الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: إحراقُ الكُفَّارِ بالنَّارِ في حالِ عَدَمِ القُدرةِ عليهم إلَّا بذلك


يَجوزُ رَميُ الكُفَّارِ بالنَّارِ في حالِ عَدَمِ القُدرةِ عليهم إلَّا بذلك، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [586] ((المبسوط)) للسرخسي (10/ 64)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/244)، ((النهر الفائق)) لسراج الدين ابن نجيم (3/205). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/ 141،100). ، والمالِكيَّةِ [587] ((منح الجليل)) لعليش (3/ 148). ويُنظر: ((تحبير المختصر)) لبهرام (2/ 457)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (3/ 113). ، والشَّافِعيَّةِ [588] ((الشرح الكبير)) للرافعي (11/ 396)، ((روضة الطالبين)) للنووي (10/ 244). ، والحَنابِلةِ [589] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/ 238)، ((الإنصاف)) للمرداوي (10/ 62-66). ، وهو قَولُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ [590] قال الخَطَّابيُّ: (ورَخَّصَ سُفيانُ الثَّوريُّ والشَّافِعيُّ في أن يُرمى أهلُ الحُصونِ بالنِّيرانِ، إلَّا أنَّه يُستَحَبُّ أن لا يُرمَوا بالنَّارِ ما داموا يُطاقونَ، إلَّا أن يَخافوا مِن ناحيَتِهمُ الغَلَبةَ، فيَجوزُ حينَئِذٍ أن يُقذَفوا بالنَّارِ). ((معالم السنن)) للخطابي (2/ 282-283). وقال ابنُ قُدامةَ: (فأمَّا رَميُهم قَبلَ أخذِهم بالنَّارِ؛ فإن أمكَنَ أخذُهم دونَها لم يَجُزْ رَميُهم بها؛ لأنَّهم في مَعنى المَقدورِ عليه، وأمَّا عِندَ العَجزِ عنهم بغَيرِها فجائِزٌ في قَولِ أكثَرِ أهلِ العِلمِ. وبه قال الثَّوريُّ، والأوزاعيُّ، والشَّافِعيُّ. ورَوى سَعيدٌ بإسنادِه عن صَفوانَ بنِ عَمرٍو، وجَريرِ بنِ عُثمانَ، أنَّ جُنادةَ بنَ أبي أُمَيَّةَ الأزديَّ، وعَبدَ اللهِ بنَ قَيسٍ الفَزاريَّ، وغَيرَهما مِن وُلاةِ البَحرَينِ، ومَن بَعدَهم، كانوا يَرمونَ العَدوَّ مِنَ الرُّومِ وغَيرِهم بالنَّارِ ويُحرِقونَهم، هؤلاء لهؤلاء، وهؤلاء لهؤلاء. قال عَبدُ اللهِ بنُ قَيسٍ: لم يَزَلْ أمرُ المُسلِمينَ على ذلك). ((المغني)) (9/287). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الكتابِ
قال اللهُ تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ [التوبة: 5] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
 أمَرَ اللهُ تعالى بقَتلِ المُشرِكينَ، ولَم يَستَثنِ قَتلًا مِن قَتلٍ [591] يُنظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد الحفيد (1/ 385). ؛ فكانت كُلُّ وسيلةٍ يَتَحَقَّقُ بها هذا الأمرُ مَأمورًا بها.
ثانيًا: لأنَّ القَصدَ نِكايَتُهم وإقامةُ كَلِمةِ الحَقِّ، فإذا كان وسيلةً إلَيه جازَ، كالقَتلِ [592] يُنظر: ((الممتع)) لابن المنجى (2/ 276)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/ 238). .
ثالثًا: لأنَّ قِتالَهم لدَفعِ شَرِّهم وكَسرِ شَوكَتِهم، فيُقاتَلونَ بكُلِّ ما يَحصُلُ به ذلك [593] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/ 141). .

انظر أيضا: