الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الرَّابِعُ: الفِرارُ مِنَ الزَّحفِ تَحَيُّزًا إلى فِئةٍ


يَجوزُ الفِرارُ مِنَ الزَّحفِ -ولَو لم يَكُنْ عَدَدُ الكُفَّارِ أكثَرَ مِن ضِعفِ عَدَدِ المُسلِمينَ- إذا كانَ القَصدُ مِن ذلك التَّحَيُّزَ إلى فِئةٍ مِنَ المُسلِمينَ [481] معنى التَّحَيُّزِ إلى فِئةٍ: أن يَصيرَ إلى فِئةٍ مِنَ المُسلِمينَ ليَكونَ مَعَهم، فيَقوى بهم على عَدوِّهم. يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/ 319). ، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [482] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/ 99). ، والمالِكيَّةِ [483] ((مختصر خليل))، (ص: 88) ((مواهب الجليل))، للحطاب (4/ 547). ، والشَّافِعيَّةِ [484] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (11/ 403)، ((روضة الطالبين)) للنووي (10/ 247). ، والحَنابِلةِ [485] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/ 234)، ((منتهى الإرادات)) لابن النجار (2/ 206). .
الدَّليلُ مِنَ الكتابِ:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [الأنفال: 15-16] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
نَهى اللهُ عَزَّ وجَلَّ عَن تَوليةِ المُؤمِنينَ الأدبارَ في القِتالِ، ثُمَّ استَثنى مِن ذلك مَن يولِّي دُبُرَه مُتَحَرِّفًا لقِتالٍ، أو مُتَحَيِّزًا إلى فِئةٍ، فلا يَشمَلُه النَّهيُ؛ لأنَّ الاستِثناءَ مِنَ الحَظرِ إباحةٌ [486] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/ 99). .

انظر أيضا: