الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: قَتلُ الإمامِ الأَسْرى مِنَ المُحارِبينَ


يَجوزُ للإمامِ أن يَقتُلَ الأَسْرى مِنَ الكُفَّارِ المُحارِبينَ إن رَأى المَصلَحةَ في ذلك، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [112] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/249)، ((العناية)) للبابرتي (5/473). ، والمالِكيَّةِ [113] ((الكافي)) لابن عبد البر (1/467). ، والشَّافِعيَّةِ [114] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (11/410)، ((روضة الطالبين)) للنووي (10/251). ، والحَنابِلةِ [115] ((الإقناع)) للحجاوي (2/11)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (2/521). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الكتابِ
قَولُه تعالى: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأنفال: 67] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الإثخانَ القوَّةُ والشِّدَّةُ. فأعلَمَ اللهُ سُبحانَه وتَعالى أنَّ قَتلَ الأَسْرى الذينَ فُودُوا ببَدرٍ كانَ أَولى مِن فِدائِهم [116] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (8/48). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَن عَطيَّةَ القُرَظيِّ، قال: ((عُرِضنا على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَومَ قُرَيظةَ، فكانَ مَن أنبَتَ قُتِلَ، ومَن لَم يُنبِتْ خُلِّيَ سَبيلُه، فكُنتُ مِمَّن لَم يُنبِتْ؛ فخُلِّيَ سَبيلي)) [117] أخرجه الترمذي (1584)، وابن ماجه (2541)، وأحمد (18776). صَحَّحه ابن حبان في ((صحيحهـ)) (4780)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/671)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1584)، وقال الترمذيُّ: حَسَنٌ صَحيحٌ، وقال الوادعي في ((الإلزامات والتتبع)) (88): على شَرطِ الشَّيخين. .
ثالثًا: لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَتَلَ رِجالَ بَني قُرَيظةَ، وهم بَينَ السِّتِّمِائةِ والسَّبعِمِائةِ، وقَتَلَ يَومَ بَدرٍ النَّضرَ بنَ الحارِثِ، وعُقبةَ بنَ أبي مُعَيطٍ صَبرًا، وقَتَلَ أبا عَزَّةَ يَومَ أُحُدٍ، وهذه قِصَصٌ عَمَّت واشتَهَرَت، وفَعَلَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَرَّاتٍ، وهو دَليلٌ على جَوازِها [118] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/221)، ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (11/410). .
رابعًا: لأنَّ القَتلَ قد يَكونُ أصلَحَ في بَعضِ الأَسْرى؛ فإنَّ مِنهُم مَن لَه قوَّةٌ ونِكايةٌ في المُسلِمينَ، وبَقاؤُه ضَرَرٌ عليهم، فقَتلُه أصلَحُ [119] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/221). .

انظر أيضا: