الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الرَّابِعُ: حِصارُ الكُفَّارِ وقِتالُهم إذا تَحَصَّنوا


يَجوزُ استِعمالُ الحِصارِ سِلاحًا في الجِهادِ، فلا يُسمَحُ للكُفَّارِ بالخُروجِ والدُّخولِ، كما يُمنَعُ عنهمُ الطَّعامُ والشَّرابُ؛ حَتَّى يَستَسلِموا، ما لم يَكُنْ مَعَهم مُسلِمونَ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الكتابِ
قال اللهُ تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ [التوبة: 5] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
 أنَّ قَولَه تعالى: وَاحْصُرُوهُمْ قال ابنُ عَبَّاسٍ في تَفسيرِها: يُريدُ: إن تَحَصَّنوا فاحصُروهم [646] يُنظر: ((التفسير البسيط)) للواحدي (10/ 294)، ((تفسير البغوي)) (2/ 318)، ((زاد المسير)) لابن الجوزي (2/ 236). ، فهذا دَليلٌ واضِحٌ على مَشروعيَّةِ حِصارِ الكُفَّار [647] يُنظر: ((الجوهرة النيرة)) للحدادي (2/ 260). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((افتَتَحنا مَكَّةَ، ثُمَّ إنَّا غَزَونا حُنَينًا... ثُمَّ انطَلَقنا إلى الطَّائِفِ، فحاصَرناهم أربَعينَ لَيلةً)) [648] أخرجه مسلم (1059). .
2- عن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو، قال: لَمَّا حاصَرَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الطَّائِفَ، فلَم يَنَلْ مِنهم شَيئًا، قال: ((إنَّا قافِلونَ إن شاءَ اللهُ. فثَقُلَ عليهم، وقالوا: نَذهَبُ ولا نَفتَحُه! وقال مَرَّةً: نَقفُلُ. فقال: اغدُوا على القِتالِ، فغَدَوا فأصابَهم جِراحٌ، فقال: إنَّا قافِلونَ غَدًا إن شاءَ اللهُ. فأعجَبَهم، فضَحِكَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)) [649] أخرجه البخاري (4325) واللفظ له، ومسلم (1778). .
ثالثًا: من الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حَزمٍ [650] قال ابنُ حَزمٍ (اتَّفَقوا أنَّ حِصارَ حُصونِ المُشرِكينَ وقَطعَ المَبَرِّ عنها وإن كان فيها أطفالُهم ونِساؤُهم: واجِبٌ، ما لم يَكُنْ هُنالِكَ أسرى مُسلِمونَ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 156). .



انظر أيضا: