الموسوعة الفقهية

المَسألةُ الثَّانيةُ: أثَرُ الرُّجوعِ عَنِ الشَّهادةِ بَعدَ الاستيفاءِ إذا كانَتِ الشَّهادةُ عَن خَطَأٍ


لا يُقتَصُّ مِنَ الشُّهودِ إذا رَجَعوا بَعدَ استيفاءِ العُقوبةِ وقالوا: أخطَأنا، وإنَّما تَجِبُ عليهمُ الدِّيةُ، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1272] ((المبسوط)) للسرخسي (17/ 22)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/ 250). ، والمالِكيَّةِ [1273] ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/ 207)، ((منح الجليل)) لعليش (8/ 504). ، والشَّافِعيَّةِ [1274] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (13/ 126)، ((روضة الطالبين)) للنووي (11/ 298).               ، والحَنابِلةِ [1275] ((الإنصاف)) للمرداوي (12/100)، ((الإقناع)) للحجاوي (4/ 450). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الآثارِ
1- عَن عامِرٍ الشَّعبيِّ (أنَّ رَجُلَينِ أتَيا عَليًّا رَضيَ اللهُ عنه، فشَهِدا على رَجُلٍ أنَّه سَرَقَ، فقَطَعَ عَليٌّ رَضيَ اللهُ عنه يَدَه، ثُمَّ أتَياه بآخَرَ، فقالا: هذا الذي سَرَقَ وأخطَأنا على الأوَّلِ، فلَم يُجِز شَهادَتَهما على الآخَرِ، وغَرَّمَهما ديةَ يَدِ الأوَّلِ، وقال: لَو أعلَمُكُما تَعَمَّدتُما لَقَطَعتُكُما) [1276] أخرجه الشافعي في ((الأم)) (7 / 191)، والبيهقي (16071)، واللفظ لهما، والدارقطني (3394)، وعبد الرزاق (18461) باختلافٍ يسيرٍ. وعلَّقه البخاري في ((صحيحهـ)) بصيغة الجزم قبل حديث (6897). في سَماعِ الشَّعبيِّ مِن عَليٍّ كَلامٌ، إلَّا أنَّه ثَبَتَ لقاؤُه لَه، والسَّماعُ مِنه في الجُملةِ. وهو مِمَّن لَه عِنايةٌ بفِقهِ عَليٍّ وأصحابِه، قال ابنُ القَيِّمِ في ((أحكام أهل الذمة)) (2/ 476): (وهو من أعلَمِ النَّاسِ بحديثِ عَليٍّ، وأعلَمِهم بثقاتِ أصحابِهـ). ويُنظر: ((الصارم المسلول)) لابن تيمية (2 / 126). وللأثَرِ طُرُقٌ أُخرى، وإن كانَ فيها مَقالٌ، لَكِن مَجموعُها يَدُلُّ على شُهرةِ الواقِعةِ عَن عَليٍّ، وتَلَقِّي العُلَماءِ لَها بالقَبولِ عنه. وصَحَّحه البيهقي في ((الخلافيات)) (5586)، وصَحَّح إسنادَه ابنُ الملقن في ((البدر المنير)) (8 / 396)، وابن حجر في ((تلخيص الحبير)) (4 / 1319). .
2- عَن خِلاسٍ (أنَّ رَجُلَينِ أتَيا عَليًّا برَجُلٍ فقالا: إنَّ هذا سارِقٌ. قال: فقَطَعَه، ثُمَّ أتَياه برَجُلٍ آخَرَ قالا: ليس ذاكَ. هو هذا، فلَم يَقبَل شَهادَتَهما على هذا، وأغرَمَهما ديةَ الأوَّلِ) [1277] أخرجه ابن المنذر في ((الأوسط)) (6754). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ عَليًّا رَضيَ اللهُ عنه ضَمَّنَهما ديةَ يَدِ الرَّجُلِ الذي قُطِعَ بشَهادَتِهما، ولَم يَقتَصَّ منهما [1278] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (12/ 73)، ((المغني)) لابن قدامة (10/ 220). .
ثانيًا: أنَّ القِصاصَ يَعتَمِدُ المُساواةَ، ولا مُساواةَ بَينَ المُباشَرةِ والسَّبَبِ [1279] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (17/ 22). .
ثالثًا: أنَّه لَوِ اقتُصَّ مِمَّن قُطِعَت يَدُه في سَرِقةٍ لَقُطِعَت يَدانِ، واليَدانِ لا يُقطَعانِ بيَدٍ واحِدةٍ، فإذا امتَنَعَ وُجوبُ القَوَدِ عليهما ضَمِنا ديةَ اليَدِ [1280] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (17/ 22). .

انظر أيضا: