الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: يُشتَرَطُ أن يَطلُبَ المُدَّعي يَمينَ المُدَّعى عليه


لا تُوجَّهُ اليَمينُ على المُدَّعى عليه إلَّا إذا طَلَبَ الخَصمُ تَحليفَه، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1546] ((المبسوط)) للسرخسي (16/ 116)، ((كنز الدقائق)) للنسفي (ص: 495)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/ 294). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/ 226). ، والمالِكيَّةِ [1547] ((مواهب الجليل)) للحطاب (6/ 130)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/ 146). ، والشَّافِعيَّةِ [1548] ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (5/ 288)، ((حاشية البجيرمي على الخطيب)) (4/ 414). ويُنظر: ((المهذب)) للشيرازي (3/ 433). ، والحَنابِلةِ [1549] ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 452). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [1550] قال ابنُ حَزمٍ: (اتَّفَقوا على أنَّ مَن حَلَفَ لخَصمِه دونَ أن يُحَلِّفَه حاكِمٌ أو مَن حَكَّماه على أنفُسِهما أنَّه لا يَبرَأُ بتلك اليَمينِ مِنَ الطَّلَبِ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 54). وقال الجُوَينيُّ: (إذا ادَّعى المُدَّعي، وذَكَرَ أنَّه لا بَيِّنةَ لَه، فلَوِ ابتَدَرَ المُدَّعى عليه وحَلَفَ، لا يُعتَدُّ بيَمينِه، ولَو طَلَبَ المُدَّعي اليَمينَ، فابتَدَرَ المُدَّعى عليه وحَلَفَ، لَم يُعتَدَّ بيَمينِه بلا خِلافٍ، ولَو طَلَبَ المُدَّعي وعَرَضَ القاضي، فهذا أوانُ الحَلِفِ). ((نهاية المطلب)) (18/ 653). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَن وائِلِ بنِ حُجرٍ الحَضرَميِّ، قال: ((جاءَ رَجُلٌ مِن حَضرَمَوتَ ورَجُلٌ مِن كِندةَ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال الحَضرَميُّ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ هذا غَلَبَني على أرضٍ كانَت لأبي، فقال الكِنديُّ: هيَ أرضي في يَدي أزرَعُها ليس له فيها حَقٌّ، قال: فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للحَضرَميِّ: ألَكَ بَيِّنةٌ؟ قال: لا، قال: فلَكَ يَمينُهـ)) [1551] أخرجه مسلم (139). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
اليَمينُ حَقٌّ للمُدَّعي لإضافَتِها إلَيه باللَّامِ المُفيدةِ للتَّمليكِ [1552] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (16/ 116)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/ 294). ، فلا تُستَوفى إلَّا بطَلَبِ مَن له الحَقُّ في استيفائِها.
ثانيًا: لأنَّ المُدَّعى عليه لا يُستَحضَرُ ولا يُطلَبُ جَوابُه إلَّا بطَلَبِ المُدَّعي، فكَذلك لا يُستَحلَفُ إلَّا بطَلَبِه [1553] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (16/ 116). .
ثالثًا: قد يَرى المُدَّعي تَأخيرَ طَلَبِ اليَمينِ مِنَ المُدَّعى لمَصلَحةٍ يَرجوها، فاستِحلافُ المُدَّعى عليه بدونِ طَلَبِ المُدَّعي يُفَوِّتُ عليه المَصلَحةَ [1554] يُنظر ((المبسوط)) للسرخسي (16/ 116). .

انظر أيضا: