الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّالِثُ: تَحديدُ الغُلولِ مِنَ الغَنيمةِ


الغُلولُ مِنَ الغَنيمةِ هو أن يُخفيَ عَنِ الإمامِ أو نائِبِه شَيئًا مِنَ الغَنيمةِ، ليس طَعامًا، سَواءٌ قَلَّ أو كَثُرَ، ولَم يُلقِه في الغَنائِمِ، وسَواءٌ في ذلك السُّلطانُ أو غَيرُه.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ عَن أبيه عَن جَدِّه رَضيَ اللهُ عنه ((... أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قامَ في النَّاسِ -مُنصَرَفَه مِن حُنَينٍ- فقال: يا أيُّها النَّاسُ، أدُّوا الخياطَ والمِخيَطَ؛ فإنَّ الغُلولَ يَكونُ على أهلِه عارًا وشَنارًا يَومَ القيامةِ)) [249] أخرجه أبو داود (2694)، والنسائي (3688) واللفظ له، وأحمد (6729). حسَّنه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (3688)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (6729)، وصَحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (11/18). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
فيه دَليلٌ على أنَّ القَليلَ والكَثيرَ مِنَ المَغنَمِ لا يَحِلُّ أخذُه، وأنَّه بخِلافِ الطَّعامِ المُباحِ في دارِ الحَربِ أكلُه [250] يُنظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (5/ 91).                  .
 2- عَن رُوَيفِعِ بنِ ثابِتٍ الأنصاريِّ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يَركَبْ دابَّةً مِن فيءِ المُسلِمينَ، حَتَّى إذا أعجَفَها رَدَّها فيه، ومَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يَلبَسْ ثَوبًا مِن فَيءِ المُسلِمينَ، حَتَّى إذا أخلَقَه رَدَّه فيهـ)) [251] أخرجه أبو داود (2159) واللفظ له، وأحمد (16990). صَحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحهـ)) (4850)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (9/137)، وصَحَّحه بطُرُقِه وشواهده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (16990)، وحسَّنه ابنُ حجر في ((فتح الباري)) (294/6)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2159). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
الحَديثُ دَليلٌ أنَّه لا يَحِلُّ أن يَأخُذَ ثَوبًا منها فيَلبَسَه حَتَّى يُخلِقَه ثُمَّ يَرُدَّه، أو يَركَبَ دابَّةً منها حَتَّى إذا أعجَفَها رَدَّها؛ لِما في ذلك مِنَ الإضرارِ بسائِرِ الغانِمينَ، والاستِبدادِ بما لَهم فيه نَصيبٌ بغَيرِ إذنٍ منهم [252] يُنظر: ((نيل الأوطار)) للشوكاني (7/ 348). .
ثانيًا: من الإجماعِ
 نَقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ حَزمٍ [253] قال ابنُ حَزمٍ: (اتَّفَقوا أنَّ مَن أخَذَ مِن أهلِ العَسكَرِ أوِ السُّوقةِ مِنَ المُسلِمينَ شَيئًا قد تَمَلَّكَه أهلُ الحَربِ، ليس طَعامًا، سَواءٌ قَلَّ أو كَثُرَ، السُّلطانَ كان أو غَيرَه؛ أنَّه قد غَلَّ إذا انفَرَدَ بمِلكِه، ولَم يُلقِه في الغَنائِمِ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 116). ، وابنُ جماعةَ الكِنانيُّ [254] قال ابنُ جَماعةَ الكِنانيُّ: (الغُلولُ في الغَنيمةِ حَرامٌ باتِّفاقٍ، وهو: أن يُخفيَ عَنِ الإمامِ أو نائِبِه شَيئًا مِنَ الغَنيمةِ وإن قَلَّ، أو يَخونَ في شَيءٍ منها). ((تحرير الأحكام في تدابير أهل الإسلام)) (ص: 213).                  .

انظر أيضا: