الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: الإقرارُ مُلزِمٌ على المُقِرِّ بما أقَرَّ به


الإقرارُ مُلزِمٌ على المُقِرِّ بما أقَرَّ بهِ، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1653] ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (8/ 321)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (9/ 428 ،429). ، والمالِكيَّةِ [1654] ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/ 216)، ((منح الجليل)) لعليش (6/ 419). ، والشَّافِعيَّةِ [1655] ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/ 238). ويُنظر: ((المهذب)) للشيرازي (3/ 260) (3/ 420). ، والحَنابِلةِ [1656] ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (8/ 361)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 453). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (10/ 50). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَن أبي هُرَيرةَ وزَيدِ بنِ خالِدٍ الجُهَنيِّ رَضيَ اللهُ عنهُما، أنَّهما قالا: ((إنَّ رَجُلًا مِنَ الأعرابِ أتى رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: يا رَسولَ اللهِ، أنشُدُك اللهَ إلَّا قَضَيتَ لي بكِتابِ اللهِ. فقال الخَصمُ الآخَرُ وهو أفقَه مِنهُ: نَعَم فاقضِ بَينَنا بكِتابِ اللهِ وائذَنْ لي. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: قُلْ. قال: إنَّ ابني كانَ عَسيفًا على هذا فزَنى بامرَأتِه، وإنِّي أُخبِرتُ أنَّ على ابني الرَّجمَ فافتَدَيتُ مِنهُ بمِائةِ شاةٍ ووليدةٍ، فسَألتُ أهلَ العِلمِ فأخبَروني أنَّما على ابني جَلدُ مِائةٍ وتَغريبُ عامٍ، وأنَّ على امرَأةِ هذا الرَّجمَ. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: والذي نَفسي بيَدِه لَأقضيَنَّ بَينَكُما بكِتابِ اللهِ: الوليدةُ والغَنَمُ رَدٌّ، وعَلى ابنِكَ جَلدُ مِائةٍ وتَغريبُ عامٍ. اغدُ يا أُنَيسُ إلى امرَأةِ هذا فإنِ اعتَرَفَت فارجُمْها. قال: فغَدا عليها فاعتَرَفَت، فأمَرَ بها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فرُجِمَت)) [1657] أخرجه البخاري (2724، 2725) واللفظ له، ومسلم (1697، 1698). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقامَ عليها الحَدَّ بإقرارِها [1658] يُنظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/ 238). .
2- عَن بُرَيدةَ رَضيَ اللهُ عنهُ، قال: ((جاءَ ماعِزُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنهُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: يا رَسولَ اللهِ، طَهِّرْني، فقال: ويحَكَ ارجِعْ فاستَغفِرِ اللهَ وتُبْ إلَيه، قال: فرَجَعَ غَيرَ بَعيدٍ... ثُمَّ جاءَ فقال: يا رَسولَ اللهِ، طَهِّرْني، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ويحَكَ ارجِعْ فاستَغفِرِ اللهَ وتُبْ إلَيه، حَتَّى إذا كانَتِ الرَّابِعةُ قال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فيمَ أُطَهِّرُكَ؟ فقال: مِنَ الزِّنا، فسَألَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أبه جُنونٌ؟ فأُخبِرَ أنَّه ليس بمَجنونٍ، فقال: أشَرِبَ خَمرًا؟ فقامَ رَجُلٌ فاستَنكَهَه فلَم يَجِدْ مِنهُ ريحَ خَمرٍ، قال: فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أزَنَيتَ؟ فقال: نَعَم، فأمَرَ به فرُجِمَ)) [1659] أخرجه مسلم (1695). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقامَ على ماعِزٍ الحَدَّ بموجِبِ إقرارِه [1660] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 166، 167).                         .
ثانيًا: لأنَّ مُقتَضى حالِ المُقِرِّ أنَّه قَولٌ يوجِبُ حَقًّا عليه، فلَزِمَه [1661] يُنظر: ((منح الجليل)) لعليش (6/ 419). .
ثالثًا: لأنَّ الإقرارَ دَلالةٌ على ما أقَرَّ به، فهو لا يُقِرُّ لغَيرِه كاذِبًا [1662] يُنظر: ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (8/ 321)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (9/ 428، 429). .
رابِعًا: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجَمَ ماعِزًا بإقرارِه، والغامِديَّةَ باعتِرافِها، مَعَ أنَّ الحُدودَ تُدرَأُ بالشُّبُهاتِ، فإذا كانَ مُلزِمًا فيما يَندَرئُ بالشُّبُهاتِ فلَأن يَكونَ مُلزِمًا في غَيرِه أَولى [1663] يُنظر: ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (8/ 321) ((البناية شرح الهداية)) للعيني (9/ 428،429). .

انظر أيضا: