الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: تَعارُضُ الدَّعوَيَينِ في حالِ كانَتِ العَينُ بيَدِ أحَدِهما


إذا ادَّعى اثنانِ عَينًا، وكانَتِ العَينُ بيَدِ أحَدِهما، تُقدَّمُ دَعوى مَن لَم تَكُنْ بيَدِه العَينُ، وهذا مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ [854] عِندَ الحَنَفيَّةِ: مُقَيَّدٌ بما إذا لَم يُؤَرِّخا، أو أرَّخا وتاريخُ الخارِجِ مُساوٍ أو أسبَقُ، أمَّا إذا كانَ تاريخُ ذي اليَدِ أسبَقَ فإنَّه يُقضى له. ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/ 294،295)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (7/ 204). ، والحَنابِلةِ [855] ((الفروع)) لمحمد بن مفلح (11/ 284)، ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (8/ 262). ، وقَولُ ابنِ الماجِشون مِنَ المالِكيَّةِ [856] ((تبصرة الحكام)) لابن فرحون (1/ 378). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَنِ الأشعَثِ بنِ قَيسٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: فيَّ أُنزِلَت -يَعني قَولَه تَعالى: إنَّ الَّذِينَ يَشتَرونَ بعَهدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَليلًا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهم في الآخِرةِ إلى آخِرِ الآيةِ- كانَت لي بئرٌ في أرضِ ابنِ عَمٍّ لي، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((بَيِّنَتُكَ أو يَمينُهـ)) [857] أخرجه البخاري (4550) واللفظ له، ومسلم (138). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ بَيِّنةَ مَن بيَدِه العَينُ غَيرُ مَسموعةٍ؛ لأنَّ اللهَ تَعالى لَم يُكَلِّفْهُم ببَيِّنةٍ، إنَّما حَكَمَ اللهُ تَعالى على لسانِ رَسولِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بأنَّ البَيِّنةَ على المُدَّعي، واليَمينَ على المُدَّعى عليه [858] يُنظر: ((المحلى بالآثار)) لابن حزم (8/ 537). .
ثانيًا: لأنَّ البَيِّناتِ شُرِعَت للإثباتِ؛ فصارَت كالعِلَلِ الشَّرعيَّةِ، وبَيِّنةُ اليَدِ لا تَدُلُّ إلَّا على اليَدِ، فهيَ لَم تُثبِتْ شَيئًا زائِدًا، فلا يَستَحِقُّ على الخارِجِ ببَيِّنَتِه شَيئًا، بخِلافِ بَيِّنةِ الخارِجِ؛ فإنَّها أثبَتَت شَيئًا لَم يَكُنْ ثابِتًا له، فكانَت أَولى [859] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/ 295)، ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (8/ 262). .
ثالثًا: لأنَّ بَيِّنَتَه تَشهَدُ بأمرٍ حادِثٍ على المِلكِ خَفيٍّ، فيَثبُتُ المِلكُ له [860] يُنظر: ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (5/ 561)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 391). .

انظر أيضا: