا يدلُّ على أنَّه لا تجِبُ الجُمُعةُ على الصبيِّ
ثانيًا: لأنَّ البلوغَ من شرائطِ التَّكليفِ
الفرع الرَّابع: المُسافِرالمسألة الأولى: حكم الجُمُعة للمُسافرِلا جُمُعةَ على المسافِرِ
، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعة: الحَنَفيَّة
، والمالِكيَّة
، والشافعيَّة
، والحَنابِلَة
، وهو قولُ طائفةٍ مِن السَّلَفِ وبه قال أكثرُ العلماءِ
، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن
جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((لَمَّا وصَل بَطنَ الوادي يومَ عرفةَ نزَلَ فخَطَبَ النَّاسَ، ثم بعدَ الخُطبةِ أَذَّنَ بلالٌ، ثمَّ أقام فَصلَّى الظهرَ، ثمَّ أقام فصلَّى العَصرَ ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى الظهرَ ولم يُصلِّ الجُمُعةَ؛ وذلك للآتي
:
1- أنَّ صلاةَ الجُمُعةِ الخُطبةُ فيها بعدَ الأذانِ، وهنا الخُطبةُ قبلَ الأذانِ.
2- صلاةُ الجُمُعةِ يَتقدَّمُها خُطبتانِ، وحديثُ
جابرٍ ليس فيه إلَّا خُطبةٌ واحدةٌ.
3- صلاةُ الجُمُعةِ يُجهَرُ فيها بالقراءةِ، وحديثُ
جابر يدلُّ على أنَّه لم يَجْهَر؛ لأنَّه قال:
((صلَّى الظُّهرَ، ثم أقامَ فَصلَّى العصرَ)) 4- صلاةُ الجُمُعةِ تُسمَّى صلاةَ الجُمُعةِ، وفي حديثِ
جابرٍ قال:
((صلَّى الظُّهرَ)) ثانيًا: أنَّه لم يُنقَل أنَّ النبيّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يُصلِّي الجُمُعةَ في أسفارِه، ولو فَعَل لكان ذلِك ممَّا تَتوافَرُ الدَّواعي على نَقْلِه، ولنُقِلَ إلينا
المسألة الثانية: إنشاءُ السَّفرِ بَعدَ الزَّوالِلا يجوزُ إنشاءُ السَّفرِ بعدَ زَوالِ الشَّمسِ يومَ الجُمُعةِ بلا ضرورةٍ، وهو مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة
، والشافعيَّة
، والحَنابِلَة
، وهو قولُ
داودَ
، وحُكِيَ الإجماعُ على المنعِ بعدَ النِّداءِ
الأدلَّة:أولًا: من الكِتابقال اللهُ تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة: 9] وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّه أمَر بالسَّعيِ إليها، وترْكِ البيع، وكذا يتْرك السَّفر؛ لأنَّ العِلَّةَ واحدةٌ، فالبيعُ مانعٌ من حضورِ الصَّلاة، والسَّفرُ كذلك مانعٌ من حُضورِ الصَّلاةِ
ثانيًا: أنَّ الجُمُعة قد وجَبَتْ عليه؛ فلمْ يَجُزْ له الاشتغالُ بما يَمنَعُ منها
المسألة الثالثة: السَّفَرُ قَبْلَ الزَّوالِيَجوزُ السَّفَرُ قَبلَ الزَّوالِ، وهو مذهبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة
، والمالِكيَّة
، والحَنابِلَة
، وقولٌ للشافعيَّة
، وبه قال أكثرُ أهلِ العِلمِ
الأدلَّة:أولًا: من الآثارعن الأسودِ بنِ قَيسٍ، عن أبيه، قال: أَبْصَرَ عُمرُ بنُ الخَطَّابِ رجلًا عليه هيئةُ السَّفَرِ، وقال الرَّجُلُ: إنَّ اليومَ يومُ جُمُعةٍ، ولولا ذلك لخرجتُ، فقال عُمرُ: إنَّ الجُمُعةَ لا تَحبِسُ مسافرًا، فاخرجْ ما لم يَحِنِ الرَّواحُ
ثانيًا: أنَّ الجُمُعةَ لم تجِبْ؛ فلم يَحرُمِ السفرُ كاللَّيلِ
ثالثًا: أنَّ ذِمَّتَه بريئةٌ من الجُمُعةِ، فلم يمنعْه إمكانُ وجوبِها عليه كما قبْلَ يَومِها
المسألة الرابعة: إمامةُ المُسافِرِ في الجُمُعةِيَصحُّ أن يكونَ المسافرُ إمامًا في الجُمُعةِ، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة
، والشافعيَّة
، واختارَه
ابنُ حزمٍ
، و
ابنُ عُثيمين
، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائمة
، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
وذلك للآتي:أولًا: أنَّهم رجالٌ تصحُّ منهم الجُمُعةُ
ثانيًا: أنَّ القولَ بعدمِ صِحَّةِ ذلك لا دَليلَ عليه
ثالثَا: أنَّ المسافرَ مِن أهلِ التَّكليفِ، ولا فَرْقَ بين أنْ يكونَ في الجُمُعةِ إمامًا أو مأمومًا