الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: أمانُ المَرأةِ للعَدوِّ


يَجوزُ أمانُ المَرأةِ للعَدوِّ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [367] ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (7/194)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/247). ، والمالِكيَّةِ [368] ((الكافي)) لابن عبد البر (1/469)، ((منح الجليل)) لعليش (3/170). ، والشَّافِعيَّةِ [369] ((روضة الطالبين)) للنووي (10/279)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (9/267). ، والحَنابِلةِ [370] ((الفروع)) لابن مفلح (10/306)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/652). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَن عَليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه، عَن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((ذِمَّةُ المُسلِمينَ واحِدةٌ يَسعى بها أدناهم)) [371] أخرجه البخاري (7300)، ومسلم (1370). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
قَولُه: ((يَسعى بها أدناهم)) يَقتَضي جَوازَ أمانِ المَرأةِ؛ لأنَّها مِن أدناهم [372] يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (7/194). .
2- عَن أبي النَّضرِ مَولى عُمَرَ بنِ عُبَيدِ اللهِ، أنَّ أبا مُرَّةَ -مَولى أُمِّ هانِئٍ بنتِ أبي طالِبٍ- أخبَرَه أنَّه سَمِعَ أُمَّ هانِئٍ بنتَ أبي طالِبٍ تَقولُ: ((ذَهَبتُ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عامَ الفَتحِ، فوجَدتُه يَغتَسِلُ وفاطِمةُ ابنَتُه تَستُرُه، قالت: فسَلَّمتُ عليه، فقال: مَن هذه؟ فقُلتُ: أنا أُمُّ هانِئٍ بنتُ أبي طالِبٍ، فقال: مَرحَبًا بأُمِّ هانِئٍ، فلَمَّا فرَغَ مِن غُسلِه قامَ فصَلَّى ثَمانيَ رَكَعاتٍ مُلتَحِفًا في ثَوبٍ واحِدٍ، فلَمَّا انصَرَفَ قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، زَعَمَ ابنُ أُمِّي أنَّه قاتِلٌ رَجُلًا قد أجَرتُه؛ فُلانَ ابنَ هُبَيرةَ، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: قد أجَرْنا مَن أجَرتِ يا أُمَّ هانِئٍ)) [373] أخرجه البخاري (357) واللفظ له، ومسلم (336). .
3- عَن أُمِّ سَلَمةَ رَضيَ اللهُ عنها: ((أنَّ زَينَبَ بنتَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ خَرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُهاجِرًا استَأذَنَت أبا العاصِ بنَ الرَّبيعِ زَوجَها أن تَذهَبَ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأذِنَ لَها فقدِمَت عليه، ثُمَّ إنَّ أبا العاصِ لَحِقَ بالمَدينةِ، فأرسَلَ إليها: أن خُذي لي أمانًا مِن أبيكِ، فخَرَجَت فاطَّلَعَت برَأسِها مِن بابِ حُجرَتِها، ورَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الصُّبحِ يُصَلِّي بالنَّاسِ، فقالت: يا أيُّها النَّاسُ، أنا زَينَبُ بنتُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وإنِّي قد أجَرتُ أبا العاصِ، فلَمَّا فرَغَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ الصَّلاةِ قال: يا أيُّها النَّاسُ، إنِّي لَم أعلَمْ بهذا حَتَّى سَمِعتُموه، ألا وإنَّه يُجيرُ على المُسلِمينَ أدناهم)) [374] أخرجه الطبراني في ((المعجم الأوسط)) (4822) واللفظ له، والحاكم (7035)، والبيهقي (18228). صَحَّحه الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (6/770)، وحسَّن إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((شرح مشكل الآثار)) (1244)، وذكر ثبوته ابن القيم في ((زاد المعاد)) (5/82). .
4- عَن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إنَّ المَرأةَ لَتَأخُذُ للقَومِ))، يَعني: تُجيرُ على المُسلِمينَ [375] أخرجه الترمذي (1579). صَحَّحه البخاري كما في ((سنن الترمذي)) (1579)، وحَسَّنه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1579). .
ثانيًا: من الآثار
عَن عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها، قالت: (إن كانَتِ المَرأةُ لَتُجيرُ على المُؤمِنينَ، فيَجوزُ) [376] أخرجه أبو داود (2764) واللفظ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (8630)، والبيهقي (16896). صَحَّحه ابنُ دقيق العيد في ((الاقتراح)) (93)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2764)، وصَحَّح إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (2764). .
ثالثًا: لأنَّها بما مَعَها مِنَ العَقلِ لا تَعجِزُ عَنِ الوُقوفِ على حالِ القوَّةِ والضَّعفِ [377] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/106). .

انظر أيضا: