الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّالِثُ: دَكُّ حُصونِ العَدوِّ وإتلافُ أموالِهمُ المُستَخدَمةِ في القِتالِ


يَجوزُ في الجِهادِ دَكُّ حُصونِ الأعداءِ وإتلافُ أموالِهمُ المُستَخدَمةِ في القِتالِ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الكتابِ
1- قَولُه تعالى: وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [التوبة: 120] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
لا يَطَأُ المُؤمِنونَ أرضًا ولا يُصيبونَ مِن عَدوِّ اللهِ وعَدوِّهِم شَيئًا في أموالِهم وأنفُسِهم وأولادِهم إلَّا كَتَبَ اللهُ لَهم بذلك كُلِّه ثَوابَ عَمَلٍ صالِحٍ قدِ ارتَضاه [638] ((جامع البيان)) للطبري (14/ 562). ؛ لأنَّ كُلَّ ما يَغيظُ الكُفَّارَ عَمَلٌ صالِحٌ يُحِبُّه اللهُ تعالى [639] ((مدارج السالكين)) لابن القيم (1/ 241). ويُنظر: ((الفروق)) للقرافي (2/ 33). .
2- قَولُه تعالى: هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ [الحشر: 2] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
ذَكَرَ اللهُ سُبحانَه تَخريبَ بَني النَّضيرِ لبُيوتِهم بأيديهم وتَخريبَ المُؤمِنينَ كَذلك على وجهِ الإقرارِ؛ إذ لم يَنهَ عنه؛ فدَلَّ على مَشروعيَّةِ ذلك عِندَ الحاجةِ إلَيه، وتَحَقُّقِ المَصلَحةِ بذلك للمُسلِمينَ [640] يُنظر: ((أحكام القرآن للشافعي)) جمع البيهقي (2/ 44). .
ثانيًا: من الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رُشدٍ [641] قال ابنُ رُشدٍ الحَفيدُ: (اتَّفَقَ عَوامُّ الفُقَهاءِ على جَوازِ رَميِ الحُصونِ بالمَجانيقِ، سَواءٌ كان فيها نِساءٌ وذُرِّيَّةٌ أو لم يَكُنْ). ((بداية المجتهد)) (1/ 385). ، وابنُ قُدامةَ [642] قال ابنُ قُدامةَ: (ما تَدعو الحاجةُ إلى إتلافِه؛ كالذي يَقرُبُ مِن حُصونِهم، ويَمنَعُ مِن قِتالِهم، أو يَستتِرونَ به مِنَ المُسلِمينَ، أو يُحتاجُ إلى قَطعِه لتَوسِعةِ طَريقٍ، أو تَمَكُّنٍ مِن قِتالٍ، أو سَدِّ بَثقٍ، أو إصلاحِ طَريقٍ، أو سِتارةِ مَنجَنيقٍ، أو غَيرِه، أو يَكونونَ يَفعَلونَ ذلك بنا، فيُفعَلُ بهم ذلك ليَنتَهوا، فهذا يَجوزُ بغَيرِ خِلافٍ نَعلَمُهـ). ((المغني)) (9/ 233،234). ، والضَّريرُ [643] قال الضَّريرُ: (ما تَدعو الحاجةُ إلى إتلافِه؛ كالذي يَقرُبُ مِن حُصونِهم، ويَمنَعُ مِن قِتالِهم، أو يَستَتِرونَ به مِنَ المُسلِمينَ، أو يُحتاجُ إلى قَطعِه لتَوسِعةِ طَريقٍ، أو تَمَكُّنٍ مِن قِتالٍ، أو سَدِّ بَثقٍ، أو إصلاحِ طَريقٍ، أو سِتارةِ مَنجَنيقٍ أو غَيرِه، أو يَكونوا يَفعَلونَ ذلك بنا، فنَفعَلُه بهم ليَنتَهوا، فهذا يَجوزُ بغَيرِ خِلافٍ). ((الواضح في شرح مختصر الخرقي)) (4/545). .
ثالثًا: أنَّ ضَربَ الحُصونِ وإتلافَ ما يَتَقَوَّونَ به في القِتالِ مِنَ الأموالِ: مِن وسائِلِ الجِهادِ التي يُتَوصَّلُ بها إلى تَحقيقِ أهدافِه؛ فكان حُكمُها حُكمَ ما توصِّلَ بها إليه [644] ((الفروق)) للقرافي (2/ 33). .
رابعًا: استِخدامُ هذه الوسائِلِ في الجِهادِ يُحَقِّقُ النِّكايةَ بالعَدوِّ، وكُلُّ ما كان كَذلك فهو مَأمورٌ به [645] يُنظر: ((شرح السير الكبير)) للسرخسي (4/221). .

انظر أيضا: