الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: حُكمُ الغُلولِ مِنَ الغَنيمةِ قَبلَ القِسمةِ


الغُلولُ حَرامٌ، مِن كَبائِرِ الذُّنوبِ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الكتابِ
قال اللهُ تعالى: وما كان لنَبيٍّ أن يَغُلَّ ومَن يَغلُلْ يَأتِ بما غَلَّ يَومَ القيامةِ [آل عمران: 161] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
الوعيدُ في الآيةِ دَليلٌ على تَحريمِ الغُلولِ، وأنَّه مِنَ الكَبائِرِ [241] يُنظر: ((الكبائر)) للذهبي (ص: 94)، ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (2/ 291). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((خَرَجنا مَعَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى خَيبَرَ ففَتَحَ اللهُ علينا فلَم نَغنَم ذَهَبًا ولا ورِقًا، غَنِمنا المَتاعَ والطَّعامَ والثِّيابَ، ثُمَّ انطَلَقنا إلى الوادي، ومَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَبدٌ له وهَبَه له رَجُلٌ مِن جُذامٍ يُدعى رِفاعةَ بنَ زَيدٍ مِن بَني الضُّبَيبِ، فلَمَّا نَزَلنا الواديَ قامَ عَبدُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَحُلُّ رَحلَه، فرُميَ بسَهمٍ فكانَ فيه حَتفُه، فقُلنا: هَنيئًا له الشَّهادةُ يا رَسولَ اللهِ! قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: كَلَّا والذي نَفسُ مُحَمَّدٍ بيَدِه إنَّ الشَّملةَ لَتَلتَهِبُ عليه نارًا أخَذَها مِنَ الغَنائِمِ يَومَ خَيبَرَ لم تُصِبْها المَقاسِمُ! قال: ففَزِعَ النَّاسُ، فجاءَ رَجُلٌ بشِراكٍ أو شِراكَينِ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، أصَبتُ يَومَ خَيبَرَ، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: شِراكٌ مِن نارٍ أو شِراكانِ مِن نارٍ)) [242] أخرجه البخاري (4234)، ومسلم (115) واللفظ له. .
2- عَن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((قامَ فينا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فذَكَرَ الغُلولَ فعَظَّمَه، وعَظَّمَ أمرَه، قال: لا أُلفِيَنَّ أحَدَكُم يَومَ القيامةِ على رَقَبَتِه فرَسٌ له حَمحَمةٌ، يَقولُ: يا رَسولَ اللهِ أغِثْني، فأقولُ: لا أملِكُ لَكَ شَيئًا، قد أبلَغتُكَ، وعَلى رَقَبَتِه بَعيرٌ له رُغاءٌ، يَقولُ: يا رَسولَ اللهِ أغِثْني، فأقولُ: لا أملِكُ لَكَ شَيئًا، قد أبلَغتُكَ، وعَلى رَقَبَتِه صامِتٌ، فيَقولُ: يا رَسولَ اللهِ أغِثْني، فأقولُ: لا أملِكُ لَكَ شَيئًا، قد أبلَغتُكَ، أو على رَقَبَتِه رِقاعٌ تَخفِقُ، فيَقولُ: يا رَسولَ اللهِ أغِثْني، فأقولُ: لا أملِكُ لَكَ شَيئًا، قد أبلَغتُكَ)) [243] أخرجه البخاري (3073) واللفظ له، ومسلم (1831). .
3- عَن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((كانَ على ثَقَلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجُلٌ يُقالُ له كِركِرةُ، فماتَ، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هو في النَّارِ، فذَهَبوا يَنظُرونَ إليه، فوجَدوا عَباءةً قد غَلَّها)) [244] أخرجه البخاري (3074). .
ثالثًا: من الإجماعِ
نَقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ حَزمٍ [245] قال ابنُ حَزمٍ: (اتَّفَقوا أنَّ الغُلولَ حَرامٌ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 116). ، وابنُ عَبدِ البَرِّ [246] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (أجمَعَ العُلَماءُ على القَولِ بهذا الحَديثِ، ولَم يَختَلِفوا في شَيءٍ منه، فلا يَجوزُ عِندَهمُ الغُلولُ ولا الغَدرُ ولا المُثلةُ... وهذا لا يَحِلُّ بإجماعٍ). ((التمهيد)) (24/ 233).    ، والقاضي عِياضٌ [247] قال القاضي عياضٌ: (في الحَديثِ تَعظيمُ أمرِ الغُلولِ والعُقوبةِ عليه. ولا خِلافَ أنَّه مِنَ الكَبائِرِ). ((إكمال المعلم بفوائد مسلم)) (6/ 233). ، والنَّوَويُّ [248] قال النَّوويُّ (أجمَعَ المُسلِمونَ على تَغليظِ تَحريمِ الغُلولِ، وأنَّه مِنَ الكَبائِرِ). ((شرح النووي على مسلم)) (12/ 217).         .

انظر أيضا: