الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّالِثُ: نِصابُ الشَّهادةِ عِندَ انفِرادِ النِّساءِ فيها


تُقبَلُ شَهادةُ المَرأةِ الواحِدةِ فيما يَجوزُ فيه شَهادةُ النِّساءِ مُنفَرِداتٍ، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ [1204] ((المبسوط)) للسرخسي (16/ 274)، ((بداية المبتدي)) للمرغيناني (ص: 154). ، والحَنابِلةِ [1205] ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (8/ 335)، ((الإنصاف)) للمرداوي (12/ 85). ، وقولُ بعضِ السَّلَفِ [1206] قال ابنُ المُنذِرِ: (وكانَ شُرَيحٌ يُجيزُ شَهادةَ امرَأةٍ في الاستِهلالِ. وكَذلك قال الحَسَنُ البَصريُّ، والحارِثُ العكليُّ، وحَمَّادُ بنُ أبي سُلَيمانَ. وقال النَّخَعيُّ: تَجوزُ شَهادةُ المَرأةِ الواحِدةِ في الوِلادةِ، ورُوِّينا عَنِ الشَّعبيِّ أنَّه أجازَ شَهادةَ المَرأةِ الواحِدةِ فيما لا يَطَّلِعُ عليه الرِّجالُ). ((الأوسط)) (7/ 329). ، وهو اختيارُ ابنِ القَيِّمِ [1207] قال ابنُ القَيِّمِ: (ما لا يَطَّلِعُ عليه الرِّجالُ غالِبًا مِنَ الوِلادةِ والرَّضاعِ والعُيوبِ تَحتَ الثِّيابِ، والحَيضِ والعِدَّةِ، فتُقبَلُ فيه شَهادةُ امرَأةٍ واحِدةٍ مَعَ العَدالةِ). ((الطرق الحكمية)) (ص: 111). ، والشَّوكانيِّ [1208] قال الشَّوكانيُّ: (اعلَمْ أنَّ الرَّاجِحَ قَولُ مَن قال: إنَّها تُقبَلُ العَدْلةُ في عَوراتِ النِّساءِ). ((الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني)) (9/4581). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَن عُقبةَ بنِ الحارِثِ رَضيَ اللهُ عنه: ((أنَّه تَزَوَّجَ أُمَّ يَحيى بنتَ أبي إهابٍ، قال: فجاءَت أَمَةٌ سَوداءُ، فقالت: قد أرضَعتُكُما، فذَكَرتُ ذلك للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأعرَضَ عَنِّي، قال: فتَنَحَّيتُ فذَكَرتُ ذلك لَه، قال: وكَيفَ وقد زَعَمَت أنَّها قد أرضَعَتكُما؟! فنهاه عنها)) [1209] أخرجه البخاري (2659). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
نَهيُه عَنها يَقتَضي فِراقَها بقَولِ الأَمَةِ وحدَها، فلَو لَم تَكُنْ شَهادَتُها مَقبولةً ما عمِلَ بها [1210] يُنظر: ((شرح القسطلاني)) (4/ 389). .
ثانيًا: من الآثارِ
عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، قال: (شَهادةُ المَرأةِ الواحِدةِ جائِزةٌ في الرَّضاعِ إذا كانَت مَرضيَّةً، وتُستَحلَفُ مَعَ شَهادَتِها) [1211] أخرجه عبد الرزاق (13971). .
ثالثًا: أنَّه مَعنًى يَثبُتُ بقَولِ النِّساءِ المُنفَرِداتِ، فلا يُشتَرَطُ فيه العَدَدُ، كالرِّوايةِ وأخبارِ الدِّياناتِ [1212] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (16/ 125)، ((المغني)) لابن قدامة (10/ 138). .

انظر أيضا: