الموسوعة الفقهية

الفَصلُ السَّادِسُ: خِداعُ الكُفَّارِ في الحَربِ


يَجوزُ خِداعُ الكُفَّارِ في الحَربِ بأيِّ وسيلةٍ أمكَنَ ذلك، إذا لم يَتَضَمَّنْ نَقضَ عَهدٍ بغَيرِ سَبَبٍ يَقتَضيه.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الحَربُ خَدْعةٌ)) [538] أخرجه البخاري (3030)، ومسلم (1739). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
الحَديثُ فيه تَحريضٌ على الخِداعِ في الحَربِ، وأنَّه مَتى لم يَفعَلْ ذلك خَدَعَه خَصمُه، وكان ذلك سَبَبًا لانتِكاسِ الأمرِ عليه، فلا يُهمِلُ خَديعةَ غَريمِه؛ فإنَّه إن لم يَخدَعْه خَدَعَه هو [539] ((طرح التثريب)) للعراقي (7/ 214-215). ويُنظر: ((معالم السنن)) للخطابي (2/ 269)، ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (5/ 187). .
2- عن كَعبِ بنِ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((ولَم يَكُنْ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُريدُ غَزوةً إلَّا ورَّى بغَيرِها)) [540] أخرجه البخاري (2947) واللفظ له، ومسلم (2769). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا أرادَ غَزوةً سَتَرَها وأوهَمَ غَيرَها؛ حَيثُ يُفهَمُ عنه أنَّه يُريدُ جِهةً غَيرَ التي يَتَجَهَّزُ لَها، ولا يُصَرِّحُ بخِلافِ المَقصودِ، والحِكمةُ في ذلك التَّعميةُ على العَدوِّ، ولئَلَّا يَفطَنَ فيَستَعِدَّ، والحَربُ خَدْعةٌ، وهو مِنَ المَعاريضِ الجائِزةِ [541] ((التنوير)) للصنعاني (8/ 324). ويُنظر: ((الشفا)) للقاضي عياض (ص: 665)، ((فتح الباري)) لابن حجر (6/ 159). .
ثانيًا: من الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: النَّوَويُّ [542] قال النَّوويُّ: (اتَّفَقَ العُلَماءُ على جَوازِ خِداعِ الكُفَّارِ في الحَربِ كَيفَ أمكَنَ الخِداعُ، إلَّا أن يَكونَ فيه نَقضُ عَهدٍ أو أمانٍ، فلا يَحِلُّ). ((شرح مسلم)) (12/ 45). ويُنظر: ((طرح التثريب)) للعراقي (7/ 215)، ((فتح الباري)) لابن حجر (6/ 158). .

انظر أيضا: