الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّالِثُ: نِصابُ الشَّهادةِ في الحُدودِ والقِصاصِ غَيرِ الزِّنا واللِّواطِ


اختَلَفَ الفُقَهاءُ في نِصابِ الشَّهادةِ في العُقوباتِ غَيرِ الزِّنا واللِّواطِ [1140] وكذلك في غَيرِ إتيانِ البَهيمةِ ووَطءِ المَيتةِ. ، على قولينِ:
القَولُ الأوَّلُ: لا يُقبَلُ إلَّا شَهادةُ رَجُلَينِ في العُقوباتِ غَيرِ الزِّنا واللِّواطِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1141] ((المبسوط)) للسرخسي (16/ 114)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (7/ 60). ، والمالِكيَّةِ [1142] ((التاج والإكليل)) للمواق (8/209)، ((منح الجليل)) لعليش (8/ 449، 450). ، والشَّافِعيَّةِ [1143] ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 347)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 442). ، والحَنابِلةِ [1144] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (8/ 331)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 433). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الكتابِ
قَولُه تعالى: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ [البقرة: 282] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
رَتَّبَ اللهُ الشَّهاداتِ بحِكمَتِه في الحُقوقِ الماليَّةِ والبَدَنيَّةِ والحُدودِ، فجَعَلَها في كُلِّ نَوعٍ شَهيدَينِ، إلَّا في الزِّنا؛ فإنَّه قَرَنَ ثُبوتَها بأربَعةِ شُهَداءَ؛ تَأكيدًا في السَّترِ [1145] يُنظر: ((أحكام القرآن)) لابن العربي (1/ 332). .
ثانيًا: لا تُقبَلُ إلَّا شَهادةُ الرِّجالِ؛ لأنَّ في شَهادةِ النِّساءِ شُبهةَ البَدَليَّةِ؛ لقيامِها مَقامَ شَهادةِ الرِّجالِ، فلا تُقبَلُ فيما يَندَرِئُ بالشُّبُهاتِ [1146] يُنظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (7/ 60). .
القَولُ الثَّاني: تُقبَلُ شَهادةُ رَجُلٍ وامرَأتَينِ في العُقوباتِ، وهو قَولُ حَمَّادٍ، وعَطاءٍ [1147] ((المغني)) لابن قدامة (10/ 130)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (12/ 84).                           ، واختاره ابنُ حَزمٍ [1148] قال ابنُ حَزمٍ: (ولا يُقبَلُ في سائِرِ الحُقوقِ كُلِّها مِنَ الحُدودِ والدِّماءِ، وما فيه القِصاصُ والنِّكاحُ، والطَّلاقُ، والرَّجعةُ، والأموالُ: إلَّا رَجُلانِ مُسلِمانِ عَدلانِ، أو رَجُلانِ وامرَأتانِ كَذلك، أو أربَعُ نِسوةٍ كَذلك). ((المحلى)) (8/ 476). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عَن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((...أمَّا نُقصانُ العَقلِ فشَهادةُ امرَأتَينِ تَعدِلُ شَهادةَ رَجُلٍ، فهذا نُقصانُ العَقلِ...)) [1149] أخرجه مسلم (79). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ قَطَعَ بأنَّ شَهادةَ امرَأتَينِ تَعدِلُ شَهادةَ رَجُلٍ، فوجَبَ ضَرورةً أنَّه لا يُقبَلُ حَيثُ يُقبَلُ رَجُلٌ لَو شَهِدَ إلَّا امرَأتانِ، وهَكَذا ما زادَ [1150] يُنظر: ((المحلى)) لابن حزم (8/ 487). .
ثانيًا: قياسُ الشَّهادةِ على العُقوباتِ على الشَّهادةِ في الأموالِ [1151] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (10/ 130)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (12/ 84). .

انظر أيضا: