الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: حُقوقٌ لم يَتَعَلَّقْ بها حَقُّ الغَيرِ (تَجهيزُ المَيِّتِ)


الحَقُّ الذي لم يَتَعَلَّقْ به حَقُّ الغَيرِ في تَرِكةِ المَيِّتِ: تَجهيزُ المَيِّتِ [33] وهي ما يَحتاجُ إليه المَيِّتُ مِن كَفَنٍ، وحَنوطٍ، وأُجرةِ تَغسيلٍ وحَفرٍ، وغَيرِ ذلك، مِن غَيرِ إسرافٍ ولا تَقتيرٍ. يُنظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/ 3). ، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [34] ((كنز الدقائق)) للنسفي (ص: 696)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/229). ، والمالِكيَّةِ [35] ((التاج والإكليل)) للمواق (8/ 579)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (6/ 405).    ، والشَّافِعيَّةِ [36] ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/ 3)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/ 4، 5). ، والحَنابِلةِ [37] ((الإقناع)) للحجاوي (3/81، 82)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/ 403، 404). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَن عَبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهُما: ((أنَّ رَجُلًا كانَ مَعَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فوقَصَتهُ ناقَتُه وهو مُحرِمٌ، فماتَ، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اغسِلوه بماءٍ وسِدرٍ، وكَفِّنوه في ثَوبَيه، ولا تَمَسُّوه بطيبٍ، ولا تُخَمِّروا رَأسَه؛ فإنَّه يُبعَثُ يَومَ القيامةِ مُلَبِّيًا)) [38] أخرجه البخاري (1851) واللفظ له، ومسلم (1206). .                 
2- عَن خَبَّابِ بنِ الأرَتِّ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((هاجَرنا مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَبيلِ اللهِ نَبتَغي وجهَ اللهِ، فوجَبَ أجرُنا على اللهِ؛ فمِنَّا مَن مَضى لم يَأكُلْ مِن أجرِه شَيئًا، منهم مُصعَبُ بنُ عُمَيرٍ؛ قُتِلَ يَومَ أُحُدٍ فلَم يوجَدْ له شَيءٌ يُكَفَّنُ فيه إلَّا نَمِرةٌ، فكُنَّا إذا وضَعناها على رَأسِه خَرَجَت رِجلاه، وإذا وضَعناها على رِجلَيه خَرَجَ رَأسُه، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ضَعوها مِمَّا يَلي رَأسَه، واجعَلوا على رِجلَيه الإذخِرَ)) [39] أخرجه البخاري (1276)، ومسلم (940) واللفظ له. .
ثانيًا: اعتِبارًا لحالِ الحَياةِ؛ فإنَّ المَرءَ يُقدِّمُ نَفسَه في حَياتِه فيما يَحتاجُ إليه مِنَ النَّفَقةِ والكِسوةِ والسُّكنى على أصحابِ الدُّيونِ ما لم يَتَعَلَّقْ حَقُّ الغَيرِ بعَينِ مالِه، فكَذا بَعدَ وفاتِه [40] يُنظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/ 3)، ((مجمع الأنهر)) لداماد (2/ 746).                 .
ثالثًا: أنَّه إذا كانَ يُترَكُ للحَيِّ عِندَ فلَسِه ثَوبٌ يَليقُ به، فالمَيِّتُ أولى أن يُستَرَ ويُوارى؛ لأنَّ الحَيَّ يَسعى لنَفسِه، والمَيِّتَ قدِ انقَطَعَ سَعيُه بمَوتِه [41] يُنظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/ 3)، ((مجمع الأنهر)) لداماد (2/ 746).                                     .
رابعًا: أنَّ الميراثَ إنَّما نُقِلَ إلى الورَثةِ لاستِغناءِ المَيِّتِ عنه، لَكِنَّه غَيرُ مُستَغنٍ عَن كَفَنِه ومُؤنةِ تَجهيزِه، فقُدِّمَ على الإرثِ [42] يُنظر: ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (9/ 10).   .
المَطلَبُ الثَّالِثُ: حَقُّ الورَثةِ
ما تَبَقَّى بَعدَ الدَّينِ والوَصيَّةِ ومُؤنةِ التَّجهيزِ يَكونُ حَقًّا للورَثةِ، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [43] ((كنز الدقائق)) للنسفي (ص: 696)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/229، 230). ، والمالِكيَّةِ [44] ((التاج والإكليل)) للمواق (8/ 580)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (6/ 409). ، والشَّافِعيَّةِ [45] ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 180)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/8). ، والحَنابِلةِ [46] ((الإقناع)) للحجاوي (3/ 82)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/404).   .
الدَّليلُ مِنَ الكِتابِ:
قَولُه تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوْصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء: 11] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
الآيةُ دَليلٌ أنَّ ما تَبَقَّى بَعدَ أداءِ الدَّينِ والوصيَّةِ يَكونُ لورَثةِ المَيِّتِ [47] يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/404).          .


انظر أيضا: