الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: حُكمُ شَهادةِ الزُّورِ


تَحرُمُ شَهادةُ الزُّورِ، وهيَ مِن كَبائِرِ الذُّنوبِ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الكتابِ
قَولُه تعالى: فاجتَنِبوا الرِّجْسَ مِنَ الأوثانِ واجتَنِبوا قَولَ الزُّورِ [الحج: 30] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
جاءَتِ الآيةُ بالنَّهيِ عَن قَولِ الزُّورِ، وتَضَمَّنَتِ الوعيدَ لمَن شَهِدَ زورًا [1382] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (12/ 55). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ أبي بَكرةَ عَن أبيه رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ألا أُنَبِّئُكُم بأكبَرِ الكَبائِرِ؟ قُلنا: بَلى يا رَسولَ اللهِ، قال: الإشراكُ باللهِ، وعُقوقُ الوالِدَينِ، وكانَ مُتَّكِئًا فجَلَسَ فقال: ألا وقَولُ الزُّورِ وشَهادةُ الزُّورِ، ألا وقَولُ الزُّورِ وشَهادةُ الزُّورِ، فما زالَ يَقولُها حَتَّى قُلتُ: لا يَسكُتُ!)) [1383] أخرجه البخاري (5976)، واللفظ له، ومسلم (87). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
الحَديثُ صَريحٌ في تَحريمِ شَهادةِ الزُّورِ وأنَّه مِنَ الكَبائِرِ، وقَولُه: (وكانَ مُتَّكِئًا فجَلَسَ) يُشعِرُ بأنَّه اهتَمَّ بذلك حَتَّى جَلَسَ بَعدَ أن كانَ مُتَّكِئًا، ويُفيدُ ذلك تَأكيدَ تَحريمِه وعِظَمَ قُبحِه [1384] يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (5/ 262، 263). .
2- عَن أنَسٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((سُئِلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَنِ الكَبائِرِ، قال: الإشراكُ باللهِ، وعُقوقُ الوالِدَينِ، وقَتلُ النَّفسِ، وشَهادةُ الزُّورِ)) [1385] أخرجه البخاري (2653)، واللفظ له، ومسلم (88). .
ثالثًا: من الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عَبدِ البَرِّ [1386] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (أجمَعَ العُلَماءُ أنَّ شَهادةَ الزُّورِ مِنَ الكَبائِرِ). ((الاستذكار)) (7/102). ، وابنُ القَيِّمِ [1387] قال ابنُ القَيِّمِ: (ولا خِلافَ بَينَ المُسلِمينَ أنَّ شَهادةَ الزُّورِ مِنَ الكَبائِرِ). ((إعلام الموقعين)) (1/ 93).   .
رابعًا: أنَّ الكَبيرةَ كُلُّ ذَنبٍ نُصَّ على كِبَرِه أو عِظَمِه، أو تُوعِّدَ عليه بالعِقابِ، أو عُلِّقَ عليه حَدٌّ، أو شُدِّدَ النَّكيرُ عليه، وقد جاءَتِ السُّنَّةُ ببَعضِ ذلك في شَهادةِ الزُّورِ [1388] يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (10/ 411). .

انظر أيضا: