الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّاني: صِفةُ الأمانِ


يَصِحُّ الأمانُ بكُلِّ لَفظٍ يَدُلُّ عليه، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [348] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/87)، ((الفتاوى الهندية)) (2/198). ، والمالِكيَّةِ [349] ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/9). ويُنظر: ((عقد الجواهر الثمينة)) لابن شاس (1/324). ، والشَّافِعيَّةِ [350] ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 311)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/237). ‏ ، والحَنابِلةِ [351] ((الإقناع)) للحجاوي (2/37)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/105). ، وحُكيَ فيه عَدَمُ العِلمِ بالخِلافِ [352] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (لا خِلافَ عَلِمتُه بَينَ العُلَماءِ في أنَّ مَن أمَّنَ حَربيًّا بأيِّ كَلامٍ لَهم به الأمانُ، فقد تَمَّ لَه الأمانُ). ((الاستذكار)) (5/36). وقال ابنُ قُدامةَ: (ونَذكُرُ هاهنا صِفةَ الأمانِ، فالذي ورَدَ به الشَّرعُ لَفظَتانِ: أجَرتُكَ وأمَّنتُكَ؛ لقَولِ اللَّهِ تَعالى: وإن أحَدٌ مِنَ المُشرِكينَ استَجارَكَ فأجِرْهُ [التوبة: 6] وقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «قد أجَرنا مَن أجَرت، وأمَّنَّا مَن أمَّنت». وقال: «مَن دَخَلَ دارَ أبي سُفيانَ فهو آمِنٌ، ومَن أغلَقَ بابَه فهو آمِنٌ». وفي مَعنى ذلك إذا قال: لا تَخَفْ، لا تَذهَلْ، لا تَخشَ، لا خَوفَ عليكَ، لا بَأسَ عليكَ، وقد رويَ عَن عُمَرَ أنَّهُ قال: إذا قُلتُم: لا بَأسَ، أو لا تَذهَلْ، أو مَتْرَسْ، فقد أمَّنتُموهم؛ فإنَّ اللَّهَ تَعالى يَعلَمُ الألسِنةَ. وفي رِوايةٍ أُخرى: إذا قال الرَّجُلُ للرَّجُلِ: لا تَخَفْ، فقد أمَّنَه، وإذا قال: لا تَذهَلْ، فقد أمَّنَه؛ فإنَّ اللَّهَ يَعلَمُ الألسِنةَ. ورُويَ أنَّ عُمَرَ قال للهُرمُزانِ: تَكَلَّمْ، ولا بَأسَ عليكَ. فلَمَّا تَكَلَّمَ أمَرَ عُمَرُ بقَتلِه، فقال أنَسُ بنُ مالِكٍ: ليس لَكَ إلى ذلك سَبيلٌ، قد أمَّنتَه، فقال عُمَرُ: كَلَّا، فقال الزُّبَيرُ: قد قُلتَ لَه: تَكَلَّمْ، ولا بَأسَ عليكَ، فدَرَأ عَنهُ عُمَرُ القَتلَ. رَواه سَعيدٌ وغَيرُه. وهذا كُلُّهُ لا نَعلَمُ فيه خِلافًا). ((المغني)) (09/322). .
الدَّليلُ مِنَ الآثارِ:
عَن أبي وائِلٍ، قال: جاءَنا كِتابُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه، فقال: (وإذا لَقيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فقال: مَتْرَسْ [353] مَتْرَسْ: معناه: لك الأمانُ؛ فلا تَخَفْ، قيل: فارِسيٌّ. ((المصباح المنير)) للفيومي (1/ 74)، ((مصابيح الجامع)) للدماميني (7/ 20). ، فقد أمَّنَه، وإذا قال: لا تَخَفْ، فقد أمَّنَه، وإذا قال: لا تَذهَلْ، فقد أمَّنَه؛ إنَّ اللهَ يَعلَمُ الألسِنةَ)‏ [354] أخرَجَه البُخاريُّ مُعَلَّقًا بصيغةِ الجَزمِ قَبلَ حَديثِ (3172)، وأخرجه موصولًا عبد الرزاق (9429)، والبيهقي (18231) واللفظ له. صحَّح إسنادَه ابنُ حجر في ((تغليق التعليق)) (3/483)، وذكر ثبوتَه البيهقي في ((معرفة السنن والآثار)) (18130). .

انظر أيضا: